دبي في الصحافة البريطانية... شماتة وتشفي

التايمز الحفلة في الصحراء انتهت وأخرى انكشفت الفقاعة

 

شبكة النبأ: كان لتداعيات الأزمة المالية التي تعرضت لها دبي العالمية مؤخرا الكثير من الأصداء وردود الأفعال على الساحة الدولية، سيما إن دبي تمثل اكبر مركز تجاري واقتصادي في المنطقة استطاعت خلال فترة وجيزة تبؤ مزاحمة الكثير المراكز والمدن الاقتصادية العريقة بعد سرقة الأضواء.

حيث لفت طرح العديد من الصحف اللندنية لهجة للشماتة والتشفي بالانهيار المالي الذي لحق بدبي، فيما تجلت خلال عناوين المقالات أسلوب يمازج بين السخرية والتهكم للتعليق عما حدث.

تسريح عبر الهاتف

تحت هذا العنوان تنشر صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرا لمراسلها في العاصمة الهندية دلهي، أندرو بانكومب، يصوِّر فيه تبعات وانعكاسات أزمة مديونية دبي على الهنود وغيرهم من الآسيويين العاملين في الإمارة.

يقول تقرير الإندبندنت، والذي ترفقه الصحيفة بصورة لمجموعة من العاملين الآسيويين في أحد المواقع الإنشائية في الإمارة: "لقد عوملوا كعمال سخرة من قبل العرب الذين يصرفون لهم رواتبهم. لكن، على الأقل، كان لديهم عمل، حتى الآن."

ويسلِّط التقرير بداية الضوء على تأكيد أحد الوزراء في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة عندما قال: "ليس هنالك من داع للذعر أو الهلع". لكنه، يمضي بنا مباشرة إلى الطرف الآخر، حيث يرصد لنا مشاعر الترقب والقلق لدى الحكومة الهندية التي تقول إنها تراقب الموقف في دبي عن كثب، وإن لم تذهب إلى حد توقع تدفق المهاجرين الهنود عائدين إلى بلادهم بعد أن يخسروا وظائفهم في الإمارة. بحسب البي بي سي.

وبعيدا عن المواقف الرسمية للبلدين، يأخذنا المراسل إلى الأشخاص المعنيين بالأزمة مباشرة وبانعكاساتها على حياتهم من أمثال العامل الهندي ساجد وزملائه القادمين من مدينة ميروت الواقعة شمالي الهند.

حيث يقول: لقد فُسخ عقدي وأُلغي ترخيص عملي. وقال لي مكتبي إن مستحقاتي ستُرسل عبر البريد، وسوف تعاد لي متعلقاتي حسب الأصول،

يقول التقرير إن عشرات العمال الهنود، ممن غادروا دبي إلى الهند لقضاء عطلة عيد الأضحى مع ذويهم، "قد تلقوا رسائل نصية على هواتفهم تنبئهم فجأة بأن وظائفهم لم تعد موجودة، وبالتالي عليهم ألاَّ يعودوا إلى الخليج."

كما ينقل التقرير عن ساجد، الذي كان يعمل في الإمارة في صنع البلاط، قوله: "كان ذلك في الصباح الباكر عندما تلقيت رسالة نصية من مكتبي يخبرونني بها بأنه علي ألاَّ أزعج نفسي بالعودة إلى دبي."

ويردف ساجد بالقول: "لقد فُسخ عقدي وأُلغي ترخيص عملي. وقال لي مكتبي إن مستحقاتي ستُرسل عبر البريد، وسوف تعاد لي متعلقاتي حسب الأصول."

بعدها ينتقل المراسل ليصور لنا كيف أدى طلب شركة "دبي العالمية" تأجيل سداد بعض الديون المستحقة عليها لمدة ستة أشهر إلى إحداث موجات من الصدمات في المنطقة والعالم، والتسبب بهبوط حاد في معنويات الأفراد والشركات على حد سواء.

يقول التقرير إن الدول والجاليات التي تزود دبي ومدن الخليج الأخرى بالعمالة الرخيصة كانت من بين أكثر المتأثرين بوقع صدمة طلب "دبي العالمية" مهلة لسداد ديونها، وإعلان حكومة دبي الاثنين أنها لن تنبري لضمان سداد تلك الديون، لطالما أن المؤسسة هي "شركة تجارية مستقلة"، وليست جزءا من الحكومة كما يعتقد البعض خطأ.

ويضيف تقرير الإندبندنت قائلا إن هنالك ثمة ملايين من العمال الآسيويين الفقراء الذين يعملون في منطقة الخليج التي بنت العديد من صروحها "على ظهور أولئك المهاجرين الذين غالبا ما يُعاملون كعمال سخرة."

ويتقل التقرير عن توماس إسحاق، وزير المالية في ولاية كيرلا الهندية، اعتقاده بأن أزمة دبي المالية قد لا تترك انعكاسا على الهند بأكملها، "لكنها سوف تؤثر على ولاية كيرلا للغاية."

يضيف الوزير الهندي قائلا: "إن نصف القوى العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة هم من المالياليز (أي سكان كيرلا). ويبدو بالتأكيد أن أعمال الإنشاءات في دبي سوف تتأثر بسبب تباطؤ سوق العقارات في الإمارة."

صحيفة التايمز

كما تابعت صحيفة التايمز الاستعدادات التي تقوم بها ابو ظبي من اجل "نجدة دبي بهدف إعادة الطمأنينة الى الأسواق العالمية التي شهدت ارتباكا كبيرا".

ولكن الصحيفة وبعد عرضها لتفاصيل الاجتماعات التي جرت في ابو ظبي والتي بدا فيها المسؤولون واضحون حيال دراسة مسألة ديون دبي حالة بحالة وليس كرزمة واحدة ما يعني ان ابو ظبي لن تقوم بأخذ كل القضية على عاتقها.

كما عادت الصحيفة وذكرت بكل تفاصيل وتشعبات ازمة دبي لناحية تأثيرها على مؤسسات مالية ومصارف بريطانية كبيرة مثل باركليز و هيتش اس بي سي.

وختمت الصحيفة تقريرها بالتذكير بما حدث في اعقاب ازمة الائتمان العالمي وازمة الاسواق المالية العام الماضي حين طالبت ابو ظبي بسلطة على شركة طيران الامارات التي تملكها دبي وتعتبر من اهم ممتلكات دبي وذلك مقابل ضخ السيولة التي كانت مطلوبة حينها لاحتواء الازمة في دبي.

الا ان دبي عارضت هذه الفكرة وتصدت لها، لكن الصحيفة تقول انه سيكون من الصعب على الامارة التي تعاني من كل هذه المشاكل اليوم مقاومة الشروط بسبب الموقف الضعيف والحاجة التي تتخبط فيها.

وتنشر الصحيفة مع تقريرها نبذة عن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يحكم الامارة منذ عام 2006، والذي بالاضافة الى كونه من اعطى دبي مكانتها العالمية الحالية، حسبما تشير التايمز، يعتبر من المولعين بمجالات رياضية عدة منها سباق الخيل ولعبة الغولف، والذي بدا مطمئنا حتى مؤخرا حين استمر بالقول حتى ان دبي ستتمكن من ان توفي بالتزاماتها المالية، قبل ان يتبين ان الواقع لا يدعو فعلا للطمأنينة.

انتهاء حفل الصحراء

من جانب آخر ربما كان الرسم الكاريكاتيري المنشور في صحيفة التايمز اللندنية قاسيا أو مستعجلا بعض الشيء في حكمه على ما تشهده الآن دبي من تعثر مالي في أعقاب طلب شركة "دبي وورلد" الحكومية بتأجيل سداد ديونها البالغة حوالي 60 مليار دولار أمريكي، أو في قراءته لانعكاسات مثل تلك الخطوة على مستقبل الإمارة.

فالكاريكاتير يصوِّر رجلا بزيه العربي التقليدي ممتلئ البطن وقد راح يجلس على الرمال، ومن ورائه تظهر في الأفق البعيد بعض ناطحات سحاب عملاقة مكتملة البناء تشمخ في سماء الإمارة، وبعض أخر تظهر منه رافعات لربما تكون قد توقفت عن العمل بسبب الأزمة.

لكن ما نطالعه في السيل الكبير من التحقيقات والتعليقات والمقالات النقدية والتحليلية في صحف اليوم عما تمر به دبي ربما لا يقل حدة، سواء في درجة التشاؤم التي تظهرها الكتابات حيال مستقبل الإمارة، أو في إصرار البعض على تصوير الأمر وكأن "اللعبة" قد انتهت، أو كأن حفل الصحراء قد "انفض وانتهى" وذهب المحتفلون كل في حال سبيله.

- دبي في خطر

- المخاوف من ديون دبي تهدد بحدوث أزمة ائتمان ثانية، وبنك "RBS" معرض للخطر

- الأزمة المالية في دبي قد تفيد بريطانيا

- جوردان (كاتي برايس) ودبي عالمان متوازيان يصطدمان

- رئيس يظل متفائلا حيال "انتكاسة" دبي

- إن بدأت بلدان مثل دبي تفشل، فمن يهب لإنقاذها؟

- الجهات المنظمة تسائل البنوك البريطانية بشأن تعرضها لأزمة دبي

- دبي: ومن يقول إن الفقاعة قد انفجرت؟

- دبي: آيسلندا الجديدة؟

- صعود وهبوط العقارات في دبي

- موجة صدمة دبي تجتاح أسواق العالم

- توقع أن تهب أبو ظبي لنجدة الأخ الأصغر

- دبي: الحفلة في الصحراء انتهت منذ أشهر خلت

تلك هي بعض العناوين التي نطالعها في الصحف البريطانية، والمرفقة بسيل كبير من الصور وروابط الفيديو والتعليقات التي تتحدث عن صعود نجم إمارة دبي في عالم التطوير الاقتصادي والاستثمار وانعكاسات إمكانية "أفول نجمها" على اقتصاديات المنطقة والعالم.

فتحت عنوان "خطر في دبي"، تخصص التايمز افتتاحياتها للحديث عن أزمة المديونية في دبي، إذ تقول: "لقد هزَّ العجز وغياب الشفافية في شؤون الإمارة ثقة المستثمرين. لكن من الهام بالنسبة لدول الخليج أن تواصل على طريق الأسواق الحرة."

وتذهب الصحيفة إلى حد القول صراحة: "سوف يكون هنالك أثر للشماتة في العواصم المالية الغريبة بمصائب ومحن دبي المالية. فقد كان من السهل على الشركات في الخليج، مدعومة بالانتعاش القائم على البترودولارات، أن تشتري الأرصدة الغربية بأسعار رخيصة خلال الأزمة الاقتصادية."

وسط الاضطرابات والهيجان في الأسواق المالية، لا بد لصانعي القرار السياسي من التشديد على رسالة مفادها أنه من الأهمية بمكان أن تنجح دبي

أما صحيفة الديلي تلجرف، فتنشر مقالا تحليليا لجيرمي وورنر يتساءل فيه عمَّن يهب لنجدة بلدان مثل دبي عندما تدور عليها الدوائر وتتعرض لمثل هذه الأزمة المالية الطاحنة.

يقول وورنر في مقاله، والذي ترفقه الصحيفة برسم لجزيرة النخلة في دبي، ولكن بنخلة جذوعها هي عبارة عن كلمة "دَين" باللغة الإنكليزية: "قد يكون النداء الذي وجََّهته دبي هذا لتأجيل سداد ديونها مجرد الطرف الرقيق، أو الرفيع، من الإسفين." بحسب البي بي سي.

ويمضي الكاتب في مقاله إلى تحذير الدول شرقا وغربا من إن أزمة دبي الحالية لا تعني دبي لوحدها، بل أن الكل معني بها.

ويقول: "إذا بدأت الأسواق تطلب حماية وتأمينا لأموالها، فسوف يجعلون مهمة التعافي الاقتصادي والتدعيم المالي أمر أكثر عسرا وصعوبة."

أما كوليت ليونز من الجارديان، فربما كان لها رأي آخر بشأن دبي، إذ تنشر لها الصحيفة تقريرا من الإمارة بعنوان: "دبي: من يقول إن الفقاعة قد انفجرت؟"

تقول ليونز في تقريرها، والذي ترفقه الصحيفة بصورة للشخصية الاجتماعية الأمريكية المعروفة باريس هيلتون وهي تقف إلى جانب جمل في صحراء دبي "الحارة جدا": "إن إيقاف الحفلات في الإمارة يحتاج إلى أكثر من عجز عن سداد الديون."

إلاَّ أن إيريكور بيركمان يتساءل في مقال تنشره الصحيفة نفسها قائلا: "دبي: ترى، أهي آيسلندا جديدة؟" هل تتجه دبي الى الافلاس ام التعافي؟

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الاول/2009 - 24/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م