رحيل شعب

محمد خليل كيطان

يقال ان فرانكو دكتاتور اسبانيا الشهير عندما حانت ساعة موته خرج الشعب الاسباني الى الشوراع وهتف فرحا بقرب خلاصه.. وحالما سمع فرانكو دوي هتاف الشعب، سأل طبيبه عن سبب تلك الهتافات ؟ فقال له الطبيب انه الشعب يريد ان يودعك سيدي.. فرد فرانكو الملتصق بكرسي الحكم متسائلا بالقول .. والى اين سيسافر الشعب؟!!

والحق اني لا اريد ان اطالب باستقالة ورحيل المسؤولين عن تفجيرات بغداد في ايام الثلاثاء الدامي ولا الاحد الدامي ولا الاربعاء الدامي ولا حتى بقية ايام الاسبوع، التي توقع بعض من المسؤولين بانها ستكون دامية ايضا.. كما اني اخشى من مطالبة قائد عمليات بغداد وكبار الضباط بالتنحي عن مواقعهم والتخلي عن نجوميتهم..

اضف الى اني كعبد فقير وتابع ذليل لا اجروء ولو بالهمس على مطالبة وزراء الدفاع والداخلية والامن الوطني بتقديم استقالتهم والتخلي عن مناصبهم، مخافة ان يؤثر ذلك على بريقهم وحملتهم الدعائية وبرامجهم الانتخابية، لاسيما مع اقتراب موعد التصويت لاختيار مجلس نواب بثوب جديد وحلة جديدة.

ولكن لماذا كل هذا الخوف؟ هل اخشى من اليد الطولى والقبضة الحديدية لجميع هولاء؟ ربما يكمن السبب هنا.. نعم .. انه الخوف.. اذن يتوجب عليّ ان اغادر منطقة الخوف واتكلم عمن لا اخافه واحمله المسؤولية كاملة واطالبه باعلى صوتي وبطريقة فرانكونية بالاستقالة والرحيل الى غير رجعة.

ارجو ان لا تظنوا بي الظنون وتعتقدون اني اشير الى شخص بعينه ذلك لاني لم اعن بكلماتي واشاراتي الا الشعب العراقي المسكين .. فهو الوحيد الذي لا اخشاه ولا يمتلك مثل تلك الاذرع الطويلة والقبضات الفولاذية القادرة على سحقي بسهولة ويسر.. وعليه فاني استطيع ان اطالبه بالاستقالة من منصبه دون خوف او وجل.

 ولكون ابناء الشعب العراقي عادة ما يتواجدن وباعداد كثيرة في اماكن التفجيرات وينغصون بموتهم اليومي المتكرر هدوء حياة السادة المسؤولين المتنعمين، ويعكرون بجراحهم وأنينهم ايامهم الهانئة واوقاتهم الممتعة، فان ذلك يعد سببا آخر لقانوية ودستورية وعنجورية تلك المطالب.

وبوصفه شعب وديع ولا يجد من يدافع عنه ولا يمتلك القوة والمنعة والسلطة القادرة على محاسبتي وتعكير صفو امني فاني احمله المسؤولية وافض المشكلة.. اذ من غير المعقول ان تنفجر 5 سيارات مفخخة في آن واحد وساعة وواحدة من دون ان نجد من نحمله المسؤولية ونعلق عليه فشل ادراة الملف الامني ونطالبه بالاستقالة والرحيل الى غير رجعة.

ولكن الى اين سيرحل الشعب العراقي ؟؟ وما هي الكيفية التي سيرحل بها؟؟ وفي حال سفره كيف سيشغل السادة المسؤولين اوقات فراغهم الطويلة؟؟ وبحجة من سيتكافشون في البرلمان؟؟ ثم اي ارض تتحمل ضيافة 30 مليون انسان؟؟ وهل يتخلى عن ارضه ونخله ومياهه وتاريخه؟ ولاجل من؟؟ قطعا لا... لا ... لا.. لان الشعب العراقي.

باق واعمار الطغاة قصار.. من سفر مجدك عاطر موار... ورحم الله الجواهري.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الاول/2009 - 24/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م