القرصنة: انتهاء الهدوء الموسمي وبدء لعبة القط والفأر

الصيّادون بين مطرقة القراصنة وسندان القوات الدولية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: تتعرض السفن المارة عبر خليج غينيا لخطر يفوق ما تتعرض له مثيلاتها قبالة سواحل الصومال لأن قراصنة غرب افريقيا مستعدون لاستخدام القوة المميتة لنهب شحنات النفط كما أنهم لا يهتمون كثيرا باحتجاز أفراد طواقم السفن للحصول على فدية.

وعلى الرغم من أن عدد الهجمات التي تشنها العصابات الصومالية قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا أكبر ويتصدر العناوين فإن مياه غرب افريقيا تتعرض لخطر جسيم أيضا لان دول المنطقة تطور المزيد من حقول النفط ولان مراقبة السلطات لها ضعيفة.

وفي غضون ذلك قال مسؤولون بحريون إن قراصنة صوماليين استولوا على سفينتين في مطلع الاسبوع الماضي واستخدموا واحدة منهما في الهجوم على ناقلة نفط في نشاط محموم في خليج عدن في نهاية للهدوء الذي ساد أثناء موسم الرياح الموسمية.

القراصنة خطر قاتل في خليج غينيا

وقال بيتر هينشليف وهو مدير بحري في الغرفة الدولية للملاحة "مستوى العنف الذي يشهده خليج غينيا شديد وسقط عدد من القتلى وتعرض أفراد طواقم السفن لهجمات عنيفة."

وأضاف هينشليف "لا توجد كلمات تعبر عن الوضع .. انه وضع غير مقبول على الاطلاق." وتمثل الغرفة الدولية للملاحة 75 في المئة من حركة الشحن في العالم.

ويمتد خليج غينيا من ليبيريا في الشمال الى أنجولا في الجنوب وتنتج دوله خمسة ملايين برميل نفط يوميا. وجذب الخليج العصابات المسلحة والقراصنة ومرتكبي الجريمة المنظمة.

وهاجم قراصنة الاسبوع الماضي ناقلة نفط قبالة ساحل بنين وقتلوا بحارا أوكرانيا وسرقوا محتويات خزانة السفينة. بحسب رويترز.

وبعكس قراصنة الصومال فان عصابات البحر في غرب افريقيا تهدف للاستيلاء على الشحنات بدلا من اتخاذ رهائن للحصول على فدية.

وقال محللون ان قراصنة غرب افريقيا مدربون بشكل أفضل كثيرا ويمتلكون المزيد من الاسلحة وبامكانهم الاستيلاء على ناقلات نفط والابحار بها الى أحد الموانيء العديدة على طول الساحل التي لا تحظى بأمن كاف أو التي يمكن دفع رشى للمسؤولين عنها. ويمكن بيع النفط المسروق بعد ذلك في السوق المحلية.

وقال جيه. بيتر فام وهو مستشار أمني افريقي للحكومة الامريكية وحكومات أوروبية وشركات خاصة "الديناميكية في غرب افريقيا مختلفة. الهدف الحقيقي هو البضائع التجارية .. وخاصة النفط."

وأضاف "لا يوجد منطق ملح وراء ابقاء طاقم السفينة على قيد الحياة لان هدفك بالفعل هو محتويات الناقلة."

وقال الاميرال مارك ستانهوب قائد الاسطول الملكي البريطاني الذي تنتشر سفن تابعة له قبالة سواحل الصومال ان القرصنة في غرب افريقيا "أمر لا يمكننا تجاهله."وقال لصحفيين في لندن الاسبوع الماضي "انه مبعث قلق."

وقال المكتب البحري الدولي ان خليج غينيا شهد 23 هجوما من نوفمبر تشرين الثاني 2008 حتى نوفمبر 2009 بينما شهدت نفس الفترة في العام السابق 39 هجوما في المنطقة كما مرت حوادث دون الابلاغ عنها لاسباب من بينها الخوف من الانتقام.

وقال سايروس مودي وهو مدير في المكتب البحري الدولي ان عدد الحوادث التي وقعت هو ضعف العدد المعروف في 2009 على الاقل ومعظمها حول نيجيريا.

الصيادون بين مطرقة القراصنة وسندان القوات الدولية

عندما خرج سليمان سالم مع زملائه في رحلة صيد عادية في خليج عدن فان اخر ما كان يخطر بباله أن تهاجمهم مروحية عسكرية وأن يكون حصاد الرحلة اعاقة في قدمه اليمنى.

سالم (42 عاما) وهو صياد في عدن يقول انه وزملاءه أصبحوا الان بين مطرقة القراصنة الصوماليين وسندان القوات البحرية الاجنبية التي تقوم بمطاردة القراصنة في خليج عدن.

ظاهرة القرصنة البحرية التي برزت منذ نحو عامين مهددة حركة الملاحة الدولية في مياه خليج عدن تلقي بظلالها القاتمة على حياة الالاف من الصيادين اليمنيين الذين يجوبون البحر ويواجهون مخاطر أمواجه بحثاً عن رزق لهم ولأسرهم.

وقال سالم لرويترز، انه وقع مع زملاء له ضحية لمثل هذه الاعمال عندما هاجمتهم مروحية عسكرية تابعة لاحدى السفن الحربية الاجنبية وهم يستقلون قاربين في رحلة صيد اعتيادية بخليج عدن في شهر يناير كانون الثاني.

وأضاف "لقد كنا مجموعتين على متن قاربين في مهمة صيد كالعادة... أمطرتنا مروحية عسكرية ونحن في البحر بقذائفها مع أننا كنا نلوح لهم ونصرخ مناشدين أفراد المروحية الا أنهم لم يعيرونا اهتماماً..

"أطلقت المروحية وابلاً من القذائف والرصاص علينا فجأة.. سقط رفيقي محمد سالم داوود ثم سقطت أنا مضرجاً بدمائي وجرح ستة من الصيادين بجروح بالغة".

أصيب سالم بطلقة في قدمه اليمنى تسببت في اعاقته. وقال "لقد دمرت قواربنا وجميع معدات الصيد التي كلفتنا أموالاً طائلة".

القراصنة يهددون جياع أفريقيا

البواخر التي تمخر عباب المحيطات مسؤولة عن نقل ما لا يقل عن 80 بالمئة من التجارة حول العالم، وعليه فإن القراصنة البحريين يمثلون تهديدا للجميع، لا سيما أولئك الذين يعانون من الجوع في الصومال وشرق أفريقيا ويعتمدون على البواخر لتوصيل شحنات الإغاثة الطارئة من المساعدات الغذائية.

كان ذلك ما أوضحه روبرت ماغي، منسق وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة القرصنة البحرية في مقابلة أجراها معه موقع أميركا دوت غوف يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وقال إن "الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يحاولان إطعام هؤلاء الذين يعانون من المجاعة والفاقة في الصومال والقرن الأفريقي، ولكن البواخر التي تقوم بنقل تلك المساعدات الغذائية الإنسانية تجد أن عليها أن تكافح ضد القراصنة الذين يسعون إلى اختطاف الشحنات الغذائية الإغاثية التي على متنها والمطالبة بفدية لإطلاق سراح هذه الشحنات من أجل تحقيق كسب مالي شخصي وأناني لهم." بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وقال إن "الولايات المتحدة تشجب كل أشكال القرصنة في أعالي البحار وتعتبر القرصنة قبالة الساحل الصومالي على أنها مظهر من مظاهر المصاعب والمشاكل التي تحدث على اليابسة في تلك الدولة."

ووصف ماغي القرصنة والمطالبة بفدية واختطاف السفن قبالة ساحل شرق أفريقيا بأنه "نشاط إجرامي"، قد يكون مدفوعا بظروف اقتصادية في تلك المنطقة.

وفي الآونة الأخيرة، كانت السفينة "مارسك ألاباما" تحمل مساعدات إنسانية غذائية تبلغ زنتها 5,230 طنا متريا وتتجه به إلى منطقة شرق أفريقيا لحساب برنامج "غذاء للسلام" التابع لوكالة الأميركية للتنمية الدولية حين حاول أربعة رجال يشتبه في أنهم قراصنة اعتلاء السفينة التي كانت على بعد 560 ميلا بحريا من الساحل الصومالي. وكانت تلك الشحنة ستوفر الغذاء الأساسي اليومي لـ 330,000 شخص لمدة 30 يوما تقريبا.

ولكن السفينة نجحت في صد القراصنة مستخدمة مزيجا من حركات المناورة والمعدات الصوتية البعيدة المدى فضلا عن إجرءات قام بها فريق أمني مسلح على متن السفينة. ولم يبلغ عن اية إصابات بين ملاحي السفينة أو أية اضرار أخرى في ذلك الحادث.

وقال ماغي إن تلك الحادثة توضح الحاجة إلى ضرورة أن تتخذ السفن في عرض البحر الإجراءات الملائمة للحماية الذاتية حين تعبر المياه القريبة من القرن الأفريقي.

وقال إن الولايات المتحدة "تحث السفن على اتباع أفضل الممارسات الإدارية المعترف بها دوليا، التي وضعتها الصناعة البحرية، والدول المسجلة فيها هذه السفن وترفع أعلامها والمنظمة البحرية الدولية. وهذه الممارسات تتضمن إجراءات حماية ذاتية مثل زيادة أعمال المراقبة، القيام بأعمال المناورة، وضمان أن سلالم السفينة مرفوعة على متنها وزيادة الإضاءة في اللبل وتجهيز مضخات مكافحة النيران لصد من يحاولون اقتحام السفن. وقد تتضمن هذه أيضا فرقا أمنية مسلحة أو غير مسلحة."

ويعمل أسطول حربي تشارك فيه حوالي 26 دولة الآن للتصدي لمشكلة القرصنة قبالة سواحل شرق أفريقيا. وهو يتضمن سفنا حربية من اليابان وروسيا والصين "بصورة غير مسبوقة تقريبا" كما قال ماغي، وذلك لأن هناك رغبة عالمية في القضاء على القرصنة.

قراصنة صوماليون ينهون الهدوء الموسمي

وقال مسؤولون بحريون إن قراصنة صوماليين استولوا على سفينتين في مطلع الاسبوع الماضي واستخدموا واحدة منهما في الهجوم على ناقلة نفط في نشاط محموم في خليج عدن في نهاية للهدوء الذي ساد أثناء موسم الرياح الموسمية.

وقال اندرو موانجورا منسق برنامج مساعدة البحارة في شرق افريقيا ان القراصنة استولوا على دهو يوم السبت لاستخدامه كسفينة أم. ولم يعرف عدد افراد الطاقم على متن السفينة أو جنسيتها.

وقال القبطان عواد سالم رئيس ميناء المكلا باليمن انه في يوم الاحد خطف القراصنة دهوا هنديا يحمل ابلا واغناما وماشية وابحروا به بعيدا عن شمال الصومال. وكان يوجد 15 بحارا هنديا على متن الدهو. بحسب رويترز.

ووفقا للقوة البحرية الاوروبية استخدم القراصنة الدهو الاول الذي استولوا عليه في شن هجوم فاشل على ناقلة نفط ترفع علم ليبيريا حمولتها 265 الف طن.

وفتح قراصنة النار على السفينة "ايه ايليفانت" عند الفجر في المياه بين خليج عدن والبحر الاحمر حسبما ذكر موانجورا واللفتنانت كومادور دانييل اوارمان قائد قوة مكافحة القرصنة التابعة للاتحاد الاوروبي.

وقال اوارمان لرويترز بالتليفون ان السفينة التجارية اصيبت بأضرار طفيفة يعد احباط الهجوم بواسطة طائرة هليكوبتر من سفينة حربية فرنسية.

جاءت هجمات مطلع الاسبوع بعد الاستيلاء على دهو اخر يوم الجمعة وخطف سفينة تركية في وقت سابق من الاسبوع الماضي.

 

وتقول الهيئات البحرية ان القراصنة كانوا يلزمون الهدوء منذ أكثر من شهر بسبب الامطار الموسمية.

وقال سايروس مودي مدير المكتب البحري الدولي ان الرياح والامواج العالية نتيجة للرياح الموسمية في المنطقة والتي تستمر من اوائل يونيو حزيران وحتى نهاية اغطس اب عرقلت عمل القراصنة الذين يعملون بصفة عامة من زوارق صيد صغيرة مزودة بمحركين.

وقال مودي في اشارة الى دوريات مكافحة القرصنة واجراءات الامن الاضافية التي اتخذها افراد طاقم السفينة "وجود قوات بحرية اجنبية يشعر بها (الجميع) والاجراءات القوية للسفن التجارية تعمل كقوة ردع."

وقال قرصان صومالي يطلق على نفسه دوران لرويترز، ان عصابته خطفت الدهو الهندي الذي يحمل طاقما من 15 رجلا و100 رأس ماشية الى جزيرة رأس حرفون قبالة الصومال. لكنه قال ان عملية الخطف كانت خطأ وانه سيفرج سريعا عن السفينة.

وقال "كل رؤوس الماشية التي على متن السفينة تخص رجال اعمال واستثنينا شحنات رجال الاعمال الصوماليين والشحنات الانسانية من الهجمات."

المتعددة الجنسيات تحذر من تصعيد عمليات القرصنة

من جانبها دعت القوة البحرية المتعددة الجنسيات المكلفة مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال الاثنين السفن التجارية الى التيقظ خشية تصعيد عمليات القرصنة بعد انتهاء فترة الرياح الموسمية.

وفي بيان للاسطول الخامس الاميركي، حذرت القوة المشتركة من "زيادة متوقعة في عمليات القرصنة في نهاية فترة الرياح الموسمية في الاسابيع المقبلة".واضاف البيان انه على الرغم من تراجع انشطة القراصنة اخيرا "الا ان على البحارة ان يبقوا متيقظين".

وقال قائد القوة المشتركة 151 الاميرال التركي كانر بينر "ان تحلي السفن التجارية باليقظة ليلا ونهارا يكتسي اهمية كبرى اكثر من اي يوم مضى". بحسب رويترز.

واضاف "على الرغم من ان قدرتنا على منع الهجمات تحسنت، فاننا نكيف باستمرار طريقة عملنا تماما كما يتكيف القراصنة ويعدلون تكتيكاتهم".

ولخفض خطورة التعرض للمهاجمة، توصي القوة المشتركة السفن التجارية بسلوك ممر الملاحة الدولية في خليج عدن وابلاغ قيادات القوات البحرية الناشطة في المنطقة عن مرورها والبقاء في حالة تنبه وضم فرق امنية الى طواقمها.

 

وحذر البيان قائلا "على الرغم من ان اكثر من ثلاثين سفينة وطائرة من 16 دولة تواصل تسيير دوريات قبالة سواحل الصومال، فان اقرب سفينة او طائرة عسكرية قد لا تكون على مسافة تمكنها من تقديم المساعدة لسفينة ما لحظة تعرضها لهجوم".

وهاجم القراصنة الصوماليون اكثر من 130 سفينة تجارية قبالة الصومال العام الماضي، بزيادة تفوق 200% مقارنة بالعام 2007، بحسب ارقام المكتب الدولي للملاحة البحرية.ويحتجز القراصنة الصوماليون نحو خمس عشرة سفينة واكثر من 200 بحار.

وامام التصعيد الكبير لهذه الهجمات التي تهدد احد اهم طرق التجارة البحرية العالمية، فان دولا عدة ارسلت سفنا حربية الى قبالة سواحل الصومال، البلد الذي يشهد حربا اهلية منذ 1991.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 9/كانون الاول/2009 - 21/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م