الازمة المالية الامريكية

الارهاصات – الاسباب – التداعيات

محمود ابوالوفا

لقد تعرضت كثير من المصارف والمؤسسات المالية فى امريكا وتبعتها كثير من المؤسسات فى اوربا والكثير من دول العالم الاخرى للمتاعب الكثيرة من جراء الازمة المالية التى اطبقت انيابها على السوق الامريكية وهددت اكبر اقتصاد عرفه التاريخ بالانهيار بين ليلة وضحاها , فقد افلست مؤسسات عملاقة وفقد الكثيرين وظائفهم واخرين فقدوا منازلهم واخرين حصلوا على احكام بالسجن وخيمت اجواء من التشاؤم على المواطنين الامريكيين وسرعان ما انتقلت العدوى الى اقتصاديات واسواق اخرى ومازال الجدل الكبير الدائر فى جميع الاوساط حول اسباب الازمة وتداعياتها وفى السطور القادمة سنحاول القاء الضوء على مقدمات وارهاصات واسباب وتداعيات الازمة المالية على الولايات المتحدة وبعض الدول المرتبطة بها.

ارهاصات الأزمة المالية الامريكية

يرجع اغلب الخبراء البداية الحقيقية للأزمة المالية الذى يمر بها الاقتصاد الامريكى الان إلى ما قبل العامين وبالتحديد سنة 2006 حيث نشأت ازمة فى سوق التمويل العقارى ,تكبد بسبها القطاع المصرفي الأميركي الكثير من الخسائر , بالاضافه الى تعرضه لكثير من الاضطرابات، و قد خلف ذلك مئات الآلاف من المواطنين الأميركيين الذين اضحوا بين فجأة بدون مساكن.

وقد اندلعت الأزمة بسبب ما يطلق عليه "القروض العالية المخاطر" والتى نتجت بسبب توسع المصارف المختصة في قطاع العقار فى منح قروض لمئات الآلاف من المواطنين من ذوي الدخل المحدود بدون ضمانات حقيقية للمقدرة على السداد، متجاهلة بذلك قاعدة الحيطة والحذر وتقييم المخاطر التى تنتجها البنوك بوجه عام.

ويرجع اتجاه المصارف الى اتخاذ هذا التصرف الى الظروف التى احاطت بالسوق فى تلك الفترة وهى ظروف اتسمت بالنمو الكبير جدا فى قطاع العقار بالاضافة الى ما صاحب ذلك من انخفاض ملحوظ لنسب الفوائد المطبقة، مما ولد حاله اقبال كبيرة جدا لدى المواطنين الأميركيين , وصلت الى حد التهافت الشديد على شراء المساكن.

ونظرا لان التغير فى احد المفردات المكونة للحياة الاقتصادية قد يؤدى بالضرورة الى تغيرات فى المفردات الاخرى سواء سلبا او ايجابا , وقد حدث ما لم يكن فى حسبان المواطن الامريكى فقد تغيرت نسب الفوائد على القروض بارتفاع لم يكن فى بال اكثر المحللين تشاؤما ومما زاد الامر سوءا ان هذا الارتفاع حدث بشكل يمكن ان نصفه بانه سريع ومباغت.

ومع هذا الارتفاع المفاجئ لنسب الفائدة في الأسواق المصرفية الأميركية، ٍعجز الكثير من الأميركيين عن تسديد قروضهم، ومع تنامى اعداد العاجزين عن تسديد اقساطهم على مدار اشهرا قليلة خيم شبح الكارثة علي أسواق المال وعلى جميع الجهات ذات العلاقة في قطاع العقار.

 ومن الجدير بالذكر ان ارتفاع نسب الفائدة قد نتج عن حالة الركود التى اصابت الاقتصاد الامريكى فى تلك الفترة وليس المجال هنا لذكر الاسباب التى ادت الى حالة الركود , لكن ابرزها على وجه الاجمال الميزانيات الضخمة التى رصدت للحروب الامريكية فى اكثر من بلد.

اسباب الازمة:

لكى نستطيع الوقوف على اسباب الازمة لابد ان نضع بين يدى القارىء فكره مبسطة عن مكونات سوق التمويل العقارى وطبيعة العمل داخل هذا السوق.

 يتكون سوق العقار من جزئين رئيسيين , الاول يسمى السوق الاولىٌ والثاني يسمى السوق الثانوى.

يتكون السوق الاولى من:

اولا- اساسيا: المقترضين ( مشترى المساكن) , والمقرضين (البنوك ومؤسسات التمويل) وتتكون عملياته من قروض ورهون وسداد لاصل القرض والفوائد.

ثانيا- تابعيا :شركات التأمين

 حيث يوجد فى سوق التمويل العقارى ثلاث انواع من التامين:

- تأمين الرهن العقارى( توقف المقترض عن السداد)

- تامين حق ملكية العقار(المنازعات القانونيه على الملكية)

- تأمين المخاطر(الحريق والكوارث الطبيعية)

يتكون السوق الثانوى من: المقترضين ( البنوك ومؤسسات التمويل) والمستثمرين (المودعين ومؤسسات المالية) وتتكون عملياته من ودائع وسندات سداد المدخرات والعوائد.

 

وتشمل عملية التمويل العقارى:

عمليات السوق الأولى:

- يحصل المقتروضون على قروض شراء العقارات من البنوك والمؤسسات التمويل

- يتم رهن العقار لصالح البنوك او مؤسسات التمويل

- يقوم المقترض بسداد اصل القرض والفائده على اقساط

عمليات السوق الثانوى:

 - يمول المقرضون( البنوك والمؤسسات المالية) عمليات الاقراض من خلال:

 1- مدخرات المودعين و اسهم المستثمرين

 2- التوريق

 ( يقصد بالتوريق تحويل الديون العقاريه الى اوراق ماليه وبيعها الى مؤسسات ماليه متخصصه فى شراء الديون العقاريه), ومن الشكل السابق يمكن بسهوله استقراء المتضررين من عدم التزام المقترضين بسداد ديونهم:

1- البنوك ومؤسسات التمويل اول المتضررين حيث تقع بين شقى الرحى فلا هى تستطيع تحصيل القروض وفوائدها ,وبالتالى تصبح عاجزه عن سداد مدخرات المودعين وديونها للمؤسسات المالية

2- شركات التامين والتى يجب عليها الوفاء بكامل قيمة المتبقي من القرض والفوائد

3- المودعين حيث لا تستطيع البنوك ومؤسسات التمويل العقارى الوفاء باموالهم المودعة لديها

4- المؤسسات المالية العاملة بالتوريق حيث لا تستطيع البنوك ومؤسسات التمويل الوفاء بالتزاماتها لهذه المؤسسات

وعلى هذا يمكننا الوقوف على اسباب الازمة فى التالى:-

اولا: تضرر البنوك والمؤسسات المتخصصة في القروض العالية المخاطر كنتيجة اساسية لارتفاع نسب الفوائد، وتأثيرها على أوضاع المقترضين الغير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم لسداد قروض التمويل العقارى.

فقد سارعت جهات الاقراض بالسوق الاولىَ (طبقا للاجراءات) إلى مصادرة مساكن العاجزين عن تسديد القروض واعادة عرضها للبيع مره اخرى وقد كان هذا التصرف هو المعول الاول الذى ساعد فى اشتعال الازمة وهدم المصارف ومؤسسات التمويل.

جيث ادى ارتفاع نسب الفائده الى احجام المواطنين عن شراء العقارات تسبب عنه (ندرة فى الطلب) , كما ادى تصرف مصادرة المساكن وعرضها للبيع مره اخرى الى زيادة المعروض نتج عنه (كثرة العرض) وقد نتج عن ذلك امرين هما:

1- ركود تام فى سوق العقارات وبالتالى انخفاض حاد فى اسعار العقارات

2- ضياع اموال المصارف وجهات الاقراض الاخرى وحصولهم على اصول عقاريه (قيمتها تقل كثيرا جدا عن السعر الذى تم التمويل على اساسه نظرا للانخفاض الحاد فى الاسعار) حيث اطلق عليها بعد ذلك مصطلح "الاصول الهالكة "

ونتيجه لضياع اموال جهات الاقراض بالسوق الاولىَ فيترتب عليه بالضرورة ضياع أموال المودعين وجهات الاقراض بالسوق الثانوى والتى تقدر بمليارات الدولارات.

وعلى ذلك كان لابد لجهات الاقراض سواء بالسوق الاولىَ او الثانوى ان تعلن افلاسها وتخرج من السوق , اما المودعين فيتحول غالبيتهم الى فقراء ومعدمين ويتعرض البعض منهم لاحكام بالسجن.

وعلى ذلك أنهار جزء ليس بالقليل من مفردات الحياة الاقتصادية الامريكية من خلال فقد الكثير من المواطنين العاملين بتلك الجهات المفلسة لوظائفهم (تقرير البطالة لشهر سبتمبر أظهر خسارة نحو 159 ألف وظيفة) بالاضافه الى الجهات الاخرى المرتبطة بها كشركات التامين والوسطاء العقاريين وخبراء التقييم ووسطاء التمويل ومحامو نقل المال والملكية ومؤسسات التصنيف الائتمانى ومعاونى شراء المنازل, بالاضافه الى المؤسسات الامريكية والعالمية المساهمة فى رأس مال البنوك والمؤسسات المالية الامريكية.

2- التدخل الحكومى الخاطىء:

اخذ التدخل الحكومى الامريكى شكلين تمثلا فى التالى:

- اصدار نقدى جديد

- التمويل بالعجز

 وقد اعتبر الخبراء ان هذا التدخل من جانب الحكومة تدخلا خاطئا , فقد اعتبروا ان الحكومة الامريكية لم تقم بتوظيف السياسة المالية توظيفا امثل, فطرح النقود لم يترافق معه زيادة اضافية في الانتاج بل حدث العكس , بالاضافة الى ان التشغيل الاقتصادي لم يكن في حالة - التشغيل الكامل - وهذا ما احدث المشكله الكبرى في الاقتصاد الأمريكى وذلك للاسباب التالية:-

- ارتفاع تكلفة الانتاج مما ساعد على ارتفاع اسعار البيع وقد كان هذا كافيا لاعاقة كل محاولات الانقاذ.

 - ارتفاع اسعار الصادرات الامريكية مما نتج عنه تفوق المنافسة الدولية على المنتجات الأمريكية وانحدارها امام المنافسه الاجنبية.

- انخفاض قيمة الدولار عالميا امام العملات الاخرى , مما نتج عنه بالتبعية زيادة الاسعار ايضا الامر الذى ادى الى ظهور الخلل بميزان المدفوعات.

- حدوث انخفاض كبير فى دخول المواطنين الثابته انعكس ذلك على حالة التعثر فى سداد اقساط التمويل و الرهن العقاري.

- كان الهدف من الاصدار النقدى محاولة تغطية العجز وليس زيادة الاستثمار على الرغم من الاجراء التصحيحى عكس ذلك.

وقد اعتبر الخبراء ان السياسة المالية التي اتبعتها حكومة الولايات المتحدة في المعالجة الاولى ليست فاشله وحسب وانما هى اجراءات معتمه وضاله , ولكن علينا الا نغض الطرف عند تقييمنا لهذه السياسة المالية عن الحاله الخارجية المتمثلة فى الحروب الامريكية المتعددة والتي لابد انها كلفت الاقتصاد الأمريكي الكثير من موارده ومقدراته مما حدا بالاداره الامريكية الاقدام على تجرع السم لعله يشفى واتجاهها الى استخدام هذه السياسة المالية " ذات الحدين".

 وتبقى علامة استفهام كبيره حول التدخل الحكومي الامريكى الاخير وهو لماذا لم تتدخل الحكومه من قبل وبمجرد حدوث ركود الاقتصاد ؟ اي قبل ظهور مشكلة التمويل و الرهن العقاري الم يتوجب على الحكومه ان تتدخل بسرعه لمعالجة ضعف التشغيل ؟ , وكذلك فان القواعد المالية السليمه تفرض عدم استخدام التمويل بالعجز في حالة ضعف الاقتصاد.

واعتقد ومعى الكثير من الخبراء ان عدم التنبه للاجراءات الوقائية التى كان يجب اتخاذها عند بدء الركود فى الاقتصاد الامريكى , ثم سوء الاختيار للاجراءات التدخلية بعد حدوث الكارثة هما السببين الاكثر فاعليه فى الازمة المالية الامريكية الحالية.

تداعيات الازمة

 المصارف المركزية في الولايات المتحدة وجدت نفسها مضطرة للمواجهة فى ظل التدهور الكبير، حيث كان امامها احد خيارين , اما تغيير نسب الفائده واما ضخ الأموال في البنوك المتضررة.

وقد اختار البنك الفيدرالي الأميركي الخيار الأول، حيث عمل في العديد من المرات على خفض نسبة الفائده التي تراجعت من 5.25 بالمائة في يونيو 2006 إلى 2 بالمائة في أبريل 2008.

 كما ان الحكومة الامريكية قررت تأميم ثلاثة بنوك كبيرة كالتالى:

- قام مكتب الإشراف على المدخرات والقروض بامتلاك بنك واشنطن ميوتشوال المنهار وتم بيعه لبنك جى بي مورجان

- تم إعلان إفلاس بنك الاستثمار الأمريكي "ليمان براذرز"، ومن ثم تأميمه وبيعه الى بنك باركليز البريطانى.

- تم إنقاذ بنك "ميريل لينش" بعد افلاسه بتأميمه ثم ببيعه إلى بنك اوف امريكا بعد ان تكبد خسائر تقدر ب 52 مليار دولار

- اضطرت الحكومة الأمريكية إلى شراء نحو 80 في المائة من حجم أعمال شركة"إيه أي جي"، أكبرشركة تأمين فى العالم لانقاذها من الافلاس.

لقد ايقن الجميع على مستوى العالم انه ليس امام حالة طارئة سرعان ما تزول وينقضى اثرها، بل امام حاله اقل ما توصف به انها حاله كارثيه , بل تلك المقترحات التي اندفع إليها كبار المسؤولين الأمريكيين، يراها بعض المحللين انها مجرد حلول مؤقته لا يمكن أن تعالج المرض العضال، وحتى الأخرين الذين يحاولون التقليل من حقيقة الوضع الاقتصادي الأمريكي، ربما يحاولون التقليل من قيمة الازمة مراعاة للاوضاع الداخليه لديهم، لكن الحقيقة التى لا جدال فيها ان كثير من المنشات فى اوربا او فى اسيا قد تأثرت بل تضررت من الازمة الامريكية فمثلا كوريا الجنوبيه فقد طالتها مخالب وانياب الازمة المالية الأمريكية، حيث انخفض مؤشر البورصة الرئيسي بنسبة تزيد عن 6 %، كما ان الازمة تركت اثارها المدمره على اسعار صرف الوون أمام الدولار بفارق يزيد عن الخمسين وونا فى غضون يوم واحد فقط، وقد مثل ذلك اعلى انخفاض يومي يشهده الوون خلال السنوات العشر الاخيرة ,ومرجع تلك الهزة العنيفة فى الاسواق الكورية ان الشركات الكورية قد استثمرت 720 مليون دولار في "ليمان براذرز"، ولكن الحكومة الكورية ترى أن الخسائر ستكون محدودة، نظرا لأن 3% فقط من الأصول الخارجية للشركات الكورية هي التي تتعرض الآن للخطورة.

 ورغم ذلك فإنه مما لاشك فيه ان السوق المالية المحلية تعاني الآن من الصدمة العنيفه الناتجة عن الأزمة المالية الامريكية، الامر الذى يصعب معه توقع كم من الزمن الذي سوف يمر كي تعود الأمور إلى طبيعتها. ولذلك اتخذت الحكومة قرارا بتعليق أعمال فرعي بنك "ليمان براذرز" في سيول، كما عمدت الحكومة الكورية الى اتخاذ اجراءات من شأنها العمل على استقرار صرف العملات الأجنبية من خلال التعامل الحذق مع الاحتياطيات الموجودة في قطاع البنوك.

وعلى الصعيد الاوربى فقد عمدت خمس دول أوروبية الى وضع خطط لإنقاذ البنوك والمؤسسات الواقعة تحت تهديد الإفلاس بلغت قيمة المبالغ المرصودة حوالى مائة مليار دولار خلال يومين فقط. وكانت الحكومة الفرنسية قد لحقت ببلجيكا ولوكسمبورج في محاولتهما إنقاذ مجموعة (ديكسيا) الفرنسية البلجيكية للخدمات المالية بعد انهيار أسهمها، فقد اتفقت حكومات الدول الثلاث على رصد ما قيمته 6.4 مليار يورو تضخ في (ديكسيا)، حيث اعتبر ذلك الخيار الوحيد الان الذى يمكن من خلاله محاولة انقاذ النظام المالى وذلك وفقا لما صرح به وزير المالية الفرنسي كريستين لاجارد.

وقد كان لتأميم بنك "برادفورد اند بينغلي" البريطاني وتصفيته في 29 أخر سبتمبر 2008، وهو رابع مؤسسة مالية بريطانية تتعرض استقلاليتها للمصادره منذ بدء الأزمة المالية (المؤسسات الثلاث الاخرى هى "نورثون روك (Northern " واليانوس" (Alliance)، و "ليستر و هبوس( (Leicester et HBOS ).

وقد قامت الحكومة البريطانية بشراء محفظة الرهون العقارية للبنك، والتي تبلغ قيمتها 89 مليار دولارامريكى وبيع فروعه لبنك سانتاندر الاسباني.

 وكذلك فان حكومات بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج قامت تأميم جزئي (حوالى 49 في المائة) لمجموعة (فورتيز إن.في) البلجيكية الهولندية بضخ 11.2 ملياريورو، فيما اعتبره المحللين انه اكبر عملية إنقاذ لبنك أوروبي عند بدء الأزمة المالية.

وعلى الصعيد الالمانى عمدت الحكومة الألمانية بالاشتراك مع البنوك التجارية في البلاد الى تنفيذ خطة ماليه لإنقاذ بنك هايبو ريال ايستيت للتمويل بقيمة 35 مليار يورو. حيث تساهم الحكومة الألمانية في هذه الخطة بمبلغ 26.6 مليار يورو في شكل ضمانات.

 وقد صرح وزير المالية الألماني على هذه الخطه لإنقاذ ثاني اكبر شركة عقارية في البلاد بمثابة خطوة حيوية من أجل ضمان استقرار النظام المصرفي الألماني.

وقد تركت الازمة بعض اثار سلبيه بين الحكومه البريطانيه ونظيرتها الايرلنديه حيث أعلنت الحكومة الأيرلندية ضمان جميع ودائع البنوك لمدة عامين في محاولة لتحسين حصول القطاع المصرفى على الأموال الدولية المجمدة بسبب الأزمة المالية العالمية.

ويشمل التعهد ما يصل إلى 400 مليار يورو من الودائع ؛ أي أكثر من مثلي الناتج المحلي الإجمالي لايرلندا.

وتتنافس البنوك البريطانية مع البنوك الايرلندية سواء في بريطانيا أو ايرلندا، لكن البنوك البريطانية نقلت قلقها الى حكومة بلادها من أنها قد تفقد قدرتها على التنافس مع البنوك الايرلندية التي اضحت تتمتع بضمان كامل للودائع. مما حدا برئيس الوزراء البريطاني جوردون براون إلى دعوة ايرلندا إلى دراسة ما اذا ما كان قرار ضمان جميع الودائع في البنوك الايرلندية لا يتعارض مع قوانين حماية المنافسة في الاتحاد الأوروبي.

لكن مع كل هذه الامواج العاتية لابد ان نعترف بان الولايات المتحده هى البلد الاول فى عالم اليوم سواء على المستوى الاقتصاديً او السياسي او العسكري، وحتى اولئك الذين وضعوها في مرتبه اقل مما كانت عليه قياساً بحالها قبل الازمة، لابد لهم ان يعلموا أن الجميع ستطوله هذه الازمة بصوره مباشره او غير مباشره.

ومن المعلوم بالضرورة ان جميع دول العالم وعلى رأسها أوروبا والصين، واليابان وكوريا وغيرها مرتبطه بحلقه او حلقات متداخله مع الاقتصاد الأمريكي، اولها: التداخل فيما بين المؤسسات المالية فى تلك الدول والولايات المتحده.

وثانيهما: ان السوق الامريكى هو اكبر مصدر لتصريف منتجات تلك الدول، وعلى ذلك فان انتكاسات السوق الامريكى لابد ان يصيب اقتصاديات هذه الدول بالكساد، مما تتعرض معه الكثير من المصانع والشركات فى هذه الدول للتوقف وبالتالى تتأثر معدلات البطاله بالزياده وغيرها من نواحى الحياه الاقتصادية بهذه البلاد.

 اما الدول العربية وخاصة الخليجية والتى تحظى بوجود استثمارات تقدر بالمليارات فى السوق الأمريكية فحتى الان وحسب بعض الاحصاءات لم تتأثر استثمارات الجهات او الافراد فى اوكازيون الخسائر سوى بحوالى مائتين مليار دولار فقط.

ان خطة الانقاذ التى تبنتها الحكومه الامريكية تحتاج الى كثير من المراجعات ويحوم حولها الكثير من ظلال الشك حول مدى قدرتها على الخروج باقتصاديات الولايات المتحده الى بر الامان وتجاوز الازمة وربما سنحاول فى مقال اخر القاء الضوء على مدى توافق خطة الانقاذ مع المعايير والادوات المالية والاقتصادية.

* خبير مالى

Maw01000@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/كانون الاول/2009 - 19/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م