أخطب لبنتك كما تخطب لإبنك

 

شبكة النبأ: جرت عادتنا وفقا للتقاليد السائدة أن نجهد أنفسنا لا سيما الآباء والامهات من اجل الحصول والوصول الى الفتاة المناسبة التي تليق بإبننا كرفيقة عمر طويل وكعنصر مرادف للرجل يشترك ويؤسس لأسرة ناجحة، فترى الام تسأل وتحث الاخريات من الاقارب او الصديقات او المعارف او غيرهن على ارشادها الى فتاة كاملة المواصفات حسنا وأخلاقا وعفة وحياء وإيمانا كي تكون الزوجة المناسبة لابنها.

كذلك يسعى الأب في هذا الاتجاه بالجهد والنشاط نفسه فيتصل بأصدقائه واقاربه ومعارفه ويبحث عن الفتاة المناسبة لابنه، وبطبيعة الحال هذه هي التقاليد المتوارثة لدينا أبا عن جد، ولكن هل خطر في ذهن أحد الآباء أن البحث عن الشاب الناجح المؤمن لابنته لا يقل اهمية عن البحث عن الفتاة المناسبة لابنه؟ واذا خطر ذلك فعلا فكم من الآباء أقدموا على مثل هذه الخطوة واختاروا الزوج الجيد لبناتهم؟.

ولعله من المعيب أن يُقدم الاب على عمل كهذا كما هو سائد من تقاليد متوارثة، بيد ان الامر ليس كذلك أبدا، بل الصحيح كما تقول التجارب بأن الاب يجب أن يخطب لابنته ايضا كما يخطب لابنه او ان الأهمية للبنت أكثر في هذا المجال كما نقرأ في المثل المأثور (اخطب لإبنتك قبل ان تخطب لابنك) ويقول احد الكتاب في هذا المجال:

(لقد سادت في مجتمعاتنا الإسلامية نظرة ذكورية لمسألة الخطبة ، فالمعتاد أنّ الرجل هو الذي يخطب ودّ الفتاة لما تتمتّع به من حياء اُودع في أصل خلقتها ، وليس للفتاة ولا لأحد من أسرتها أن يفاتح رجلاً في الزواج من ابنته إن كان أباً أو أخته إن كان أخا).

إن الأب صاحب النظرة الثاقبة والفكر الثاقب والرأي السديد، يحبذ أن يبحث بنفسه عن الزوج الصالح لبنته، فيسعة بهذا الاتجاه من دون تردد لأنه في حالة تحقيق هدفه هذا سيحقق كثيرا من النتائج الطيبة.

منها مثلا، انه سيضمن حياة ناجحة مستقرة لزوجته مع الشاب الذي اختاره لها بنفسه، كذلك سيضمن قلة المشاكل التي غالبا ما تحدث في الزيجات الحديثة بين الزوج وزوجته اذا كان الارتباط بينهما عشوائيا كما يحدث او حين يكون الارتباط قائم على العاطفة غير السديدة في أغلب الاحيان.

إضف الى ذلك ضمان الاب للاحفاد الصالحين كونهم سينشؤون في كنف عائلة مؤمنة ناجحة ومستقرة، واذا كان هناك من يظن او يعتبر ان الخطبة للبنت تشكل مثلبة على الاب او على اخلاقه وتقاليده وما شابه فإننا سنجد النموذج الذي يتيح لنا هذا السلوك في القرآن الكريم، إذ يقول أحد الكتاب:

(إن شعيب -عليه السلام- يعلِّمنا هنا -والتعليم تعليم القرآن بالنتيجة- أنّ الأب يمكن أن يخطب لابنته رجلاً ترضاه، فلمّا رأى من كرم أخلاق موسى -عليه السلام- وشرفه وغـيرته وأدبه الجمّ استجاب لطلب ابنته كما في هذه الآية الكريمة: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ ا لْقَوِيُّ ا لاَْمِينُ ) القصص  26.

لذا فإن الأب حين يجدُّ في بحثه عن الشاب الصالح زوجا لابنته فليس في هذا السلوك ما يعب او ما يُنقص من اخلاقه وايمانه، بل العكس هو الصحيح شريطة أن يكون المعيار الحقيقي لهذا البحث هو ايمان الشاب وتحليه بالصفات التي تجعل منه انسانا ذا خصال جيدة تؤهله لتأسيس اسرة ناجحة ترعى الطفل وتأخذ بيده الى السمو الاخلاقي والايماني في عالم اليوم الذي يضج بالاخطار التي تتعلق بالسلوك الخاطئ وسمات الاستحواذ ونوازع الصراع من اجل المال والنفوذ وما شابه.

لهذا يكون اختيار الزوج الجيد للبنت عملا صحيحا وموفقا من لدن الأب، فكما أن الاب مسؤول عن ابنه وعن اختياره للبنت المناسبة له كي يتأكيد من التأسيس الناجح لهذه العائلة الجديدة، فإنه –الأب- مسؤول ايضا عن اختيار الشاب او الرجل الجيد لابنته لكي يضمن تأسيسا ناجحا وجيدا لعائلة جديدة.

فالأب الذي يرى في رجـل أو شـاب سـيماء التقوى والصلاح والأمانة والشجاعة، لا ينتقص هذا الامر من كرامته ولا كرامة ابنته شيئاً إن هو خطبه إليها، فهو بذلك يحفظ لها حاضرها ويؤمِّن لها مستقبلها، في ظلّ رعاية رجل قويّ أمين  .

وهكذا لاحظنا أهمية أن يتجاوز المجتمع بعض التقاليد الراسخة والقائمة على أسس خاطئة، فيما يتعلق بتزويج البنت، فالصحيح كما ورد آنفا أن يسعى الاب والام بطبيعة الحال الى تأمين الرجل الأمين لابنتهما، وحبذا لو يُشاع مثل هذا السلوك المتحضّر والناجح في آن، وحبذا لو تتم توعية الناس آباء بالدرجة الاولى على أن البحث عن الرجل المناسب للبنت ليس عيبا ولا يمس الاخلاق او غيرها، ونموذجنا في هذا المجال، ما ورد في القرآن الكريم كما ذكرنا سابقا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/كانون الاول/2009 - 15/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م