
شبكة النبأ: استقبلت بعض العوائل
العراقية الفقيرة عيد الاضحى وهي تستعد للاحتفال به بما توفر لديها من
مستلزمات العيد، فيما تمنى بعض أرباب العوائل الفقيرة أن لا يأتي العيد
هذا العام لأنهم محرجون من عدم استطاعتهم توفير مستلزماته لأطفالهم
وعوائلهم.
وفي غضون ذلك لاتزال ثقافة شراء الاطفال للألعاب التي على شكل أسلحة
هي المهيمنة في معظم أسواق البلد بدءً من مراكز المدن الكبرى وحتى أزقة
القرى والاحياء الشعبية..
عوائل تمنَّت أن لايأتي العيد واخرى احتفلت
به على قدر الحال
وفيما قررت الكثير من العوائل الفقيرة البقاء في بيوتها بسبب
ظروفهما المعيشية الصعبة، لقضاء العيد بما وصفته على قدر الحال، تقضي
بعض هذه العوائل ايامه في ممارسة بعض الاعمال لسد رمق العيش.
وتحدث صاحب احدى عربات الدفع اليدوي لوكالة اصوات العراق عن ظروفه
التي يعاني منها، قائلا “اني استغل فرصة العيد للعمل داخل الاسواق بسبب
حركة الناس في هذه الايام، فأعمل لزيادة مردودي المالي بسبب انشغال بعض
اصدقائي في زيارة اقاربهم لتتاح لي الفرصة بأن اشغل مكانهم”.
فيما قالت ام محمود، وهي ام لاربعة اولاد فقدت زوجها في احداث العنف
التي شهدتها البلاد خلال الاعوام الماضية، “بعد وفاة زوجي عانيت كثيرا
بسبب عدم وجود معيل لي ولاولادي، خاصة اني ام لي ولدان وبنتان وهم في
بداية حياتهم”.
وأضافت “بعد تحسن الاوضاع الامنية قمت مع اثنين من اولادهي ببيع
الكاز لسد احتياجاتنا اليومية”، مستدركة “اني لا انتظر من العيد شيئا
جديدا فقد تعودنا على هذا الحال ولامفر منه”.
أما ابو زهراء وهو اب لتسع بنات وولد، فقال لوكالة اصوات العراق
“لااريد أن ارى العيد، فقد تلاشت كل احلامي معه ولا اعرف ماذا ينتظرني
من هم وغم فلماذا انتظره؟”.
وأشار ابو زهراء إلى ظاهرة “غلاء اسعار الملابس حاليا بشكل كبير”،
الامر الذي رأى فيه حرجا بالقول “هل انتظر العيد لكي تحرجني عائلتي
بمتطلباتها التي لااقدر أن البيها لها”.
لكن مريم، البالغة 15 عاما وهي تتسول قرب احد الجوامع في اطراف
بغداد، قالت “انتظر العيد ببالغ الصبر واقول عسى أن ياتي العيد ويأتي
معه الفرج”.
وأضافت قائلة “لقد كفاني الله الشرور وحماني في اكثر من مرة، وانا
راضية فيما حكم به وأنتظر العيد ببالغ الصبر لكي افرح مع كل العراقيين”.
بينما قالت إحدى زميلات مريم في العمل وكانت تجلس بجانبها “كيف نفرح
وليس لدينا سقف نتحمي به من المطر، هذه هي حالنا فكيف للفرحة أن تدخل
إلى ابواب قلوبنا؟”.
وفي السياق ذاته، أوضح محمد سمير أن “بعض العوائل الفقيرة لاتريد أن
يأتي العيد بسبب عدم مقدرة هذه العوائل على تلبية احتياجات اولادها من
مأكل ومشرب واحتياجات يومية كثيرة”.
وأضاف أن “هذه العوائل ليست لها القدرة على تحمل ضغوط هذه الايام
فيسارع بعض اولياء الامور للهروب من المنزل خلال ايام العيد”.
إلى ذلك، قالت صفية قاسم وتبلغ من العمر 40 عاما “اضطررت لبيع بعض
مفردات البطاقة التموينية لكي اشتري لاولادي بعض ما يحتاجونه من الباله
(الثياب المستعملة) لكي ارضي رغباتهم”.
واستدركت قائلة “احرج كثيرا حينما يهزأ اطفال الجيران من اولادي،
حيث اقع في موقف لا احسد عليه مع اولادي”.
من جهته، قال كرارعلي ويبلغ من العمر 35عاما “اسقبل العيد وانا محرج
من عائلتي لأني لا استطيع أن اوفر لهم ما يحتاجونه من ثياب، وانا اعمل
في احد معامل صناعة الكاشي حيث لايتجاوز اجري اليومي الخمسة عشر الف
دينار وانا اسكن بالايجار فكيف لي أن اوفر لهم الفرحة بالعيد”.
وأضاف أن “ايام العيد تسبب لي القلق بسبب الظروف المعيشية لكني
سامارس طقوس العيد لكن على كد الحال (بحسب الميسور والمتوفر) فالبرغم
من الملابس البسيطة التي اشتريتها لافراد اسرتي لكني ارى البسمة على
وجوههم وهذا الشئ الوحيد الذي افرحني في هذه الايام”.
إلا أن ارشد، ويبلغ من العمر 33 عاما، رأى أن “العيد فرحة خصوصا
للفقير الذي يكد طوال السنة ثم تأتي هذه الايام لتكون ايام استراحة له”.
وأوضح أن “العيد بالنسبة لي يعتبر حزنا وبؤسا فالعيد يحتاج إلى كثير
من الاحتياجات من ملابس وغيرها من المستلزمات المنزلية، لكنه يبقى شيئا
جميلا يمر على المواطن الفقير، حيث نذهب في هذه المناسبة إلى زيارة
اقاربنا واحبائنا وزيارة العتبات المقدسة”.
كما قال ابو سجاد، ويبلغ من العمر 40 عاما، “واجهت العيد بفرحة رغم
الحزن الذي في داخلي فلا احد يشعر بالالم الذي يعاني من الفقير وخاصة
رب الاسرة الذي يشعر بالحرج امام اطفاله وزوجته لذلك يصبح العيد هما
يضاف على كاهل الفقير”.
البالات.. محطات لتبضع العوائل الفقيرة
بالعيد في البصرة
جموع من الناس حيث يقف مهرّج بصوت عال ينادي وسط اكوام من الملابس
المستخدمة وباسعار زهيدة، والمتبضعون من حوله في بحث دائب عما يناسبهم،
فتلك الملابس “لا تأتي حسب الطلب بالتأكيد ولا بد من الاجتهاد في
الحصول على بعض قطع الملابس المناسبة للمعني”.
هذا ما يقوله ابو أيمن وهو بائع للملابس المستخدمة في سوق كرمة علي
شمالي البصرة، ويرى ان حركة السوق بدأت بالانتعاش مع بداية العيد “لان
معظم العوائل ذات الدخل المحدود تبحث عما يناسبها ويناسب اطفالها من
تلك الملابس ولانها تبحث عن اسعار رخيصة”.
وتنشر في معظم اسواق البصرة وخصوصا الشعبية منها، كاسواق كرمة علي
وخمسه ميل وسوق القرنة والزبير وبعض الاماكن في سوق العشار، تجارة بيع
الملابس المستخدمة والتي يطلق عليها اسم “اللنكات” او “البالات”.
وتأتي تلك الملابس من مصادر مختلفة خارج العراق ويتم استيرادها على
شكل اكياس كبيرة تحتوي داخلها عشرات الكيلوغرامات من الملابس مختلفة
الانواع والاحجام والجودة.
ويصف ابو ايمن حركة السوق قبل حلول العيد بالـ”الجيدة”، ويعلل ذلك
بالقول ان “البيع هنا في البالات يعتمد على الحظ ومقدار ما تجده ويناسب
الحاجة”.
ويضيف “بالتالي فهناك العديد من الزبائن يأتون بشكل يومي يسألون عن
الوجبات الجديدة ويبحثون عن قطع ملابس تناسبهم”، منوها الى ان “غالبية
تلك الشرائح هي العوائل المعدمة وذات الدخل المحدود ولكن هناك بعض
العوائل الميسورة تأتي ايضا”.
وذلك ما يرجعه علي كاظم بدايه، 53عاما، الى ان معظم الملابس وان
كانت مستخدمة فهي من الماركات الشهيرة وبعض تلك الملابس تاتي نظيفة
للغاية وكأنها لم تستخدم اصلا”، مبينا ان “اسعارها تكون في النهاية
عشرة بالمائة او اكثر من سعر تلك الملابس في الجديدة المعروضة في
المحال”.
ويضيف بدايه، وهو بائع للملابس المستخدمة ايضا، ان “موسم العيد شهد
حركة لا بأس بها، لكنه اقل من المواسم الاخرى ذلك ان العديد من دوائر
الدولة لم توزع رواتب لموظفيها وبما فيها دائرة التقاعد بوقت مناسب
قبيل العيد ليتمكن الناس من القدوم وشراء تلك الملابس”.
ويرى بعض المراقبين ان انتشار بيع الملابس المستخدمة وان كان ظاهرة
شائعة في العديد من البلدان بما فيها بلدان الجوار، لكنه يعكس بانتشاره
الواسع في المناطق الشعبية ضعف الدخل اليومي ورضوخ العديد من العوائل
ضمن دائرة الفقر.
الناشط في حقوق الانسان محمد ناصر يقول ان دلالة انتشار الملابس
المستخدمة واقبال الناس عليها مع قدوم العيد كما بات واضحا في الكثير
من اسواق المحافظة لا يعطي صورة سوى مدة فقر وفاقة تلك العوائل”.
ويعلق “صحيح ان تلك الملابس قد يأتي منها ما هو جيد وجديد ومن
الماركات العالمية، لكن يبقى ان اقبال الناس عليها دون الجديد خصوصا في
العيد دليل على عدم امكانيتهم لشراء ملابس جديدة خصوصا وان اسعارها مع
قدوم فصل الشتاء مرتفعة بشكل كبير”.
ويضيف ناصر، ان شئنا ان نطالع بعض الشواهد بشكل دقيق فسنرى ان ضعف
الحاجة المعيشية للناس كان وراء انتشار المستخدم سواء الملابس او
الحجايات المنزلية والكهربائية”، وهو يبين ان “ما يقارب نصف سكان
البصرة يعيشون بحالة معيشية دون الوسطى”.
ومع تعذر الوصول الى نسبة دقيقة حول عدد العوائل المتعففة والفقيرة،
حيث جرى الاتصال بالعديد من اعضاء مجلس المحافظة والدوائر المعنية لكن
دون جدوى.
لكن رئيس لجنة العمل والخدمات الاجتماعية علي حسن علي اشار الى ان
مجلس المحافظة وبالتعاون مع المحافظ والجهات ذات العلاقة سبق وان وضعوا
مشروعا للنظر بشأن بعض الظواهر التي تتعلق بضعف الحالة المادية كالتسول
مثلا، ودراسة سبل معالجتها والحد منه كونها “لا تليق بسمعة المحافظة”.
وبقدر ما تمثل تلك الـ”البالات” متنفسا للعوائل الفقيرة والمعدمة
فأنها قد تسبب العديد من الامراض وفي طليعتها الامراض الجلدية، وهو ما
يفرض استخدام العديد من الطرائق لتنظيفها وتطهيرها.
الدكتور محسن علي يقول ان “تلك الملابس يمكن ان تكون مصدرا مباشرا
لنقل الامراض الجلدية والمعدية والعديد من الفطريات”، وهو يرى ان فصل
الشتاء ايضا مساعدا على تناقل تلك الامراض بشكل اكثر”.
وهو يهيب بالعوائل استخدام المطهرات الفاعلة والماء المغلي لغرض
الحد من احتمال الاصابة بالامراض تلك”.
ويشجع علي المحلات على استخدام اسلوب جيد كما في بلدان الجوار
باخضاع تلك الملابس الى عمليات غسل وتطهير عام قبيل عرضها وبيعها لئلا
“تسبب الامراض وتساعد في تناقلها”، خصوصا وان “شدة الاقبال في العيد قد
تدفع باصحاب تلك البالات الى عرضها دون التدقيق او مراعاة أي شيء”.
اطفال اربيل يسارعون لصرف عيدياتهم بشراء
المسدسات
منذ بزوغ أشعة الشمس الدافئة سارع عشرات الأطفال إلى “دكان كاكا
كريم” في حي الجامعة بمدينة اربيل لصرف عيدياتهم التي حصلوا عليها من
ذويهم في شراء العاب على شكل مسدسات ورشاشات.
إذ شهد محل كاكا كريم اقبالا من عشرات الاطفال الذين تسارعوا على
باب المحل لشراء نفس اللعبة التي اشتراها قبلهم آخرون، وكانت اللعبة
الاكثر رواجا المسدس نوع “صجم”.
وهذا المسدس يشبه الحقيقي لكنه صغير الحجم اسود اللون وطلقاته صغيرة
جدا صفراء اللون ويقوم الاطفال بشهره على الآخرين واطلاق “الصجم” منه
والذي في كثير من الاحيان يكون مؤذيا إذا لامس البشرة بشكل مباشر.
وقال الطفل اراس محمد لوكالة أصوات العراق وهو يلاحق اصدقاءه بمسدسه
الصغير، “احب شراء المسدس لأنه اللعبة المفضلة لدي، فمنذ الصباح الباكر
هنئت والدي ووالدتي بقدوم العيد وعلى الفور حصلت على عيديتي وكانت خمسة
الاف دينار من كل واحد منهما”.
وأضاف “لا احب شراء الحلويات والجو بارد على شراء المثلجات، لذا
اشتريت هذا المسدس الذي رأيت أن جميع اصدقائي اشتروا منه”.
واعتادت العائلة العراقية على منح الاطفال مبالغ مالية محدودة بدخل
الاسرة كهدية في اول ايام العيدين الفطر والاضحى.
فيما قال محمد والده “بعد بكاء اراس ارغمت على الموافقة على شرائه
المسدس، فأنا اعرف أن شراء الاعاب التي تشجع على العنف غير مناسبة
للاطفال، ودعا علماء النفس إلى الامتناع عن ذلك، لكن ما باليد حيلة
دموعه آلمتني خصوصا أن اليوم هو عيد، والعيد للاطفال”.
ويذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي كان قد وجه رسالة إلى المواطنين
في يوم الطفل العالمي الذي يصادف (22/11) من كل عام، حثهم فيها على
تربية الاطفال على حب الوطن بعيدا عن التفرقة والتمييز والطائفية
والعنف، مطالبا بمنع استيراد الالعاب ذات الالوان العسكرية، أو
المتعلقة بالقتال كالمسدسات.
وأوضح محمد أن “المشكلة في الرقابة، فلا رقابة على محال بيع الالعاب،
وبالتأكيد أن جميع الاطفال، والاولاد اقصد، تفضلون شراء الاسلحة”.
وأضاف “لو كانت هناك رقابة رسمية على شراء هذه الالعاب، لامتنع
اصحاب المحال من جلب هكذا بضائع”.
من جهته، قال الطفل كامران زيرك، وكان يرتدي نظارة شمسية للاطفال
ويوجه السلاح بوجه المارة، “شاهدت في أحد الافلام مرة البطل يرتدي
نظارة شمسية وبيده سلاح وقتل به كل الاشرار، وانا اقلده في زيي وسلاحي
(لعبته)”.
وبين زيرك أنه “ومنذ الصباح هنئت امي وابي بالعيد، وبادروا بمنحي
عيديتي فمنحاني خمسة الاف دينار وهي كافية لشراء المسدس الذي بلغ سعره
الفي دينار، لذا اشتريت هذا المسدس لأتمكن من اللعب مع اصدقائي”.
إلى ذلك، قال الطفل سيروان علي والدموع تنهمر من عينيه “فور حصولي
على عيديتي خرجت مسرعا إلى اقرب محل لشراء الالعاب والحلويات، وهناك
وجدت اصدقائي وقد اشتروا مسدسات صجم”.
وأضاف لوكالة أصوات العراق أن “اصدقائي تمازحوا معي واطلقوا الصجم
على رأسي وقد آذتني الضربات كثيرا، فقررت أن لا اشتري المسدس كيلا اؤذي
غيري”.
واستهجن والد سيروان بيع العاب على شكل اسلحة، قائلا “لااحبذ بيع
العاب على شكل مدسد او رشاشة لأنها لاتنمي الطفل ولا توسع مداركه، ولا
تشغل فكره إلا بالعنف”.
وأضاف علي أن “على الجهات المعنية بحقوق الطفل متابعة الموضوع، لأنه
حساس ويخص شريحة مهمة من المجتمع”.
مهجَّرون يحتفلون بالعيد بعيداً عن الاجواء
العائلية
لم يكن طعم هذا العيد عند بعض المهجرين القادمين من العاصمة بغداد
إلى محافظة اربيل خشية استهدافهم كطعمه لدى غيرهم، لاختفاء الاجواء
العائلية كونهم يعيشون بعيدا عن الاهل والاصدقاء.
إذ اضطرت الظروف الامنية العديد من العراقيين إلى ترك مدنهم والعيش
في مدن آمنة مثل مدن اقليم كردستان، فيما هاجر ميسوري الحال إلى دول
اخرى ومنها سوريا والاردن.
وقال علي كريم، (33 عاما) وهو طبيب اضطر لترك منزله في شاريع حيفا
وسط بغداد ويسكن حاليا مدينة اربيل، إن “الاوضاع الامنية استهداف
الاطباء دفعتني إلى ترك مدينتي والهجرة إلى اربيل، لكني اعيش هنا بعيدا
عن اسرتي وافتقدهم دائما، خصوصا ايام العيد التي اقضيها وحيدا”.
واعتاد العراقيون على التزاور فيما بينهم خلال ايام العيد خصوصا في
اليوم الاول منه، لتبادل التهانئي والتبريكات.
وأوضح كريم لوكالة أصوات العراق أن “عملي كطبيب يستوجب علي البقاء
في اربيل بسبب الخفارات، لذا لم اتمكن من السفر إلى بغداد وقضاء العيد
مع اهلي”.
وأضاف قائلا “لكن يتفضل الجيران علي بزيارة ليهنئوني بالعيد والحمد
لله اجد السلوى في زيارة اصدقائي وزملائي في العمل”، مستدركا بالقول إن
“هذا لن يغني عن رؤية والدتي ووالدي واشقائي وشقيقتي”.
ونزح آلاف العراقيين من المحافظات المتوترة امنيا من مناطق سكانهم
إلى محافظات اخرى تشهد استقرارا في الاوضاع، فيما هاجر آخرون إلى خارج
البلاد، حيث يقدر عدد المهجرين العراقيين في الخارج بأكثر من أربعة
ملايين عراقي.
من جهتها، قالت شيرين صابر، (46 عاما) وهي مهجرة لكونها موظفة في
إحدى الوزارات الامنية وتركت عملها بعد تلقيها تهديدا من مجهولين، إن
“العيد لم يكن كباقي الاعياد عندما كنا بقرب الاهل ونتزاور فيما بيننا
لتقديم التهاني والتبريكات بهذه المناسبة”.
وبينت صابر “لغاية قبل ثلاثة اعوام كنا بقرب الاهل في منطقة
النعيرية جنوب شرقي بغداد وكنا نراهم متى شئنا، أما الآن وبعد أن
اضطرتنا الظروف إلى الهجرة إلى اربيل، اصبحنا لانرى اهلنا إلا مرة في
السنة، فنحن نخشى السفر خشية استهدافنا، والاهل لايتحملون مشقة السفر
كونهم كبار في العمر”.
وأضافت “اني حتى تركت العادات القديمة التي كنا نتبعها في بغداد
كصناعة الكيك او الكليجة البغدادية، لأن لا احد هنا يزورنا فما فائدة
صنعها؟”.
واعربت صابر عن املها في أن “تتحسن الاوضاع لتنعم العاصمة بالامن
والاستقرار، ونعود إلى بيوتنا واهلنا، ونمارس حياتنا الاعتيادية من
جديد”.
إلى ذلك، قال صبيح عبد الله، (41 عاما) وهو مهجر من منطقة الدورة
جنوبي بغداد إن “العيش في مدينة اربيل صعب بسبب الغلاء، فضلا عن
افتقادنا للاهل والاحبة الذين لم نر العديد منهم منذ اعوام”.
وأوضح صبيح أن “منطقة الدورة شهدت الكثير من اعمال العنف، وبعد
عمليات القتل الطائفي العشوائية اضطررنا إلى ترك منازلنا والهجرة،
وبسبب الوضع الاقتصادي لم نتمكن من السفر إلى خارج البلاد، وجئنا إلى
اربيل، حيث الامان والاستقرار”.
واستدرك قائلا “لكن الكثير من اقاربي واصدقائي سافروا خارج العراق
ومنهم من عاد إلى بغداد، ولم نعد نلتقي كما كنا في السابق ولا حتى في
الاعياد، بل اصبح العيد لدينا من دون طعم”.
وأضاف عبد الله أن “السفر إلى بغداد عائليا مكلف، والعيش هنا صعب
خاصة إذا لم يكن لدينا اكثر من مورد واحد للمال، وهو ما استحال علي
لأني متزوج ولدي ثلاثة اطفال وزوجتي ربة بيت، لذا نعتمد على راتبي فقط
كوني عامل في إحدى الشركات”.
وبين أن “الاهل يأتون الينا بين عيد وعيد، فعناء السفر والحالة
الاقتصادية تحول دون تكرار الزيارات، فضلا عن كون اغلبهم خارج البلاد،
وبهذا نكون فقدنا نكهة العيد إلا عندما يأتي قريب او صديق ليسعدنا
بمجيئه لساعات قليلة”.
ولم يختلف رأي سرى احمد عن آراء سابقيها حول العيد وبعد الاهل، إذ
اعتبرت أن “العيد سيكون يوما اعتياديا لخلوه من رؤية صديقات وزميلات
العمر في بغداد”.
وأوضحت احمد، (23 عاما) وهي حاصلة على شهادة دبلوم وربة بيت لعدم
ايجاد وظيفة حكومية في اربيل، أن “جميع صديقاتي في بغداد، وانا افتقدهن
كثيرا، خصوصا ايام العطل والاعياد، عندما كنا نتجمع في منزل احدانا
وقضاء الوقت بالاحاديث التي تربطنا”.
وأضافت احمد أن “عدد من اعرفهم في اربيل، عدا افراد اسرتي، يعد على
الاصابع، ولا اشعر بقرب احدهم من نفسي لتباعد الافكار واختلاف الامور
التي افضلها عنهم”.
في حين، قال رائد سليم، (25 عاما) وهو موظف في شركة اهلية في اربيل
إن “عمل الشركة يتوقف خلال العطل الرسمية والاعياد، وبفضل الله استطيع
خلال هذه المناسبات رؤية اهلي واصدقائي الذين لم تنقطع اتصالاتي بهم
رغم بعد المسافات، واستغل فرصة العطلة واسافر فورا إلى بغداد لرؤية
والدي وافراد اسرتي في منطقة المنصور غربي بغداد، واعود في آخر يوم من
العطلة لاتمكن من مزاولة عملي في اليوم الثاني”. |