في زمن ما بعد سقوط الطاغية، ظهر في المشهد السياسي فصيل جديد تظنه
منظَّما.....! متنامي العدد.. كثيف العدة.. قليل الوفاء في تعاطيه مع
الأخر.. فاقد للمصداقية بشكل فاضح.. عالي النبرة في لغته وسياسة بعض
اعضائه الكيدية.!؟ بعض أعضائه من المحترفين في حين أن الغالبية من
أنصاف الموهوبين الذين يعملون أي شيء من أجل الوصول أو الشهرة..! من
بين أعضاء هذا الفصيل من يعمل متطوعاً من تلقاء نفسه.. ومنهم من يعمل
عن طريق مؤسسات التحكم المختلفة...!؟
القاسم المشترك بين أعضاء هذا الفصيل الاقصائي العلني هو كونهم
جميعاً لا يختلفون عن ـ ابن تيمية ـ في شيء فهم يكفّرون الناس فكرياً،
أو سياسياً، أو أدبياً..وهم يستصغرون عمداً غالبية المفكرين والمبدعين
في كافة حقول المعرفة من الذين لا يبيعون عقولهم، ولا أقلامهم..! وكل
نشاط أعضاء هذا الفريق يتم وفق منطق الثقافة المهيمنة وبما ينسجم مع
مصالح العروش الوصائية على اختلافها.!؟
القاعدة الأساس عند هؤلاء الاقصائيين تتجلى في حرمان الأخر من حقه
في أن يكون مختلفاً، وفي هذا، فإنهم يماثلون تماماً مشايخ الوهابية من
حيث أن أعضاء هذا الفصيل يكّفرون كل خارج عن المألوف.. و كل صاحب رأي
مستقل، أو موقف معترض، أو رؤية نقدية..! لذلك، فهم لا يتورعون عن
مباركة محاكمته إذا ما حصلت..! ويفبركون من أجل ذلك مختلف التبريرات..
و يختلقون الأعذار التي في الأصل لا يحتاجها أسياد المشهد المأزوم.!؟
ثم إذا ما تمَّ ( زنزنة ) الخارج عن الطاعة باعتباره متمرداً، أو
إذا ما جرى الحجر عليه مدنياً، فإنهم يلاحقونه بالذّم، والقدح،
والتشهير بمنتهى السهولة واليسر وانعدام الضمير.! وهم الذين كانوا قد
تصنّعوا قبل ذلك تجاهله، والتنكر لوجوده، أو لأهميته.! فهذا الفصيل من
الأوباش يسعد ويغتبط لمصادرة الأقلام النظيفة، أو تحييدها، أو تهجيرها.!؟
ومن بين مهام أعضاء هذا الفصيل الأساسية العمل المتواصل لحرف
الأنظار باتجاه القمامة الثقافوية،) ( والسياسوية،) ( والأدباتوية.)!
وهم يجهدون في العمل بلا كلل على محاولات لا تنتهي لتجفيف الينابيع
التي تستعصي على الفلترة، والتعبئة، و التسويق.!؟
أعضاء هذا الفصيل يشبهون مخاتير القرى والأحياء من حيث أنهم يمنحون
أو يحجبون شهادات حسن السلوك.. وهم يقومون بدور حكم المباراة فيرفعون
البطاقات الحمراء في وجوه الآخرين اعتماداً على حاسة الشم وقراءة
الأفكار بالمقلوب.. أو تأويلها إرادوياً.. أو تحميلها ما لا تعنيه
وتهدف إليه فالمهم ليس إثبات الاتهام بل الإدانة وهي دائماً جاهزة
لأنها مسبقة الصنع..!
هذا الفصيل يساهم بفعالية نشطة ومنفلتة في منظومة الفساد الشامل
وذلك عبر السموم والآفات التي يضخها في البيئة الاجتماعية..! فمن خلال
كم التضليل الذي ينتجه ويبثه، تتردى مستويات الوعي، وتتضاءل فعّالية
الرأي العام، وتتمدد ثقافة الخوف والتخويف كعلامة بارزة وعنوان لا لبس
فيه لمرحلة من الركود طويل الأمد...!
غير أنه من المؤكد أن أعضاء هذا الفصيل وبالرغم من إنجازاتهم
ونجاحاتهم السلبية والمدّمرة و التي تتيح لبعضهم القزم أن يكبر ليصبح
نجماً في البداية و مدماكاً في مملكة الخراب في النهاية، فإنهم في
حقيقة الأمر وحقائق التاريخ الإنساني بمعاييره المستخلصة يصغرون يوماً
بعد يوم.. ومادةً بعد مادة.. وفضيحة بعد فضيحة..! ذلك، لأن المجال
الحيوي للمعرفة والإبداع و شرف الموقف يتطلب حداً أدنى من الوعي،
والنضج، والمصداقية..! وحداً أعلى من السمو الذاتي، و منسوباً لا
مساومة عليه من النبل و القيم الأخلاقية التي أدناها الترفع عن
الدونيات والاعتراف بالأخر كمقدمة للقبول به.!؟ |