إيران وأمريكا... اتفاق ضمني على إعادة خلط الأوراق

طهران تماطل و اوباما يؤكد... لا موقف حتى نهاية العام 

 

شبكة النبأ: برفضها الاتفاق النووي مع القوى الدولية بشأن معالجة مخزونها من اليورانيوم المخصب في الخارج، تكون إيران قد وضعت الكرة أخيرا في ملعب إدارة الرئيس اوباما.

حيث يتعين على واشنطن الآن الإفصاح عن العواقب التي قالت إنها ستنشأ إذا ما رفضت طهران الاتفاق المتفاوض عليه مع الغرب.

فبعد أسابيع من إشارتها الى إن مثل هذا الرفض قادم، أعلنت إيران إنها لا تستطيع قبول الاتفاق الذي تم التوصل إليه في المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة بين المسئولين الإيرانيين وممثلي كل من الولايات المتحدة، روسيا وفرنسا.

الاتفاق مع وقف التنفيذ

فحسب صحيفة كريستشن ساينس مونيتور كان يقضي الاتفاق بأن تشحن إيران حوالي %70 من مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة الى روسيا وفرنسا مع نهاية هذه السنة كي تجري معالجته أكثر بحيث يتحول الى شكل يمكن استعماله في مفاعل أبحاث طهران النووي.

والواقع إن هذا الاتفاق يعني من ناحية أخرى تأخير وصول إيران حوالي سنة لامتلاك الوقود الذي يمكن استخدامه في صنع سلاح نووي، ومنح اوباما في نفس الوقت مجالا للتحرك لمعرفة كيف يمكن تطبيق سياسته التي يفضلها وهي التعامل مع طموحات إيران النووية من خلال الدبلوماسية.

لكن مع قول طهران الآن رسميا لا، سيتعرض اوباما للضغط داخليا من جانب الكونغرس، وخارجيا من شركائه مثل فرنسا، بريطانيا وإسرائيل للبدء بنوع أكثر قوة من العقوبات الاقتصادية الدولية ضد إيران..

وكان اوباما قد أعلن أكثر من مرة انه يريد منح الإيرانيين مهلة حتى نهاية هذه السنة كي يردوا بالأقوال والأفعال ايجابيا على أسلوبه في التعامل الدبلوماسي معهم، لكن من الواضح ان قرار ايران الاخير قلص امد تلك المهلة الدبلوماسية.

وذكرت طهران في رفضها الاتفاق انها سوف تدرس خيارات اخرى فيما يتعلق بشأن مخزونها النووي شرط ان يبقى هذا المخزون في ايرن، وطالبت بالعودة الى المحادثات، غير ان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ردت على هذا الموقف الايراني الجديد بالقول ان الاتفاق المذكور تم التفاوض عليه، ولا يمكن اعادة فتحه أو تعديله.

بيد ان هذا القول اثار رد فعل حاد من وزير خارجية ايران منوشهر متقي الذي ابلغ وكالة الاخبار الايرانية قائلا: ان الدبلوماسية ليست ابيض واسود، والضغط على ايران لقبول ما تريده واشنطن ليس عملا دبلوماسيا بالطبع.

لكن يبدو ان قرار ايران رفض الاتفاق لم يترك امام ادارة اوباما من خيار سوى البدء بتطبيق «العواقب» التي ذكرت كلينتون اكثر من مرة سابقا ان الرفض سوف يثيرها.

من الواضح هنا ان اعضاء الكونغرس الامريكي ومحللي الشؤون الايرانية، الذين كانوا متشككين بجدوى التعامل مع ايران دبلوماسيا في المسألة النووية، سارعوا على الفور بالدعوة لفرض عقوبات جديدة بعد اعلان طهران رفضها الاخير.

يقول هنري سوكولسكي، المدير التنفيذي لمركز ثقافة سياسة عدم الانتشار النووي في واشنطن: اعتقد ان الفكرة القائلة ان هناك من يستطيع ارغام الايرانيين على الرضوخ من خلال الحوار ما هي الا لعبة يتعين ان تنتهي الآن.

إعادة خلط الاوراق

من جانبها ترى صحيفة ذا نيشن في الخطاب الطنان المتحدي كالعادة الذي القاه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عشية محادثات جنيف في الامم المتحدة ووصف فيه من جديد جريمة النازيين بقتل اليهود بـ «الاسطورة» كانت الغاية منه توفير الغطاء السياسي في ايران لـ «المساومة الكبرى» مع الشيطان الأكبر.

وتضيف الصحيفة، مع حلول يونيو الماضي ادلى السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس بتصريح لصحيفة فايننشال تايمز رأت فيه ايران ما يبعث على الامل بأن السياسة الامريكية قد اخذت تتغير. قال كيري: ان اصرار ادارة بوش على عدم التخصيب امر يدعو للسخرية، وذلك لأن ايران من الدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية، ولذا لها الحق باستخدام الطاقة النووية سلميا وتخصيب اليورانيوم لهذا الغرض.

من هنا يمكن القول ان المحادثات التي بدأت حديثا بين ايران والغرب لا بد ان تفشل اذا اصرت الولايات المتحدة على تفكيك برنامج التخصيب. ومن شأن هذا بدوره ان يترك الادارة الامريكية تواجه خيارا كريها بين إما: فرض عقوبات صارمة على ايران كما تقول هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية أو المواجهة العسكرية.

الا ان التوصل للاتفاق يصبح ممكنا اذا ما اعترفت ادارة اوباما بحق ايران في تخصيب اليورانيوم من اجل الاغراض السلمية مقابل اشراف دولي وقيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش منشآت ايران النووية.

لكن حتى ولو اعربت الادارة الامريكية عن استعدادها للسماح لإيران بمواصلة عملية التخصيب، سوف تكون المحادثات صعبة جدا وطويلة ومعقدة على الارجح، ومن المتوقع ان يحاول المتشددون في الولايات المتحدة وايران بذل كل ما لديهم من جهود لمنع التقارب بين الجانبين.

فبعد حملة القمع الوحشية التي نفذتها قوات الامن الايراني عقب الانتخابات ضد المعارضين لأحمدي نجاد من البراغماتيين ودعاة الاصلاح بسبب ما قيل حول تزوير اصوات الناخبين، ربما يفضل القادة العسكريون في الحرس الثوري الايراني، ومعهم احمدي نجاد ايضا، اتخاذ موقف التحدي والمواجهة مع الغرب بدلا من التسوية باعتبار ذلك وسيلة لتعزيز الدعم الداخلي لهم.

على الطرف الآخر أي الولايات المتحدة نجد الصقور، المحافظين الجدد ومؤيدي اليمين الاسرائيلي المتطرف بمن فيهم اعضاء لجنة الشؤون الامريكية - الاسرائيلية العامة - ايباك - يصفون محادثات جنيف الاخيرة بأنها مماثلة لسياسة التهدئة التي صدرت عن ميونيخ قبيل الحرب العالمية الثانية بل ويقولون ان هناك تقريراً لم تصدره الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد يزعم ان ايران قادرة على صنع القنبلة، وانها اجرت أبحاثا واسعة واختبرت وسائل القاء هذه القنبلة.

والواقع ان هذه المجموعات التي انطلقت بقوة تطالب اوباما الآن بوضع جدول زمني قصير الامد لإيران كي تستسلم قبل التحرك لسياسة المواجهة ومنها: قطع واردات ايران من البنزين ووقود الديزل والعودة لسياسة تغيير نظام طهران بل والدخول بحرب شاملة مع ايران اذا تطلب الامر ذلك.

من بين المعارضين للعقوبات تبرز بالطبع روسيا التي لها علاقات اقتصادية وثيقة مع ايران، وهناك ايضا الصين التي تستورد سبع حاجاتها من الطاقة الخام من ايران مقابل تزويد ايران بكمية متزايدة من البنزين.

ومن مناهضي العقوبات زعماء حركة المعارضة الايرانية ايضا التي يقول مؤيدو العقوبات في الولايات المتحدة انهم يريدون مساعدتها.

وفي هذا الاطار، يقول مير حسين موسوي، الذي رشح نفسه ضد الرئيس احمدي نجاد في انتخابات يونيو: لن توثر العقوبات في الحكومات لكنها ستضع اعباء كثيرة على كاهل الشعب الذي يعاني بما يكفي نتيجة لمصيبته بحكامه المجانين.

جدير بالذكر ان واشنطن وطهران اعلنتا قبل بدء المحادثات الاخيرة عن مواقف لا تساعد على التوصل لاية تسوية، فقد قال احمدي نجاد: اذا كنتم تريدون التحدث حول تخصيب اليورانيوم لاغراض سلمية فإن عملية التخصيب في ايران لن تتوقف ابدا.

وقال اوباما بعد اعلانه عن اكتشاف منشأة تخصيب سرية في ايران: لقد ابلغنا الايرانيين ان عليهم ان يكونوا شفافين عندما يأتون الى جنيف، وان عليهم ان يختاروا بين اما التخلي عن برنامجهم أو السير على الطريق الذي يؤدي الى المواجهة.

غير أن الخبراء يقولون ان معظم اعضاء فريق اوباما التفاوضي يدركون ان الولايات المتحدة لا تستطيع فرض وقف التخصيب بالكامل. وحول هذا يقول توماس بيكرينغ، الدبلوماسي الامريكي الذي كان شارك في سلسلة من المناقشات غير الرسمية مع مسؤولين ايرانيين: بالطبع يعرف المفاوضون الامريكيون هذه النقطة جيدا فقد تحدثنا معهم حولها. لذا اقترح بيكرينغ وخبراء آخرون التقدم بخطة توفيقية تسمح لإيران بتخصيب شيء من اليورانيوم على اراضيها.

ويلاحظ بيكرينغ ان اوباما ربما يتردد في كشف أوراقه في بداية المفاوضات لكن ثمة مسؤولون بارزون داخل إدارته يتقبلون اقتراحه.

غير ان القبول بهذا الاقتراح لا يمثل في الواقع سوى نصف المعركة الاقل حدة لأن نصفها الآخر يتطلب الكثير من الصبر امام ما هو آت من صعوبات ومطبات على طول الطريق. اذ يقول المحللون، ومنهم تريتا بارسي رئيس المجلس الامريكي - الايراني ان اوباما سيجد نفسه مضطرا لمقاومة اولئك الذين يريدون تحديد موعد سريع للمحادثات والعقوبات ينتهي مع نهاية 2009.

ويضيف بارسي: لقد ادركت الادارة سرا انها لن تستطيع تحقيق هدفها في وقف عملية التخصيب الايرانية بالكامل. لذا، اذا اراد اوباما اقناع ايران بالموافقة على وضع برنامجها تحت اشراف دولي قوي عليه ان يقول لا لمستشاريه الذين يقولون ان جهد ايران النووي ما هو الا قنبلة موقوتة.

ويبدو ان لدى واشنطن الكثير من الوقت بعد للتوصل لاتفاق مع طهران، وفقا لدوائر الاستخبارات الامريكية التي تقول ان امام ايران سنوات عدة لكي تصل الى السلاح النووي. ففي نوفمبر 2007 توصلت الاستخبارات القومية الامريكية لتقدير مفاده بان ايران اوقفت برنامجها النووي الخاص بالاسلحة عام 2003 وانها حتى منتصف 2007 لم تكن قد عادت اليه.

وفي مطلع هذه السنة قدم دينيس بلير، مدير الاستخبارات القومية، تقييما اجراه مكتب الاستخبارات في وزارة الخارجية الامريكية وذكر فيه ان ايران غير قادرة فنيا على الارجح على انتاج قنبلة حقيقية قبل عام 2013 كما ابلغت دوائر الاستخبارات الامريكية البيت الابيض هذا الخريف، طبقا لما ذكرته مجلة الـ «نيوزويك»، ان ايران لم تستأنف عملها في تطوير سلاح نووي.

وعلى الرغم من قول اجهزة الاستخبارات في اسرائيل والمانيا تكرارا ان ايران اقتربت الى حد ما من تطوير قنبلة نووية، اعترف مائير داغان، مدير جهاز الـ «موساد» في اسرائيل، ان من غير المرجح ان تتمكن ايران من تطوير سلاح نووي ووسيلة نقله الى هدفه الا حتى عام 2014 حتى ولو لم تواجه أية صعوبات فنية في ذلك، وفقا لصحيفة هآرتس الاسرائيلية.

لذا كان لابد من ان يثير الكشف عن منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم بإيران في سبتمبر الماضي فيضا من الاتهامات بأن لدى ايران برنامجا سريا للاسلحة لاسيما ان المنشأة المذكورة مبينة في موقع حصين تحت الارض يسيطر عليه الحرس الثوري الايراني.

الرئيس اوباما اقتنع على ما يبدو بذلك فقد قال «ان حجم ونوع المنشأة لا يتفقان مع شكل المنشآت النووية المخصصة للاغراض السلمية.

ومهما يكن الامر، من الواضح ان طهران صممت هذه المنشأة لاستيعاب ربما 3000 من أجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم وليس لكي تكون منشأة لصنع الاسلحة.

كما تتعين الاشارة هنا الى ان العمل لم يبدأ بعد في المنشأة ولم يتم انتاج اليورانيوم فيها، وما قرار طهران السماح للمفتشين بزيارة هذا الموقع الا مؤشرا على احتمال استعدادها للقبول بإشراف دولي اوسع على المنشأة لاسيما اذا ما ادركت انها يمكن ان تفقد التأييد الذي تحصل عليه من حلفاء اساسيين وشركاء تجاريين مثل روسيا والصين.

الحقيقة ان ايران لا تمتلك الا كمية محدودة من اليورانيوم المخصب بدرجة ضعيفة تم انتاجه بواسطة 8000 جهاز طرد مركزي في منشأة نطنز. وسيتعين على طهران اذا ارادت صنع القنبلة تخصيب المزيد من اليورانيوم الى الدرجة اللازمة لصنع السلاح النووي وهذه عملية معقدة فنيا تتطلب تحويل اليورانيوم لاستخدامه في برنامج لصنع الاسلحة.

كما تحتاج ايران لمعرفة طريقة صنع اداة متفجرة وتطوير رأس حربي بالاضافة للصواريخ القادرة على حمل مثل هذا الرأس.

ولما كانت كل واحدة من هذه الخطوات صعبة جدا، يقول معظم المراقبين ان ايران بحاجة لبضع سنوات على الاقل لامتلاك القدرة النووية العسكرية على افتراض انها تريدها.

لكن اذا كان رضائي لا يستطيع قراءة افكار اوباما، كذلك لا تعرف الولايات المتحدة تماما نوايا الايرانيين.. ولاشك في ان بعض المسؤولين في جهاز الامن الايراني مصممون على جعل ايران قوة نووية، فمنذ سنوات وهي محاطة ببلدان تمتلك ترسانات نووية مثل: اسرائيل، باكستان، الهند وروسيا بالاضافة لوجود امريكي كثيف في المنطقة بل وحتى العراق كان حتى وقت قريب يسعى لامتلاك القنبلة، لكن من غير الواضح ما اذا كان خامنئي، احمدي نجاد، وقادة الحرس الثوري يرون في برنامج ايران النووي وسيلة للوصول الى القنبلة أم انه ورقة مساومة لمبادلتها بأهداف اخرى تريد ايران تحقيقها، او انه ببساطة من حقها امتلاك مثل هذا البرنامج لانها من الموقعين على معاهدة حظر انتشار اسلحة الدمار الشامل.

ومهما يكن الامر، اذا كانت ايران تريد حقا القنبلة او «القدرة» التي تمكنها من صنع مثل هذه القنبلة بوقت قصير فانها سوف تتمكن من ذلك على الارجح لسبب بسيط هو الا شيء في العقوبات الذي تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها فرضها على ايران يمكن ان يرغم طهران على تغيير نهجها لاسيما ان روسيا والصين سوف تعارضان بالتأكيد فرض عقوبات قاسية على ايران.

كما لن يؤدي العمل العسكري ضد ايران، سواء قامت به الولايات المتحدة او اسرائيل الا الى تأخير برنامج طهران النووي فقط.

وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس اعترف بهذا في سبتمبر الماضي قائلا: ليس هناك عمل عسكري في الواقع يمكن ان يؤدي لاكثر من توفير المزيد من الوقت للغرب.. لذا ان الطريقة الوحيدة للحيلولة دون ان تصبح ايران دولة نووية هي ان تقتنع الحكومة الايرانية ان امنها سيضعف اذا امتلكت مثل هذه الاسلحة. لذا اذا لم تنجح المحادثات على واشنطن التفكير بردع واحتواء ايران النووية.

ومن المؤكد ان اقتراح دبلوماسيي اوباما الاعتراف بحق ايران في تخصيب اليورانيوم من شأنه ان يضع طهران امام خيار حرج. اذ لو رفضت مثل هذا العرض، وهو امر لم تفعله، ستبدو بنظر العالم انها تسعى لتخصيب اليورانيوم من اجل الوصول للقنبلة.

اما اذا قبلت طهران العرض الغربي فانها لن تتجنب فقط العقوبات الاقتصادية الراهنة بل وربما تصل الى قطاعات واسعة من التكنولوجيا النووية الغربية.

ويمكن القول بناء على اللقاءات المتعددة التي تمت مع سياسيين ومحللين ايرانيين في يونيو الماضي ان هذا الاحتمال - التعاون - يفضله الكثيرون من الايرانيين المحافظين بالاضافة لتآلف من اصلاحيي الوسط وطبقه رجال الاعمال.

يقول ناصر هاديان وهو محاضر في جامعة طهران كان قد نظم مجموعة من مستشاري خامنئي لتحليل الخطاب الذي القاه اوباما في القاهرة! الحقيقة ان المرشد الاعلى علي خامنئي لا يسعى وراء القنبلة فهو يرى في البرنامج النووي شيئا يمكن مبادلته بشيء اخر أي أنه «ورقة مساومة»، واذا كان الامر على هذا النحو فما المانع من التوصل لاتفاق؟

ولاحظ هاديان ان ايران ربما تُقلص طوعيا في حال التوصل لاتفاق ما عدد اجهزة الطرد المركزي من 8000 الى اقل من 1000 جهاز وتضمهم تحت اشراف تفتيش دولي صارم. وكشف هاديان ان عددا من كبار مساعدي الرئيس احمدي نجاد مثل مجبتي سماري هاشمي وحامد سولانا شاركا في مناقشات سرية مع مسؤولين امريكيين مثل بيكيرينغ وويليم بيري وزير الدفاع في ادارة الرئيس بيل كلينتون، وهذا عدا عن اجتماع اخر مع مستشار رئيسي لاوباما.

الاستيلاء على المساجد 

وفي خطوة رفعت مستوى التوتر لدرجة اعلى، وجهت ادارة اوباما مؤخرا ضربة قانونية جريئة لطهران يمكن ان يكون لها عواقب سلبية بدرجات متفاوتة في العالم الاسلامي.

ففي ما يبدو انه تحرك غير مسبوق من قبل، ابلغت وزارة العدل الامريكية المحكمة الفيدرالية في نيويورك مؤخرا ان الحكومة تعتزم وضع اليد على اصول مؤسسة لها اتصالات مع الحكومة الايرانية، وان هذا الاجراء سوف يشمل مساجد اخرى عدة في البلاد. وبذا يكون اجراء وزارة العدل هذا ضد مؤسسة علوي في محكمة منطقة مانهاتن قد وسع عملية المصادرة التي كانت قد بدأت في ديسمبر الماضي ضد شركة «آسا» التي تمتلك جزءا من ناطحة سحاب من 36 طابقا في الجادة الخامسة. بحسب صحيفة التايم.

لكن ما يبدو انه شيء جديد هو سعي الحكومة لأول مرة للاستيلاء على ممتلكات عقارية اضافية في نيويورك، ميريلاند، تكساس، فرجينيا وكاليفورنيا. وتضم بعض هذه الممتلكات مساجد ومراكز اسلامية ومدارس.

ولا شك ان لجوء الادارة الامريكية لاستخدام الوسائل الاقتصادية يبعث رسالة واضحة لطهران مفادها ان اوباما لن يتسامح مع ما يصفه بريت بهارارا، مدعي عام المنطقة الجنوبية من نيويورك، الواجهة الامريكية المؤثرة لحكومة ايران. اذ تقول واشنطن ان المؤسسة المذكورة تعيد الاموال بعد غسلها الى بنك «ملي» الرسمي في ايران، وتدعم سرا نشاطات ايران غير القانونية في سياق هذه العملية.

جدير بالذكر ان هذه المؤسسة - علوي - يديرها منذ عقود مسؤولون ايرانيون منهم سفراء ايران في الامم المتحدة مما يخالف القوانين الامريكية، طبقا لما ذكره بهارارا في بيان حول هذه المسألة.. بل وهناك ايضا اتهامات جنائية فيدرالية وشيكة ضد الرئيس السابق للمؤسسة لاعاقته سير العدالة. بيد ان مكتب بهارارا اوضح فيما بعد عدم وجود ما يشير الى ارتكاب مستأجري وساكني تلك الممتلكات لاية مخالفات قانونية.

مؤسسة علوي انكرت من جانبها ان يكون لها اية اتصالات مع الحكومة الايرانية، لكن محامي المؤسسة لم يرد على نداءات هذه المجلة الـ «تايم» الالكترونية التي سعت للحصول منه على تعليق باستثناء القول ان المؤسسة سوف تتعاون مع السلطات الفيدرالية، وانها سوف تكسب القضية في المحكمة.

من الواضح، على أي حال، ان الاجراء الامريكي الاخير هذا هو الاحدث في الصراع الجيوبوليتيكي الدائر الآن بين الرئيس اوباما ونظيره الايراني محمود احمدي نجاد، لكن اصداء هذا الاجراء وردود الافعال المتولدة عنه سوف تعتمد على نوعية الاطراف المعنية به.

فهو ربما يسعد بعض المنشقين الايرانيين الذين كانوا قد حثوا الرئيس اوباما على اتخاذ موقف بجانبهم خلال التظاهرات المناوئة لاحتفال الحكومة الايرانية بالذكرى السنوية الثلاثين للاستيلاء على السفارة الامريكية في طهران، كما يمكن ان يلقى الاجراء الامريكي ترحيبا لدى بعض الدول الاسلامية المناوئة لنظام طهران، لكن يمكن ان يؤثر ايضا في نظرة مسلمي العالم وموقفهم من اوباما بسبب ما يتضمنه - الاجراء - من استيلاء على اربعة مساجد في نيويورك، ميريلاند، كاليفورنيا وتكساس.

فقد حذر مجلس العلاقات الامريكية - الاسلامية الذي هو مجموعة تتخذ من واشنطن مقرا لها وتقدم النصح والمشورة للمسلمين الامريكيين، والذي غالبا ما يكون هو ايضا هدفا لانتقاد المحافظين الامريكيين، حذر بأن ذلك الاجراء يمكن ان يؤثر على الدين ويوجه رسالة سلبية جدا، ليس فقط للمسلمين الامريكيين، بل وللمسلمين في العالم كله لا سيما «اننا نشهد الآن الكثير من عناوين صحف العالم الاسلامي تقول ان حكومة الولايات المتحدة تصادر المساجد الامريكية».

وتقول روث ويرغود مديرة برنامج المنظمات والقانون الدولي في كلية الدراسات المتقدمة بجامعة جونز هوبكينز انها لم تسمع من قبل ان الحكومة اتخذت اجراءات مباشرة للاستيلاء على المساجد، واضافت ان القاضي سوف يدرس بدقة على الارجح هذه الخطوة لأنها تمس دور العبادة.

ولم تستبعد ويرغود ان يكون قرار ايران رفض اعادة تخصيب اليورانيوم بالخارج قد لعب دورا في توقيت الاجراء الامريكي الاخير.

ولاحظت ان هناك احتمالاً لأن يولد العمل الامريكي هذا رد فعل سلبياً في العالم الاسلامي مما يتعين على الرئيس توضيح موقفه ازاء هذه المسألة وانه لم يقصد بها أي اساءة للدين أو للعبادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/تشرين الثاني/2009 - 28/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م