الأحداث المثيرة والتصعيد الإعلامي والسياسي الرسمي وتأجيج الشارع
وتبادل التخوين في الجزائر ومصر خلال المواجهة الكروية بينهما للوصول
لبطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا؛ تعبر عن وجود أزمات وليس أزمة بين
بعض الأنظمة العربية، وعن وجود أزمة وإحباط واحتقان يعاني منها الشعب
العربي من المحيط إلى الخليج الذي لا يزال للأسف ضحية ووقودا للازمات،
وانه لا يعي ولا يدرك خطورة وضعه ومستقبله المظلم، فالأحداث والتداعيات
اكبر من فوز منتخب على منتخب شقيق، وإنما هي بداية مرحلة جديدة لشعب
غارق في بحر الضياع يبحث عن انتصار بعد سلسلة من الهزائم والخسائر على
جميع الأصعدة.
لقد فازت الجزائر على مصر بالمباراة الفاصلة للتأهل لبطولة كأس
العالم في جنوب إفريقيا، ليكون المنتخب الجزائري الممثل الوحيد للعرب
في أعظم تظاهرة عالمية رياضية بعدما فشلت جميع الدول العربية فشلا
ذريعا في الوصول للبطولة ولو كان لمجرد المشاركة واستقبال اكبر عدد من
الأهداف وتحقيق الأرقام القياسية في الهزائم وحجز المراتب المتأخرة
كالعادة، ربما فشل العرب فرصة لكي يتساءل المواطن العربي عن الفائدة
العظمى من الوصول لبطولة كأس العالم بعد النتائج السلبية المخيبة للفرق
العربية طوال تاريخ البطولة لاسيما إن الأمة تعاني من أزمات أكبر واهم
من الوصول لكأس العالم؟
خسر العرب بعدما تحولت الرياضة وبالخصوص كرة القدم أفضل مناسبة
لاشغال الشباب العربي المحروم من حقوقه الوطنية والدينية والإنسانية عن
أهم الاحتياجات الأساسية للإنسان في وطنه ومنها الوظيفة والحياة
الكريمة. وربما هذه الأحداث وهذا الفشل تجعل المواطن العربي يصرخ
مطالبا بحقوقه الوطنية والإنسانية الأساسية المغتصبة؟
نعم لقد فشل وخسر العرب ولم يتمكنوا من الوصول لنهائيات كأس العالم
رغم مليارات الدولارات التي تصرف على تجهيز المنتخبات الفاشلة لتكون
الرياضة اكبر مجال لهدر المال في الدول العربية وبالتحديد الخليجية،
ولعل تلك الخسارة تجعل المواطنين العرب يستيقظون من نومتهم ويطالبون
بمحاسبة ومحاكمة المسؤولين عن ضياع الأموال الطائلة للشعب الذي يبحث عن
لقمة العيش؟
لعل الفشل الكبير للفرق العربية في الوصول لكأس العالم رحمة للشعوب
العربية لتسقط قناع المجاملة بالقاضية، ولتكتشف الحقيقة وزيف خطط، التي
تريد أن تشغل الشعوب بقضايا هامشية لا تشكل أهمية كبرى للأمة التي
تعاني من أزمات عديدة وحروب طاحنة، فالدم العربي ينزف في العديد من
البلدان مثل اليمن والعراق والسودان والصومال وفي ارض فلسطين العربية
المحتلة من قبل الصهاينة الذين يتفرجون بفرح على الواقع العربي المر،
فيما المواطن العربي المسكين يعيش الضياع بسبب فشل الخطط التعليمية
والاقتصادية والاجتماعية وأخيرا وليس آخرا الرياضية الناتجة عن الفشل
السياسي.
مع عدم التقليل من فوز الجزائر المستحق لقد خسر العرب وبالخصوص
الدول الغارقة في الأزمات والفساد والتخبط والفوضى، والتي ساهمت في
نتاج ثقافة التخوين والكراهية والحقد والتفكك والانقسام والتأزيم
والاصطدام والعداوة المتبادلة. ولقد كشفت المواجهة الكروية وما رافقها
وأعقبها من أحداث عن واقع تفكير الشباب العربي ونقص الوعي، وحجم
الاحتقان والقهر، وانتشار ظاهرة العنف وغياب الروح الرياضية بعدما سحقت
النخوة والكرامة العربية تحت عجلات الفساد والعنف الحكومي.
لماذا المواطن العربي يتحول إلى أسد محارب شرس ضد شقيقه العربي فيما
هو أمام غير العربي دجاجة منتوفة الريش عرجاء غير قادرة على تقديم أي
مستوى في أي المجالات والفنون ومنها فنون كرة القدم؟
أليس من باب الاولى والاهم أن تصرف المليارات المخصصة للرياضة - فشل
العرب طول تاريخهم الرياضي على تقديم مستوى مقبول يستحق الإشادة -على
مشاريع أكثر أهمية وحاجة لصالح الشعب العربي الضائع الذي أصبح يكره
نفسه قبل أن يكره أخاه وابن عمه وما حوله؟
هل العرب خونة بلا روح ولا نخوة، ومن المسؤول عن قتل روح المقاومة
والنخوة والعزة وحب الحياة والروح الرياضية لدى الشعب العربي؟!. |