هكذا وبدون مراسم، بدون أغاني وتحايا وتمنيات، بدون باقات ورد
وهدايا، مرت ذكرى يوم الطفولة العالمي كأي يوم من أيام العام، فلم
يتكلف في مناسبة كهذه لا رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو وزير أو نائب
في البرلمان أو رجل أمن، بارسال كلمة أمل إلى أطفال العراق وبخاصة إلى
أولئك السيئي الحظ الذين فقدوا المأوى والنور والدفء والآمن والمدرسة
وساحة اللعب والرغيف، والأهم من ذلك كله الحنو العائلي.
لقد تحمل أطفال العراق تبعات اخطاء ومغامرات وهلوسات وطيش السياسيين
حكاما كانوا أو طلاب حكم، فكانوا الضحية الأضعف التي لاحول لها ولاقوة،
فهاجرت مواقع سكناها وملاعبها ومدارسها تحت مناخات الخوف من انفجارات
القنابل والسيارات المفخخة، فسكنت الكهوف والخرائب وبيوت الصفيح.
لقد أضطرت نسبة كبيرة منهم الى العمل بمشقة لمعاونة من تبقى من
ذويهم، فيما البعض الآخر مارس التسول لتدبير معيشته ومعيشته ذويه ممن
انقطعت بهم السبل.
لقد مر يوم الطفولة العالمي وسط عتمة الموقف السياسي وتناحر
السياسيين الذين قذفت بهم الظروف السياسية الدولية إلى كراسي الحكم دون
استعداد أو كفاءة متميزة، هم الكثير منهم بالدرجة الأولى مكاسبهم
والإثراء السريع بأي شكل،و ليس لهم برنامج عمل لتغيير واقع ما انتهت
إليه حياة ملايين العراقيين من فقر وقنوط وترمل ويتم وجوع.
لقد اعتاد أطفال العالم أن يسمعوا من حكامهم التعهدات، ويتلمسوا ما
وعدوا به، وفي يوم الطفولة تفتتح المشاريع في طول البلاد وعرضها، مضيفة
إلى حياتهم مكاسب جديدة للارتقاء بها إلى الأفضل، ولأن أولئك السياسيون
يعرفون جيدا أن في الطفولة تكمن الطاقات المتجددة للأمة، ولأنهم وبهم
تتقدم مجتمعاتهم وتزدهر حياتهم اقتصاديا وثقافيا، فهم أمل المجتمع
ومصدر قوته المستقبلية.
إن ما تعانيه جماهير الشعب العراقي من معاناة ستترك آثارا بالغة
القسوة على أطفالنا بشكل عام، وبشكل خاص على أولئك الذين وجدوا أنفسهم
دون ذنب بدون رعاية الأب أو الأم أو المدرسة أو الروضة أو دور الرعاية
الاجتماعية. ونحو هؤلاء بالذات يجب أن تتوجه جل عناية ورعاية الدولة،
لأن المخاطر كثيرة والثمن باهظ عندما لم تصل المعونة في وقتها، فأن
الشرور التي تنتظرهم صعبة الحصر.
إن الانحراف لا يتطلب شهادة خبرة، ولايحتاج من الأطفال أي جهد، أنه
في متناول الجميع، ومسوقوه كثر في الظروف الحالية.
هل سنتذكر كل ذلك ونحن نراقب الشاشة الصغيرة من خلال قنواتنا حيث
تتسابق الحكومات ومنظمات المجتمع المدني لابتكار السبل التي ترفع من
مستويات أطفالهم الثقافية والعلمية والفنية وتهيئهم لاستلام مسئولية
قيادة بلادهم والدفع بها إلى الأمام في سلم التقدم والا زدهار.
ليتنا استطعنا، وإذا كنا قد اختلفنا طائفيا ودينيا وقوميا وما
نزال غير متفقين على عهد شرف لحماية وتقدم وازدهار العراق، فلنتفق على
حماية وإسعاد اطفالنا، فقط اطفالنا، ففيهم يكمن أمل جميعنا سنة وشيعة،
مسلمين وغير مسلمين ولا دينيين، عربا وأكرادا ومن كل مكونات شعبنا
الصابر. |