صراعات في الشرق الاوسط: حروب بالوكالة وخلافات داخلية ومطامع دولية

هل يتحول اليمن إلى صومال أخرى؟

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يفيد تصاعد مسلسل العنف في الشرق الاوسط الى ازدياد بؤر التمرد والنزاعات والحروب في هذا الإقليم بالتوازي مع زيادة التدخلات الامريكية وتصاعد الطموحات الاقليمية مابين شرعية وأخرى هدفها الهيمنة والوصاية والتسلّط.

ففي الحرب المخفيّة عن العالم الى حد كبير، والمستمرة بشكل أو بآخر منذ حوالي خمس سنوات، يقف الحوثيون الذين ينتمون للشيعة ضد حكومة اليمن مطالبين بحقوقهم، لكن السعودية انضمت هي الاخرى لهذه الحرب تحت ذريعة الدفاع عن حدودها رغم التقارير التي أفادت بأن المملكة هي مَن سمح للجيش اليمني بالدخول لمنطقة جبل الدخان لمحاصرة الحوثيين وعندما لم تنجح تلك الخطة تحول النزاع الى دفاع عن حدود السعودية.

ومن جهة اخرى يمكن القول ان اتهام المملكة واليمن جمهورية ايران الاسلامية بدعم المتمردين الحوثيين بات يثير شبح استمرار حرب بالوكالة يمكن ان تفاقم حدة التوتر الطائفي في هذه المنطقة الغنية بالنفط.

وجاء في مقال بصحيفة ديلي تيليغراف  للكاتب ريتشارد سبنسر، حاولَ فيه أن يربط حادثة القاعدة الامريكية الاخيرة وتاثير القاعدة في مناطق النزاع المناهِضة للولايات المتحدة، وجاء في المقال: الشيخ انور العولقي هو الرجل الذي يخشى المحققون الامريكيون ان يكون قد أثّر بشكل ما على الرائد نضال مالك حسن الذي قتل 13 جنديا من زملائه في قاعدة فورت هود بالولايات المتحدة.

فقد تردد حسن على مسجد هذا الشيخ المتطرف في ولاية فرجينيا مرات عدة، وتبين للمحققين انه وجه اليه ما بين 10 أو 20 رسالة الكترونية كانت اجهزة الاستخبارات الامريكية تعترضها على مدى العام الماضي.

كما يصف الشيخ انور في مدونته على الانترنت الرائد حسن بـ «البطل» وبأنه رجل ضمير، واذا تذكرنا قول الشيخ ان من واجب كل مسلم التصرف بنفس طريقة حسن، لتبين لنا لماذا يهتم المحققون في معرفة ما اذا كان هناك آخرون على اتصال بهذا الشيخ.

لكن ثمة اسباب اخرى ايضا تفرض قراءة مدونة الشيخ انور، ففي الشهر الماضي طالب الامريكيين بتوقع امر غير متوقع، الا ان هذه الرسالة لم يكن لها علاقة بقاعدة فورت هود بل ركز فيها على شيء آخر فقد تساءل: هل تصبح اليمن مفاجأة الموسم التالية؟ جدير بالذكر ان الشيخ موجود الآن في اليمن، حليفة امريكا التي يزعم انها سوف تصبح الجبهة المقبلة في الحرب العالمية على امريكا بل وسوف تكون اهم جبهات الجهاد في العالم.

ويتابع الكاتب سبنسر، الحقيقة ان الازمات المتعددة التي تعيشها اليمن لا تثير الدهشة لدى أي شخص يراقب هذا البلد، ومن المؤكد انها لا تثير ايضا دهشة المعنيين في واشنطن، لكن يمكن القول ان قلق هؤلاء المعنيين حول ما يحدث في اليمن هو اكبر بالطبع من الشعور بالقلق الذي انتابهم بعد حادث اطلاق النار في فورت هود. وعلى الرغم من هذا يبدو المسؤولون الامريكيون غير قادرين على تحديد الرد الامثل على ما يحدث.

لذا، بدأ بعض المعلقين في الشرق الاوسط يرون في هذا اتجاها يؤكد حيرة الامريكيين في كيفية التعامل مع العالم الاسلامي، وهذا يمكن ان يؤدي بحد ذاته الى كارثة.

فاليمن الذي يحتل موقعا مهما على البحر الاحمر، ويحاذي في حدوده المملكة العربية السعودية، يعاني من ثلاثة صراعات انفصالية. الاول ضد القاعدة التي لها جذور عميقة فيه وهو ايضا موطن سلالة بن لادن، والثاني ضد انفصاليي الجنوب، والصراع الثالث الذي يبدو عبثيا ومدمرا هو ضد تمرد تقوده مجموعة من العشائر الشيعية تعرف باسم «الحوثيين».

ويبيّن الكاتب، يعود هذا الاسم الى زعيمهم حسين بدر الدين الحوثي الذي كان قد اختلف مع الحكومة عام 2004، لكن عندما قتله الجيش خلال تبادل لاطلاق النار كان ذلك بمثابة ولادة هيدرا (افعوان خرافي ذو تسعة رؤوس قتله هرقل فكان كلما قطع رأسا من رؤوسه هذه نبت محله رأسان جديدان). فمع كل محاولة قامت بها الحكومة للقضاء على تمرد مجموعة عشائر الحوثي كان ذلك التمرد يزداد ويتسع اكثر، وهكذا اصبحت المدن الشمالية مثل صعدة مجرد ركام، وتدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الى مختلف مناطق البلاد، ثم ما لبثت ان انجرت المملكة العربية السعودية الى الصراع هذا الشهر بقيام طائراتها بقصف مواقع الحوثيين بعد دخولهم الاراضي السعودية.

ويستدرك الكاتب، بالطبع انكر الحوثيون ذلك بينما اكدته الحكومة اليمنية. لكن بصرف النظر عن كل شيء، ومن الواضح ان الرئيس اليمني عبدالله صالح يقف الآن على حافة الهاوية، وهو ليس صديق امريكا الوحيد الذي يجد نفسه في مثل هذا الموقف، ففي الاراضي الفلسطينية المحتلة دفعت واشنطن حليفها محمود عباس الى موقف صعب عندما سمحت له وضع شروط لبدء المحادثات مع اسرائيل ثم سمحت لها بتجاهل هذه الشروط.

وبعد ان حددت واشنطن موعدا لإيران كي تعطي ردا على اتفاق تخصيب اليورانيوم، سمحت لطهران بتجاوز ذلك الموعد مما اثار الضيق لدى اسرائيل.

ويقول الكاتب، في افغانستان لم تتمكن واشنطن حتى الآن من اتخاذ قرار بشأن زيادة عدد قواتها هناك، فهل يستطيع الرئيس حامد كرزاي اعتبار نفسه صديقا لأمريكا بعد الآن؟ هذا الموقف الامريكي المحير يعلق عليه رياض قهوجي الرئيس التنفيذي لمعهد الشرق الادنى والتحليل العسكري الخاص بالخليج بالقول: من الصعب ان تكون حليفاً لأمريكا في مثل هذا الوقت، ثم ينقل قهوجي عن مسؤول عربي تساؤله: من يحتاج لأعداء بوجود مثل هذا الحليف - امريكا - الضعيف والمتردد؟ بيد ان هذا الامر لا يؤثر على الحوثيين الذين يرفعون شعارا واضحا يقول: الله اكبر، الموت لأمريكا والموت لإسرائيل» بالطبع ليس هناك ما يجمع بين الحوثيين الذين تقول اليمن انهم يتمتعون بدعم مجموعات خيرية دينية ايرانية، وبين القاعدة أو الجهاديين السنة مثل الشيخ انور، الا ان كل هؤلاء مصممون على الرغم من خلافاتهم على اخراج امريكا من الشرق الاوسط ويعتقدون ان لهم اليد العليا في ذلك، هذا الموقف جعل البعض في الغرب يتساءل: لماذا لا ندع الشرق الاوسط يحل مشاكله بنفسه؟

اذا نظرنا الى ما يجري في اليمن نستطيع القول ان النتائج نادرا ما تكون طيبة عندما يحاول الشرق الاوسط حل مشكلاته بنفسه.

الحوثيون ليسوا أقل خطراً من القاعدة 

وكتبَ سودرسان راغافان مقالاً في صحيفة واشنطن بوست جاء فيه: حوّلتْ الحرب المستعرة في المنطقة الجبلية الشمالية من اليمن سكان القرى هناك الى لاجئين يعانون من البؤس والتشرد مما يعزز جهود القاعدة لتأسيس ملاذ آمن لها في هذه الدولة التي هي الافقر في الشرق الاوسط.

في هذه الحرب المخفية عن العالم الى حد كبير، والمستمرة بشكل أو بآخر منذ حوالي خمس سنوات، يقف المتمردون الحوثيون الذين ينتمون لطائفة الشيعة ضد حكومة اليمن، لكن السعودية انضمت هي الاخرى لهذه الحرب في الآونة الاخيرة. ويمكن القول الآن ان اتهام المملكة واليمن جمهورية ايران الاسلامية بدعم المتمردين الحوثيين بات يثير شبح استمرار حرب بالوكالة يمكن ان تفاقم حدة التوتر الطائفي في هذه المنطقة الغنية بالنفط.

ويوضح الكاتب، كما يمكن ان يكون لهذا القتال، برأي الدبلوماسيين الغربيين والمحللين اليمنيين، مضامين خطيرة على جهود الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب في هذه الدولة التي باتت القاعدة تعزز قوتها فيها. ويضيف هؤلاء المحللون ان هذه الحرب تستنزف الجهود والموارد التي كان يمكن تخصيصها لمكافحة الفقر، ومقاومة الحركة الانفصالية في الجنوب وايضا اعمال القرصنة على طول الشواطئ اليمنية، كما ان استمرار هذه الحرب من شأنه ان يضعف حكومة اليمن، ويعمق الانقسامات الاجتماعية مما يسمح بانتعاش القاعدة.

يقول يحيى أبو اسبو، نائب امين عام الحزب الاشتراكي اليمني: كلما طال امد الحرب في الشمال ستبقى مشاكل الجنوب بلا حل مما يمهد الطريق اكثر امام «القاعدة»، وربما تصبح اليمن بهذا مكانا اكثر خطرا من الصومال. ويعترف مسؤولو الحزب ان الحرب تستنزف موارد البلاد، لكنهم يؤكدون ان الاولوية يجب ان تكون لسحق التمرد.

يقول ياسر احمد بن سالم العوضي، الذي يقود كتلة الحكومة في البرلمان: ليس بمقدورك القول ان الحوثيين اقل خطرا من «القاعدة» فهم يفعلون الآن اكثر مما تفعله «القاعدة».

ويتابع الكاتب، ربما يكون من المفيد هنا الاشارة الى ان هذه الحرب ارغمت اكثر من 175.000 مواطن يمني على النزوح عن بيوتهم، ولا يزال هناك كثيرون آخرون عالقون داخل مناطق القتال.

جدير بالذكر ان الحوثيين، الذين ينتمون للزيدية التي هي فرع للشيعة، كانوا قد حكموا الجزء الشمالي من اليمن من خلال «نظام الامام» الديني لفترة طويلة جدا من الزمن قبل اسقاطهم في انقلاب 1962، وهم يشكلون حوالي ربع مجمل سكان اليمن، ويتهمون الحكومة بتهميش ديانتهم من خلال اقامة المساجد في مناطقهم وتعزيزها بأصوليين وموظفين سُنة، لكن الحكومة تتهم الحوثيين هي الاخرى بالسعي لاستعادة حكم الإمام الزيدي.

ويختم الكاتب بالقول، كان القتال قد بدأ عام 2004 من خلال بضع مئات من المتمردين المقاتلين لكنه ما لبث ان تحول الى تمرد واسع حاولت وحدات من العسكريين اليمنيين التصدي له العام الماضي لكنها لم تنجح في ذلك تماما لأن القتال وصل حتى ضواحي صنعاء العاصمة. غير ان المسؤولين اليمنيين يعربون عن ثقتهم بأنهم قادرون على سحق التمرد الآن بعد ان بدأ السعوديون يضغطون من الشمال.

معارك اليمن حرب بالوكالة بين السعودية وإيران؟ 

وجاء في مقال بصحيفة نيويورك تايمز كتبه روبرت ويرث، حول الحرب الجارية على الحدود اليمنية السعودية: تنفّذ السعودية منذ اكثر من اسبوع عملية عسكرية غير عادية على نحو كبير على حدودها الجنوبية النائية من اجل معاقبة مجموعة من المتمردين عبروا الحدود من داخل اليمن، وهاجموا دورية سعودية.

ظاهريا، تبدو العملية ناجحة الى حد كبير، حيث يستخدم السعوديون طائرات نفاثة وقوتهم البرية المتفوقة لإبعاد المتمردين عن اراضيهم.

لكن يعرب العديد من المحللين الآن عن مخاوفهم من ان تؤدي هذه العملية الى تورط المملكة في مستنقع قتال طويل المدى في منطقة جبلية قبلية مع احتمال انجذاب مقاتلين اجانب ايضا الى هذا الصراع.

والاحتمال الاسوأ من كل هذا هو ان تتحول المعارك الحدودية هذه الى حرب بالوكالة مع ايران الدولة المجاورة. اذ لطالما جرى اتهام المتمردين الحوثيين بأنهم يتلقون دعما من ايران في صراعهم مع حكومة اليمن.

يقول المحللون: ان تضافر العوامل الدينية والسياسية بما في ذلك مذهب المتمردين الذين ينتمون للشيعة يمكن ان تدفع ايران لتحويل الخيال الى واقع، هذا ان لم تكن قد فعلت ذلك فعلا.

ويوضّح الكاتب، حول هذا يلاحظ محمد المتوكل المحاضِر في جامعة صنعاء قائلا: في البداية كانت الاتهامات التي تشير الى تورط ايران مجرد دعابة، لكنني اخشى من ان تكون حقيقية فالحوثيون لديهم الكثير من الاسلحة على ما يبدو، ومن السهل على ايران تزويدهم بالمال اللازم للاستمرار في محاربة اليمن والمملكة العربية السعودية.

والحقيقة ان اية معركة تدور بين القوة السنية القيادية في العالم العربي - السعودية - وبين ايران الشيعية من شأنها ان ترفع مستوى التوتر في المنطقة بدرجة كبيرة حتى ولو كانت هذه المعركة تدور في مكان بعيد.

وعلينا ان نتذكر هنا ان ايران اكتسبت تأثيرا قويا على المسألة الفلسطينية - الاسرائيلية بتأييدها مجموعات مسلحة مثل حزب الله في لبنان وحماس في غزة. ولا شك ان مساعدتها للحوثيين ومدهم بأسباب القوة سيوفر لطهران وسيلة ضغط قوية على المملكة.

بيد ان ايران انكرت رسميا مساعدتها للحوثيين الذين يخوضون صراعا متقطعا مع الحكومة اليمنية منذ اكثر من خمس سنوات.

فقد اكد وزير خارجية ايران منوشهر متكي الموقف الايراني المشار اليه وقال ان على الدول الاخرى ألا تتدخل في شؤون اليمن الداخلية.

ويستدرك الكاتب، غير ان الاعلام الرسمي في ايران دأب طوال الاشهر القليلة الماضية على تغطية اخبار التمرد الحوثي ضد الجيش اليمني بشكل مكثف وبتعاطف واضح مما اثار شعورا بالقلق في المنطقة، واتهم المسؤولون اليمنيون هؤلاء المتمردين بعد ذلك بأنهم يتلقون اموالا من هيئات خيرية شيعية في ايران واماكن اخرى، ثم اعلنت الحكومة اليمنية الشهر الماضي عن اعتراض سفينة ايرانية تحمل اسلحة في البحر الاحمر قرب قاعدة يتمركز الحوثيون فيها. بيد ان الحكومة لم تقدم أي دليل يؤكد صحة هذا الزعم.

ومهما يكن الامر، يبدو ان الحوثيين ليسوا بحاجة للحصول على الامدادات العسكرية من الخارج فهم لا يجدون صعوبة في شرائها أو سرقتها من وحدات الجيش اليمني الذي يكافح للمحافظة على روحه المعنوية وانضباطه في منطقة تمزقها الولاءات الطائفية ولا تخضع لسيطرة الحكومة بشكل عام.

ويستنتج الكاتب بالقول، يبدو ان قرار الحوثيين في الاسبوع الماضي الاستيلاء على منطقة جبلية استراتيجية على الحدود السعودية كان فخا متعمدا لدفع قوة عسكرية كبرى (السعودية) للرد، وذلك من اجل كسب التعاطف مع الحوثيين.

ويختم الكاتب مقاله، لقد اطلق الحوثيون الذين يمتلكون شبكة اتصالات متقدمة، بيانا اعلنوا فيه استيلائهم على منطقة حدودية تدعى «جبل دخان» فقط لأن السعوديين سمحوا للجيش اليمني باستخدامها لمهاجمتهم.

سياسة واشنطن الخرقاء تضعف نفوذ حلفائها في الشرق الأوسط 

وكتبَ الباحث مايكل سلاكمان مقالاً تناول فيه الآثار السلبية لسياسات امريكا غير المدروسة على حلفائها في الشرق الاوسط، وجاء في المقال: حتى قبل الاعلان الاخير الذي اوضح فيه محمود عباس عدم ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة المقبلة، واثار بذلك حالة من الفوضى في دوائر السلطة الفلسطينية كان الشعور باليأس قد بدأ يراود اوثق حلفاء امريكا في المنطقة مصر والسعودية بسبب عدد من الخطوات غير الملائمة التي اتخذتها الادارة الامريكية في الشرق الاوسط اخيرا.

فمع رفض اسرائيل النداءات الامريكية لتجميد بناء المستوطنات، ومع تراجع احتمالات بدء محادثات السلام، دخل نفوذ مصر والسعودية مرحلة الانحسار برأي المحللين وخبراء السياسة في المنطقة. يحدث هذا في وقت يزداد فيه دور سورية وايران وحماس وحزب الله اهمية فحتى عندما كانت ايران منشغلة بأزمتها السياسية الداخلية، وكانت سورية تواجه ازمة مائية واقتصادية، تمكنتا من خلال دعمهما المستمر لحماس وحزب الله من الاحتفاظ لنفسيهما بدور قوي في مسائل معينة مثل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وجهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.

ويؤكد سلاكمان، المسؤولون في مصر والسعودية يدركون هذا على ما يبدو، ويعترفون انهم لم يعودوا هم فقط لاعبين اساسيين، لكن ما لا يتفقون عليه هو كيفية الرد على ذلك.

من جانبه، رأى العاهل السعودي الملك عبدالله ان الوحدة العربية هي الطريق الوحيد لاعادة تأكيد اهمية دور المملكة، وكبح نفوذ ايران، وهنا قرر بدء حملة دبلوماسية لتلطيف وتعزيز العلاقات مع زعيمين عربيين كان الاول منهما العقيد معمر القذافي وكان الثاني الرئيس السوري بشار الاسد.

غير ان المسؤولين المصريين امتنعوا بعد ان تمنوا التوفيق للملك عن المشاركة في مبادرة المصالحة تلك لاعتقادهم انها ستنتهي بالفشل طالما بقيت دمشق ترى ان مكاسبها من القيام بدور المعرقل سوف تكون اكثر من مكاسبها في دفع عجلة السلام.

ويبيّن سلاكمان، حول هذا يقول مسؤول مصري رفض ذكر اسمه حتى يتجنب المزيد من التوتر مع الولايات المتحدة والسعودية: اذا لم يتحقق السلام سيكون الانتصار من نصيب كل اولئك الذين راهنوا على فشله، وسوف نكون نحن الذين عملنا من اجله وراهنا على تحقيقه من الخاسرين. ويضيف هذا المسؤول قائلا: ومن الواضح اننا في موقف الخاسر الآن لأن التعهد الكبير الذي ورد خلال خطاب الرئيس اوباما في القاهرة في يونيو الماضي لم يعد له معنى برأي المعلقين السياسيين بعد ان امتدحت وزيرة الخارجية الامريكة هيلاري كلينتون خلال جولتها الاخيرة في المنطقة خطة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنجامين نتنياهو بابطاء وتيرة العمل في بناء المستوطنات باعتبارها سابقة طيبة. ان من شأن هذا ان يترك القيادتين في مصر والسعودية الملتزمتين بالمفاوضات مع اسرائيل، في موقف حرج وضعيف كما يقول المحللون.

ويقول عماد جاد خبير العلاقات الدولية في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي تموله الحكومة: لقد بدأ دور مصر يتراجع اقليميا والاوراق التي بيدها محدودة بل وحتى ورقتها الرئيسة الخاصة بالمصالحة والسلام هي في حالة تراجع ايضا.

تحليلات

يقول الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية: ليس هناك مكان للقلق عندما تكون العلاقات بين الدول العربية راسخة تقوم على التفاهم والتماسك. لذا نحن لا نواجه المشاكل الا عندما يكون هناك انقسام وانفراد بالرأي لكن كيف بمقدور السعودية اقناع سورية بالابتعاد عن المعسكر المناهض للسلام والانضمام الى معسكر السلام؟

لقد ألمح السعوديون لاستراتيجيتين في هذا المجال تتمثل الاولى في تقديم المساعدة الاقتصادية التي تحتاجها سورية، وتتعلق الثانية بلبنان على الرغم من انها غير محددة على نحو مباشر، فبعد ان اوضحت دمشق ان الاحداث في لبنان تمس امنها الوطني وكبرياءها، ألمحت الرياض انها ربما لا تعترض على عودة سورية لتأكيد دورها السياسي من جديد في لبنان.

حول هذا يقول مسؤول سعودي: يمكن الاعتراف ان لبنان مهم لسورية اكثر من اهميته لأي بلد عربي آخر انه ساحتها الخلفية، نحن نفهم هذا، لكننا نسعى في نفس الوقت لوحدة عربية من نوع ما من اجل منع التدخل الاجنبي في شؤوننا العربية.

ويقول المسؤولون المصريون انهم سيشعرون بالسعادة اذا نجحت السعودية، ليس فقط في اصلاح علاقاتها مع سورية بل وفي اقناع السوريين ايضا بقطع علاقاتهم مع ايران، ووقف دعمهم لحماس والتحول لمساندة المبادرة العربية التي تعرض على اسرائيل السلام مقابل انسحابها الى حدود عام 1967، واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس مع حل عادل لمشكلة اللاجئين. لكن هل يتحقق كل هذا؟ يقول المصريون ببساطة: لا على الارجح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/تشرين الثاني/2009 - 18/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م