مذهَبة الصراع في اليمن والتهميش الممنهج

إقصاء المواطنين الشيعة يفاقم أزمات الخليج

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يثير امتداد الصراع بين الحوثيين والحكومة اليمنية إلى الأراضي السعودية، مع ما تبع ذلك من معارك ضارية خاضتها الرياض ضدهم عند حدودها مع محافظة صعدة، العديد من التساؤلات نظراً لطبيعة المنطقة وامتدادات القبائل فيها، في ظل الحديث عن إمكانية وجود سعي لدى الحوثيين للدخول على خط الوضع الداخلي السعودي. فمناطق الحدود وخاصة نجران، تشكل المعقل الأساسي للطائفة الإسماعيلية في السعودية، وهم - كما الحوثيون – جزء من المذهب الشيعي، الذي يعاني أتباعه بالسعودية التهميش الممنهج وقمع الحرية الدينية والفكرية.

من جهة اخرى قال محللون ان المواطنين الشيعة في بلدان الخليج وخاصة السعودية وقعوا ضحية الإبتزازات والتهميش وأن الحل النهائي يكمن في إدماج الشيعة سياسيا وليس إقصائهم من دوائر القرار.

وفي غضون هذه التطورات انتقدَ الباحث السعودي محمد الشيوخ التصريحات التي تتهم المواطنين الشيعة في المملكة بدعم الحوثيين في حروبهم الدائرة مع حكومتهم. وقال ان مشكلة الحوثيين مع حكومة بلادهم تحتاج إلى معالجات سياسية وليست عسكرية، كما ان الشيعة في المملكة يستنكرون أي محاولة لمذهبة الصراع الدائر في اليمن.

وقد سبق للرئيس اليمني، علي عبد الله صالح بأن قال إن الحوثيين يسعون لتشكيل "حزام شيعي" متطرف على الحدود اليمنية - السعودية لإيذاء البلدين، السعودية واليمن.

وأضاف صالح، في مقابلة مع فضائية العربية في بداية "الحرب السادسة" مع الحوثيين"، إن المسلحين يريدون إقامة منطقة شيعية من نجران إلى جيزان في المملكة العربية السعودية، ومن صعدة إلى حرب ثم ميدي في اليمن." ويتطلب هذا الأمر ضرورة معرفة الطبيعة الجغرافية والسكانية لميدان المعارك من الجانبين اليمني والسعودي. بحسب سي ان ان:

صعدة

تقع صعدة في أقصى الشمال الغربي لليمن، وتحدها محافظات الجوف وعمران وحجة من الجنوب، والحدود السعودية من الشمال، وتحديداً منطقتي جيزان ونجران، ويقطنها قرابة مليون شخص.

وتشكل قبائل حاشد ووائل وبكيل وخولان أبرز التجمعات القبلية في المحافظة التي تعتبر المعقل الأساسي للمذهب الزيدي في اليمن، والذي يشكل أتباعه قرابة ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون نسمة.

وتعتبر محافظة صعدة واحدة من أفقر مناطق اليمن، الذي يعد بدوره بين أفقر دول العالم، وهي بمعظمها عبارة عن مرتفعات وجبال وعرة، يصل ارتفاع بعض قممها إلى 2500 متر، ما يجعلها مثالية لحرب العصابات، وأرض صعبة للجيوش النظامية.

وتبرز في المنطقة خلافات تاريخية بين القبيلتين الأساسيتين، وبكيل وحاشد، وقد انعكس الخلاف على المعارك مع الحوثيين.

فعندما اختارت قبائل حاشد، التي ينحدر منها الرئيس علي عبدالله صالح، تقديم الدعم العسكري للجيش ضد المسلحين، وجد بعض أبناء قبيلة بكيل أنفسهم في تحالف موضوعي مع الحوثيين، الأمر الذي منح الأزمة بعداً قبلياً.

أما الحوثيون، فهم عبارة عن تيار يقدم نفسه بإطار سياسي، أسسها أحد وجهاء الطائفة الزيدية، وهو بدر الدين الحوثي، قبل أكثر من عقدين، وعمل التيار أول الأمر في إطار جمعية "الشباب المؤمن"، التي جذبت عدداً من سكان المنطقة من مختلف القبائل.

أما خصوم التيار، فيقول إنه طروحاته تتجاوز الإطار السياسي لتصل إلى الجانب الديني، متهمين بدر الدين الحوثي، بترسيخ أفكار شيعية اثني عشرية في أذهان أتباعه، تخرج عن إطار المعتقدات الزيدية التاريخية، التي هي أقرب لوجهات النظر السنيّة في العديد من القضايا الفقهية.

ويقود الحوثيين على الأرض حاليا عبد الملك الحوثي، أحد أبناء بدر الدين، بعد أن قاد شقيقاه، حسين ويحيى، التنظيم في الحروب الماضية مع صنعاء، منذ عام 2003.

وعلى موقعهم الإلكتروني، يقدم الحوثيون أنفسهم بالقول: "إن أنصار السيد الحوثي ليسوا جماعة إثني عشرية، كما يفتري البعض، وليسوا جماعة طائفية وليسوا أصلاً يصنفون أنفسهم عقائدياً، إنهم مواطنون يمنيون عبروا عن آرائهم السياسية ضد أمريكا وإسرائيل فقامت السلطات اليمنية بقمعهم."

نجران وجيزان

تقعان في أقصى جنوب غربي المملكة العربية السعودية، وتفصلهما عن اليمن مناطق جبلية وعرة تمثل الجانب الآخر للجبال في صعدة. وقد اشتهرت المنطقة عبر التاريخ الحديث بكونها ممراً للتهريب ودخول المتسللين عبر البلدين.

وقبل الحرب السعودية اليمنية عام 1934، كانت تلك المناطق تتبع لحكم الإمام الزيدي في اليمن، لكن معاهدة الطائف، التي أنهت الحرب القصيرة بين الرياض وصنعاء، قضت بتنازل الإمام يحيى بن محمد حميد الدين للملك عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية من جهة أخرى، عن "أي حق في الأراضي التي كانت بيد الأدارسة أو آل عايض أو في نجران وبلاد يام."

وتشكل مدينة نجران عاصمة المنطقة التي تحمل اسمها، وقبائل الحارث بن كعب ويام، وولد عبدالله والمكارمة هم أبرز سكانها، البالغ عددهم قرابة نصف مليون شخص.

ولا يخف على أحد حجم الاختلاط القبلي في المنطقة مع محافظة صعدة، خاصة وأن الياميين تربطهم صلات قرابة ونسب مع قبيلة حاشد، وكذلك فروع أخرى بالمنطقة.

أما على المستوى المذهبي، فيشكل أتباع المذهب الإسماعيلي القسم الأكبر من سكان نجران، وهم فرع من الطائفة الشيعية، وشكل هذا الواقع سبباً لتوترات متكررة بسبب إدعاء الإسماعيلين بتعرضهم للتمييز من قبل النظام، الذي يطبق المذهب السني بتشدد، علماً أن نجران تشكل مقراً لكبير الفرقة السليمانية، الذي يلقب بـ"الداعي المطلق"، منذ القرن السابع عشر.

وشهدت المنطقة تحركات شعبية عام 2008، على خلفية اتهام سكانها لأميرهم، مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، بالتمييز ضدهم ومنح أراضي لسنّة يتم تجنيسهم في المنطقة لتبديل طابعها المذهبي، تخللها مواجهات بين قوات الأمن وأبناء الطائفة.

وانتهت القضية بإصدر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قراراً بإعفاء الأمير مشعل من منصبه كأمير لمنطقة "نجران"، التي تشكل الطائفة "الإسماعيلية" الشيعية، غالبية سكان المنطقة.

وسبق لمنظمات حقوقية مثل "هيومان رايتس ووتش" أن أصدرت تقارير حول الطائفة، وصفت أفرادها بأنهم "مواطنين من الدرجة الثانية يتعرضون لنسق من التمييز في مجالات التوظيف الحكومي، والتعليم، والحريات الدينية، ونظام العدالة."

وبحسب المنظمة، فقد أطلقت هيئة كبار العلماء، وهي الهيئة المكلفة بالتفسير الرسمي للشريعة والممارسات الإسلامية، على أبناء الطائفة "الإسماعيلية" وصف "كفار، فساق، فجار، ملحدون، زنادقة" في أبريل/ نيسان 2007.

وفي أغسطس/ آب 2006، أعلن كبير قضاة المملكة آنذاك، الشيخ صالح اللحيدان، أمام جمهور قوامه المئات، أن الإسماعيليين "ظاهرهم مسلم، لكن باطنهم كفر"، ولم يرد عليه أحد من المسؤولين السعوديين، وفق التقرير الدولي.

ومع تزايد دور تنظيم القاعدة في منطقة الحدود اليمنية السعودية، برز في الفترة الأخيرة بعض الجهود من قبل الرياض لتحسين العلاقات مع سكان المنطقة، بما في ذلك توزيع قطع أرض على السكان.

إقصاء المواطنين الشيعة يفاقم أزمات الخليج

وفي نفس السياق قال أستاذ العلوم السياسية في باريس برهان غليون ان المواطنين الشيعة في بلدان الخليج وقعوا "ضحية الإبتزازات" وأن الحل النهائي يكمن في إدماج الشيعة سياسيا وليس إقصائهم من دوائر القرار.

وفي تصريح لقناة فرا نس 24، قال غليون ان المواطنين الشيعة في بلدان الخليج كانوا باستمرار "ضحية الإبتزازات".

مضيفا "الحل النهائي وطويل الأمد للأزمة يكمن في إدماج المواطنين الشيعة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلدان الخليج وليس إقصائهم من دوائر القرار، لأن ذلك سيدفعهم من دون شك إلى إيران".

مضيفا "يجب قطع الطريق أمام تدخلات إيران التي تحاول الاستفادة من التناقضات القائمة بين الشيعة والسنة". بحسب شبكة راصد الاخبارية.

ونفى غليون احتمال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين السعودية وإيران، موضحا أن في حال قيامها، ستكون وخيمة النتائج لكل المنطقة.

وابدى خشيته من أن تتعقد الأوضاع أكثر في اليمن والسعودية وأن يتحول الصراع الديني الذي تغذيه حسب رأيه إسرائيل إلى صراع عسكري يجر المنطقة بأكملها إلى الهلاك.

لا صوت يعلو فوق صوت المدافع.. حتى اشعار آخروللحيلولة دون تنامي النزاع، رأى غليون أن الوسيلة الوحيدة هو أن يتمسك اليمن بسياسة الحوار ويفتح مفاوضات مباشرة مع الحوثيين لإنهاء العنف، بغض النظر عن الخلافات الدينية والمذهبية القائمة بينهم.

وتخشى الرياض ودول المنطقة أن يكون النزاع في اليمن بداية صراع عسكري وجيوسياسي غير مباشر مع إيران، التي تثار شكوك بشأن مساندتها الحوثيين بصورة غير مباشرة.

وبينما تدعو الصحف السعودية إلى مواجهة إيران في اليمن و"إشعال ألف حريق في بلاد فارس لأنهم لا يفهمون سوى هذه اللغة"، يعتقد الكاتب السعودي محمد الرطيان أن "الهلال الإيراني قد اكتمل وأصبح دائرة تتسع رقعتها يوم بعد يوم".

الكاتب السياسي عبد الرحمن الراشد كتب من جانبه في جريدة "الشرق الأوسط" أن ما حدث على الحدود اليمنية السعودية من مناوشات وقتال لا ينبغي النظر إليه كحادث منفصل وعابر.

ونسبت فرانس 24 للراشد القول ان ما تريده طهران في الحقيقية هو استنساخ حزب الله في اليمن لإيجاد نفوذ لها في منطقة الخليج حيث يعيش فيها أعداد كبيرة من المواطنين الشيعة".

إلى ذلك، اعتبر الصحفي والمحلل السياسي اليمني اوسان القاطبي في حوار مع فرانس 24 أن ما يجري في اليمن، ما هو إلا صراع سياسي وأيديولوجي بين إيران والسعودية.

منوها أن السعودية لا ترغب في الحقيقة في يمن مستقر خوفا من أن ينافسها في المجال الاقتصادي ولا تحلم بيمن هش الوضع لأن هذا سيجلب لها المخدرات والعنف والقاعدة إضافة إلى مشاكل الهجرة غير الشرعية".

بالمقابل، اعترف القاطبي أن "اليمن يحاول الاستفادة من الحرب بين الحوثيين والسعودية لأسباب داخلية محضة ولصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد وتنامي مستوى البطالة والفقر".

أما إيران، "فمرادها هو إيجاد نفوذ جديد لبسط سيطرتها على المنطقة كما اعتادت القيام به في منطقة الشرق الأوسط عبر تأييد حركة حماس في الأراضي الفلسطينية وحزب الله في لبنان".

الشيعة في السعودية يستنكرون مذهبة الصراع الدائر في اليمن

من ناحية اخرى انتقد الباحث السعودي محمد الشيوخ في لقائه مع إذاعة ال بي بي سي العربية التصريحات التي تتهم المواطنين الشيعة في المملكة بدعم الحوثيين في حروبهم الدائرة مع حكومتهم.

 وقال ان مشكلة الحوثيين مع حكومة بلادهم تحتاج إلى معالجات سياسية وليست عسكرية، كما ان الشيعة في المملكة يستنكرون أي محاولة لمذهبة الصراع الدائر في اليمن.

 واستنكر الشيوخ إصرار بعض الإعلاميين العرب على مذهبة الصراع ومحاولة تصوير ما يجري في اليمن وكأنه صراع بين الشيعة والسنة في المنطقة. بحسب شبكة راصد.

مستبعدا في الوقت نفسه من أن تؤثر هذه المحاولات سلبا على وضع الشيعة في المملكة خصوصا فيما يتعلق بعلاقتهم مع إخوانهم السنة.

 موضحا ان جميع العقلاء في المملكة سنة وشيعة يؤلمهم ما يجري في اليمن وينظرون إلى المآسي التي تحدث جوارهم من زاوية إنسانية ولا يؤيدون استمرار الحرب لما لها من آثار كارثية راهنا ومستقبلا.

 وأضاف الشيوخ قائلا ان اتهام لشيعية بالوقوف مع الحوثيين أو دعمهم يأتي في سياق استمرار التجاذبات السياسية القائمة.

 مؤكدا على أن من واجب الحكومة السعودية الدفاع عن الوطن وتطهيره من العناصر المتسللة، كما من حقها حماية حدودها وردع أي عدوان يقترب من أراضيها.

خبراء يتهمون شيعة الخليج بدعم الحوثيين

وفي سياق تسييس حرب الحوثيين مع الحكومة اليمنية، اتهمَ عدد من الخبراء شيعة الخليج العربى بدعم الحوثيين فى حربهم ضد اليمن والسعودية، وذلك عن طريق توفير دعم مادى ومعلوماتى، فضلا عن الدعم الايرانى للمتمردين.

وقال محمد آل زلفة، عضو مجلس الشورى السعودى، إنه من الممكن أن يكون هناك بعض الشيعة الذين يدعمون الحوثيين لأنه يوجد من يدعم القاعدة وطالبان فى كل مكان ويقتلون النساء والأطفال، ويوجد أيضا فى مصر بعض الأشخاص الذين يخدمون انتماءاتهم. بحسب صحيفة اليوم السابع المصرية.

وأكد آل زلفة أن إيران لا تستطيع إحداث أى انقلاب فى دول الخليج مهما حاولت، لكنها لن تتورع أن ترسل الأسلحة ووسائل الدمار إلى الحوثيين لأنها ترى فى ذلك خدمة لها ولمصالحها، والبسطاء لا يعرفون ما تخطط له إيران.

وأشار آل زلفة إلى أن إيران تدعم من تراه سيكون ذراعا لها من أى فئة أو حركة مثل حزب الله أو الحوثيين الذين يريدون إشعال الفتنة فى اليمن لكى يضايقوا السعودية وفى البحرين يدعمون الشيعة لإحداث قلاقل فى الوضع السياسى المستقر هناك.

أضاف آل زلفة قائلا: إن الحوثيين كغيرهم من الشيعة يرددون أنهم أحق بالحكم، حيث يرون أنه لا حكم إلا لأهل البيت.

ومن جهته قال اللواء جمال مظلوم مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، إن الحرب السادسة على الحوثيين ما هى إلا إضافة لدور إيران ولتدخلها فى المنطقه لتفكيك الدول العربية.

وأضاف مظلوم أن إيران تستغل ورقة شيعة الخليج لتدعيم هدفها ولتضع شوكة فى ضلع اليمن، خاصة أن هناك مسافة حدودية بسيطة بين السعودية واليمن مما يعتبر تهديدا كبيرا لأمن السعودية والخليج العربى، مستبعدا أن تؤثر الحرب على الحوثيين على أوضاع شيعه الخليج نظرا لاختلاف مطالبهم حيث يريدون الحصول على جزء من الشمال لإنشاء ميناء.

نصر الله يدعو الى تقارب ايراني- سعودي لمواجهة ازمات المنطقة

من جهة اخرى دعا الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الى تقارب بين ايران والسعودية لحل ازمات المنطقة ومنها المعارك الدائرة في اليمن بين الحوثيين والنظام اليمني.

وقال نصر الله في كلمة القاها عبر شاشة عملاقة في احتفال حاشد اقيم في ضاحية بيروت الجنوبية لمناسبة يوم الشهيد "ندعو الى تقارب سعودي ايراني بمبادرة من السعودية نحو ايران او بالعكس لايجاد تعاون بين هذين البلدين الكبيرين والمهمين".

واضاف "في شمال اليمن حريق يحاول البعض اعطاءه طابعا مذهبيا وهو ليس كذلك (...) نحن بحاجة الى اطفائي مخلص لاطفاء الحرائق في المنطقة".

وتتهم صنعاء الحوثيين الزيديين بتلقي دعم من جهات في ايران متجنبة توجيه اصابع الاتهام مباشرة الى السلطات السعودية. وتدخلت السعودية علنا في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر في الحرب التي تدور منذ 11 آب/اغسطس بين المتمردين الشيعة والجيش اليمني عندما ردت بعمليات عسكرية على تسلل المتمردين اليمنيين الشيعة الى اراضيها. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى دعا نصر الله الى تعزيز التعاون الاقليمي لحل مشكلات المنطقة منوها بالدور التركي الجديد. وقال "لا يجوز ان نتكل على الاميركيين لحل مشكلاتنا وهم الذين يصنعونها. يجب ان يبذل حكام ونخب الامة (الاسلامية) جهودا لمعالجة ازماتهم (...) وهم مدعوون الى المزيد من التواصل والتعاون الاقليمي لحل مشكلات منطقتنا".

واضاف "ننظر بايجابية كبيرة الى الدور التركي الجديد في المنطقة (...) وهو يقيم علاقات استراتيجية ممتازة مع ايران وسوريا". واعتبر نصر الله "ان الرهان على حل الصراع العربي الاسرائيلي عبر المفاوضات قد سقط نهائيا عندما انكشفت حقيقة الادارة الاميركية الجديدة التي يقودها باراك اوباما".

وقال "قبل اشهر انتخب اوباما وانتظر كثيرون تغيرات لان القيادة الجديدة تحاول اضفاء لمسة انسانية على السياسة الاميركية المتوحشة لكن سرعان ما بانت حقيقة السراب وانهارت الاوهام (...) المحصلة لسياسة اوباما التزام مطلق باسرائيل لا يراعي كرامة او مشاعر الشعوب الاسلامية وحكوماتها".

وراى ان طلب الاميركيين من المفاوض الفلسطيني استئناف المفاوضات مع اسرائيل بدون ان تتعهد، كما اشترطت عليها الولايات المتحدة سابقا، وقف او تجميد الاستيطان ادى الى الاحباط داعيا الى دعم خيار المقاومة.

من هم الحوثيون؟ 

تعيش منطقة صعدة اليمنية القريبة من الحدودالسعودية منذ حزيران/يونيو 2004 صراعا مسلحا بين الحكومة اليمنية وجماعة من المتمردين هم "الحوثيون" تسبب بعشرات الآلاف من الضحايا والنازحين.فمن هي هذه الجماعة وما هي أهدافها؟

تعيش منطقة صعدة اليمنية القريبة من الحدودالسعودية منذ حزيران/يونيو 2004 صراعا مسلحا بين الحكومة اليمنية وقواها الأمنية وجماعة من المتمردين هم "الحوثيون" بقيادة عبد الملك الحوثي، تسبب بعشرات الآلاف من الضحايا والنازحين. بحسب وكالة فرانس برس.

وقد تجدد القتال في منتصف آب/أغسطس الفائت "الحرب السادسة بين الطرفين" ولكن شرارة النزاع امتدت في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني إلى المملكة العربية السعودية التي اتهمت "الحوثيين" باجتياز حدودها ومهاجمة دورية عسكرية داخل أراضيها، ما أسفر عن مصرع أحد جنودها.

وجاء رد الرياض قاسيا إذ شنّت قواتها هجوما على المسلحين الحوثيين من شأن تصاعد وتيرته إعادة خلط الأوراق في منطقة متوترة ومشتعلة أصلا. فمن هي هذه الجماعة المتمردة ؟ ومن هم الحوثيون؟

ويعود عمليا تاريخ ظهور هذه الحركة الشيعية المتمردة، المعروفة بـ"الحوثيين"، نسبة إلى بدر الدين الحوثي، الأب الروحي للحركة وتسمى أيضا "الشباب المؤمن"، بمحافظة صعدة شمال اليمن إلى يونيو/حزيران 2004 تاريخ اندلاع الحرب الأولى بين الحوثيين والحكومة. وتشير بعض المصادر إلى أن السبب الأبرز للمواجهة الأولى كان محاولة السلطة منع الحوثيين من ترديد شعارهم في المساجد والذي يقول "الله أكبر، الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا، اللعنة على اليهود والنصر للإسلام".

وفي التفاصيل يروي المؤرخ اللبناني فواز طرابلسي، في مقال عنوانه "في حرب اليمن والرقص مع الثعابين السعودية"، بأن حرب صعدة بدأت منذ خمس سنوات "بحادثة أمنية" حين أرسل الرئيس [اليمني] علي عبد الله صالح رجال الشرطة لاعتقال يحيى الحوثي، المتشدد الزيدي الذي يقود مجموعة من "الشباب المؤمن" التي تناهض نمو النفوذ الوهابي والتي ترفض التخلي عن شعاراتها المناوئة لأمريكا وإسرائيل واليهود. ويضيف الكاتب، الذي يعرف اليمن معرفة عميقة، "أن الرئيس صالح هو من استقدم الحوثيين إلى صعدة ومولهم وسلحهم عام 1994 لكي يوازنوا المدارس الدينية ذات الاستلهام الوهابي التي انتشرت بتمويل سعودي عن طريق حزب "التجمع اليمني للإصلاح" حليف الرئيس".

هل من أحد وراء الحوثيين؟

تتهم الحكومة الحوثيين بالعمل على إعادة الإمامة الزيدية التي حكمت البلاد حتى العام 1962، السنة التي اندلعت فيها الثورة التي أدخلت اليمن بحرب أهلية ساندت فيها الرياض حكم الإمام "الرجعي والمتخلف" وأرسلت مصر بقيادة جمال عبد الناصر قواتها لدعم الثوار الجمهوريين. كما تتهم صنعاء الحوثيين بتلقي الدعم من إيران ومشاركة "حزب الله" اللبناني في مشروع إقامة "الهلال الشيعي" في المنطقة. ويذهب الكاتب السعودي محمد الرطيان في مقال نشرته صحيفة "الوطن" إلى حد القول "إن الهلال الإيراني الذي وصفه الملك الأردني قبل سنوات اكتمل وصار دائرة" ويضيف "النار الفارسية تحاصرنا من الشمال ويقصد العراق والآن من الجنوب أي اليمن".

وتنفي "الحركة الحوثية" هذه الادعاءات ويؤكد قادتها على أنهم لا يكنون العداء للجمهورية، ولا يرتهنون لأطراف خارجية، وأنهم يعملون فقط على صون الهوية الدينية الزيدية المهددة من السلفية الإسلامية السنية المتشددة ومن التيار الوهابي السائد في السعودية.

ما معنى الزيدية؟

ينحدر الحوثيون من أصول زيدية. ويشكل الزيدون نحو 30 بالمائة من سكان اليمن. ولكنهم ليسوا كلهم من مناصري الحوثيين بدءا من الرئيس علي عبد الله صالح المتحدر بدوره من أصول زيدية.

والزيدية، نسبة إلى الإمام زيد بن علي، هي إحدى فرق الشيعة الثلاث: الزيدية والإثني عشرية والإسماعيلية. ولكن "الزيدية أعدلها وأقربها إلى مذهب أهل السنة". وكانت بعض المصادر صنفت الحركة بأنها شيعية اثني عشرية وهو المذهب السائد في إيران، الأمر الذي ينفيه الحوثيون الذين يؤكدون بقائهم على المذهب الزيدي رغم اتفاقهم مع الاثني عشرية في بعض المسائل والأمور كالاحتفال بعيد الغدير وذكرى عاشوراء.

ما طبيعة الحرب بين السعودية والحوثيين؟

يرى الكاتب ورئيس تحرير صحيفة "القدس العربي" اللندنية عبد الباري عطوان في مقال نشر في 11/11/09 تحت عنوان "السعودية وحرب صعدة " أن الحرب الدائرة حاليا بين الحوثيين والقوات السعودية ومن دون مبالغة أخطر كثيراً من أزمة اجتياح القوات العراقية للكويت صيف عام 1990. "ما يميز هذه الحرب، يحسب الكاتب، أنها حرب طائفية أولا، وسياسية ثانياً، واجتماعية ثالثا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/تشرين الثاني/2009 - 17/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م