الإبتكار وعلاقته بالثقافة والتعليم والسياسة

القوة العاملة الماهرة والمثقفة العنصر الأساسي في نجاح الابتكار

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أصبح العلماء ورجال الأعمال يتعلمون أكثر من أي وقت مضى كيفية التعاون في سبيل الابتكار، ويفيد بعضهم بأن الثقافة والابتكار مترابطان، ولا يمكن حدوث ابتكار في ثقافة لا تدعمه، أو لا تستطيع دعمه، أو لن تدعمه في المستقبل. ولكن بعد أن يتم إيجاده يؤثر الابتكار في الثقافة، وينمو الاثنان سوية. ويطفح التاريخ بأمثلة تظهر ذلك. في عصر الإنترنت اليوم وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات المنتشرة في كل مكان يظهر هذا التأثير بشكل بارز.

من ناحية اخرى، من الممكن أن يكون للسياسات الحكومية الفعالة أثر إيجابي على قدرة الشركات المحلية في الابتكار. فالسياسات الحكومية الثابتة التي تعالج نوعية القوة العاملة، ومردود الابتكار، وسهولة استخدام نتائج الجهود الحكومية سيكون لها في ذلك أكبر الأثر.

توظيف العلوم والسياسة الصناعية في سبيل الإبتكار

وكتبَ ألِكس سوجونغ – كيم بانغ، مدير الأبحاث في مؤسسة المستقبل، وزميل مشارك في كلية سعيد للأعمال في جامعة أكسفورد، مقالاً جاء فيه: في إقتصاد اليوم الذي يستحوذ عليه الابتكار والمعرفة المكثفة، قد يبدو من المفاجئ أنه لم تكن هناك صلة بين العلوم والأعمال، خلال معظم تاريخهما الطويل تقريباً. لو اقترحتم على صائغ فضة يعمل في الصين القديمة، أو قبطان يمارس تجارة التوابل خلال عصر الاكتشافات، أو عضو في طائفة الكويكرز يصنع الجعة في فيلادلفيا القرن الثامن عشر، ان العلوم قد تحسن التجارة، سوف ينظر هؤلاء إليكم كما لو كنتم مجانين. حتى في يومنا هذا، فإن وصف العلاقة بين العلوم والأعمال، وتصوّر كيفية جعل العلوم والسياسة الصناعية يعملان معاً لفائدة الفريقين، لا زال يُشكِّل تحدياً.

المهمة صعبة بسبب أمرين. أولاً، العلوم والأعمال كلاهما هدفان متحركان، ولذا فان ما يفيد أحدهما قد لا يكون مناسباً للآخر: فمختبرات الأبحاث والتنمية (R&D) الهائلة لدى الشركات الكبرى التي تقدم تحسينات تدريجية في الصناعات الناضجة ربما قد تغرق في الأسواق الناشئة التي تتميز بسرعة الحركة. ثانياً، الأفكار والمواهب العلمية لا تعمل على غرار المُدخلات الاقتصادية الأخرى: فمن الصعب السيطرة عليها واحتكارها، وبالتالي، فقد كان من الصعب إعطاء صفة مميزة للروابط بين العلوم والصناعة، كما أن التحديد الكمي لفوائد العلوم الاقتصادية كان أصعب مما قد يتوقعه المرء.

وفي حين يوجد العديد من الأمثلة عن علماء اخترعوا أشياء ذات فوائد تجارية، مثل تلسكوب غاليليو وقضيب بنجامين فرانكلين الواقي من الصواعق، إلا أن العلوم لم تساهم كثيراً في مجال الأعمال لغاية ولادة الصناعات الكيميائية والكهربائية في القرن التاسع عشر. كانت هذه المجالات هي الأولى التي تمكّن العلماء، الذين يسترشدون في عملهم بآخر النظريات والتجارب، من تقديم مساهمات ذات أهمية أكبر من أصحاب الحرف اليدوية العاملين، وفق أساليب القياس بالإبهام أو التجربة والخطأ. بحلول نهاية القرن، كان عدد قليل من الشركات، مثل دوبون، وأي إي جي، وجنرال إلكتريك قد أنشأ مختبرات أبحاث وتجارب خاصة بها لأجل دعم تطوير منتجات جديدة وحل المشاكل التي تواجهها جراء الأنظمة التكنولوجية المتنامية باستمرار. تطوير البنسلين، والرادار، والطائرات النفاثة، والقنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية أظهر بشكل قاطع انه بالإمكان استغلال العلوم للحصول على أفضليات تنافسية. بعد الحرب، أنشأت معظم الشركات الكبرى مختبرات أبحاث وتنمية، كما ان بعضها، مثل نظام مختبرات شركة بِلّ، قام بتوظيف آلاف الناس.

لكن حتى في ذلك العصر الذهبي للأبحاث والتنمية لدى الشركات الكبرى، لم يكن من الواضح دائماً كيف تساعد العلوم في تحقيق الأرباح النهائية. كانت المختبرات بحاجة إلى شيء من الاستقلالية للقيام بأبحاث جيدة، لكن كان من الصعب دوماً نقل الاكتشافات إلى خطوط الإنتاج. في بعض الحالات الشهيرة، رعت الشركات الأبحاث التي حطمت النماذج القائمة لكنها لم تتمكن من تحقيق الأرباح منها: طوّر مركز بالو آلتو للأبحاث التابع لشركة زيروكس (PARC) أول أجهزة الكمبيوتر الشخصية، لكن عندما لم تتمكن زيروكس من التفكير بما ستفعل بها، انتقل العديد من المهندسين الرئيسيين في مركز بالو آلتو للأبحاث إلى شركة آبل كمبيوتر ومشروعها كمبيوتر ماكنتوش. (ولكن للحقيقة وللاعتراف بفضلها، فإن زيروكس انكبت على تطوير الطباعة بالليزر، التي تم تطويرها في الوقت نفسه في مركز بالو آلتو، حيث حققت بلايين الدولارات بفضل هذه التكنولوجيا).

يبدو إذن وكأننا ندخل عصراً جديداً تكون فيه العلوم أكثر أهمية بالنسبة للابتكار من أي وقت مضى، لكن بات من الصعب أكثر توقع نتيجتها والاستفادة منها: ففي عصر يثمن الابتكار، تواجه الشركات والبلدان وقتاً أصعب من أي وقت مضى في تشجيع العلوم والاستفادة منها.

لكن هل يعني ذلك ان سياسة العلوم باتت الآن مستحيلة؟ لا، بكل تأكيد، كما ان المناطق والبلدان الناجحة تعلّمت عدة أسرار.

ويتابع ألِكس سوجونغ بكشف هذه الأسرار مبيناً، السر الأول والأكبر هو أنه لا وجود لعلاقة خطية أفقية بسيطة بين العلوم والأعمال. ففكرة أن الاكتشافات في العلوم البحتة تقود بشكل لا مفر منه إلى التقدم في العلوم التطبيقية، والتي تقود بدورها إلى تكنولوجيات وأعمال جديدة، هي فكرة خاطئة. فنقل الأفكار من المختبر إلى حجرة الجلوس في المنزل ليس عملية ميكانيكية، بل هي عملية إنسانية. وهي تتطلب مترجمين ووسطاء قادرين على مساعدة مطوري المنتجات والشركات في رؤية الإمكانيات التجارية للأفكار الجديدة. وكثيراً ما تتطلب المستثمرين ورجال الأعمال الخاصة القادرين على إنشاء منظمات لدعم الأبحاث المتطورة جداً وتطوير المنتجات. كما تتطلب شركات قادرة على تصنيع وتوزيع وتسويق المنتجات الجديدة. استثمر العديد من البلدان في الجامعات وفي الأبحاث الأساسية متوقعين إنشاء بعض المردود المباشر. وفي الواقع، على صنّاع السياسة التفكير على أساس بناء البنى التحتية والثقافات.

ثقافات الابتكار المبنية جيداً لا تكتفي بمجرد دعم الابتكار، إنما توفر لها الجذور. وهذا هو السر الثاني: ففي حين يمكن للمعرفة العلمية ان تكون متحركة، إلا ان الأعمال التي تدفعها العلوم كثيراً ما تكون متجذّرة في رحم غني من الثقافة المحلية والمهارات الحرفية. المناطق الأذكى لا تكتفي بمجرد محاولة إنشاء مراكز عالمية للنانوتكنولوجيا أو الطاقة البديلة أو علم الاحتساب الكَمْي.  فهذه المشاريع المغامرة لا تكون مكلفة بصورة مفرطة وحسب، بل ان مجموعات البحاثة المنظمين حول علماء بارزين كبار يمكنهم الانتقال إلى مكان آخر عندما يأتيهم العرض الأفضل التالي. فبدلاً من السعي وراء نموذج عام للعظمة، يضع صُنّاع السياسة المحنكّون رهانات ذات أهداف أكثر تحديداً تربط الأبحاث المتطورة بالمهارات المحلية.

ويمضي ألِكس سوجونغ بالقول، السر الثالث هو أن ترجمة الاكتشافات العلمية إلى منتجات تحتاج الى موهبة فريدة. فالعلوم والأعمال مسعيان مختلفان تماماً، ينطويان على مهارات وحوافز مختلفة. فإذا كانا سيعملان معاً بنجاح، فان كل واحد منهما يحتاج إلى استقلاليته. العالم الجيد البارع في ترتيب المنح ومجموعات الباحثين لن يحسن العمل بصورة تلقائية في السوق. فمن ناحية اولى، أن الدافع الذهني الضروري للعمل طيلة سنوات على حل مشاكل عسيرة يختلف عن المهارات المعرفية الضرورية لبناء شركة.

لكننا كثيراً ما نخفق في إدراك أن الاكتشافات الجديدة لا تُترجم بسهولة إلى منتجات جديدة. مثلاً، باحثو "التكنولوجيا الخضراء" الناجحون أصبحوا يكتشفون أن وضع تصميم جديد للتوربين الهوائي أو اكتشاف مادة فوتوفولتية بالغة الفعالية لن تغيّر العالم ما لم نتصوّر كيف نوفق بين هذه الاكتشافات ومرافق البنى التحتية القائمة، ونرضي هواجس منظمي السلامة، ونخفض  تكاليف التصنيع، ونقنع المستهلكين بأن عناء تبديل التكنولوجيات يستحق ذلك. هذا النوع من نشاط البناء الترجمي للأنظمة يشكل موهبة بحد ذاته، ويتطلب أناساً قادرين على التحرك بين عالمي العلوم والأعمال، وتحديد الفرص، وبناء الشبكات التي تحول الأفكار إلى تكنولوجيات مبتكرة.

ويكمل ألِكس سوجونغ، السر الرابع هو أن الترابط بين العلوم والأعمال لا زال يتنامى. حتى زمن قريب، كان للعلوم أثر كبير في التصنيع وتطوير المنتجات، لكن أثرها في حقول مثل الموارد البشرية كان أقل. الآن بدأت العلوم تحقق إختراقات جدّية في مجالات جديدة. الأدوات الجديدة في علوم الأعصاب، وعلى الأخص تكنولوجيا تصوير الدماغ مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) ،أصبحت تسمح لنا برؤية الدماغ وهو يتخذ القرارات، وينظر إلى الإعلانات أو يجيب على حوافز أخرى.

الكميات الهائلة من البيانات التي تولدها نشاطات المستخدم على مواقع الانترنت، مثل أمازون دوت كوم، أصبحت تتيح للعلماء رسم نموذج أكثر دقة لسلوك حشود الناس وأذواقها. لقد شهدت وول ستريت تدفقاً من علماء الفيزياء وعلماء الرياضيات المتقدمة وهم يطبقون النظريات العلمية المبهمة لإنشاء نموذج عن المخاطر المالية. يسمح تطوير نماذج جديدة للمناخ وأدوات المحاسبة تقدير تكاليف وفوائد برامج قابلية الاستدامة للشركات بإجراء تقدير أفضل لكيفية تأثير التحول إلى الأخضر على أرباحهم النهائية.

الثقافة والابتكار مترابطان

وفي شأن الترابط بين الثقافة والابتكار يقول روكو مارتينو، مؤسس ورئيس شركة سايبرفون تكنولوجيز، وزميل رئيسي في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا: بقي الدخل الحقيقي للأفراد والدول عند حالة دون كبير تغيير في أساسه حتى انطلاق الثورة الصناعية. وعلى امتداد الكثير من مناطق الكرة الأرضية، كان مستوى المعيشة، مثلاً، لمزارع في العام 1750 لا يختلف بدرجة كبيرة عن مستوى معيشة جده الأكبر. ومنذ بداية القرن التاسع عشر، تغير ذلك الأمر في بعض أجزاء العالم. فقد ارتفعت نسبة النمو والمداخيل في بعض الدول بصورة دراماتيكية ولكنها بقيت عند حالها في دول أخرى. لماذا؟ أحد الأجوبة هو أن التكنولوجيات الجديدة جعلت من الممكن خلق، وتجميع، ونشر ثروات تتعاظم باستمرار. أما الجواب الأعمق فهو أن بعض الثقافات احتضنت المعرفة والتغيير، وبذلك برزت بمثابة تربة خصبة يستطيع فيها المبتكرون ركوب المخاطر، والسعي وراء تحقيق أحلامهم، وليس على سبيل المصادفة، إثراء رفاقهم المواطنين أيضاً. فهل الدول التي تتخلف تعجز عن التقدم بسبب التقاليد، أو السيطرة المركزية المحبطة، أو ثقافة من البيروقراطية المعرقلة؟

ويتابع روكو مارتينو، كانت الولايات المتحدة لمدة طويلة قائدة في كل من حقل الابتكار وتطبيقه لتوليد الثروات. قد يجادل أحدهم بأن هذه الحالة الذهنية كانت تُشكِّل جزءاً من الحمض النووي لبلدنا. فقد كان أحد مؤسسي الدولة، بنجامين فرانكلين، لوحده مسؤولاً عن ابتكار مانعة الصواعق، موقد فرانكلين، النظارات الثنائية البؤر، والقثطار البولي المرن. (رغم أن فرانكلين اختار عدم تسجيل براءات لهذه الاختراعات، فإن نشاطاته الأخرى في مبادرات الأعمال تظهر بما يكفي نزوعه إلى جمع المال!). وخلال السنوات الأخيرة، أظهرت اقتصادات الدول الواقعة على طرف المحيط الهادئ، بضمنها هونغ كونغ، سنغافورة، تايوان، كوريا الجنوبية واليابان مهارات مماثلة، حتى ان الصين والهند طورتا قدرة في كسب المال ذات شأن وتسعيان للقيام بأدوار بصفتها قيادات اقتصادية عالمية.

تجني الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبيك) عائدات ضخمة من ثرواتها النفطية ولكنها لم تظهر بمعظمها قدرة كبيرة في الابتكار كما لم تشارك إلى حد كبير في التوسع الاقتصادي العالمي. يمكن القول جدلاً إن الدخل الفردي الهام المستمد من النفط في هذه الدول يخمد الحافز على الاستثمار في مشاريع مغامرة أو في تشجيع الابتكار. لكنه يبدو أن بعض الحكومات الإقليمية، منها دبي، أدركت أهمية هذه المشكلة فاستثمرت بكثافة في إنشاء بنية تحتية مالية وترفيهية، وكذلك المملكة العربية السعودية، حيث تضم جامعة الملك سعود فيها 70 ألف طالب الآن.

ويستطرد روكو مارتينو، في أميركا اللاتينية، برزت البرازيل كبلد يمسك بزمام القيادة، فقامت بخطوات واسعة ذات شأن في تطبيق التقنيات الابتكارية الحديثة داخلياً كما في مجال للتصدير.

لم تكن عبقرية الابتكار وتطبيقه الإنتاجى في حل المشاكل وتوليد الثروة اختراعاً اميركياً، وسوف يستمر انتشار الابتكار إلى أبعد من حدود الدول المذكورة هنا. ولكن، في كل مكان، سوف يُشكِّل نشوء أجواء ودية للابتكار مكونة من الآراء، والعادات، والأفكار التي تُشكِّل تحدياً للثقافة، والمبادرة الفردية، والدعم الحكومي لأفكار جديدة.

ويبيّن روكو مارتينو بالقول، الثقافة والابتكار مترابطان. لا يمكن حدوث ابتكار في ثقافة لا تدعمه، أو لا تستطيع دعمه، أو لن تدعمه في المستقبل. ولكن بعد أن يتم إيجاده يؤثر الابتكار في الثقافة، وينمو الاثنان سوية. يطفح التاريخ بأمثلة تظهر ذلك. في عصر الإنترنت اليوم وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات المنتشرة في كل مكان يظهر هذا التأثير بشكل بارز.

الحكومات والابتكار

ومن الممكن أن يكون للسياسات الحكومية الفعالة أثر إيجابي على قدرة الشركات المحلية في الابتكار. السياسات الحكومية الثابتة التي تعالج نوعية القوة العاملة، ومردود الابتكار، وسهولة استخدام نتائج الجهود الحكومية سيكون لها في ذلك أكبر الأثر.

جيمس بي. أندرو، الشريك الرئيسي والمدير الإداري في مكتب شيكاغو لمجموعة بوسطن  الاستشارية (BCG)، يرأس الممارسات الابتكارية لدى الشركة. وكتب في مقال له: كُتب الكثير عن الشركات المبتكرة وما يميزها عن غيرها. أما الأمر الأقل وضوحاً، فهو الدور الذي يمكن للحكومة أن تلعبه لخلق ظروف النجاح. يلقي تقرير حديث لمجموعة بوسطن الاستشارية، بالتعاون مع الجمعية القومية للصناعيين، الأضواء على التكافل المطلوب بين الحكومة ومؤسسات الأعمال والحاجة المتبادلة لوجود قيادة للابتكار.

ينوه كبار المدراء التنفيذيين وأصحاب المشاريع حول العالم بمزايا الابتكار الذي يمثل المحرك الأساسي للنمو، والتنافسية  والقيمة للمساهمين، إضافة إلى كونه لا يتجزأ من نجاح شركاتهم. لكن الابتكار يفيد الدول أيضاً. فالبلدان ذات الصناعات المزدهرة تولد مداخيل أعلى، ونوعية حياة أفضل، ومستوى معيشيا أفضل من نظيراتها الأقل قوة.

ويبيّن جيمس بي. أندرو الحاجة إلى استباق المنافسة أصبحت حتى أكثر إلحاحاً في اقتصاد يومنا الحاضر العالمي. وبروز الشركات في البلدان ذات الكلفة المنخفضة مثل الهند، والصين، والبرازيل، ودول أوروبا الشرقية ساهم في تغيير طبيعة التنافس. فبوجود منتجات جيدة، رخيصة تغرق الأسواق من كل زاوية من الكرة الأرضية، ستكون محاولة المنافسة على أساس الكلفة وحدها معركة خاسرة بالنسبة لمعظم شركات الأعمال. للبقاء في الميدان، على الشركات، ان تُميّز نفسها عبر الابتكار: منتجات وخدمات جديدة، وطرق عمل جديدة، وطرق جديدة في التوجه نحو السوق. وعلى الحكومات ان تدعم جهود الابتكار هذه عبر سياسات فعالة (دور الحكومة في تشجيع الأعمال الصغيرة)

ويتابع جيمس بي. أندرو بالقول، تُشكِّل القوة العاملة الماهرة والمثقفة العنصر الأكثر أهمية في نجاح الابتكار، غير ان العثور على المواهب المميزة يُشكِّل تحدياً متواصلاً للشركات. بإمكان الحكومات تحسين نوعية القوة العاملة عن طريق الاستثمار في التعليم الفعال والتأكد من ان سياسات الهجرة تدعم، بدلاً من ان تعيق، الابتكار.

ويختم جيمس بي. أندرو بالقول، لئن ظل الإصلاح الشامل للتعليم عملية طويلة، كما أن أثره الكامل لن يتم الشعور به قبل سنوات عديدة، فإن بعض الإصلاحات التعليمية وتطوير القوة العاملة يمكن توفيره بصورة أسرع بكثير. مثلاً، التكامل الأفضل بين التعليم الأكاديمي والفني في المدارس الثانوية بإمكانه ان يضمن أن يصبح المتخرجون جاهزين للعمل أولدخول الجامعات. فعندما يتم تراصف البرامج المهنية والفنية مع حاجات ومعايير الصناعة، يكتسب الطلاب المؤهلات التي تعترف بها الصناعات كما تكتسب الشركات عمالاً مهرة. علاوة على السياسات التعليمية، يمكن ان تسمح سياسات الهجرة الأقل تشدداً بتعزيز القوة العاملة. فالمهاجرون الماهرون بإمكانهم تحسين الجو الابتكاري في البلاد. فقد وجد مسح أجراه المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية أن الولايات التي لديها عدد من المهاجرين الماهرين أكثر من غيرها تملك براءات اختراع أكثر بين أوساط المهاجرين والمولودين في البلاد على حد سواء. وبالتالي فالجميع استفاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 14/تشرين الثاني/2009 - 16/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م