
شبكة النبأ: عقدت لجنة العلاقات
الخارجية بمجلس الشيوخ في منتصف شهر أكتوبر المنصرم جلسة استماع لتقييم
واستعراض دور البث الإذاعي الأمريكي الدولي لدفع عجلة مصالحها القومية
في العراق وأفغانستان، ونشاط الإذاعات الأمريكية في مناطق النزاع ومدى
تأثيرها على شعوب تلك المناطق للوصول إلى الأهداف المرجوة من إنشائها.
ترأس الجلسة السيناتور كوفمان، وقد تحدث في الجلسة بجانب جواكين
بلايا محافظ ورئيس شبكة تلفزيون الشرق الأوسط باللجنة الفرعية بمجلس
المحافظين، والدكتور جيفري هايرشيبرج محافظ ورئيس إذاعة أوروبا الحرة
(راديو ليبرتي)، وستيفن سيمونز محافظ ورئيس صوت أمريكا باللجنة الفرعية
بمجلس المحافظين الخاصة بالإذاعات. دار النقاش حول دور مدى استمرارية
ووجود خطر ما أسموه "التطرف العنيف" في العراق وأفغانستان، وتقييم
مجموعة الاستراتيجيات الموضوعة من قبل إدارة أوباما لمواجهة تحديات
الأمن القومي الأمريكي والمحافظة على سلامة ورفاهية الشعب الأمريكي
والعراقي والأفغاني. بحسب موقع تقرير واشنطن.
البث الإذاعي الأمريكي بدلاً من الصاروخ
الأمريكي
توافقت الآراء خلال الجلسة على أن الاتجاه العام داخل الحكومة
وخارجها أن سلاح القوة بمفرده لا يمكن أن يسود كأسلوب للمعالجة ضد
المتطرفين، وأنه من الضروري واللازم لمواجهة "خطر التطرف" إشراك
الجماهير في رسم استراتيجية المواجهة، ولن يتم تفعيل أدوار الجماهير
ومشاركتهم إلا عن طريق نجاح الإذاعات الأمريكية في العراق وأفغانستان
كنوع أخر من تأثير تدابير القوة بالطرائق السلمية.
وأكد المشاركون في الجلسة على أهمية دور وآثار البث الإذاعي في وقتي
السلم والحرب كما كان لصوت أمريكا خلال الحرب العالمية الثانية من آثار
عميقة أسهمت في هزيمة النازية الألمانية. وأثناء الحرب الباردة الطويلة،
حيث كان لكلٍّ من صوت أمريكا وإذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) آثار
ساعدت على إحباط الشمولية السوفيتية.
وأقرت غالبية الآراء بالنمو الملحوظ في حجم وتأثير البث الإذاعي
الأمريكي الدولي نتيجة الدعم المالي المخصص من قبل الكونجرس، والذي زاد
من 400 مليون دولار إلى أكثر من 700 مليون دولار، مما أدى إلى تزايد
جماهير المستمعين عالميًّا من أقل من 100 مليون إلى ما يقرب إلى 175
مليون. في الوقت ذاته، فإن ضرورة المحافظة على استقلالية مجموعة البث
الدولي الأمريكي كنوع من المصداقية مع الجماهير عن طريق نشر وتحليل
الخبر بطريقة حرة ومستقيمة هو أمر هام وإحدى واجبات المجلس، حيث قد
يكون هناك نتائج عكسية في حالة اكتشاف المستمعين وجود أجندة غير معلنة
أو مؤثرات خفية .ويرى البعض أن الاستقلال وحده ليس كافيًا، بل يجب
العمل للحفاظ على النزاهة الصحفية واستقلال المذيعين من مغريات وسلطات
أية وظيفة حكومية أو أي نفوذ سياسي لأي طرف للسعي لتحديد وتحجيم محتوى
ما يبث على الهواء.
في ذكرى استقلال مجموعة البث الدولي الأمريكي عام 1999، سلط نائب
الرئيس - عندما كان عضوا بمجلس الشيوخ في ذلك الوقت - في خطابه الضوء
على أهمية استمرار البث الأمريكي الدولي، حيث ذكر أن وسائل الإعلام
تلعب دورًا حاسمًا - لا ينتهي - في الصراع للكفاح من أجل حماية وتعزيز
الحرية ". فمجموعة البث الدولي الأمريكي في العراق وأفغانستان، وصوت
أمريكا وإذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) وراديو سوا وقناة الحرة
تعمل على خدمة المواطنين الذي يعانون من القبلية والطائفية والتطرف
والعنف، والعمل على توطيد الحريات والديمقراطية.
الدور الإعلامي والإذاعي في أفغانستان
أكدت الحلقة على أن الدور الإعلامي حيوي وضروري في أفغانستان لكسب
عقول وقلوب الشعب الأفغاني. وقد أُشير في الجلسة إلى مهام الإذاعات
الأمريكية في المناطق المختلفة عن طريق التغطية الإخبارية ومناقشات
السياسة العامة بشأن أفغانستان التي تجري في واشنطن، والأخبار في
أفغانستان من خلال المنظور الأمريكي والإقليمي والدولي . فقد قام كلٌّ
من صوت أمريكا وإذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) معًا في أفغانستان
لإنتاج برامج بلغة الداري والباشتو التي تبث عبر إذاعة AM من كابول
صباحًا وعبر إذاعة FM في خمس مدن رئيسة بجميع أنحاء البلاد، وعبر
الحدود على الموجات القصيرة لضمان وجود إشارة مسموعة بجميع أنحاء
البلاد. ولتفعيل التواصل مع الشعب الأفغاني، فقد قام صوت أمريكا ببث
برنامج على مدار ساعة يوميًا بلغة الداري والباشتو ليكون مسموعًا
ومفهومًا لجميع أنحاء أفغانستان.
وقد أشير في الجلسة إلى كفاءة الدور الإعلامي لإذاعة أوروبا الحرة (راديو
ليبرتي) في التغطية الإخبارية، واستحواذها على مناقشة القضايا الهامة
للشعب الأفغاني كقضايا التمرد والصحة، والتعليم، وقضايا المرأة، وغيرها
من الموضوعات اليومية . وقد أشاد المتحدثون بالجلسة عن دور صوت أمريكا
وإذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) في تغطية الانتخابات الرئاسية
الأخيرة في أفغانستان.
ففي تطور غير مسبوق، قامت إذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) بعقد
عديد من المقابلات على الهواء مع 41 مرشحًا، حيث أتيحت الفرصة
للمواطنين الأفغان لطرح الأسئلة والتواصل مع المرشحين والتعرف على أحد
مظاهر وقنوات الديمقراطية . وقد أعد صوت أمريكا من واشنطن تقريرًا عن
سياسات إدارة أوباما تجاه أفغانستان ومواقف أعضاء الكونجرس وغيره من
كبار المسئولين الأمريكيين من الانتخابات الأفغانية.
وتناقش إذاعات البث الأمريكي بصورة روتينية موضوعات شائكة وهامة
لإعطاء الشعب الأفغاني فرصة للتعبير عن الرأي وإتاحة الفرصة لفهم أعمق
للصراع الذي يشاركون فيه، وإعطاء صورة صحيحة لأهداف التواجد الأمريكي
في أفغانستان. فقد ناقشت إذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) وموضوعات
متصلة بالإسلام، كالتأثير الديني من التفجيرات "الانتحارية" والإرهاب،
وطبيعة وأهداف طالبان والقاعدة، والأثر الديني على القضايا السياسية،
ورصد حالة حقوق الإنسان في أفغانستان، ومناقشة القانون المقيد لحقوق
المرأة والذي وافق عليه البرلمان الأفغاني، حيث بث صوت أمريكا برنامجًا
خاصًا يضم كلَّ المعارضين والمؤيدين للقانون.
وعلى الرغم من أن حركة التمرد لا تزال تمثل القوة الرئيسة داخل
أفغانستان، إلا أن الأغلبية من الأفغان لا تدعم حركة طالبان وتضع على
عاتق طالبان مسئوليتها عن كثير من الفوضى والعنف في المجتمع الأفغاني .
في الوقت ذاته وعلى نطاق واسع وكأحد نتائج البث الإذاعي الأمريكي، لا
تزال عديدٌ من الطوائف داعمة لحكومتهم وداعمة لوجود القوات الأمريكية
في البلاد.
وبصفة عامة فإن هناك أثرًا إيجابيًّا وضخمًا للبث الإذاعي الأمريكي
في أفغانستان حيث حازت كلٌّ من إذاعة أوروبا الحرة (راديو يبرتي) وصوت
أمريكا على شعبية وثقة الشعب الأفغاني تصل إلى 56% من البالغين الأفغان
متجاوزة جميع وسائل الإعلام الأخرى، الداخلية والخارجية.
الدور الإعلامي والإذاعي في العراق
وذكر سيمونز أنه بالرغم من استقلالية البث الإذاعي الأمريكي، إلا أن
دوره يعد جزءًا لا يتجزأ لمجمل أهداف ومهام الولايات المتحدة في العراق.
وقد قارن المتحدثون الوضع الراهن المتحسن للصحافة والإذاعة بالعراق عما
كانت عليه سابقًا، خاصًّا عام 2003، حيث تعددت حالات الخطف والقتل منها
قتل اثنين من مراسلي إذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) في العراق،
واستغلال وسائل الإعلام المحلية آنذاك كأداة للطوائف العرقية وفصائل
محددة . وقد أشاد المشاركون بدور البث الإعلامي الأمريكي، فعلى سبيل
المثال تعد قناة الحرة رابع أهم قناة تلفزيونية بين مئات من القنوات
الفضائية. وتكتسب ثقة العراقيين للتغطية الإخبارية والمعلوماتية.
وراديو سوا هو الأكثر استماعًا في العراق.
وتحدثت الجلسة عن أسباب نجاح البث الإذاعي الأمريكي في كثير من
مناطق النزاع، ومن الأسباب التي أشارت لها الجلسة ما يلي:
الإسراع في تشكيل المتطلبات المحلية اللازمة للبث، بما في ذلك مكاتب
الأخبار.
تامين الانتقال المحلي للمحطات الإذاعية والتلفزيون في المدن
العراقية الرئيسة.
التغطية الإخبارية والمعلوماتية الشاملة والمتواصلة في الإذاعة
والتليفزيون بما يتمشى مع احتياجات وتفضيلات الجماهير العراقية على
مدار اليوم وخلال 24 ساعة.
بالإضافة إلى ذلك طرح التقارير بشأن السياسة الأمريكية في العراق
والخطط التي تتصل اتصالاً مباشرًا بالمواطنين بالعراق. وقد سرد
المشاركون القنوات الإذاعية والتليفزيونية الأمريكية في العراق كصوت
أمريكا الحرة، وراديو سوا، وراديو الحرة العراقي ودورهم للوصول للشعب
العراقي وتحقيقًا للأهداف الأمريكية.
وقد ذكر المتحدثون أثناء الجلسة إلى عديدٍ من الأمثلة لتفاعل وسائل
الإعلام مع الجماهير والقضايا العراقية، والذي ساعد في وجود عديد من
المراسلين في أنحاء العراق مع إجادتهم اللهجة المحلية. فعندما هددت
الحكومة العراقية بتدمير منازل العراقيين الذين يفتقرون إلى سندات
ملكية قامت قناة الحرة بعمل عديدٍ من المقابلات مع المسئولين الذين
استجابوا بتغيير مواقفهم تفاديًا لانتشار المتشردين والعنف. وقد ساعدت
قناة الحرة في إنشاء أول مستشفى عراقية تعالج جرحى قدامي المحاربين
وذلك عندما بثت قصة للجنود العراقيين الذين حرموا من الرعاية الطبية
والتأمين.
هدف البث الإعلامي الأمريكي
وعن أهداف البث الإعلامي الأمريكي ذكر المتحدثون أن التجربة
الأمريكية في العراق وأفغانستان أسفرت عن دروس هامة لدور وفعالية البث
الإذاعي والعمل الصحفي الذي لعب دورًا حاسمًا في هذه البلدان التي
تفتقر إلى حرية الصحافة ووسائل الإعلام البديلة. فالهدف والالتزام طويل
الأمد للبث الإذاعي والعمل الصحفي الأمريكي يشمل تعزيز احترام حقوق
الإنسان؛ وتعزيز المجتمع المدني، وسيادة القانون، والشفافية؛ نبذ
التعصب الديني والعرقي؛ ومكافحة الكراهية لوسائل الإعلام؛ و التواصل
لما تمثله الولايات المتحدة في سياستها من قيم وثقافة.
فالدعاية بصفة عامة تلعب دورًا رئيسًا لمكافحة المتطرفين وإحباط
حملتهم من أجل الهيمنة. فحركة طالبان تهدف إلى السلطة والسيطرة عن طريق
الدعاية. فقد أكد السفير هولبروك على ضرورة التعامل مع دعاية المتمردين
وجهًا لوجه وبالأسلوب ذاته. فالإذاعة هي الوسيلة المهيمنة في أفغانستان
وباكستان ومنطقة الحدود ومناطق النزاع الأخرى، وبالتالي من خلال
الإذاعة يمكن مكافحة المتمردين عن طريق كشف أهدافهم الحقيقة.
وفي ختام الجلسة، أكد الجميع على الدور الحيوي الذي يلعبه مجلس البث
الدولي الأمريكي لتحقيق ودفع الأهداف والمصالح القومية الأمريكية
وتمكين الجماهير في كفاحهم من أجل الحرية والديمقراطية. و اعتبار البث
الدولي الأمريكي جزءًا لا يتجزأ من جهود الحكومة الأمريكية خاصة في
العراق وأفغانستان. فالبث الدولي الأمريكي هو السلاح الأمريكي في
العراق وأفغانستان كورقة رابحة ضد انتشار الخوف والدعاية الطائفية
والتطرف والعنف. |