بعض اعضاء مجلس النواب الذين دعوا بشدة الى مقاضاة صحفيين ومؤسسات
اعلامية ذكروني بطرفة كانت تتردد في المجالس المغلقة ابان حكم النظام
السابق.
تقول النكتة ان رأس النظام تعجب كثيرا من عدم اعتراض الشعب على اي
من القرارات الفنتازية التي كان يصدرها ويفرض تطبيقها بالقوة، وبغية ان
يجبر المواطنين الى التذمر ولو لمرة واحد طلب من احد قواده الامنيين ان
يضيق الخناق على الناس ويغلق جميع الجسور بوجه المركبات واقصار العبور
للمشاة فقط، عسى ان يسمع كلمة اعتراض واحدة، الا ان حلمه تبدد مع سكوت
الجميع الذين طالما تحاشوا ظلمه وبطشه..
بعدها أمر بالتضييق اكثر فاكثر وقرر ان يتم صفع أي مواطن يروم
العبور من الكرخ الى الرصافة وبالعكس، آملا ان يطنب اسماعه بكلمة
اعتراض او صرخة امتعاض.. وبالفعل جاءه قائده الامني حاملا البشرى
بالقول ( سيدي لقد اعترضوا )... فرد عليه.. هل هتفوا ؟؟ هل تظاهروا ؟؟
هل اعتصموا؟؟ فقال القائد ( لا يا سيدي لقد طالبوا بزيادة عدد الرجال
الذين يصفعون المواطنين بغية تسريع عملية العبور لا أكثر).
وبرغم ان هذه الطرفة لم تكن تعبر عن واقع الشعب العراقي الذي كان
دائم الرفض لاساليب الظلم والقهر والاستبداد، وقدم في سبيل ذلك قوافل
طويلة من الشهداء والسجناء والمعترضين وبعضهم قبع في السجن لسنوات
طويلة بسبب رواية نادرة او التبسم لنكتة طالما مثلت احدى الاساليب
الدعائية المعارضة التي دعت الناس الى عدم السكوت والخنوع.
نحن على يقين من ان جميع تلك النكات كانت بحد ذاتها تمثل احدى
الصرخات بوجه الظالمين ومن يريدون ان يكموا افواه الحق ويخرسوها بقول..
هص.. هص.. اياك ان تعترض.. احذرك من الكلام.. تجنب الكتابة والرمزية..
دع عنك التجمع والتذمر والتظاهر والهتاف واقنع بالامر الواقع فحسب!!.
ان بنود حقوق الانسان تؤكد ان لكل شخص الحق في حرية الرأي
والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء
الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود
الجغرافية.
ونحن من جانبنا كصحفيين لا ننكر ان عدد من اعضاء مجلس النواب
العراقي كانوا حريصين على خدمة ابناء الشعب العراقي وان بعضهم قد ضحى
بذويه وأحبائه بل ان بعضهم دفع حياته ثمنا للحرية الغضة والديمقراطية
المنشودة، واسس لبناء دولة وفق انظمة الحداثة والتحضر.. الا ان حفنة من
اعضاء ذلك المجلس الكريم وبشهادة زملائهم لم يكونوا يملكون مقومات
النائب الحق وان دخولهم للمجلس لا يمثل الا هفوة الجاهلين بعلم الرجال
وخطأ المبتدئين باصول الاختيار.
اخيرا لا آخرا.. نريد ان لا يفوت البرلماني العراقي ان مهمته
الاساس تتمثل في الدفاع عن حقوق الشعب ومساندة ابناء هذا الوطن من
فقراء واغنياء ومواجهة الظلم والتقييد وكبت الحريات، لا التلويح
بالمقاضاة والتهديد بغلق الصحف والفضائيات ورفع شعار ( اسكت.. اصمت..
هص ). |