
شبكة النبأ: كشفت وسائل إعلامية أن
الإدارة الأمريكية الحالية بصدد البدء بسياسة جديدة تجاه السودان تستند
إلى فكرة العصا والجزرة، بمعنى أنها ستدعو إلى ممارسة ضغوط على الخرطوم
وفي الوقت نفسه تقدم لها الحوافز لدعم عملية السلام في البلاد.
وفي غضون ذلك اعتبرَ زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سالفا كير،
ان السودان يقف حاليا أمام مفترق طرق تاريخي، منبهاً الى وجود امكانية
حقيقية لإعلان استقلال جنوب البلاد. وقال كير الذي يترأس ايضا منطقة
جنوب السودان التي تتمتع بحكم ذاتي، في الوقت الذي يقترب فيه اتفاق
السلام الشامل من نهايته في العام 2011 يجد السودان نفسه فعلياً امام
مفترق طرق تاريخي.
وأشارت مصادر إعلامية غربية إلى أن الترغيب والترهيب في السياسة
الامريكية تجاه السودان هي الحل للخلاف داخل الإدارة حول كيفية التعامل
مع الملف السوداني بأقسامه المختلفة، وتحديداً ذلك المتعلق بدارفور، إذ
ينتظر أن تؤكد واشنطن على "وقوع" إبادة جماعية في ذلك الإقليم المضطرب،
رغم التصريحات التي أدلى بها في وقت سابق من العام الجاري المبعوث
الخاص لأوباما بأن السودان لم يعد متورطا في عمليات قتل جماعي في
المنطقة.
فقد ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن المبعوث الأمريكي الخاص
للسودان، الجنرال جي سكوت جراشن، قال إن البيت الأبيض سيستخدم مزيجا من
"الحوافز والضغوط" للمساعدة في إنهاء الصراع في دارفور، كما أفاد
التلفزيون السوداني الرسمي.
وقالت "واشنطن بوست" إن السياسة الأمريكية الجديدة التي تم التوصل
إليها بعد نقاش مطول تمثل تخفيفاً لموقف أوباما منذ حملته الرئاسية
العام الماضي عندما حث على فرض عقوبات أشد ومنطقة حظر جوي لمنع
الطائرات السودانية من قصف قرى في دارفور.
الخرطوم: حديث واشنطن عن ابادة في دارفور
مؤسِف
من جانبها رفضت الخرطوم استخدام واشنطن لعبارة "ابادة" لوصف النزاع
في دارفور (غرب السودان)، واعتبرت ان "من المؤسف" استمرار اللجوء الى
هذه العبارة. لكن غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني عمر البشير
اعتبر تعليقا على السياسة الجديدة للولايات المتحدة في السودان التي
كشفتها الاثنين وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، ان بلاده ترى
فيها "نقاطا ايجابية".
وقال صلاح الدين للصحافيين انه "من المؤسف" ان تواصل الولايات
المتحدة الحديث عن "ابادة جماعية" في دارفور، مؤكدا ان هذا الموقف
سيعزل واشنطن عن المجتمع الدولي.
لكنه تدارك ان السودان يرى في هذه السياسة الجديدة "نقاطا ايجابية
مقارنة بالسياسة السابقة" للادارة الاميركية حيال الخرطوم. واضاف "اجد
ان الامر بمثابة استراتيجية التزام وليس استراتيجية عزل"، في اشارة الى
الموقف الاميركي. بحسب رويترز.
واعلنت كلينتون ان الولايات المتحدة ستعرض على السودان حوافز
استنادا الى "تغيرات يمكن التحقق منها" على الارض في محاولة لانهاء
العنف في دارفور واحلال الاستقرار في جنوب السودان.
واضافت ان "تقويم التقدم والقرارات في شان الحوافز والروادع ستستند
الى التغيرات التي يمكن التحقق منها في الظروف على الارض".
ما هي الأسباب خلف العنف في السودان؟
يزيد عدد قتلى الاشتباكات خلال العام الجاري في جنوب السودان عن عدد
قتلى دارفور الواقعة في غرب البلاد. فما الذي تسبب في ارتفاع وتيرة
العنف؟.
لماذا يتقاتل الناس؟
وقع جنوب السودان وشماله اتفاقا للسلام في عام 2005 لينهي حربا
أهلية كانت تثور وتخبو منذ عام 1955 بسبب الدين والعرق والأيديولوجيا
والنفط. وهذه الحرب مختلفة عن تمرد دارفور الذي بدأ في عام 2003.
وتقدر الأمم المتحدة انه خلال العام الجاري قتل 1200 شخص على الأقل
في غارات وغارات انتقامية في الجنوب حيث تحرق العشائر القرى وتسرق
الماشية وتقتل النساء والأطفال. وأثار العنف مخاوف من ان أجزاء من
الجنوب قد لا يمكنها المشاركة في الانتخابات المقررة في ابريل نيسان
2010.
وكان العديد من قتلى حرب الشمال والجنوب هم من الجنوبيين الذين
يقتلون جنوبيين أيضا حيث كانت ميليشيا مدعومة من الخرطوم تقاتل جماعة
التمرد الجنوبية الرئيسية وهي الجيش الشعبي لتحرير السودان/الحركة
الشعبية لتحرير السودان التي تقود الان حكومة جنوبية شبه مستقلة. بحسب
تقرير رويترز.
ويقول منتقدون ان هذه الادارة لم تفعل ما يكفي لمصالحة العشائر
المتناحرة ونزع أسلحة المدنيين التي حصلوا عليها أثناء الحرب.
ما الذي يحدث الآن؟
تخوض العشائر صراعا منذ زمن طويل ضد بعضها البعض بسبب الماشية ولكن
شدة العنف خلال العام الجاري صدمت المراقبين.
ويقول سلفا كير رئيس جنوب السودان ان خصومه الشماليين السابقين
يسلحون عشائر لزعزعة استقرار المنطقة قبل انتخابات العام القادم
واستفتاء على انفصال الجنوب سيجري في عام 2011 بموجب اتفاق السلام.
ويقع العديد من حقول النفط الكبرى في السودان في الجنوب وأثرت
صراعات العام الجاري على ولاية جونقلي حيث منحت شركة توتال الفرنسية
العملاقة في مجال النفط ترخيصا للتنقيب.
غير ان البعض في الجنوب يقولون ان المنشأ داخلي ويلقون باللوم على
ساسة متنافسين يتطلعون الى حشد الدعم قبل أول انتخابات ديمقراطية في
السودان خلال 24 عاما.
ما الذي يجري؟
قام جنوب السودان بعدة محاولات لنزع أسلحة المدنيين ولكنها لم تحقق
نجاحا كبيرا. وتسبب التعامل السيء مع نزع أسلحة العشائر المتناحرة في
المزيد من العنف ولكن كثيرا من الجنوبيين يشعرون ان نزع الاسلحة مازال
هو الحل لانعدام الامن.
ويقول محللون ان نزع الاسلحة لن ينجح الا اذا قامت الشرطة او الجيش
بحماية المجتمعات الريفية وتم تسيير دوريات على الحدود لوقف تدفق
الاسلحة. وتدعم قوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة في الجنوب جهود
المصالحة بين العشائر.
دارفور
قال مارتين اجواي رئيس قوة حفظ السلام المشتركة من الامم المتحدة
والاتحاد الافريقي الذي انتهت فترة عمله ان المنطقة لم تعد في حالة حرب.
وجاء ذلك بعد ست سنوات من قيام متمردين غالبيتهم من غير العرب بحمل
الاسلحة مما أثار حملة وحشية مضادة للتمرد اسفرت عما وصفته الامم
المتحدة بأسوأ أزمة انسانية في العالم.
ويشترك المتمردون في منطقتي جنوب السودان ودارفور بالغرب في شكاوى
مماثلة بالاهمال من قبل الحكومة المركزية ويطالبون بنصيب اكبر من
التنمية والثروة والسلطة. ولكن متمردي دارفور شعروا ان اتفاق السلام
بين الجنوب والشمال استبعدهم.
هل انتهت الحرب؟
يتفق كثير من المحللين على ان القتال واسع النطاق انتهى في دارفور
وهو صراع وصفته واشنطن في ذروته بأنه إبادة جماعية وهو تعبير ترفضه
الخرطوم.
غير ان الانقسام بين المتمردين والاستياء بين الميليشيات تجاه
الحكومة التي حشدتها وأعمال قطع الطرق في منطقة تكثر فيها الأسلحة أدى
الى انهيار القانون والنظام.
ودأب المسلحون على مهاجمة جماعات المعونة وقوات حفظ السلام
والمدنيين وحتى الشرطة لكن اعتقال مرتكبي الجرائم نادر الحدوث. وشهد
العام الجاري ظاهرة جديدة حيث يقوم شبان باختطاف موظفين يعملون في
المنظمات الدولية ويطالبون بدفع فدى.
وتستمر الاشتباكات المتفرقة بين الحكومة والمتمردين فيما يحاول
الطرفان السيطرة على المزيد من الارض قبل محادثات السلام.
ماذا بشأن عملية السلام؟
يقول محللون ان أكثر بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تمويلا
وهي قوة حفظ السلام المشتركة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي (يوناميد)
لن تكون قادرة على وقف الهجمات بدون اتفاق سلام شامل يعالج مخاوف
المتمردين والميليشيات والمدنيين.
وبعد مضي عامين لم تصل يوناميد بعد الى قوتها الكاملة بسبب مشاكل
تتعلق بالامداد والتموين وعقبات تثيرها الخرطوم. وفشلت الدول المانحة
في توفير المعدات التي تحتاجها البعثة مثل طائرات الهليكوبتر.
ولم يتمكن المجتمع الدولي من توحيد المتمردين خلف عملية سلام واحدة.
ومن المقرر ان يتم استئناف المحادثات في قطر بين حكومة السودان وأقوى
جماعات المتمردين من الناحية العسكرية وهي حركة العدل والمساواة.
تحذيرات من سباق للتسلح بين الشمال والجنوب
وفي نفس السياق ذكرت دراسة ان القوات المسلحة في شمال وجنوب السودان
تخوض سباقا للتسلح يهدد باعادة البلاد الى الحرب الاهلية.
وخاض الشمال والجنوب حربا أهلية على مدى نحو عشرين عاما انتهت
بابرام اتفاق سلام في عام 2005. لكن العلاقات لا تزال متوترة ويواجه
الاتفاق اختبارات مهمة قريبا تتمثل في الانتخابات العامة التي ستجرى
العام القادم ثم استفتاء على استقلال الجنوب في 2011. بحسب رويترز.
وعلاوة على ذلك فقد ادى تصاعد الاشتباكات العرقية في الجنوب الى
مقتل اكثر من 1200 شخص هذا العام مما اثار مخاوف من حدوث المزيد من
القلاقل في المنطقة النائية التي تفتقر للتنمية.
وقال اريك بيرمان المدير الاداري لمركز مسح الاسلحة الصغيرة ومقره
جنيف في بيان "مع استمرار العنف في جنوب السودان ودارفور وتزايد
التوترات بين الحكومتين الشمالية والجنوبية فان التدفق المستمر للاسلحة
يجب ان يكون مبعث قلق كبير لدى المجتمع الدولي."
ويتهم مسؤولون جنوبيون خصومهم السابقين في الحرب الاهلية في الشمال
بتسليح ميليشيا قبلية منافسة لزعزعة الاستقرار في منطقتهم قبل
الانتخابات والاستفتاء. وتنفي الخرطوم ذلك.
السودان امام مفترق طرق بين التوحد او انفصال
الجنوب
من جانب اخر اعتبر زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سالفا كير ان
السودان يقف حاليا امام "مفترق طرق تاريخي"، منبها الى وجود امكانية "حقيقية"
لاعلان استقلال جنوب البلاد.
وقال كير الذي يترأس ايضا منطقة جنوب السودان التي تتمتع بحكم ذاتي،
في خطاب القاه في جوبا امام رؤساء ابرز الاحزاب السياسية "في الوقت
الذي يقترب فيه اتفاق السلام الشامل من نهايته في العام 2011 يجد
السودان نفسه فعليا امام مفترق طرق تاريخي".
يذكر ان هذا الاتفاق وقع في العام 2005 ليضع حدا لحرب اهلية بين
الشمال والجنوب دامت عقدين من الزمن ادت الى مقتل حوالى مليوني شخص.
وينص الاتفاق على تنظيم انتخابات وطنية في نيسان/ابريل 2010 واستفتاء
حول استقلال جنوب السودان في مطلع العام 2011.واضاف كير "من دون استباق
نتيجة الاستفتاء، لنقل ان الاحتمالين، اي التوحد والانفصال، واردان".
والقى كير خطابه وهو يعتمر كالعادة قبعة رعاة البقر التي لا
تفارقه.والى حين اجراء الاستفتاء، تعهد حزب المؤتمر الوطني برئاسة
الرئيس السوداني عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان (المتمردون
الجنوبيون سابقا) برئاسة سالفا كير بجعل صورة السودان الموحد "جذابة".
يذكر ان السودان هو الدولة الاكبر في افريقيا وهو ينقسم بين الشمال
المسلم والجنوب ذات الاغلبية المسيحية.
واوضح كير "بالنسبة الى الحركة الشعبية لتحرير السودان تبقى الوحدة
قضية سامية، لكن ليس اي وحدة. فالوحدة في ظل الوضع الراهن في جنوب
السودان لا تهم احدا".
واضاف "ان الذين يظنون ان تحقيق الوحدة ممكن من خلال تحركات او
هتافات وطنية مخطئون" مشيرا الى حزب المؤتمر الوطني الحاكم والى بعض
المعلقين السياسيين المحليين.
ويختلف الحزبان على طريقة تطبيق اتفاقية السلام، وبشكل خاص حول سبل
ارساء الديموقراطية في السودان، وعلى نتيجة المسح الذي يفترض على اساسه
تشكيل الدوائر الانتخابية، وعلى القانون الذي ينظم استفتاء العام 2011.
تحقيق في وفاة 77 من الايتام
وفي غضون تفاقم الاحتقان السياسي قال مسؤولون سودانيون إن وفاة 77
طفلا في دار الايتام الرئيسية بالسودان أدت الى اجراء تحقيق كبير في
القضية التي كشفت محنة الاطفال الذين تتخلى عنهم امهاتهم في البلاد.
قال نيلس كاستبرج ممثل اليونيسيف في السودان لرويترز مشيرا الى دار
الايتام الحكومية التي حدثت بها الوفيات "رأينا الارقام الرسمية وهي
مروعة. وارحب بقرار اجراء تحقيق في الوضع الحالي في دار المايقوما."
ودافع مدير منظمة (انا السودان) الخيرية التي تدير دار المايقوما
للايتام بالخرطوم عن سجله العملي وقال لرويترز انه انقذ ارواح الالاف
من الاطفال واضاف ان الوفيات لا يمكن تفاديها نظرا للحالة الصحية للرضع
لدى وصولهم الى الدار. بحسب رويترز.
وقال محمد محي الدين الجميعابي مدير المنظمة ان الاعداد كبيرة وانهم
تسلموا في الشهر الماضي 64 طفلا خديجا معظمهم يعاني من تسمم الدم ولا
يستطيع عمل شيء لهم.
وقال ان معظمهم ولد قبل الاوان وفي اماكن غير صحية وعثر عليهم في
قنوات المياه او المجاري ويحتاجون الى حضانات لكن من الصعب جدا الحصول
على حضانات هناك.
وتشير تقديرات الامم المتحدة الى ان المئات من الرضع تتخلى عنهم
امهاتهم في الخرطوم كل عام نتيجة لعجزهن عن تحمل وصمة ولادة طفل خارج
اطار الزواج. ويلاقي نصف الرضع حتفهم قبل ان تصل اليهم يد المساعدة.
ويوضع معظم الرضع الذين يتم العثور عليهم في شوارع العاصمة
السودانية في دار المايقوما حيث تحاول السلطات ايجاد عائلات تأويهم. |