
شبكة النبأ: رغم الباع الطويل الذي
قطعته حركة الإخوان المسلمين في مصر إلا إن مظاهر عدم نضوج مشروع
الدولة لدى قادتها يبدو جليا للمتابعين.
فيما تبقى الصراعات الجانبية داخل الحركة تلقي بضلالها مباشرة على
الأداء السياسي والتنظيمي بشكل لافت.
و تشير العديد من التقرير الصحفية الى إقدام محمد مهدي عاكف أعلى
رجل في الحركة على تقديم استقالته بسبب حدة الخلافات المتراكمة.
النظام يفتعل الأزمة
حيث نفى المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، محمد مهدي
عاكف، أن يكون قد قدم استقالته نتيجة "خلاف" مع عدد من أعضاء مكتب
الإرشاد، واتهم "الأمن والنظام" بمحاولة تشويه صورة الجماعة، من خلال
افتعال الأزمة التي تعيشها الجماعة، التي تُعد كبرى جماعات المعارضة.
وقال عاكف إن "ديكتاتورية النظام، ورغبته في الانفراد بالحكم من دون
منازع، جعلته يمارس حملته الشعواء ضد الإخوان المسلمين، بعدما كشفوا
الفساد المتفشي في البلاد، خاصة أنه استشعر خطورة مصداقية خطابهم
وبرامجهم على خططه لتزوير إرادة الناخبين في الانتخابات التشريعية
القادمة." بحسب (CNN).
وأضاف، في رسالته الأسبوعية تحت عنوان "الأوطان.. بين تراجع الدور
وفجور الخصومة"، أن "المُطلع على أوضاع مصر والأمة العربية والإسلامية،
يجد أمامه صورة مؤسفة، ويدرك أن هذه الحالة التي تحياها الأمة، ليست
استثناءً، بعدما تباعدت الفجوة ما بين الحكومات والشعوب."
وتابع، في الرسالة التي نُشرت على الموقع الإلكتروني للجماعة قائلاً:
"باتت الأُمة تفقد كل يوم أغلى ثرواتها، وهي أبناؤها المخلصون الشرفاء،
بسبب فجور الخصومة وعنف العداوة من جانب الأنظمة إزاء أصحاب كلمة الحق
والإصلاحيين من أبناء أوطاننا العربية والإسلامية."
وحول تداعيات الخلاف الذي تشهده جماعة "الإخوان المسلمين"، على
خلفية اتجاه نحو تصعيد مسؤول الملف السياسي وعضو مجلس شورى الإخوان،
عصام العريان، لعضوية مكتب الإرشاد، اعتبر المرشد العام أن الأمر لا
يتجاوز "خلاف في وجهات النظر."
ورداً على تقارير تحدثت عن تقديمه استقالته، قال عاكف، في مقابلة مع
تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية BBC، ونُشرت أيضاً على موقع الجماعة،
إنه ما زال يمارس مهام عمله، وأنه "من العيب" أن يقدم استقالته لاختلاف
رأيه مع آراء عدد من أعضاء مكتب الإرشاد.
وأضاف: "نحن الإخوان المسلمين عملنا على الهواء، بمعنى أن الأمن
يعلم كل كلمة تُقال داخل مكتب الإرشاد، أو خلال الاجتماعات"، وأوضح أنه
"لم يكن إلا خلافاً طبيعياً، كثيراً ما يحدث داخل مكتب الإرشاد، لأنهم
يحبون أن يقول كل واحد منهم رأيه بحرية."
وألقى عاكف على الأجهزة الأمنية مسؤولية الأزمة، قائلاً: "الأمن
يحاول أن يوظف بعض كلام الإخوان لصالحه، ويسلط الضوء على الجماعة
لمحاربتها سياسيا"، إلا أنه شدد على قوله إن "هذا لن يسنينا عن مسيرتنا
الإصلاحية، أو الدعوة إلى النهوض بهذا البلد."
وحول ما أُثير بشأن تصعيد العريان لمكتب الإرشاد، قال: "هذا شيء
طبيعي، فأخ كريم كالدكتور عصام العريان، جاء دوره في أن يصعد لمكتب
الإرشاد في انتخابات حصل فيها على 40 في المائة، وهذا كان رأيي، ولكن
بعض الإخوان قالوا إن هذا يخالف اللائحة، وهناك انتخابات قادمة بعد
أسابيع، وكانت هذه هي وجهة نظرهم."
كما شدد عاكف، خلال المقابلة، على أنه "ليس في الجماعة ما يسمى
تياران، أحدهما محافظ والآخر إصلاحي"، وقال إن "هذا كلام لمجموعة من
الناس لا تعرف أي شيء عن الإخوان، وإنه من حق الجميع أن يتكلم، ولكن
ليس كل ما يُقال يُصدق."
ازمة داخلية
من جانب آخر تشهد جماعة الاخوان المسلمين، اكبر قوى المعارضة
المصرية، ازمة داخلية حادة على خلفية خلافات حول تصعيد احد قادة التيار
الاصلاحي الى مكتب الارشاد، بحسب تقارير صحفية.
وقالت الصحف المصرية ان عاكف اصر على موقفه المؤيد لتصعيد القيادي
في الجماعة عصام العريان الى مكتب الارشاد وهو بمثابة المكتب السياسي
للحركة.
وتأتي هذه الازمة الحادة بعد اسابيع من الخلافات داخل الجماعة بين "المحافظين"
و"الاصلاحيين" فيها حول تصعيد العريان المنتمي الى الجناح الاخير
لعضوية مكتب الارشاد، وفق الصحف المصرية.
واكد الصحافي عبد المنعم محمود الذي ينتمي الى الجناح الاصلاحي في
جماعة الاخوان ان استقالة عاكف يمكن ان تؤدي الى انقسام خطير داخل
الجماعة.
وقال ان "عاكف رجل متوازن يحاول التقريب بين مختلف وجهات النظر
وبدونه يمكن ان يحدث انفجار داخل الجماعة". بحسب فرانس برس
يذكر ان الاخوان المسلمين حققوا اختراقا تاريخيا في الانتخابات
التشريعية الاخيرة التي جرت في العام 2005 اذ فازوا ب 20% من مقاعد
مجلس الشعب (88 نائبا).
صراع الاجنحة
في سياق متصل حسم جناح المحافظين في جماعة الاخوان المسلمين الصراع
مع الاصلاحيين لصالحه ما دفع المرشد العام محمد مهدي عاكف الى الانسحاب
وتفويض صلاحياته لنائبه الاول محمد حبيب مما سيؤدي على الارجح الى "انكفاء
الجماعة على نفسها" حسبما يرى محللون.
واكد عاكف على وجود خلافات داخلها. واوضح انه "امر طبيعي ان النائب
الاول يحل محل المرشد في حالة غيابه. لم اغير سلوكياتي لكنني تخففت من
اعبائي".
وتاتي تصريحات عاكف لتؤكد ان جماعة الاخوان المسلمين اكبر قوة
معارضة في مصر، تواجه ازمة داخلية كبيرة بين الجناحين المحافظ
والاصلاحي ما دفع مرشدها العام الى الاحتجاج بشكل عاصف.
وهذه هي المرة الاولى التي يظهر فيها خلاف داخلي في جماعة الاخوان
التي تشكل اكبر قوة معارضة في مصر، الى العلن على هذا النحو منذ
تاسيسها قبل 81 عاما. فالجماعة تنظيم معروف بانه يعمل خلف ستار من
السرية.
وتابع المرشد العام للاخوان ان "المشكلة ان الناس (في مصر) ليست
معتادة على ان يترك اي شخص او قيادي منصبا يشغله".
وقال "اليس من حقي حينما اختلف على قضية من القضايا ان اقول للاخوة
شدوا حيلكم انتم وانا سارتاح؟ ومع ذلك لم اقلها".
وشدد على ان "الناس ليست معتادة على ان يترك شخص منصبه ويقول السلام
عليكم". واوضح ان "الخلاف مع اعضاء مكتب الارشاد كان حول تفسير اللوائح"
مشيرا الى انه كان يرى "تصعيد عصام العريان عضوا في مكتب الارشاد" ولكن
المختلفين معه "يرون ضرورة انتخابه من مجلس شورى الجماعة".
وقال ان "اللوائح ليست كل شئ والضغوط الامنية لا تتيح لنا عقد مجلس
الشورى لانني اذا جمعت ثمانين او تسعين شخصا من اعضاء هذا المجلس سيتم
القبض عليهم". واستطرد "انا احب عصام العريان واعتبر انه متميز في
اخلاقه ودينه والتزامه بالجماعة".
والعريان الذي تعامل معه الصحافيون المصريون والمراسلون الاجانب
كمتحدث باسم الجماعة طوال السنوات السابقة، ينتمي الى ما يعرف بجناح
الاصلاحيين داخل الاخوان في حين يمثل اعضاء مكتب الارشاد جميعا
باستثناء عبد المنعم ابو الفتوح المسجون حاليا، جناح المحافظين من "الحرس
القديم".
واكد عاكف ان "صف الاخوان مبارك لكنهم يخافون من التغيير من كثرة
القهر الذي تعرضوا ويتعرضون له. فهناك 320 من اعضاء الصف الاول والصف
الثاني للاخوان في السجون".
ويتعرض الاخوان المسلمون الذين حققوا انتصارا تاريخيا في الانتخابات
التشريعية الاخيرة في 2005 بفوزهم ب20% من مقاعد مجلس الشعب، لضربات
امنية منتظمة في صورة اعتقالات ومحاكمات.
وقال عاكف (81 عاما) الذي انتخب مرشدا عاما للاخوان في 2004 انه سبق
ان "اعلن انه لن يترشح مجددا لمنصب المرشد" بعد انتهاء ولايته الحالية
نهاية العام الجاري مؤكدا انه "مازال ملتزما بهذا الموقف".
واكد عبد المنعم محمود وهو صحافي ينتمي الى جناح الاصلاحيين داخل
جماعة الاخوان ان الصراع ناجم "عن سيطرة المحافظين على قيادة الجماعة
وعدم اقتناعهم بالانفتاح على القوى الاخرى في العمل السياسي".
واضاف ان عاكف الذي ينتمي اصلا الى الحرس القديم "رجل متوازن ويسعى
للتوفيق بين وجهات النظر المختلفة داخل الجماعة".
وقال الباحث في شؤون الحركات الاسلامية حسام تمام ان الصراع بين
الاصلاحيين او "ما يسمى بتيار العمل العام الذي نشأ في الحركة الطلابية
في سبعينات القرن الماضي واقدم على العمل النقابي والبرلماني وبين تيار
العمل التنظيمي الذي يمسك بمفاصل الجماعة ليس جديدا".
ولكنه يضيف انه حتى الان "كان التياران متعايشان واختيار مهدي عاكف
مرشدا عاما في 2004 كان تعبيرا عن الرغبة في استمرار هذا التعايش الذي
سقط مع هذه الازمة الاخيرة".
واكد ان المحافظين داخل جماعة الاخوان "حسموا الصراع لصالحهم" غير
انه استبعد ان يؤدي ذلك الى "انشقاق في صفوفها لاسباب عديدة اهمها تجذر
فكرة الالتزام التنظيمي داخلها".
وتوقع تمام ان يؤدي الصراع الى "ارتباك اداء الجماعة خصوصا خلال
الانتخابات التشريعية العام المقبل وارتباك خطابها السياسي وانفكاء
التنظيم على نفسه" ورجح ان "تقل جاذبيته الشعبية". واكد ان الاخوان
مرشحون "للاقتراب من صيغة التنظيم المغلق اكثر من التنظيم الجماهيري".
المرشد يدعو للجهاد
من جهته دعا المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة بمصر
محمد مهدي عاكف الى الجهاد "لان ديار المسلمين مخربة" ولان كثيرا من
حكومات الدول الاسلامية "تنفذ أجندة خارجية".
لكنه قال في مؤتمر صحفي انه لن يدعو أعضاء الجماعة في مصر للخروج في
مظاهرات منعا لاراقة الدماء.
ويعتقد كثيرون ان جماعة الاخوان المسلمين وهي جماعة محظورة قانونا
لكن السلطات تتغاضى في احيان كثيرة عن نشاطها هي كبرى جماعات المعارضة
في مصر وسبق لها ان دعت ألوفا من انصارها الى التظاهر. بحسب فرانس برس.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد لبيان جهود الجماعة لمساندة
الفلسطينيين الذين ينتابهم القلق بشأن أنباء تفيد بأن يهودا يعتزمون
اقتحام الحرم القدسي الشريف انتقد عاكف مواقف الدول العربية والاسلامية
التي يرى أنها متخاذلة.
وقال "معظم أو غالبية أو الكثير من هذه الانظمة تنفذ أجندة خارجية
ضد رغبة الشعوب الاسلامية." بحسب رويتر.
وأضاف "الشعب المصري والشعوب العربية والاسلامية على استعداد للتطوع
بالملايين للجهاد في فلسطين ولكن الانظمة العربية تحول دون ذلك وتمنعهم
من التوجه الى فلسطين."
وتابع أن "الشعوب الاسلامية محاصرة في بلدانها."
لكن جماعة الاخوان المسلمين تنبذ العنف وتقول انها تسعى لتحقيق
أهدافها بالعمل السلمي.
وأضاف "أعضاء الجماعة لن يخرجوا في مظاهرات في الشوارع حتى لا تحدث
مصادمات مع قوات الامن وتسيل الدماء."
وتابع أن حدوث ذلك "يحقق رغبة أمريكية وصهيونية في تحويل مصر الى
أفغانستان وباكستان أخريين يتقاتل فيها المسلمون."
انتخابات الرئاسة
على صعيد متصل قال محمد مهدي عاكف ان الجماعة لن تحاول تحدي الحزب
الوطني الديمقراطي الحاكم في انتخابات الرئاسة التي تجري في 2011 في ظل
الدستور الحالي.
وقال عاكف ان حركته التي تسعى لاقامة دولة اسلامية بوسائل غير عنيفة
لن تقوم بعملية تحد انتخابي.
واضاف عاكف "الرئاسة الان ليست في اجندتي لان الرئاسة تحتاج الى
مقدمات كبيرة جدا حينما اريد ان ارشح للرئاسة اولها الحريات والدستور
النظيف وليس الدستور المعدل."
وفي تأكيد لموقف الاخوان المسلمين من انهم لا يريدون مواجهة مفتوحة
مع الدولة قال عاكف "لي تقديراتي هل ادخل بالقوة واصطدم مع النظام. انا
قلت لهم لا انما ادخل مع بقية كل الشرفاء من ابناء مصر ونتعاون سويا
حتى نصلح هذا الفساد انا لست مصر انا جزء من مصر.. مهمتنا ان نضع
ايدينا في ايدي بعض حتى نصلح الحال."
ولم يعلن مبارك /81 عاما/ والذي يحكم مصر منذ عام 1981 ما اذا كان
سيرشح نفسه في انتخابات 2011. واثار صمته تكهنات بشأن من سيخلفه مع
تركز الاضواء على جمال نجله السياسي البالغ من العمر 45 عاما. ولكن
مسؤولين يقولون ان هذه المسألة غير مدرجة على جدول اعمال مؤتمر يعقده
الحزب الحاكم حاليا.
وقال عاكف انه اذا اصبح جمال والذي على عكس كل رؤساء مصر ليس له
خلفية عسكرية رئيسا فانه سيكون مدينا بالفضل لقوات الامن.
واضاف ان "جمال مسؤول عن كل شيء هو الذي يعين الوزراء ولجنة
السياسات هي المسؤولة وجمال لا يملك من امر نفسه شيئا. جمال الامن
يحكمه."
ويقول محللون ان من بين المرشحين المحتملين الاخرين للرئاسة عمر
سليمان رئيس المخابرات العامة او مرشح عسكري كحصان اسود.
وقال عاكف "اشفق على اي رئيس جمهورية قادم ان لم تسبقه حرية الشعب
واقامة العدل واقامة القيم والاخلاق .. الامن هو اللي حيبقي رئيس
جمهورية. الامن النهارده هو الذي يسير رئيس الجمهورية ويسير الحكومة
ويسير كل شيء .الامن هو الذي يحكم مصر." |