
شبكة النبأ: لا يزال الغموض يكتنف
مسار الأوضاع السياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصا بعد تعثر
اتفاق المصالحة المزمع بين حركتي فتح وحماس، الأمر الذي ينسحب على قدره
السلطة الفلسطينية في رام الله إجراء الانتخابات بشكل ناجح.
من جانب آخر كشف استطلاع اجري مؤخرا عن عدم وجود قناعة لدى الشباب
الفلسطيني بقادتهم الحاليين، سيما بعد الإخفاقات المستمرة والتناحر
المستمر بين الحركات والأحزاب السياسية التي خلفت أوضاع مزرية الى جانب
الاحتلال.
غموض يشوب الانتخابات
من جهته دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى إجراء انتخابات رئاسية
وبرلمانية في 24 يناير كانون الثاني لكنه لا يواجه أي سيناريوهات جيدة:
اذا لم يتم التوصل لاتفاق بين حركة فتح التي يتزعمها عباس ومنافسيه
الاسلاميين في حركة المقاومة الاسلامية (حماس) فان الرئيس الفلسطيني
المدعوم من الغرب سيضطر الى خوض الانتخابات بمفرده ويختار مرشحين في
قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حماس التي سيكون من السهل عليها تعطيل
الانتخابات. وقد يؤدي اجراء الانتخابات بهذه الطريقة الى تعزيز
الانقسام في صفوف الفلسطينيين. بحسب رويترز.
حماس التي فازت باخر انتخابات برلمانية فلسطينية قالت انها ستمنع
اجراء الانتخابات ما لم تتوصل لاتفاق مع حركة فتح. وقال مسؤول بارز في
حكومة حماس المقالة في قطاع غزة ان الحركة الاسلامية تبحث اجراء
انتخابات منفصلة ردا على مرسوم عباس.
وقد تعين حماس رئيسا من جانب واحد مع انتهاء فترة رئاسة عباس في
يناير وهي خطوة ستعمق الشقاق.
ومن غير المرجح أن تسمح الحكومة الاسرائيلية ذات التوجه اليميني
باجراء انتخابات في القدس الشرقية العربية التي احتلتها اسرائيل في حرب
1967 وضمتها إليها فيما بعد في خطوة لا تحظى بتأييد المجتمع الدولي.
وقد يضعف اصدار اسرائيل قرارا بحظر التصويت في القدس -رغم أن
اسرائيل سمحت بذلك تحت ضغط دولي عامي 1996 و2006- من عباس ويثير
تساؤلات حول شرعية التصويت وهي ورقة قد تستغلها حماس جيدا.
وقد يؤدي اجراء انتخابات دون حماس الى أن يكون للفلسطينيين رئيسان
وبرلمانان ورئيسان للوزراء مما سيمثل انتكاسة كبيرة لمساعي الفلسطينيين
اقامة دولة لهم في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية.
واذا تم التوصل لاتفاق في اللحظة الاخيرة بين فتح وحماس مما يمهد
الطريق أمام اجراء الانتخابات في يونيو فان عباس قد يعلن تأجيل
الانتخابات حتى صيف العام المقبل.
عباس يبقي الباب مفتوحا
الجدير بالذكر ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبقى الباب مفتوحا
امام المصالحة الفلسطينية بين حركة فتح التي يتزعمها وحركة المقاومة
الاسلامية (حماس).
وقال عباس في كلمة له امام اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير
الفلسطينية في رام الله "سنستمر في المصالحة (مع حماس) وفي العمل
السياسي والمفاوضات (مع اسرائيل) حسبما الزمنا انفسنا به وهو الشرعية
الدولية."
واوضح عباس ان اصدار المرسوم الذي حدد اجراء الانتخابات في موعدها
الدستوري في 24 يناير كانون الثاني بعد ان كان قد قبل بتأجيلها حتى شهر
يونيو حزيران جاء بسبب فشل جهود المصالحة مع حماس والتي تتوسط فيها مصر
وأضاف "الان هناك استحقاق دستوري.. هناك قانون وهناك واجب.. هذا
الموضوع (اصدار المرسوم) ناقشناه في كل المؤسسات قبل ان نعلنه اليوم في
الصحف."
وتابع "نحن مستمرون في الاستحقاق الدستوري المطلوب منا ان نعمله...
وسنسير الى الامام ونأخذ الامور بمنتهى الجدية ولا يظن احد اننا...
نناور في موضوع المرسوم ونتائج المرسوم وتطبيق المرسوم."
ورفضت حماس التي فازت باغلبية ساحقة في الانتخابات التشريعية
الفلسطينية التي جرت عام 2006 دعوة عباس لاجراء الانتخابات في موعدها
الدستوري قبل التوصل لاتفاق مصالحة وقالت انها لن تسمح باجراء
الانتخابات في قطاع غزة الذي تسيطر عليه مشيرة الى أنها قد تجري
انتخابات من جانبها في غزة وهو ما قد يوجد رئيسين وبرلمانين ورئيسي
وزراء متنافسين. ورفض عباس ما ذهبت اليه حماس من تشكيك في قانونية
المرسوم الذي اصدره.
وقال "لابد ان تنتهي معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ومعاناة مئة الف
فلسطيني لا زالوا يعيشون في العراء وحماس تعيش في بحبوحة في كل مكان."
وفي قطاع غزة قال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس عن كلمة عباس في رام
الله "هذا الخطاب مليء بالكذب والتضليل والمتناقضات."
وأضاف أن عباس "حاول أن يؤلب الرأي العام على حركة حماس وعلى
المقاومة الفلسطينية."
ويعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية دورة عادية تحت اسم
(القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة) يناقش فيها الاوضاع السياسية
الداخلية اضافة الى المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي ومن المتوقع ان
تحظى دعوة عباس الى اجراء الانتخابات في موعدها الدستوري بدعم من
المجلس المركزي.
عباس ربما لا يرشح نفسه
من جانبهم قال مسؤولون فلسطينيون ان الرئيس محمود عباس أبلغ الرئيس
الامريكي باراك أوباما أنه لن يعيد ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة ما
لم تتخل اسرائيل عن رفضها تجميد المستوطنات.
وقال مسؤول فلسطيني يطلعه عباس على أحدث التطورات بشكل منتظم وطلب
عدم نشر اسمه ان الرئيس الفلسطيني أبلغ أوباما "أنه لن يترشح مرة أخرى
للانتخابات الرئاسية (في يناير) الا اذا التزمت اسرائيل بمتطلبات عملية
السلام."
وقال المسؤولون ان عباس أبلغ هذه التصريحات لاوباما للتعبير عن غضبه
ازاء ما يراه الفلسطينيون تراجعا في الضغط الامريكي فيما يتعلق ببناء
منازل للمستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين. بحسب
رويترز.
لكن الطيب عبد الرحيم وهو مساعد رفيع للرئيس الفلسطيني نفى ذلك ووصف
المكالمة الهاتفية بين عباس وأوباما بأنها كانت "دافئة وودية وصريحة."
وهدد عباس بالتنحي عن منصبه أكثر من مرة في الماضي. وكان قد جعل
العودة الى محادثات السلام مشروطة بوقف اسرائيل الانشطة الاسيطانية بما
يتوافق مع "خارطة الطريق" لعام 2003 .
لكن مسؤولين فلسطينيين ذكروا تفاصيل عن مكالمته مع أوباما أبدوا
شكهم في اقدامه على هذه الخطوة. ولم تطرح حركة فتح التي هزمتها حركة
المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام
2006 مرشحا اخر للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 يناير كانون الثاني.
وقال أحد المسؤولين الفلسطينيين "العلاقة بين الفلسطيينين وأمريكا
يشوبها توتر شديد ... لقد تراجعوا عن مواقفهم السابقة."
ولم يتسن الحصول على الفور على تعقيب من القنصلية الامريكية في
القدس والمفاوض الفلسطيني صائب عريقات.
وخلال اجتماع مع عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في
نيويورك الشهر الماضي حث أوباما اسرائيل على الحد من الانشطة
الاستيطانية في تراجع خطوة عن مطلبه الاصلي بوقف عمليات البناء بموجب
خارطة الطريق التي تحدد مسارا نحو اقامة دولة فلسطينية.
واستبعد نتنياهو تعليقا كاملا للبناء داخل المستوطنات الموجودة
بالفعل قائلا ان هناك حاجة لاستيعاب النمو الطبيعي للمستوطنين.
وقال مسؤولون فلسطينيون انه في الوقت الراهن تحث واشنطن الفلسطينيين
على استئناف محادثات السلام المعلقة منذ ديسمبر كانون الاول دون تجميد
النشاط الاستيطاني.
ونقل أحد المسؤولين عن جورج ميتشل المبعوث الامريكي للسلام في الشرق
الاوسط قوله لعريقات "تفاوضتم مع (رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق
ايهود) أولمرت بينما كانت الانشطة الاستيطانية مستمرة. ما هو الفارق
الان.."
ومن المتوقع أن يعود ميتشل للمنطقة في وقت لاحق هذا الاسبوع لمواصلة
سعيه للتوصل الى صيغة لاحياء محادثات السلام.
وفي مقابلة أجرتها اذاعة صوت فلسطين مع عريقات يوم الاثنين قال ان
من غير المرجح استئناف المفاوضات مع اسرائيل في المستقبل القريب وهو
نفس ما ردده مسؤولون اسرائيليون.
وطلب نتنياهو من عباس بدء المحادثات على الفور دون شروط مسبقة.
ويقول عباس انه يطلب فقط أن تنفذ اسرائيل التزاماتها بموجب خارطة
الطريق.
وشكك مسؤولون بالحكومة الاسرائيلية في أن يبدي عباس مرونة تجاه
اسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية المقررة خلال
ثلاثة أشهر.
حماس تهدد
من جهتها قالت حركة حماس إنها لن تسمح بإجراء الانتخابات في القطاع
مهددة بمساءلة كل من يتعاطى معها.
وفيما اشتدت الحرب الإعلامية والكلامية ضد السلطة الفلسطينية، وخاصة
رئيسها محمود عباس، باعتبار أنه "فاقد للشرعية" وأنه بقراره إجراء
الانتخابات إنما يكرس الانفصال بين القطاع والضفة، وجه النائب الأسير
وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مروان البرغوثي، نداء لحماس بضرورة
الإسراع في التوقيع على وثيقة المصالحة.
ففي قطاع غزة، توعدت حركة حماس الأربعاء بمساءلة كل من يتعاطى مع
الانتخابات التي دعا إليها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في
يناير/كانون الثاني المقبل.
وجاء هذا التوعد على لسان ما يسمى "وزارة الداخلية الفلسطينية في
غزة" وذلك في بيان لها تحت عنوان "لأن إعلانها جاء ممن لا يملك حق
الإعلان عنها."
وقالت الوزارة إنها لن تسمح بإجراء الانتخابات في القطاع، وأنها
ستقوم بمساءلة كل من يتعاطى مع هذه الانتخابات، معلنة رفضها إجراء
الانتخابات في قطاع غزة، بحجة أن إعلانها "جاء ممن لا يملك حق الإعلان
عنها، ولأنها جاءت دون توافق وطني."
وكان الدكتور أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي
الفلسطيني قد قال "إن دعوة الرئيس محمود عباس إلى إجراء انتخابات
تشريعية ورئاسية حبر على ورق، ولا قيمة لها ولا أثر من الناحية
الدستورية." بحسب (CNN).
واعتبر بحر أن عباس "لا يملك أية صفة دستورية للدعوة إلى انتخابات
رئاسية وتشريعية، لانتهاء فترة ولايته منذ التاسع من يناير/كانون الأول
الماضي وفقًا لأحاكم المادة 36 من القانون الأساسي"، وفقاً لما ذكره
المركز الفلسطيني للإعلام، الذي يعد الذراع الإعلامية للحركة على
الإنترنت.
من جهته، أكد رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، عزيز دويك، أن دعوة
رئيس السلطة لعقد الانتخابات مطلع العام القادم هي بمثابة مسمار في نعش
الوحدة والمصالحة والتفاهم، الذي كاد أن يقترب من الوفاق الوطني الفترة
الماضية.
وأضاف دويك في تصريح صحفي "أن الوضع العام في الضفة الغربية المحتلة
ما زال يتأزَّم يومًا بعد يوم، في ظل استمرار ميليشيا عباس في
إجراءاتها التي تتخذها من طرف واحد"، مشددًا على ضرورة المصالحة وإنهاء
الخلاف والاختلاف.
أما القيادي في حماس، صلاح البردويل فقال إن عباس "لا يملك قراره،
فهو خاضع للإملاءات الأمريكية والصهيونية مقابل وعود مالية وسياسية له
بالجلوس مع قادة الكيان الصهيوني."
وأكد البردويل أن عباس حرق الجسور بينه وبين حماس "مستغلاً حالة
الموقف العربي المائع الذي ليس له أي توجه، بعد أن ترك العرب
الفلسطينيين، ويئسوا من إمكانية المصالحة."
وأضاف أن "عباس" كرَّس الانقسام وفقد شرعيته للسلطة، موضحًا أنه
أطلق آخر رصاصة في عنق الوصال بين الضفة وغزة، وقطع كافة الوسائل
السياسية."
من جهته، قال مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "إن
همنا الأساسي كشعب فلسطيني وكأسرى داخل السجون هو زوال الاحتلال
الإسرائيلي عن أرضنا الفلسطينية وتحقيق أحلامنا المشروعة بالحرية
والدولة والاستقلال."
وقال إن ذلك يتطلب "إنهاء الانقسام السياسي والجغرافي الذي نتج بعد
انقلاب حماس العسكري في قطاع غزة"، وفقاً لتقارير صحفية فلسطينية
وعربية.
وجاءت أقوال البرغوثي خلال لقائه وزير شؤون الأسرى والمحررين
الفلسطيني، عيسى قراقع، في سجن هداريم حيث قام قراقع بلقاء البرغوثي في
أول زيارة له منذ اعتقاله عام 2002.
ووجه البرغوثي نداءه إلى حركة حماس بضرورة الإسراع في توقيع وثيقة
المصالحة معتبرا موقفها الأخير نكسة وطعنة للوحدة الوطنية ولآمال الشعب
الفلسطيني.
وحذر البرغوثي من خطورة الانقسام على الفلسطينيين، وأضاف: "الانقسام
عكس نفسه على واقع الحركة الأسيرة وأعطى فرصة ذهبية لحكومة إسرائيل في
تشديد إجراءاتها وممارستها التعسفية تجاه حقوق الأسرى وكذلك عزز
المواقف الإسرائيلية المتزمتة وسهل فرض الحقائق الاستيطانية والأمر
الواقع على الأرض الفلسطينية."
وحول الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية، قال البرغوثي إن
المرسوم الرئاسي هو "استحقاق دستوري وشرعي، إلا انه لا يمكن إجراء
انتخابات دون إنهاء الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية ولا يجوز لأي
كان أن يأخذ الشعب الفلسطيني ومصيره رهينة لمصالحه الضيقة وأجنداته
الخاصة."
الشباب الفلسطيني
تشعر نسبة كبيرة من الشبان الفلسطينيين ان هوة شاسعة تبعدهم عن خطاب
القيادات السياسية على اختلاف انتماءاتها الامر الذي يجعلهم يعزفون عن
المشاركة الفاعلة في التنظيمات التي اضطلعت بدور كبير على مدى عقود.
ويرى الباحث في جامعة بير زيت عماد غياضة المتخصص في الحركات
الطلابية والشباب ان هناك "انحسارا في انضمام الشباب للتنظيمات، وذلك
عائد للوائحها الداخلية وبرامجها السياسية غير المتلائمة مع المرحلة،
وليس لديها ما يستقطب الشباب لجهة معالجة مشكلات البطالة او التنمية".
بحسب فرانس برس.
وبينت دراسة اجراها مركز الاحصاء الفلسطيني مع مجموعة كبيرة من
منظمات الشباب في اواخر عام 2007 ان 45% من الشباب لا يثقون بالاحزاب
السياسية.
واظهرت نتائج استطلاعات اجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية
والمسحية ان نسبة الشباب الذين قالوا انهم لا يؤيدون اي حزب سياسي في
2009 بلغت 27%.
ويفيد المركز ان هذه النسبة لم تكن تتجاوز 4% عام 1994، وهو عام
عودة القيادة الفسطينية الى الاراضي الفلسطينية بعد توقيع اتفاق اوسلو،
لترتفع قبيل الانتفاضة عام 2000 الى 37%.
ويتابع غياضة ان "الاحزاب فشلت في تحقيق اهدافها سواء بالكفاح
المسلح، او بالانتفاضة، او بالطرق السلمية، ولم تتحرر البلاد او تقم
الدولة المستقلة، واتسع الاستيطان، وظهرت ممارسات القيادات واولادهم
السلبية على السطح".
ويضيف "لا يوجد افق سياسي، والانقسام بين فتح وحماس هو الهم الوطني
الكبير الذي زاد من الاحباط والياس بين الشباب ... نحن في زمن العولمة
ولدى الشباب وسائل اتصال حديثة ومقاهي الانترنت والدردشة والتلفزيون،
تبعدهم عن القضايا المحلية".
وتقول الطالبة في جامعة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، شيرين عودة
(22 عاما) ان "خطاب حماس وفتح غير مقنع. لا نشعر بانهم يهتمون بمصلحة
الشعب وانما بمصالحهم الخاصة".
وتضيف "شعرنا بالخزي لاستخفاف السلطة (الوطنية الفلسطينية) بعقول
الناس عندما طلبت تاجيل التصويت على تقرير غولدستون الذي يتهم اسرائيل
بارتكاب جرائم حرب في غزة، اما حماس فكان ردها استغلال ذلك للتنصل من
المصالحة بصورة مزعجة. شعرنا ان كلا منهم يتربص بالاخر". وعلى سؤال حول
رايها في الانتخابات المقبلة تقول شيرين "لن انتخب احدا".
ولا شك ان حالة الانقسام التي كرسها استيلاء حماس على السلطة بالقوة
في قطاع غزة ردا على اتهامها لحركة فتح بالاستفراد في ادارة الاراضي
الفلسطينية يعزز من شعور هؤلاء الشبان بالضياع.
وتقول زميلة شيرين، سيرين عزمي (19 عاما)، "ان (القادة السياسيين)
يخاطبون المحيطين بهم، وليس الشعب او الشباب، اشعر بالاحباط، نحن نريد
الوحدة، وان نكون شعبا واحدا".
وترى الطالبة نجلاء كايد (18 عما) طالبة الهندسة في جامعة بير زيت،
القريبة من رام الله، شمال القدس، ان هناك "نوعين من الشباب، حزبيون
يرددون دون وعي ما يقال لهم، وشباب ابتعدوا عن العمل السياسي لانهم لا
يشعرون بانه يعبر عن طموحاتهم". وتضيف "انا من الذين اختاروا الابتعاد
لاني اشعر ان الاحزاب الموجودة لا تعمل من اجل فلسطين، بل ان قضية
فلسطين باتت في خدمة تلك الاحزاب".
ويقول غياضة ان الامر بات يتعدى العزوف عن الانتساب الى التنظيمات
السياسية الى عدم المشاركة في الفعاليات الجماهيرة ذات الطابع الوطني
العام، مشيرا الى انه "قبل نحو اسبوعين، نظم في جامعة بيرزيت مهرجان
للتضامن مع المسجد الاقصى الذي اقتحمته الشرطة الاسرائيلية واشتبكت مع
شبان مقدسيين. لم يحضر سوى 60 طالبا وطالبة من اصل 9000 طالب، مع ان
الاقصى موضوع تتفق عليه حماس وفتح والجميع".
وكمثال آخر، يقول غياضة انه "اثناء الحرب على غزة (نهاية 2008
وبداية 2009) تظاهر نحو 80 طالبا ضد الحرب بعضهم من اليسار وعدد قليل
من فتح، ولم يحضر احد من حماس خشية الاضطهاد! الحرب يفترض ان تكون هما
وطنيا يمس الجميع!".
ويشكل الشباب الفلسطيني بين 15 و24 عاما، 19,5 % من اصل نحو 3,9
مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولا يختلف الشعور الذي يعبر عنه الشبان في مدينة بيت ساحور القريبة
من بيت لحم، عن المدن الاخرى. ويقول الطالب محمد ابو لطيفة (21 عاما) "لا
توجد مصداقية في التعامل مع الشعب ولا في الخطاب السياسي، عندما يقول
الرئيس عباس لن نفاوض طالما هناك استيطان، يستمر الاستيطان وتستمر
المحادثات".
ويضيف "ان عدم مصارحة الشعب بما يحدث هو خطأ فادح، ان اخطاء السلطة
تجعل الناس تكره وتعادي حركة فتح. اما حماس فهي لا تتعامل معنا كشعب
واع يفهم، بل من خلال التحريض والتهييج".
ويقول الباحث واستاذ علم الاجتماع نادر سعيد لوكالة فرانس برس "ان
القيادات الفلسطينية بكل اطيافها تغني في واد، والشباب يغني في واد
آخر".
ويضيف "هناك مشكلة في الخطاب التقليدي لهذه القيادات، وهو خطاب يعجز
عن مخاطبة العقول ولا ياخذ بعين الاعتبار التغيرات في العالم، ويتعامل
مع الشباب على اساس استخدامي وليس على اساس الاحترام المتبادل".
ويقول باسف "خسارة كبيرة، هناك حالة اغتراب بين الشباب والقيادات
ابعدتهم عن الاهداف والقيم الاساسية للشعب الفلسطيني سواء العمل
التطوعي او الانتماء السياسي التنظيمي، في غياب بديل واضح".
ويحذر من ان هذا الوضع من شأنه ان "يدفع الشباب الى احضان الخطاب
الديني الوهابي السلفي، او الانسحاب من الواقع بلا اكتراث، والابتعاد
عن الخط السياسي السائد اما بالذهاب الى المخدرات او الركض وراء الكسب
السريع حتى لو بطرق غير مشروعة".
وتقول الطالبة سماء افندي من بيت لحم "نحن الخاسرون كشعب فلسطيني،
وعلينا ان نجد بديلا عن القيادات تجعلهم يفكرون مرات قبل ان يقدموا على
اي شىء". |