ازمة قانون الانتخابات في العراق هل تؤدي إلى عجز في النظام الديمقراطي؟

حكومة ترزح تحت الضغوط... والتدخلات لا تجدي نفعا

إعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: اقترب موعد الانتخابات، ولا تزال الكتل السياسية تتنازع فيما بينها لإصدار قانون الانتخابات المنتظر دون جدوى، فعلى الرغم من تدخل الكثير من الجهات المحلية والدولية لأجل التوفيق بين الآراء المتباينة.

من جانب آخر انعكس حجم الأزمة البرلمانية بشكل واضح وملموس على الوضع العام للبلاد، ومخلفا إرباكا في الأداء المؤسساتي للدولة، خصوصا في الشؤون الأمنية والخدمية.

المرجعية والأمم المتحدة

قال مصدر برلماني ان "رؤساء الكتل النيابية الذين اجتمعوا مع رئاسة البرلمان بحضور ممثل الامم المتحدة في العراق اد ميلكرت لم يتوصلوا الى تسوية لقضية كركوك".

وقال النائب محمود عثمان من التحالف الكردستاني "نحن نرفض اي مقترح يعطي كركوك وضعا خاصا، كما نرفض اعتماد سجل الانتخابات لعام 2004 و2005، لان عشرات العائلات كانوا مطرودين وعادوا ولا يجوز استثناؤهم". واشار الى ان "الزيادة في الاعداد جرت في تعداد العوائل مع الزمن".

وفيما يتعلق بمقترح الامم المتحدة واحتمال عدم التوصل الى اتفاق، اكد عثمان ان "المباحثات مستمرة وكل شيء قابل للنقاش". واضاف "نحن حريصون على المحافظة على موعد الانتخابات". بحسب فرانس برس.

واتفق المجلس السياسي على حل وسط بشأن تعديل القانون الانتخابي لكي يتسنى تنظيم الانتخابات في 16 كانون الثاني/يناير كما هو مقرر، وفق ما افاد نائب رئيس البرلمان خالد العطية لفرانس برس.

وقال النائب عبد الهادي الحساني عن ائتلاف دولة القانون في تصريح لصحيفة البيان المقربة من المالكي "المجلس قدم ثلاثة مقترحات لحل قضية كركوك، هي اما الرجوع الى سجلات عام 2004، او ان يتم ارجاء الانتخابات في المحافظة، او ان يصار الى تقسيمها الى دائرتين انتخابيتين".

واكد ان "المقترح الاخير والجديد نوعا ما حاز على اهتمام القيادات السياسية وفي حال انضاجه واتفاق الاراء حوله فان هذا الخيار سيرفع الى البرلمان ليقول كلمة الفصل فيه".

من جهة اخرى، اكد مصدر برلماني ان الامم المتحدة تقدمت بمقترح جديد لاجراء تسوية حول قضية كركوك.وقال ان "مقترح الامم المتحدة الذي يجري التشاور بشانه من قبل الكتل السياسية ينص على اجراء الانتخابات في كركوك بالموعد المحدد ووفقا لسجل الناخبين لعام 2009 وبشكل استثنائي".

واضاف "لا يعتمد هذا السجل في الانتخابات اللاحقة في 2010 ويقوم مجلس النواب والمفوضية والامم المتحدة، بتحديث سجل ناخبين اخر في محافظة كركوك".

بدوره، قال المتحدث باسم بعثة الامم المتحدة في العراق، ان ما تقدمت به بعثة الامم المتحدة هي افكار، وليست اقتراحات".وقال سعيد عريقات لفرانس برس "كان هناك الكثير من المناقشات التي شاركت فيها الامم المتحدة".واضاف "هناك شيء واحد اكدنا عليه وهو الحاجة لتمرير القانون، لان اجراء الانتخابات في موعدها المقرر هو امر ضروري للغاية".

وتابع "كل يوم يمر دون اقرار القانون، يعني عدم اجراء الانتخابات، وبذلك يتراجع الوضع السياسي الى الوراء".واضاف ان "ممثل الامم المتحدة اد ميلكرت يواصل لقاءاته مع مختلف قادة الكتل السياسية، وفريقنا السياسي يلتقي بهم كذلك".

ويطالب العرب والتركمان بتحديث سجل الناخبين في هذه المدينة التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان، بدعوى ان هناك زيادة كبيرة في اعداد الاكراد.

وفشل البرلمان العراقي الاسبوع الماضي في التوصل الى اتفاق حول القانون الانتخابي الجديد بسبب الخلاف بين العرب والاكراد حول محافظة كركوك النفطية.

وقال النائب الكردي محمود عثمان ان اتفاق التسوية ينص على ان يتم تدقيق السجلات الانتخابية "في كل المناطق التي برزت فيها شكوك حول اسباب التضخم المفاجىء في عدد السكان، دونما الاشارة الى منطقة بعينها".

ويبلغ عدد سكان محافظة كركوك 900 الف نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدواشورية.

ويطالب الاكراد بالحاق كركوك باقليم كردستان ويرفضون اعطاءها وضعا خاصا، في حين يعارض التركمان والعرب ذلك ويطالبون بتحديث سجل الناخبين متهمين الاكراد باضافة اعداد كبيرة من الاكراد بعد 2004.

وبدورهم يتهم الاكراد العرب بانهم تصرفوا بالطريقة نفسها في بعض المناطق ذات الاغلبية الكردية في محافظة نينوى، شمال البلاد.

وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي اعرب عن قلقه الشديد السبت من احتمال تأجيل الانتخابات العامة المقررة منتصف كانون الثاني/يناير.وقال المالكي حسب ما جاء في بيان لمكتبه "في حال لم تجر الانتخابات في الموعد المحدد فلن تكون للحكومة وللبرلمان اية شرعية".واضاف "سنعود عندها الى نقطة البداية. يجب ان نوحد اصواتنا من اجل احترام موعد هذه الانتخابات".

وكانت المرجعية الشيعية العليا في النجف اعربت عن قلقها من عدم اقرار قانون الانتخابات.

وقد حث الرئيس الاميركي باراك اوباما الاحد القادة العراقيين على التوصل الى اتفاق بشأن قانون الانتخابات.

وقال متحدث اميركي ان "السفير كريستوفر هيل ودبلوماسيين اميركيين اخرين يتابعون عن كثب شديد مناقشات البرلمان".

واضاف في بيان "نحث القادة العراقيين على التغلب على خلافاتهم من اجل مصلحة الشعب العراقي".

من جانبها اعربت المرجعية الشيعية العليا في النجف عن قلقها من عدم اقرار قانون الانتخابات الذي احاله البرلمان العراقي الى المجلس السياسي للامن الوطني، اثر خلاف على قضية كركوك.

وقال عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الكبير اية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء "انقل لكم قلق المرجعية العليا من عدم اقرار القانون" في اشارة الى قانون الانتخابات. بحسب فرانس برس.

من جهته جدد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني معارضة الاكراد التعامل بخصوصية مع محافظة كركوك الغنية بالنفط، مؤكدا ضرورة اجراء الانتخابات التشريعية في موعدها في كانون الثاني/يناير 2010.

وقال "رأينا انه من الضروري عقد اجتماع موسع لجميع الاحزاب والاطراف لبحث نقطتين الاولى مسألة قانون الانتخابات العراقية والثانية مسألة كركوك".

واضاف "لحسن الحظ، مواقفنا موحدة حول كركوك وقررنا نحن الكرد والكردستانيين انه +لن نقبل باي شكل من الاشكال باعطاء الخصوصية لكركوك مع باقي المحافظات العراقية الاخرى+".

وتابع بارزاني "يبدو انهم (العرب والتركمان) يريدون جعلها مرة اخرى مشكلة وذريعة" للتعامل بخصوصية مع كركوك، مؤكدا "لن نقبل باصدار اي مادة اخرى خاصة بكركوك لان المادة الوحيدة هي المادة 140 وهذا موقف جميع الاطراف".

واكد رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان ان "الرئيس بارزاني اكد خلال اجتماعه مع ممثلي الكيانات السياسية الكردية على ضرورة اجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر" منتصف كانون الثاني/يناير 2010.

وشدد بارزاني على ان "القيادات الكردستانية ترفض فصل كركوك عن المدن العراقية. وقال "لن نقبل بفصل كركوك اواصدار قانون خاص بها او انتخابات خاصة فيها او توزيع مقاعدها مسبقا".

على الصعيد ذاته، اكدت رئاسة اقليم كردستان في بيان ان الاحزاب والكيانات السياسية التي اجتمعت برئيس الاقليم مسعود بارزاني اتخذت جملة قرارات بينها "المطالبة باجراء الانتخابات في كركوك تزامنا مع باقي المحافظات العراقية وبدون استثناء".

كما قررت "رفض تجزئة كركوك الى مراكز انتخابية متعددة وعلى أساس عرقي، لأن ذلك مخالف للمبادئ الديمقراطية والدستور العراقي" وشددت على "الالتزام بتطبيق المادة 140 من الدستور".

من جانبه حض الرئيس الاميركي باراك اوباما الاحد القادة العراقيين على التوصل الى اتفاق بشأن قانون الانتخابات، وفق نائب عراقي اعلن انهم سيواصلون الاثنين مناقشاتهم حتى يتسنى اجراء الانتخابات في 16 كانون الثاني/يناير.

المالكي يتعرض لضغوط

على صعيد متصل وضعت تفجيرات بغداد الدامية الاحد الماضي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في موقف حساس وعرضة للانتقادات، خصوصا من جانب حلفائه السابقين الذي قرر كسر العظم معهم وخوض الانتخابات التشريعية المقبلة بائتلاف منفصل.

واتهم المالكي الذي يفاخر بانه اعاد الأمن الى العراق بعد سنوات من الفوضى مجددا دول الجوار بالسماح لاعداء النظام العراقي بالاعداد للهجمات. ويعتبر خصومه ان من السهولة بمكان القاء اللوم على دول الجوار للتملص من المسؤولية.

وجاءت الانتقادات من اثنين من أقوى الأحزاب الشيعية في العراق، هما المجلس الإسلامي الأعلى في العراق والتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر، وكلاهما ضمن الائتلاف العراقي الوطني التي تشكل أخيرا من دون حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي.

وقال النائب جلال الدين الصغير القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي ان "اللجوء الى اتهام جهات خارجية بالتفجيرات هو الشماعة لاجل التملص من المسؤولية والتغطية على المقصر الحقيقي".

واضاف ان "عمليات بغداد هي الجهة المسؤولة عن امن بغداد ولا شك في انها تتحمل هذه الخروقات، مثلما ان الوزراء الامنيين يتحملون الجزء الاكبر من هذه المسؤولية ولا ريب في محاسبتهم على القصور في الاداء".

ودعا الائتلاف الوطني العراقي مجلس النواب الى "مناقشة المالكي لشرح اسباب التدهور الامني" وكذلك استدعاء قيادة عمليات بغداد. ويشرف المالكي مباشرة على قيادة القوات المسلحة.

واتهم المالكي حزب البعث وتنظيمات القاعدة المتحالفة معه بارتكاب التفجيرات التي استهدفت وسط بغداد الاحد.

لكن نائبة من التيار الصدري اتهمت المالكي بان مكتبه يضم بعثيين سابقين شملهم قرار اجتثاث البعث في حين يحملهم مسؤولية التفجيرات الأخيرة.

وقالت النائبة غفران الساعدي في لقاء مع قناة البغدادية الفضائية، ان "مكتب القائد العام للقوات المسلحة (نوري المالكي) يضم بعثيين مشمولين بقانون اجتثاث البعث، لكنه (المالكي) لم يتخلص منهم"، الامر الذي نفاه مكتبه في بيان.

وكان الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر اصدر العام 2003 قانون اجتثاث البعث وابعاد البعثيين من المناصب العليا في الدولة.

واثارت التفجيرات التي استهدفت وزارتي العدل والاشغال والبلديات ومجلس محافظة بغداد موجة من الاستياء، ووجه مسؤولون عراقيون اللوم الى قوات الامن العراقية.

لكن النائب سامي العسكري عضو البرلمان والقريب من المالكي، قال "اننا نتحرك باتجاه انتخابات ومن الطبيعي ان يبحث خصوم المالكي السياسيون عن شيء لتحميل الحكومة اللوم، حتى عندما كانت القوات الاميركية داخل المدن لم يكن باستطاعتها وقف تفجيرات السيارات المفخخة".

وقبل هذه التفجيرات، تعرض المالكي لموجة من الاتهامات كان اخرها خبر ذكره موقع "براثا" القريب من المجلس الاعلى الاسلامي، مفاده ان سفير العراق في واشنطن سمير الصميدعي تلقى صفعة من احد افراد حماية المالكي خلال محاولته دخول مكتب نائب الرئيس الاميركي جو بايدن.

وعبر مكتب رئيس الوزراء عن اسفه للمعلومات "الكاذبة والملفقة". واكد ان "الخبر الذي نشره موقع "براثا" هو خبر كاذب ينطوي على اساءة متعمدة تعبر عن نوايا غير سليمة".

وسبق قضية صفع حارس المالكي لسفير العراق في واشنطن بأيام، حادث تبناه أيضا موقع براثا ويتصل بالاعتداء على الإعلامية زهراء الموسوي التي تعمل في فضائية العراقية.

وتعرضت الموسوي للضرب من قبل أربعة أشخاص يستقلون سيارة حكومية رسمية في منطقة العرصات في بغداد.

واتهم عدد من الكتاب الذين ينشرون مقالاتهم على موقع براثا القريب من المجلس الأعلى نجل المالكي احمد بأنه وراء الحادث، لكن الموسوي نفت تورط نجل المالكي في الاعتداء.

وحقق المالكي في انتخابات مجالس المحافظات في مطلع العام الحالي فوزا لافتا الأمر الذي أثار مخاوف خصومه من حزب الدعوة.

وفي هذا الإطار، قال علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي ان "الإستراتيجية التي يتبناها الخصوم لا تعمل على إبراز الايجابيات في برنامجهم الانتخابي، انما تتبنى برامج محاولة إلحاق الضرر بالآخر".

وأوضح إن "هذه الكتل بدل ان تركز على برامجها الانتخابية، تعمل على إلصاق التهم، وذلك دليل على إفلاسها وعدم قدرتها على إقناع الناخب".

وقال الموسوي ان "الحملات الأخيرة كانت متوقعة، لكن من غير المتوقع ان تكون تحمل طابعا غير أخلاقي". وأضاف "الشيء المهم هو إننا لسنا قلقين من هذه الحملات، لان الناس أصبحت على علم بما يقوم به المالكي وبما يقوم به الخصوم".

واكد الموسوي ان "المالكي تسلم الحكومة في الوقت الذي لم يكن هناك منطقة واحدة امنة في البلد، وحتى بغداد كانت محاصرة، وما تحقق في إطار الأمن اليوم شيء يفتخر به". وتوقع ان تزداد الحملات بشدة مع اقتراب الانتخابات، لكنه امل ان يكون المتنافسون "اكثر التزاما وتحليا بالأخلاق".

في المقابل، اعتبر النائب بهاء الاعرجي من التيار الصدري ان المالكي هو من بدأ بحملة الاتهامات. وقال ان "المالكي كانت يتهم جهات سياسية بتعطيل المشاريع من دون ان يسميها خلال اجتماعاته مع شيوخ العشائر".

واضاف "كذلك، اتهم التيار الصدري بأنه يطالب بإطلاق بعض المجرمين، لكننا طلبنا إطلاق سراح الأبرياء منهم". وتابع ان رئيس الوزراء "اتهم مجلس النواب بعدم القدرة والكفاءة، وغالبية النواب من الائتلاف الوطني الحاكم الذي لا يزال ينتمي اليه. كما اتهم المجلس بعرقلة الميزانية التكميلية، في وقت وصلتنا تحذيرات من البنك الدولي من انه في حالة تمرير الميزانية فسوف يكف البنك الدولي عن دعم العراق".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/تشرين الثاني/2009 - 13/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م