الشيعة في السعودية وحرب وهابية على المساجد

 

شبكة النبأ: تستمر السلطات السعودية رغم مختلف التحذيرات في حملتها الطائفية ضد اتباع آل البيت عليهم السلام، حيث توجت مؤخرا الحرب على الشيعة هناك بقرار رسمي من وزارة الداخلية يفضي الى منع بناء المساجد الشيعية وغلق بعضها، في الوقت الذي تستمر فيه الاعتقالات التعسفية الظالمة.

منع بناء المساجد

أصدرت السعودية مؤخرا أوامر قضت بمنع مواطنيها الشيعة من بناء المساجد والحسينيات والمقابر خارج المناطق ذات الكثافة السكانية الشيعية في الأحساء والقطيف ونجران.

وأكدت بعض مصادر اصدار امارة المنطقة الشرقية برقية في وصفت بـ "سرية وعاجلة جدا" تضمنت تعليمات طائفية صريحة تستهدف المواطنين الشيعة.

وتضمنت البرقية أوامر "بعدم اقامة المساجد للاسماعيليين خارج منطقة نجران، وكذلك الحسينيات والمقابر خارج محافظتي القطيف والأحساء".

البرقية التي حصلت "راصد" في وقت سابق على نسخة منها موقعة من نائب امير المنطقة الشرقية جلوي بن عبدالعزيز استندت إلى اوامر مباشرة من وزير الداخلية نايف بن عبدالعزيز.

وطالبت البرقية محافظي الأحساء والقطيف والجبيل والخبر وبقيق ورأس تنورة إلى جانب مديري المباحث والشرطة والاستخبارات بالشرقية بامتثال أوامر الوزير بمنع استخدام أي استراحات مستأجرة كمساجد ومراقبتها باستمرار.

ويرى متابعون أن البرقية الجديدة التي ركزت بصورة أكبر على الاسماعيليين الشيعة جاءت متأخرة جدا بالنظر إلى كون الأوامر التعسفية التي انطوت عليها كانت مطبقة عمليا منذ فترة طويلة.

وترفض السلطات السعودية باستمرار منح مواطنيها الشيعة رخصا لبناء المساجد خارج المناطق ذات الكثافة السكانية الشيعية في الأحساء والقطيف ونجران.

وعوضا عن ذلك يلجأ عشرات الآلاف من السكان الشيعة القاطنين في المدن ذات الكثافة الشيعية الأقل لاقتطاع أجزاء من منازلهم أو استئجار استراحات على أطراف المدن لاتخاذها مساجد مؤقتة. بحسب شبكة الراصد الاخبارية.

وتقوم السلطات في مقابل ذلك بتشييد مساجد سنية كبيرة في قلب الأحياء الشيعية في الأحساء والقطيف ونجران والمدينة المنورة والتي لا يؤمها غالبا سوى اعداد من العمال الاجانب فيما يمنع المواطنون الشيعة من ارتيادها.

السلطات تغلق مسجدا في الدمام

كما أصدرت السلطات السعودية مؤخرا أوامر بإغلاق مسجد للمواطنين الشيعة في مدينة الدمام بعد حملة طالت حتى الآن اغلاق خمسة مساجد شيعية في مدينة الخبر المجاورة.

وذكر الأهالي أن أمانة الدمام ابلغت القائمين على المسجد الاسماعيلي الوحيد في مدينة الدمام اشعارا باغلاق المسجد بناء على أوامر من امارة المنطقة الشرقية.

وتذرعت السلطات بعدم وجود ترخيص رسمي للمسجد المقام منذ سنوات طويلة وتقام فيه صلاة الجماعة باستمرار.

ويأتي اغلاق المسجد الجديد بعد اغلاق خمسة مساجد شيعية في الأشهر الأخيرة في مدينة الخبر المجاورة بعد استدعاء واعتقال عدد من المشرفين عليها وبينهم وجهاء ورجال دين.

ويعد هذا المسجد الاسماعيلي الثاني الذي يغلق في غضون نحو شهر واحد بعد اغلاق آخر في مدينة الخبر خلال شهر رمضان المبارك.

ويقطن مدينة الدمام والخبر عشرات الآلاف من المواطنين الشيعة منذ تأسيس المدينتين اواسط القرن الماضي.

وقال امام الجمعة في مدينة الخبر السيد محمد باقر الناصر أن المواطنين الشيعة سيمضون في اقامة صلاة الجمعة "مهما كانت الظروف" وأنهم لازالوا بانتظار وعد الملك عبدالله لمعالجة مشكلة المساجد المغلقة.

وسبق للناصر أن ترأس وفد شيعيا قابل الملك عبدالله في مدينة جدة شهر يوليو الماضي ووعد الملك حينها بمعالجة المشكلة.

ويرفض كبار مسئولي الدولة اعطاء تعليقات علنية ازاء قضية اغلاق المساجد الشيعية فيما تلوذ المنظمات الحقوقية المحلية بالصمت تجاه الامر نفسه.

الاعتقالات

على صعيد متصل اعتقلت السلطات السعودية مواطنا شيعيا بتهمة "إقامة صلاة الجماعة في منزله" في مدينة الخبر ضمن سعيها المستمر منذ أكثر من عام لإغلاق المساجد الشيعية في المدينة.

وذكرت بعض المصادر ان ادارة المباحث الجنائية احتجزت المواطن السيد يوسف شرف الهاشم (40 سنة) فور حضوره استجابة لاستدعاء رسمي.

وذكر مقربون أن الهاشم الذي يعمل مشرف تقني في المعهد المهني بالدمام تم إيقافه في سجن المباحث الجنائية بشرطة الخبر وابلغ بصدور حكماً بسجنه اسبوع واحد بذريعة "اقامة صلاة الجماعة في منزله".

ويؤم المصلين في المسجد الكائن بحي الثقبة الشيخ يوسف المازني أحد رجال الدين الشيعة في مدينة الخبر.

ويأتي اعتقال الهاشم ضمن الحملة التي تشنها السلطات السعودية منذ أكثر من عام لمنع المواطنين الشيعة من اقامة صلاة الجماعة.

وطالت الحملة اغلاق سبعة مساجد للشيعة آخرها المسجد الاسماعيلي الوحيد في مدينة الخفجي.

واعتقلت السلطات في وقت سابق ولأكثر من شهر أبرز الوجهاء الشيعة في الخبر والمشرف على المسجد الشيعي الوحيد في حي الجسر الحاج عبدالله المهنا الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية "سجين رأي" وطالبت حينها باطلاقه فورا بلا شروط.

وفي السياق نفسه اشار رجل الدين البارز في مدينة الخبر السيد محمد باقر الناصر إلى وجود عمليات مراقبة وملاحقة بالسيارات في الأحياء الشيعية مما "أوجد جواً بوليسياً دون أي داع أو موجب غير إقامة الصلاة".

جاء ذلك في كلمة ألقها بسبب "بروز حالة غير مسبوقة" من الإجراءات الأمنية المشددة من قبل الشرطة والبحث الجنائي أمام مواقع الصلاة.

وتعليقاً على البرقية السرية الصادرة من إمارة الشرقية قال الناصر "نحن لا ندري مدى صدقية هذا التعميم" ولكن ما يجري في الواقع يطابق مضمون هذه الورقة.

وأهاب الناصر برجال الدين والأعيان والنخب الاجتماعية في حالة "التأكد من صحة هذا التعميم" أن يرفعوا الأمر إلى العاهل السعودي الملك عبد الله.

ووصف الناصر هذا التعميم بالمخالف لمواقف خادم الحرمين الشريفين ودعواته إلى حوار الأديان والتسامح والاعتراف بالمذاهب الإسلامية حسب تعبيره.

حيازة أدعية دينية

من جانب آخر تبدأ المحكمة العامة في الأحساء في الأيام المقبلة محاكمة مواطن شيعي لاتهامه بحيازة أدعية وأذكار دينية يصفها المتشددون الوهابيون بالطلاسم السحرية ومواد الشعوذة.

وقالت مصادر مطلعة أن حاجز تفتيش مروريا كان ألقى القبض على المواطن حسين هاشم السلمان (43 عاما) وهو من بلدة المطيرفي شهر اغسطس الماضي.

وأشير حينها إلى أن سبب الاعتقال ملاحظة شرطي متشدد قصاصة دعاء مأثور عن آل البيت اعتاد الوهابيون المتشددون على وصفها بالطلاسم السحرية كانت معلقة في سيارة السلمان. ووجه السلمان وفقا لمصادر مقربة بتهمة الشعوذة وحيازة طلاسم سحرية.

وسبق للسلطات السعودية اعتقال العديد من المواطنين الشيعة عند حواجز التفتيش في الأحساء والقطيف أو عند زيارتهم للأماكن المقدسة في المدينة المنورة.

وتفاوتت التهم الموجهة للمعتقلين بين اقتناء صور زعماء دينيين شيعة أو حيازة أدعية دينية معتبرة لدى الشيعة فيما يرفضها الوهابيون.

كما احتجزت السلطات المواطن الشاب السيد أبو القاسم جواد الموسوي «18عاما» عند حاجز تفتيش مروري بحي محاسن بمدينة المبرز. بحسب شبكة الراصد الاخبارية.

ووجه للموسوي وفقا لمصادر مقربة "تهمة حيازة دعاء بدعي". وقد أخلي سبيله بكفالة وأخذ تعهد عليه بعد يوم "قاسي" قضاه في سجن مركز المبرز ومنه إلى مكتب الإدعاء العام.

وقال مقربين بأن الشاب الموسوي الذي يعاني من هول الصدمة بسبب المعاملة "الغير لائقة" من المحققين لم تفارقه الأغلال من قدميه طوال فترة احتجازه.ولم يتم الأفراج عنه الا "بكفالة" بعد تصويره وأخذ البصمات عليه.

وسبق للسلطات السعودية اعتقال العديد من المواطنين الشيعة عند حواجز التفتيش في الأحساء والقطيف أو عند زيارتهم للأماكن المقدسة في المدينة المنورة.

وتفاوتت التهم الموجهة للمعتقلين بين اقتناء صور زعماء دينيين شيعة أو حيازة أدعية دينية معتبرة لدى الشيعة فيما يرفضها الوهابيون. وتعرض العديد من هؤلاء لأحكام قضائية بالجلد نفذت فعليا في الأسواق والساحات العامة.

كمااحتجزت السلطات الأمنية شابين شيعيين بذريعة المشاركة في احياء مولد الامام المهدي المنتظر شهر اغسطس الماضي.

وذكر الأهالي أن الاعتقالات الأحدث طالت شابين من بلدة "بني معن" هما علي حسين القريني «27 عاما» وهو متزوج ويعمل في القطاع الخاص، والطالب محمد الحطاب «18 عاما».

واعتقل الشابان فور حضورهما لادارة البحث الجنائي استجابة لاستدعاء رسمي بذريعة المشاركة في الاعداد لاحتفالات مولد الامام الثاني عشر المهدي المنتظر شهر اغسطس الماضي.

وكانت السلطات هاجمت حينها مقر المهرجان السنوي وقامت بتخريب وازالة مظاهر الزينة التي انتشرت عبر القرية.

وذكر مقربون أن الشابين ابلغا بصدور احكام بالسجن الاداري لمدة اسبوع واحد تبعا لاوامر من محافظ الاحساء بدر بن جلوي.

ونقل المعتقلان إلى السجن العام بالأحساء لقضاء فترة التوقيف المقررة على غرار عشرات الشبان الذين طالتهم أحكام مشابهة و للاسباب عينها خلال الأشهر الأخيرة.

التحريض على النظام

ويمثل رجل الدين البارز الشيخ توفيق العامر في الأيام القليلة المقبلة أمام محكمة سعودية على خلفية دعوته إلى توسيع المشاركة السياسية وانهاء التمييز الطائفي وضمان حرية العبادة للأقليات الدينية.

وكان قاض سعودي في المحكمة العامة في الأحساء أبلغ العامر الشهر الماضي بالمثول أمامه للرد على اتهام موجه اليه بـ"التحريض على النظام" خلال خطبة الجمعة في ابريل الماضي.

وطالب العامر في الخطبة التي القاها بمسجد ائمة البقيع في مدينة الهفوف الحكومة السعودية بتوسيع المشاركة السياسية وطي صفحة التمييز الطائفي وضمان حرية العبادة للأقليات الدينية تبعا للمواثيق الدولية.

كما طالب الحكومة بالاعتراف بالمذهب الشيعي رسميا رافضا في الوقت نفسه السجن التعسفي خارج السياق القانوني الذي طال مئات المواطنين الشيعة في الأحساء لأسباب طائفية.

وأخضع العامر اثر تلك التصريحات للتحقيق في ادارة البحث الجنائي بشرطة الاحساء على مدى يومين خلال يونيو الماضي.

الشيخ العامر خلف قضبان سجن المباحث الجنائية في الأحساء (ارشيف)وأطلق ناشطون عبر شبكة الانترنت عريضة تضامن تستهدف جمع عشرة آلاف توقيع مؤيد للشيخ العامر وتطالب بايقاف محاكمته. وعلمت راصد أن القاضي المنوط بمحاكمة العامر هو الشيخ محمد حواس الحواس.

وسبق للشيخ الذي عرف كأحد أبرز دعاة الحقوق والحريات الدينية أن اعتقل ثلاث مرات كان آخرها في سبتمبر 2008 واستمر احتجازه 11 يوما بسبب رفعه الآذان وفق الصيغة الشيعية بمسجده في الهفوف.

كما أعتقل قبلها في شهر يونيو من نفس العام لانتقاده بيانا تكفيريا وقع عليه 22 من رجال الدين السلفيين الذين دعوا لقتال المسلمين الشيعة.

وسبق ذلك احتجازه في ابريل 2005 على خلفية رعايته فعاليات دينية واجتماعية عاشورائية.

وكانت منظمة هيومن رايتس واتش المعنية بحقوق الانسان أن اشارت في تقريرها الأخير إلى ان السلطات السعودية اعتقلت العديد من رجال الدين الشيعة.

وقالت المنظمة أن السعودية تواجه مواطنيها الشيعة بالحرمان من الكرامة والتمييز المنهجي والمعاملة المتسمة بالعدوانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/تشرين الثاني/2009 - 9/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م