
شبكة النبأ: لم يعد أسوأ سيناريو
يواجه باكستان حيث ينعدم الاستقرار طويلا ويشن متشددون هجمات دموية على
الدعائم الأساسية للدولة مجرد أحد المخاطر التي تقلق بشأنها الأسواق
وصناع السياسة الغربيون. لقد بات هذا الوضع قائما بالفعل.
وأسفرت الهجمات الجريئة التي نفذها مقاتلون يرتبطون بصلات بتنظيم
القاعدة من بينها هجوم على مقر الجيش الرئيسي عن مقتل أكثر من 100
وأثبت أن متشددي طالبان وحلفاءهم لم يهزموا بتاتا.
السيناريوهات الممكنة
يقول بروس ريدل الباحث بمعهد بروكينجز وهو مؤسسة بحثية " مهاجمو
طالبان أظهروا أنه على الرغم من خسارة الحملة في وادي سوات هذا الصيف
فإنهم يحتفظون بالقدرة على تنفيذ أعمال إرهابية في قلب باكستان حيث
ضربوا بنتاجون باكستان بالفعل."
لكن هذا لا يعني أنهم اقتربوا من تحقيق انتصار له معنى. وتواجه
باكستان أشهرا أو سنوات من الحرب الصادمة غير المتناسقة ضد المتشددين
الذي يستطيعون خلق حالة من انعدام الأمن المزمن لكن ليس هناك احتمال
بأن يقتنصوا السيطرة على الدولة.
ومهما بلغ نجاحهم في شن حرب عصابات مزعزعة للاستقرار فان بضعة آلاف
من رجال القبائل والمتشددين لا يستطيعون أن يأملوا هزيمة سادس اكبر جيش
في العالم.
ويثير التهديد المتزايد بتوحيد الجماعات المتشددة باقليم البنجاب
صفوفها مع طالبان لشن هجمات ضد الدولة وهو ما كان واضحا في الهجوم الذي
وقع في روالبندي القلق لكنه لا يغير الحسابات العسكرية الأساسية. بحسب
رويترز.
وهناك اعتبار أساسي آخر هو إن حركة طالبان لا يمكن أن تأمل أبدا في
الحصول على دعم شعبي واسع النطاق خارج المناطق القبلية.
وقالت كلودين فراي المحللة بمؤسسة كونترول ريسكس "نحن لا نتحدث عن
شعب اتجه للتطرف بشكل جماعي مهما جمح بنا الخيال... لهذا نحن لا نتوقع
حالة من انهيار او انفجار الدولة داخليا. معظم الباكستانيين معتدلون."
يعني هذا أن احتمال تردي الأوضاع أكثر من هذا في باكستان ضئيل. وليس
تدهور الأوضاع الأمنية تدهورا كبيرا أكثر سيناريو محتمل سلبية بالنسبة
للاسواق بل أن تظل الأوضاع كما هي.
وقد تظل باكستان حبيسة حالة من الجمود لسنوات في ظل تشتت انتباه
الحكومة عن وضع السياسات واعتبار كل المستثمرين باستثناء المتعطشين
للمغامرة باكستان دولة سيئة الادارة.
وتوفر الفوضى التي زلزت العراق بعد الاطاحة بالرئيس العراقي السابق
صدام حسين عام 2003 اوجه تشابه مفيدة. وحقق المتمردون نجاحا كبيرا في
اخراج بعض المناطق بالبلاد عن نطاق السيطرة وخنق النمو الاقتصادي
وتقويض وضع السياسات.
غير أنهم لم يقتربوا قط من خلق الظروف الملائمة للاستيلاء على الحكم.
وقد كانت نتائج حملتهم العنيفة ضئيلة حيث أصبحت الهجمات الفردية دون
مغزى بشكل متزايد والاهم أن السكان المدنيين أصيبوا بحالة من النفور لا
سبيل الى التخلص منها.
والتكلفة الاقتصادية لانعدام الاستقرار المزمن على المدى الطويل
باهظة لكن سبق السيف العزل.
ولن تبدي الاسواق رد فعل يذكر على الصراع ما لم تظهر أدلة على تغير
حقيقي في ملف باكستان الامني. ولان الاوضاع سيئة جدا بالفعل فان معظم
المخاطر في صعود.
وقالت ماريا كوسيستو المحللة بمجموعة يوراسيا "أثار هجوم روالبندي
قلقا كبيرا في أنحاء القيادة العسكرية."
وعلى مدار فصل الصيف نجح الجيش في اخراج مقاتلي طالبان من وادي سوات
وأسفرت الهجمات الصاروخية الامريكية عن مقتل بيت الله محسود زعيم
طالبان. وتعني أعمال العنف الاخيرة أنه بات في حكم المؤكد تنفيذ الجيش
هجوما على منطقة وزيرستان الجنوبية معقل طالبان.
وأضعف حث الولايات المتحدة لباكستان على القيام بتحرك قوي ضد طالبان
الدعم لخطوة من هذا النوع. ويشعر كثير من الباكستانيين بغضب شديد تجاه
مشروع القانون الامريكي المسمى ( كيري-لوجار) والذي ينص على أنه يجب
على باكستان اظهار التزامها بمكافحة الارهاب كي تكون مؤهلة للحصول على
المساعدات.
وقال ريدل "يظهر استطلاع للرأي بعد استطلاع للرأي أن الباكستانيين
يخشون بشكل متزايد التهديد الذي يمثله المتشددون الاسلاميون... لكنهم
يؤمنون أن الولايات المتحدة تمثل خطرا اكبر على بلادهم" مضيفا أن كثيرا
من الباكستانيين يرون في الولايات المتحدة تهديدا اكبر من الهند.
ومضى يقول "وفي اي وقت يظهر استطلاع للرأي أن الهند هي الطرف الشرير
بباكستان تقع في مأزق كبير."
وفي ظل هذا المناخ كان الحماس في الجيش لشن حملة كبرى ضد طالبان
محدودا. وربما أكد هجوم روالبندي على مقر الجيش لضباطه المترددين أهمية
هزيمة طالبان كما يسمح لهم بشن هجوم دون أن يبدوا كدمى في أيدي
الامريكيين.
وسيعطي شن اي حملة عسكرية مستمرة تقوض قدرة المتشددين على شن هجمات
الى حد كبير دفعة طويلة المدى للاسواق. لكن محللين يقولون انه في حين
قد يتأرجح الصراع صعودا وهبوطا فان من غير المرجح أن يوجه اي من
الجانبين ضربة حاسمة.
وحتى اذا هزم مقاتلو طالبان بمنطقة وزيرستان الجنوبية فان من الممكن
أن يشن المتشددون هجمات من معاقل أخرى من بينها اقليم البنجاب. لهذا
فان الحرب غير المتناسقة ليست شديدة الفعالية حتى الهزائم التي قد
يلحقها الجيش لن تحول دون شن الجماعات الصغيرة من المتشددين هجمات
متكررة مزعزعة للاستقرار.
لذا فانه بينما يتدنى احتمال تفاقم الوضع اكثر من هذا ترى قلة في
الوقت الحالي فرصة لتحسن الأوضاع.
المكاسب هشة
وبينما ينصب الكثير من التركيز في واشنطن على مراجعة استراتيجيتها
في أفغانستان تجري ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما تقييما أيضا لما
حققته الحكومة المدنية الهشة في باكستان حتى الان وما يجب تغييره.
ويلتقي وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي نظيرته الامريكية
هيلاري كلينتون أثناء زيارته لواشنطن كما يجتمع بأعضاء بارزين في
الكونجرس الامريكي يتحكمون في كيفية انفاق مليارات الدولارات من
المساعدات الامريكية في المستقبل.
ويتوقف جزء كبير من الاستراتيجية الامريكية المقبلة للحرب في
أفغانستان على دولة باكستان المجاورة حيث قال خبراء ان هناك مؤشرات
محدودة على احراز تقدم في قتال المتشددين الا أنهم أشاروا الى امكانية
فقد هذه المكاسب بسهولة.
وقال بروس ريديل من مؤسسة بروكينجز البحثية "نرى دليلا على بعض
التقدم المهم مقارنة مع ما كان الوضع عليه قبل عام أو عامين." بحسب
رويترز.
وأضاف ريديل الذي أشرف على مراجعة ادارة أوباما في مارس اذار
لاستراتيجيتها في أفغانستان وباكستان "لكن اعلان النصر أو القول ان
وضعنا تحسن (في باكستان) في وسط هذه الاجواء أمر خطير جدا. معظم التقدم
الذي أحرزناه هش في أفضل تقدير."
ومن الامور المهمة التي ستركز عليها اجتماعات قرشي في واشنطن تمرير
مشروع قانون للمساعدات في الكونجرس الامريكي يزيد الى ثلاثة أضعاف
المساعدات غير العسكرية التي تقدم الى باكستان لتصل الى 1.5 مليار
دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ولا يزال المشروع بحاجة الى توقيع أوباما عليه ليصبح قانونا. وهناك
تساؤلات حول كيفية توزيع هذه المساعدات ومن سيوزعها والضمانات التي
ستتاح حتى لا تتعرض للاختلاس من مسؤولين فاسدين.
وقال مسؤول أمريكي بارز بشأن محادثات كلينتون وقرشي "سيكون الشيء
الاهم في محادثاتهما هو اليات عمل برنامج المساعدات."
وأضاف أن كلينتون ستناقش أيضا خططا لزيارة باكستان ربما في الاسابيع
المقبلة لكن لم يتم تحديد موعد لذلك.
كويتا مركز قيادة طالبان
على صعيد متصل كشف تقرير عسكري امريكي عن تحول مدينة كويتا الواقعة
جنوب غربي باكستان الى ملاذ آمن لمجلس قيادة حركة طالبان بزعامة الملا
عمر حيث يتم التخطيط لشن عمليات مسلحة عبر الحدود.
وقال الجنرال ستانلي ماك كريستال قائد القوات الامريكية في
افغانستان واصفا كويتا بأنها «مركز القيادة الرئيس الذي تدار منه
الموجة الواسعة من الهجمات والتفجيرات التي تشنها طالبان».
وأقر التقرير بمحدودية المعلومات التي في حوزة الاجهزة
الاستخباراتية والعسكرية الامريكية حول المنطقة الحدودية البعيدة
والقاحلة وندرة عملائها في ذلك المزيد المضطرب من القبلية البشتونية
والسياسات الدينية التي حولت هذه المنطقة الى مقر آمن لقادة طالبان
المعروف بـ «مجلس شوى كويتا».
لقد اصبحت كويتا عاصمة اقليم بلوشستان هدفا ملحا لكنه جديد ومضلل
لان القوات الامريكية تواجه تنامي نفوذ طالبان في افغانستان.
يقول المحللون الباكستانيون «ان وجود طالبان في كويتا أكثر بروزا
الان من عقد مضى عندما فر الملا عمر من هجمات القوات الامريكية
والافغانية،حيث انضم الى الملا عمر الاف من المقاتلين الذين اختلطوا
بجيرانهم من البشتون ومعسكرات اللاجئين».
وظلت القوات الامريكية تركز حتى الان على تنظيم القاعدة باعتبارها
التهديد الاكبر،ولم يكن مجلس كويتا يثير اهتمامها بشكل كبير على خلفية
عدم انتشار الجنود الامريكيين في هذه المنطقة، وإنما في الجهة الاخرى
من الحدود.
الا ان اشنطن اخذت توجه منذ اشهر اتهامات الى الاجهزة الامنية
والاستخباراتية الباكستانية بالسماح لحركة طالبان بإعادة جمع صفوفها
المشتتة في منطقة كويتا، واعتبارها كقيمة ستراتيجية بدلا من تهديد محلي،
فيما يركز الجيش اهتمامه على محاصرة المتطرفين الاسلاميين في منطقة
الحدود الشمالية الغربية التي تبعد مئات الاميال.
الا ان مسؤولي باكستان يرفضون هذه الاتهامات مشيرين الى ان
اولوياتهم تختلف عن اولويات الامريكيين، واهتمامهم مركز على نشاطات
طالبان داخل باكستان اكثر من تلك التي عبر الحدود.
المساعدات البريطانية
من جهته قال وزير بريطاني ان بلاده ستساعد باكستان على تشكيل سلطة
للامن القومي وتعزيز قدرة سلطات تنفيذ القانون على محاربة الارهاب.
وتحارب باكستان مقاتلين تربطهم صلات بتنظيم القاعدة شنوا هجمات
عديدة على قوات الامن وأهداف حكومية وأجنبية في السنوات القليلة
الماضية.
ومن ناحية أخرى تخشى بريطانيا من أن يذهب شبان متشددون بريطانيون من
أصل باكستاني الى باكستان وأن يتصلوا بجماعات متشددة ويتلقوا تدريبات
ويضعوا مخططات.
وقال وزير الداخلية البريطاني الان جونسون للصحفيين بعد اجتماعه
بنظيره الباكستاني رحمن مالك ان بريطانيا حريصة على نقل خبرتها الى
باكستان لمساعدتها على مكافحة الارهاب.
وأضاف "تنشيء الحكومة الباكستانية وكالة وطنية لمكافحة الارهاب
والمملكة المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة والعون."
ولم يحدد جونسون عدد البريطانيين الذين سيعملون في الوكالة التي قال
انها ستكون أشبه بمركز أبحاث. بحسب رويترز.
وأضاف "المهم هو أن تكون هناك علاقة تسمح بتبادل المعلومات بين
بلدينا وسيكون لذلك تأثير كبير." وقال ان المتشددين يمثلون خطرا على
الدول الديمقراطية.
وتابع "لا يهم ان كان هؤلاء المتشددون مسيحيين أو كاثوليك أو مسلمين
أو لا ينتمون لاي ملة. المهم هو أن نشاطاتهم لن يتغاضى عنها في الدول
الديمقراطية الحرة التي يريدون تدميرها."
وقال مالك ان جزءا من مساعدات بقيمة 50 مليون جنيه استرليني أعلنها
رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون في نيويورك الشهر الماضي سينفق
على تدريب قوات الامن.
وحققت باكستان مكاسب كبيرة في هجوم شننته على المتشددين في أجزاء من
شمالها الغربي الامر الذي هدأ مخاوف غربية حول استقرارها.
لكن دولا غربية خاصة تلك التي أرسلت جنودا الى أفغانستان تريد أن
تبذل باكستان المزيد.
وقال جونسون ان الحدود الباكستانية الافغانية "محورية" وان جهودا
تبذل لتحقيق الاستقرار على جانبي الحدود.
وقال "ما نريد ضمانه هو عدم تأثر باكستان التي تنعم بالديمقراطية
والسلام بالتهديد الامني في أفغانستان. نحن جميعا هنا لضمان أن يعيش
الشعب الافغاني في ظل ديمقراطية امنة." وأضاف "هذه هي المهمة وسنسحب
قواتنا عندما تتحقق."
والتقى وزير الدفاع البريطاني بوب أينزوورث الذي يزور باكستان أيضا
بنظيره الباكستاني.
لماذا وزيرستان ؟
فيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة عن وزيرستان الجنوبية :
- لماذا يهاجم الجيش ؟
وزيرستان الجنوبية المعقل الرئيسي لحركة طالبان الباكستانية وهي
تحالف لاكثر من 12 مجموعة متشددة تقاتل الحكومة وتريد فرض حكم اسلامي
متشدد.
وتتحمل طالبان الباكستانية مسؤولية موجة من اعمال العنف في البلاد
منذ منتصف 2007 حين سحق الجيش حركة اسلامية مرتبطة بوزيرستان الجنوبية
تمركزت في المسجد الاحمر في اسلام اباد.
والى جانب العديد من الهجمات الانتحارية ضد الجيش والحكومة واهداف
اجنبية اتهمت حركة طالبان الباكستانية التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة
باغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو في اواخر 2007 .
وقتل زعيم طالبان بيت الله محسود بصاروخ اطلقته طائرة امريكية دون
طيار في الخامس من اغسطس اب وخلفه حكيم الله محسود الذي توعد بالانتقام.
وسيطر مقاتلو طالبان الباكستانية بالفعل على وادي سوات شمال غربي
اسلام اباد في بداية عام 2007 وادي تقدمهم خارج وادي سوات في اتجاه
اسلام اباد الى نشر مخاوف في اوائل العام الحالي. ورد الجيش بهجوم ادى
لطرد المتشددين من الوادي ويركز الجيش حاليا على وزيرستان الجنوبية على
امل اقتلاع اخطر تهديد محلي للدولة من جذوره.
- من هناك ؟
يقول الجيش ان نحو عشرة الاف من المقاتلين الاشداء موجودين في
وزيرستان الجنوبية ومساحتها نحو 6620 كيلومترا مربعا رغم تباين
التقديرات. ومعظمهم من افراد قبائل البشتون في المنطقة الذين حاربوا
الغزاة على مر العصور.
كما توجد هناك ميليشيات اجنبية تشمل نحو عشرة الاف من الاوزبك وبعض
العرب من اعضاء القاعدة وحفنة من المتشددين من الدول الغربية.
كما تتمركز فصائل متشددة من اجزاء اخرى من باكستان بصفة خاصة في
اقليم البنجاب الجنوبي مع طالبان في وزيرستان الجنوبية.
ويعتقد ان اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة يختبيء في مكان ما على
الحدود الافغانية الباكستانية غير ان محللين يشكون ان يوجد في منطقة
يوشك الجيش على مهاجمتها.
- ماهي المخاطر ؟
ربما يكون الهجوم البري على وزيرستان الجنوبية اصعب اختبار للجيش
منذ انقلاب المتشددين على الدولة.
وشن الجيش هجمات خاطفة هناك من قبل كان اولها في 2004 ومني حينها
بخسائر فادحة قبل ان يبرم اتفاق سلام. ونادرا ما توغل الجيش كثيرا في
المنطقة الجبلية القاحلة التي تقطعها وديان ضيقة خفية وسيواجه الجيش
مقاتلين اقاموا دفاعات على مدار اعوام. وتعادي قبائل البشتون في
المنطقة اي تدخل خارجي ويدعم كثيرون بصفة خاصة من ينتمون لقبيلة محسود
طالبان. لذا يمكن ان يتورط الجيش في منطقة ليس له فيها خبرة تذكر
ويقطنها سكان معادون.
والخطر الاخر بالنسبة للجيش ان تهب الفصائل المتشددة في وزيرستان
الشمالية لمساعدة الرفاق في وزيرستان الجنوبية بينما تحاول خلايا من
المتشددين في المدن والبلدات تشتيت الانتباه بهجمات على غرار الغارة
التي شنت الشهر الحالي على مقر قيادة الجيش في روالبندي.
التعليم والأمن الغذائي
وفي الوقت الذي يستمر فيه النازحون في مغادرة الخيام والعودة إلى
ديارهم في سوات وبونير وغيرهما من المناطق الشمالية الغربية المتوترة
في باكستان، تحذر منظمة الأمم المتحدة للطفولة من احتمال بقاء حوالي
مليون نازح خارج ديارهم حتى حلول شهر ديسمبر.
إذ أخبر لوي جورج أرسونوت، مدير مكتب الطوارئ بالمنظمة، والذي كان
قد زار باكستان مؤخرا، الصحفيين في جنيف أن "الجميع يأمل أن يتمكن
الناس من العودة إلى قراهم في أقرب فرصة ممكنة. ولكننا نعتقد في الوقت
نفسه بأنه من الحكمة أن نفترض أنه بحدود شهر سبتمبر سيكون مليون نازح
فقط قد عادوا إلى ديارهم في حين سيبقى لدينا مليون نازح آخر [خارج
ديارهم] حتى آخر السنة".
وأشار أرسونوت إلى أن حوالي مليون طفل قد لا يتمكنون من الالتحاق
بالمدارس في شهر سبتمبر بسبب استهداف طالبان لمباني المدارس في سوات
واستمرار استخدام 4,000 مدرسة لإيواء النازحين.
من جهتها، أشارت وحدة الاستجابة للطوارئ بحكومة الإقليم الحدودي
الشمالي الغربي إلى أن 907 أسرة عادت إلى ديارها حتى 15 يوليو. كما
أفاد الكولونيل وسيم شاهد من مجموعة الدعم الخاصة بالنازحين التابعة
للجيش أن 285,187 نازح قد عادوا إلى سوات في حين عاد 36,792 نازحا آخر
إلى بونير.
وقال ميان إفتخار حسين، وزير الإعلام بحكومة الإقليم الحدودي
الشمالي الغربي "لقد بدأنا الآن عملية إعادة توطين الناس في المدارس.
وقد قرر أغلب العائدين العودة طوعا". وقد تم إغلاق مخيمين في مردان
حيث كان قد تجمع أكبر عدد من النازحين، في حين أفاد حسين أنه سيتم "إغلاق
[مخيمات أخرى] فور مغادرة النازحين لها".
وتشعر الأسر الراغبة في العودة بالقلق حيال مواضيع عدة على رأسها
التعليم والأمن الغذائي. إذ قالت زوليمة بيبي، وهي نازحة تقيم مع أخيها
في بيشاور، "لقد تعرضت المدرسة التي كانت ترتادها بناتي في سوات للدمار
ولم تفتح أبوابها مرة أخرى بعد. إذا عدنا الآن فقد تفوتهن السنة
الدراسية بأكملها". وأشارت إلى أن أخاها اقترح عليها أن تقوم بتسجيل
البنات في مدرسة في المدينة. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".
ووفقا لتقارير إعلامية، قام المسلحون بتدمير ما بين 170 و200 مدرسة
في سوات. وبالرغم من أن إفتخار حسين، وزير الإعلام بحكومة الإقليم
الحدودي الشمالي الغربي، كان قد وعد بأن "تتم إعادة بناء المدارس بشكل
عاجل"، مضيفا أن "الأطفال بدؤوا بالفعل في العودة إلى المدارس"، إلا أن
الناس لا زالوا يشككون في إمكانية ذلك.
ومن بين العائدين محمد خان، التاجر ذو الأربعين عاما الذي عاد مؤخرا
إلى مدينة مينغورا بسوات، والذي وصف الوضع في الديار بقوله: "هناك
الكثير الذي ينبغي القيام به هنا. كل شيء أصبح مجرد حطام. سيحتاج الأمر
إلى شهور طويلة كي تعود الحياة إلى سابق عهدها".
وأفاد أرسونوت أن الأشخاص الذين بقوا نازحين سيحتاجون إلى مواصلة
الحصول على الدعم الإنساني. وكانت المجتمعات المضيفة للنازحين هي التي
اضطرت إلى تقديم الجزء الأكبر من الدعم في ظل قصور الاستجابة الإنسانية
الدولية. ولكن هذه المجتمعات أصبحت الآن متلهفة لعودة "ضيوفها" إلى
ديارهم.
إذ يقول سيف الله خان، الذي استضاف أقاربه من سوات منذ 15 مايو:
"لقد شكلت استضافة 13 شخصا إضافيا عبئا كبيرا. نريدهم أن يعودوا إلى
ديارهم حالا".
وبالإضافة إلى التعليم، يشعر النازحون بالقلق حيال أمنهم الغذائي
وما يتعلق به من مواضيع أخرى. وبالرغم من أن حكومة الإقليم الحدودي
الشمالي الغربي قد وضعت خططا لدعم الأسر العائدة، إلا أن جافيد حسن من
بونير يقول أن "أسعار المواد الأساسية لا تزال جد مرتفعة. هناك نقص
كبير من الصعب تجاوزه". |