حزب العمال البريطاني... وانحسار الأمل بفوز رابع

براون مجرد من الأفكار والمحافظين يتقدمون الاستطلاعات

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: عانى حزب العمال البريطاني من فضحية النفقات التي أطاحت بشعبيته فضلا عن حملة الانتقادات المتصاعدة ضد سياسة زعيم حزب العمال رئيس الوزراء جولدن بروان الاقتصادية.

حيث تؤكد التقارير المتوافرة عن تدهور لحق بالقطاعات الحيوية في بريطانيا يعزوه المراقبون الى فشل الحكومة الحالية في إدارة ملف الأزمات.

فيما انسحب ذلك على نتائج الاستطلاعات التي جرت مؤخرا في الإشارة الى تدني شعبية الحزب بشكل كبير مقابل المنافس التقليدي حزب المحافظين.

فيما شكلت بواعث القلق المتنامية عن صحة بروان مشكلة مضافة الى جملة هموم وهواجس أعضاء الحزب.

العمال فقدوا الرغبة

قال وزير المالية البريطاني اليستير دارلنج في مقابلة مع صحيفة ان حزب العمال الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون فقد فيما يبدو "الرغبة في البقاء" ويتعين ان يناضل بصورة اقوى اذا كان يرغب في الفوز بانتخابات من المقرر ان تجرى بحلول يونيو حزيران المقبل.

وفي حديثه لصحيفة الاوبزرفر قبل مؤتمر مهم للحزب يفتتح وجه دارلنج نداء قويا لاعضاء حزب العمال من اجل زيادة قدرتهم على المنافسة أو المخاطرة بتسليم السلطة الى المحافظين المعارضين.

واهتز حزب يسار الوسط الذي يحكم بريطانيا منذ الفوز الكاسح لتوني بلير بمنصب رئيس الوزراء في 1997 بفعل اسوأ ركود اقتصادي منذ عقود وفضيحة تتعلق بنفقات السياسيين وشكوك داخل العمال بشأن اختيار براون كزعيم.

وقال دارلنج ان براون ووزراء كبار اخرين يتعين ان يتحملوا بشكل شخصي مسؤولية انعاش شعبية العمال الواهنة. بحسب رويترز.

ومع اجتماع نشطاء حزب العمال في بلدة برايتون الساحلية في جنوب بريطانيا في واحد من أكثر المؤتمرات اهمية منذ سنوات اشارت نتائج استطلاع للرأي الى ان براون سيواجه وقتا صعبا لاقناع الناخبين باعطاء حزبه فوزا رابعا تاريخيا على التوالي.

واعطى الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة "اي سي ام" ونشرته صحيفة "نيوز اوف ذي وورلد" المحافظين تفوقا بواقع 14 نقطة على العمال وهو ما يتمشى بشكل كبير مع استطلاعات اخرى اجريت في الاونة الاخيرة . واشارت النتائج الى أن 43 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع اختاروا الزعيم الشاب لحزب المحافظين ديفيد كاميرون رئيسا للوزراء فيما اختار الخمس فقط براون.

وبلغت شعبية المحافظين 40 في المئة والعمال 26 في المئة والاحرار الديمقراطيين 23 في المئة.

مستقبل حزب العمال

 وقد تشتعل حمَّى التكهنات التي تدور حول مستقبل العماليين وقيادتهم لبلاد ترزح تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة دفعت ببعض ضحاياها لبيع كلاهم من أجل تسديد ديونهم المتراكمة وتأمين لقمة العيش.

وتحفل الصحف البريطانية الصادرة بطيف واسع من المقالات النقدية والتحليلية والتقارير الإخبارية التي ترصد أعراض تلك الحمَّى وتفند جوانبها ودلالاتها المختلفة، وتستشرف المعالم المحتملة للمستقبل الغامض الذي بات ينتظر حزب العمال.

كما تعرض الصحف أيضا للسياسات والبرامج والخطط التي وضعها حزب العمال البريطاني لمواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية الراهنة التي جعلت الملايين يخسرون وظائفهم، وبالتالي باتوا يحتارون بكيفية الإيفاء بالتزاماتهم المالية وتدبير شؤون حياتهم اليومية.

صحيفة الصنداي تايمز تخصص افتتاحيتها الرئيسية اليوم للحديث عن مؤتمر حزب العمال ومستقبله، والتي جاءت تحت عنوان يبدو المستقبل بائسا بالنسبة لحزب العمال الجديد .

تقول الافتتاحية: يواجه جوردن براون (رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب العمال) ما هو مؤكد بأنه سوف يكون مؤتمره الأخير كزعيم لحزب العمال وكرئيس للوزراء.

وتضيف قائلة: إنه أصبح مجردا من الأفكار وراح ينزف ويطلب الدعم الذي يعوزه. نعم، قد لا يتقاطر الناخبون كجماعات ويشدوا الرحال نحو المحافظين وهم ينشدون أغنية الفرح في قلوبهم، لكن يبدو أنهم قد قرروا على جعل العماليين جثة هامدة، ولينقرضوا بعدها.

أما الموضوع الرئيسي على صفحتها الأولى، فتخصصه الصنداي تايمز للمقابلة التي أجراها محررها للشؤون السياسية جوناثان أوليفر، مع اللورد بيتر ماندلسون، وزير شؤون الأعمال في الحكومة البريطانية الحالية.

فتحت عنوان، ماندلسون يقول إنني سوف أعمل مع المحافظين، تنشر الصحيفة تفاصيل التصريحات الصدمة التي أدلى بها من يعتبره المراقبون الوزير الأقوى في الحكومة العمالية بعد رئيسها براون، وقال فيها إنه مستعد لوضع خبرته في خدمة البلاد، في حال خسر حزبه في الانتخابات المقبلة.

وتنقل الصحيفة عن اللورد ماندلسون قوله: كلما تقدمت بالعمر، أستطيع أن أتصور طرقا أكثر لخدمة بلادي، وذلك أكثر من كوني سياسي أنتمي لحزب بعينه.

وليس ماندلسون هو الوحيد الذي يبدو أنه يغرد خارج سرب الحكومة العمالية، وباتت تصريحاته تشكل تحديا وتهديدا لرئيسها وزعيم الحزب، بل خرجت أصوات أخرى أيضا تنادي بالتغيير وتطرح نفسها كبدائل، وإن كان البعض ما زال يتحدث على استحياء وبشكل غير مباشر.

ومن بين تلك الأصوات، يخرج صوت وزير الخارجية الشاب، ديفيد ميليباند، الذي تفرد صحيفة الإندبندنت مساحة لنص المقابلة التي أجراها معه مراسلها، جون رينتول، وتنشرها تحت عنوان: ديفيد ميليباند يقول: على وقع أغنية أنا راجع، عاد وبدون أن يحمل بيده أي موز هذه المرة .

وتشير الصحيفة بذلك إلى الجدل الساخن الذي أثارته تصريحات ميليباند خلال مؤتمر حزب العمال الماضي وإلى التكهنات التي تحدثت حينئذ عن احتمال انقضاض ميليباند على رئيسه براون واستلامه زمام الأمور منه، وذلك بعد التفسيرات المتناقضة لما جاء في كلمته أمام المؤتمر وتلميحاته بشأن طموحاته السياسية.

إلا أن ظهور ميليباند في العام الماضي علنا وهو يلوح بيده بثمرة موز أثار بعض التساؤلات حول قدرته على خوض تحدي الانقلاب على براون وسياساته، وذلك مع ما تحمله ثمرة الموز عن البريطانيين من إيحاءات قد لا تتماشى مع متطلبات الزعيم الناضج والجاهز لاستلام قيادة الحزب والبلاد وانتشالهما من أتون الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وبشأن رؤيته المستقبلية للحزب وللأهداف التي يرمي إلى تحقيقها من خلال مؤتمر هذا العام، تنقل الصحيفة عن ميليباند قوله: وجهة نظري القوية للغاية هي أن لدينا ثلاثة مهام يتعين علينا تحقيقها خلال هذا المؤتمر. الأولى هي الدفاع عن سجلنا ومقارعة فكرة انحسار الدور البريطاني.

وحول الهدف الثاني، يقول: أما الهدف الثاني فهو فضح المحافظين ومحاربة نهج الاستسهال الذي يتبنونه.

أما الأمر الثالث والأكثر أهمية، يقول الوزير العمالي، فو أنه يتعين علينا إظهار أننا نقدم شيئا للمستقبل ونحارب الأسطورة القائلة إن حزب العمال الجديد ليس لديه أفكار.

فضيحة النفقات

الجدي بالذكر ان صحيفة بريطانية كشفت عن ان المسؤول الذي سرب تفاصيل نفقات نواب البرلمان البريطاني اقدم على ذلك لغضبه من عدم استثمار الحكومة في القوات المسلحة البريطانية.

وقالت صحيفة (دايلي تلغراف) ان الموظف الحكومي كسر الحواجز بين صفوف القيادات ليكشف عن كيفية انفاق بعض السياسيين ببزخ ملايين الجنيهات من اموال دافعي الضرائب على منازل ثانية ومراهنات وهمية. بحسب كونا.

وجاء تصرف المسؤول الحكومي الذي لم يكشف عن اسمه بعد مشاركته في صياغة ملفات نفقات النواب في وقت كان زملاؤه وبينهم جنود يخدمون في صفوف الجيش "يؤدون عملا ثانيا (عملا اضافيا غير رسمي)" لجني المزيد من الاموال من اجل شراء سترات واقية للجسم وتجهيزات عسكرية اخرى.

وقالت الصحيفة ان الجنود "غضبوا" بسبب الاسراف في انفاق اموال دافعي الضرائب على منازل ثانية للنواب ما دفع باتجاه اتخاذ القرار بتسريب بيانات النفقات.

وكشفت الصحيفة عن ان "الرجل الذي يقف وراء التسريب -وهو موظف حكومي- كسر الغطاء ليكشف عن روايته للمرة الاولى على امل ان يدفع خجل الحكومة بها في النهاية الى امداد الجنود الذين يخاطرون بأرواحهم في افغانستان بالعتاد المناسب".

وكانت "فضيحة النفقات" قد سببت موجة غضب عارمة في الاوساط البريطانية وهزت بعنف الثقة في سلطة الحكومة والبرلمان وسط تدني شعبية "حزب العمال" الحاكم.

التحقيق مع ثلاثين نائبا

من جانبها اعلنت مصلحة الضرائب البريطانية انها تحقق مع نحو ثلاثين نائبا بشان النفقات التي تدفعها الدولة، بينما تعود فضيحة النفقات المفرطة الى الواجهة مع عودة الدورة البرلمانية.

واعلنت ناطقة ان مصلحة الضرائب والجمارك اوضحت ان "التحقيقات جزء لا يتجزا من عمل الجهاز للتاكد من ان الجميع يدفع الضرائب المستحقة"، مؤكدة بذلك معلومات وردت في صحيفة دايلي تلغراف. واضافت ان "تحقيقا لا يعني بالضرورة ان هناك مشكلة. ان معظم التحقيقات تطوى بسرعة". بحسب فرانس برس.

وافادت دايلي تلغراف ان اجهزة الضرائب تحقق في ملفات 27 نائبا بعد معلومات عن تقاضي عدد من اعضاء مجلس العموم نفقات مدفوعة مفرطة ادت الى سلسلة من الاستقالات واعادة المبالغ المالية.

وتهدف التحقيقات الى معرفة ما اذا كان النواب انتهكوا قانون الضرائب لانهم لا يستفيدون من اعفاءات ضرائبية على نفقاتهم المدفوعة الا اذا كانت مرتبطة بمهامهم البرلمانية "بشكل كامل وضروري وحصري".

واشارت الصحيفة الى ان اي نفقات تعتبرها اجهزة الضرائب غير اساسية قد تخضع للضريبة بنسبة 40% وقد تضاف اليها الفوائد وغرامة.

واعلن مايك واربرتون من شركة غرانت ثورنتون للمحاسبة ان "القوانين واضحة وسيصعب على النواب ان يبرروا ان نفقات شملت شراء اسمدة احصنة لحدائقهم تعتبر نفقات اساسية".

وبعد تدقيق حسابي مستقل اجري الصيف الماضي حول التسديدات بين 2004 و2009، تلقى مئات النواب رسالة لدى عودتهم الاثنين من العطلة، تطلب منهم خصوصا تسديد المبالغ التي تقاضوها سابقا بشكل شرعي.

وكانت دايلي تلغراف هي الصحيفة التي كشفت تدريجيا واعتبارا من ايار/مايو، تفاصيل نفقات العديد من النواب الذين استفاد بعضهم من تلك النفقات لشراء افلام اباحية او معدات لتزين حدائق البط او فوائد لقروض عقارية خيالية.

القلق على صحة براون

من جهة اخرى قال مؤيدون ومعارضون على السواء ان المشاكل في احدى عيني رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ليست سببا يدفعه الى الاستقالة قبل الانتخابات العامة المقررة في شهر يونيو حزيران القادم.

وقال مكتب براون ان رئيس الوزراء الذي فقدت إحدى عينيه بصرها بعد الاصابة في مباراة للرجبي في سن المراهقة لن يجري عملية جراحية بالرغم من اصابته بتمزقين في الشبكية بعينه الأخرى حيث يعاني من بعض المشاكل في الرؤية.

وجاءت هذه الأنباء بعد أسبوعين من سؤال وجه الى براون في مقابلة عما اذا كان يتلقى علاجا يساعده على القيام بعمله وهو ما دفع براون الى الحديث عن مشاكل عينه المعروفة جيدا. بحسب رويترز.

وقلل ليام فوكس المتحدث في شؤون الدفاع بحزب المحافظين المعارض والطبيب السابق من بواعث القلق بشأن صحة براون.

وقال فوكس للمذيع بمحطة سكاي نيوز الاخبارية "هناك العديد من الأسباب التي تدعو لئلا يكون جوردون براون رئيسا للوزراء... لكن ليس منها بصره."

واضاف فوكس "التركيز على ذلك والقول بأنه سيجعله لا يصلح لرئاسة الوزارة ليس هو السياسة التي ينبغي ان ننغمس فيها."

وعلى العكس من رؤساء الولايات المتحدة لا يعلن رؤساء الوزراء في بريطانيا عن سجلاتهم الطبية.

وكانت هناك تكهنات بان براون سيستقيل لأسباب صحية قبل الانتخابات القادمة ليمكن زعيما جديدا لحزب العمال من محاولة التغلب على الفارق الكبير في استطلاعات الرأي التي يعاني منه الحزب في مواجهة المعارضة المحافظة.

لكن وزير الداخلية ألان جونسون الذي رشح ليكون خليفة لبراون قال ان رئيس الوزراء لن يستقيل.

وقال للمذيع في هيئة الاذاعة البريطانية اندرو مار الذي وجه السؤال المباشر لبراون عن صحته من قبل "لا يوجد احتمال اطلاقا لذلك. سيخوض براون الانتخابات القادمة. وهو لائق وفي حالة صحية طيبة وبارع ويتمتع بالعزيمة ويشع نشاطا."

وأظهر استطلاع للرأي نشر يوم ان نسبة التأييد للمحافظين اليمينيين بلغت 45 في المئة أي أكثر من العمال بتسعة عشر نقطة وهو ما يكفي لحصولهم على أغلبية برلمانية كبيرة في الانتخابات القادمة.

حقبة توني بلير

استعاد حزب العمال البريطاني خلال مؤتمره السنوي المنعقد في برايتون بعضا من مزايا الحقبة الذهبية التي شهدت صعوده منتصف تسعينات القرن الماضي وبقاءه في السلطه على 12 عاما حتى الآن.

فقد عاد الشأن المحلي والاجتماعي بشكل خاص ليسيطر على اجواء المؤتمر السنوي مصبوغا ببعض مزايا سنوات بلير والتي تبنت عدة تشريعات هدفت للحد من سلوكات العنف داخل المجتمع البريطاني.

وتشير التقارير الى ان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون سيفرد مساحة كبيرة في خطابه المصيري المرتقب لموضوع مكافحة العنف الاجتماعي والعنف المرتبط بتعاطي المشروبات الكحولية.

وتشير تسريبات في اروقة مؤتمر الحزب المنعقد في مدينة برايتون الساحلية ان براون سيعلن حزمة من الانظمة التي تستهدف اعطاء المجالس المحلية سلطة اكبر في منح او سحب تراخيص المحال التجارية والحانات التي تبيع المشروبات الكحولية على مدار الساعة والتي يتسب مرتادوها في احداث اعمال عنف في بعض الاحياء.

كما يتوقع ان تشمل حزمة الانظمة اعطاء السلطات المحلية الحق في التدخل في حال ثبوت تعرض النساء للعنف داخل اسرهن.

وتؤكد تقارير على ان هذا التوجه يعد انعطافة في توجهات رئيس الوزراء براون الذي لم يتحمس لتشريعات مشابهة اطلقها رئيس الوزراء السابق توني بلير.

وتؤيد هذه التحاليل التوقعات الاخيرة بعودة حزب العمال الى بعض سمات الحقبة التي قادها توني بلير، او ما يسمى حقبة بروز حزب العمال الجديد في منتصف تسعينات القرن الماضي، وذلك لاستعادة الزخم الى الحزب.

وتشير استطلاعات الراي الى ان 36 في المئة من الناخبين يؤيدون حاليا حزب المحافظين المعارض، فيما تؤيد نسبة 24 في المئة فقط حزب العمال الحاكم لتضعه في المرتبة الثالثة بعد حزب الديمقراطيين الاحرار الذي حصل على نسبة 25 في المئة. وتعد هذه النسبة الادنى التي يحصل عليها حزب العمال منذ 1982.

يشار الى ان كلمة جوردون براون حسب التسريبات ستحاول التاكيد على زعامة رئيس الوزراء للحزب وهي الزعامة التي وضعت على المحك على مدى العام الماضي وسط مطالبة عدد من نواب الحزب ببروز قيادة جديدة تستطيع منع خسارة الحزب للسلطة.

كما ستتضمن الكلمة حسب مصادر الحزب اشارات لنجاحات الحكومة على الصعيد الاقتصادي في منع تعمق الازمة المالية، بالاضافة الى الاعلان عن برامج دعم لبعض الصناعات مثل صناعة السيارات، وخطة لوضع قيود على مكافآت موظفي البنوك، وغيرها.

اليمين المتطرف

وإلى شأن محلي أولته معظم الصحف البريطانية اهتماما بارزا في تغطيتها وهو ما يتعلق بالحزب الوطني البريطاني المعروف اختصارا باسم BNP ، خاصة مع اعتزام برنامج كويستشان تايم التليفزيوني الشهير الذي تقدمه بي بي سي استضافة زعيم الحزب المتهم بالعنصرية ، نيك جرافين في حلقة هذا الأسبوع.

وقد أعربت جهات كثيرة عن معارضتها لقرار بي بي سي وأبرزت التايمز احتجاج القوات المسلحة البريطانية في مانشيتها الرئيسي بعنوان: الجنرالات يتوحدون في معارضتهم لاختطاف BNP للقوات المسلحة.

وقد أطلعت الصحيفة على عريضة وقعها عدد كبير من الجنرالات السابقين للقوات المسلحة البريطانية يحذرون فيها من خطر اختطاف القوات المسلحة من قبل اليمين المتطرف لخدمة أغراضه الدفينة، ويتهم الجنرالات الحزب بتلطيخ سمعة القوات المسلحة البريطانية عن طريق إقران دعاياته بتضحيات العسكريين.

تقول الرسالة التي وقع عليها الجنرال سير مايك جاكسون والسير ريتشارد دانات القائدين السابقين للجيش وعدد كبير من كبار العسكريين المتقاعدين نقول لأولئك الذين يحاولون اختطاف الاسم النقي للعسكرية البريطانية من أجل مصلحتهم الخاصة ، أن يكفوا عن ذلك. فقيم هؤلاء المتطرفين، وكثير منهم عنصريون حقيقيون، تتعارض في جوهرها مع قيم العسكرية البريطانية الحديثة وقوامها التسامح والعدالة .

وتذكر الرسالة بأن نسبة 10%من جنود الجيش البريطاني يتحدرون من دول الكومنولث ، وأنه لا يحق للمتطرفين السياسيين مشاركة العسكرية البريطانية في فخرها الذي حازته عبر قرون من الخدمة في مناطق شتى بالعالم.

ويعمد الحزب الوطني البريطاني إلى ربط دعايته بالصورة العسكرية لبريطانيا وجنودها وصور ونستون تشرشل إبان الحرب العالمية الثانية، وقد نجح الحزب في الحصول على اول تمثيل له في البرلمان الأوروبي عندما انتزع مقعدين ومليوني صوت في الانتخابات الأوروبية السابقة.

وفي الشأن نفسه تقول الجارديان إن هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لا تزال ترفض الإذعان لضغوط الحكومة والاحتجاجات العامة لإلغاء ظهور جرايفين في كويستشن تايم. لكن الجارديان تنشر تقريرا يفيد بأن قائمة تضم أسماء أعضاء الحزب وعناوينهم في عموم المملكة المتحدة قد سربت وسوف تظهر على شبكة الإنترنت مما يمثل إحراجا جديدا للحزب.

وتقول الصحيفة إن المعلومات المسربة - لو صحت - تفيد بأن عدد أعضاء الحزب يبلغ 11560 (أحد عشر ألفا وستمئة وخمسون) بينهم لورد واحد وإن ثمن أعضاء الحزب من النساء وأن غالبية الأعضاء تتركز في مقاطعات ليسترشير، ولانكشير، ديربشير ولنكولنشير.

وكان أعضاء في الحزب يتهمون قيادته بتبني مواقف ناعمة ، قد سربوا قائمة بأسماء أعضائه وعناوينهم وأعمالهم في العام الماضي، وهو أمر أثار ضجة واسعة في بريطانيا.

بريطانيا تهدر مليارات

في سياق متصل قال تقرير أعد بتكليف من الحكومة البريطانية وصدر يوم الخميس ان بريطانيا تهدر ما يصل الى 2.2 مليار جنيه استرليني (3.57 مليار دولار) سنويا بسبب فقد السطيرة على مشروعات دفاعية مفرطة في الطموح.

ووجد التقرير القاسي الذي أعده برنارد جراي مستشار وزارة الدفاع السابق أن برنامج التجهيز الدفاعي المعتاد يستغرق تنفيذه فترة أطول تصل الى خمسة أعوام وتزيد تكلفته بنسبة 40 في المئة عما كان مقررا أصلا. بحسب رويترز.

وطرحت حاجة الحكومة للسيطرة على عجز الميزانية الاخذ في الارتفاع تساؤلات بخصوص مستقبل مشروعات دفاعية تتكلف عدة مليارات من الجنيهات مثل بدائل لمنظمومة ترايدنت النووية والمقاتلة الاوروبية تايفون ومشروع انتاج طائرة النقل العسكرية من طراز ايه 400 ام.

وصدر التقرير بعد يوم من اعلان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون عن خطة لزيادة عدد القوات البريطانية في أفغانستان الى 9500 جندي.

وقال براون ان بريطانيا مستعدة لارسال 500 جندي اضافي اذا تم الوفاء بشروط معينة من بينها أن يكون لدى جميع الجنود العتاد العسكري السليم.

واتهم جنرلات متقاعدون وأقارب جنود بريطانيين قتلوا في العراق وأفغانستان براون بالتقاعس عن توفير ما يكفي من طائرات الهليكوبتر والعربات المصفحة بصورة مناسبة لحماية الجنود من الهجمات بقنابل تزرع على الطرق.

وقالت كل الاحزاب السياسية الرئيسية ان هناك حاجة لخفض النفقات مع التوقعات بوصول الاقتراض العام الى مستو قياسي هذا العام يبلغ 175 مليار جنيه استرليني بسبب الركود.

ووجد التقرير أن وزارة الدفاع لديها "برنامج مفرط للغاية للتسليح حيث يطلب شراء أنواع عديدة بشكل مفرط من العتاد لمجموعة من المهام المتعددة بافراط وبمواصفات عالية بشكل مفرط." وقال التقرير "هذا البرنامج لا يمكن تحمله في أي تقدير محتمل للميزانيات في المستقبل."

وأضاف أن الاعداء المحتملين "الذين قد يهاجموننا بطرق جديدة أو غير تقليدية لن ينتظروا على الارجح النظم المتصلبة لحصولنا على العتاد كي نلحق بهم...." وأضاف "يهدر ما بين مليار و2.2 مليار جنيه استرليني كل عام."

وتعهد حزب المحافظين المعارض الذي تتزايد فرص فوزه في الانتخابات المقررة في يونيو حزيران القادم بأن يجري اصلاحا شاملا لوزارة الدفاع.

وأوصى التقرير الحكومة البريطانية باجراء مراجعات استراتيجية للدفاع في بداية كل دورة انعقاد للبرلمان وقال انه لا بد من الموافقة على ميزانية للدفاع لمدة عشر سنوات.

وأعلنت حكومة براون في يوليو تموز الماضي عن أول مراجعة استراتيجية للدفاع تجرى في فترة زادت على عشر سنوات. وقالت الحكومة انها قبلت معظم التوصيات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/تشرين الثاني/2009 - 4/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م