دَرء الفقر مكوّن أساسي في سياسات تغيّر المناخ

خفض الفقر يجب أن يكون هدف برامج خفض الإنبعاثات

 

شبكة النبأ: في حين أظهرت الدراسات ان الاحتباس الحراري سوف يزيد على الأرجح من تكرار الجفاف وحدّته ومن الفيضانات في العديد من مناطق العالم، بيّنَ استطلاع أجرته مؤسسة معنية في ست مدن إندونيسية، بأن 70 بالمئة من الذين استُطلعت اراؤهم لم يقرأوا أو يسمعوا أي شيء عن قضية الاحتباس الحراري العالمي!.. فقط 28 بالمئة قالوا انهم قرأوا أو سمعوا عنه.

يقول هاري سورجادي، المؤسس والمدير التنفيذي لجمعية الصحفيين البيئيين الإندونيسيين في مقال له بهذا الخصوص: سوف يكون الفقراء أكثر من يشعر بآثار تغيّر المناخ، إذ ان الطقس القاسي يخرّب الزراعة ويرفع أسعار الغذاء. ويتابع سورجادي متسائلاً، كمْ هو عدد الإندونيسيين الذين قرأوا أو سمعوا عن قضية الاحتباس الحراري وتغيّر المناخ؟ لقد أظهرت الدراسات ان الوعي حول تغيّر المناخ يتزايد، لكن ذلك يحصل إلى حد كبير بين المثقفين.

فوفقاً للاستطلاع الذي أجرته مؤسسة أي سي نيلسون أومنيباس (ACNielsen Omnibus) في ست مدن إندونيسية، قال 70 بالمئة من بين 1700 شخص طالهم الاستطلاع انهم لم يقرأوا أو يسمعوا أي شيء عن قضية الاحتباس الحراري العالمي. فقط 28 بالمئة قالوا انهم قرأوا أو سمعوا عنه.

ويضيف الكاتب، وجدت الدراسة نفسها ان 50 بالمئة من الناس الذين طالهم الاستطلاع نسبوا الاحتباس الحراري العالمي السريع إلى النشاطات البشرية مثل قيادة السيارات والاستخدامات الأخرى للوقود الأحفوري. فقط 24 بالمئة قالوا ان الأسباب هي التغيّرات الطبيعية في المناخ، في حين قال 25 بالمئة ان العوامل كانت التغيرات الطبيعية وكذلك النشاط البشري على حد سواء. حوالي 76 بالمئة اعتبروا تغيّر المناخ "خطيرا بعض الشيء" أو "خطيرا جداً."

ويتابع سورجادي، بعد مرور سنة، ازداد عدد الناس الذين أصبح لديهم إدراك بشأن تغير المناخ بنسبة 3 بالمئة، من بين الذين طالهم الاستطلاع كما ان عدداً أكبر منهم اعتبر ان تغير المناخ خطير جداً. وسائل الإعلام نجحت في تثقيف هؤلاء الناس بأن تغيّر المناخ يُشكِّل تهديداً خطيراً بالنسبة لإندونيسيا.

لكن هل قرأ أو سمع 43 مليون مزارع، أو صياد أسماك، أو أناس محليون يعتمدون على الغابات، عن تغيّر المناخ؟ هل سبق للعديد من 32.5 مليون إندونيسي يعيشون تحت خط الفقر ان قرأوا أو سمعوا عن الاحتباس الحراري العالمي أو تغيّر المناخ؟ على الأرجح لا.

ويجيب سورجادي عن تسائله قائلا، في حال سمعوا عنه وسُئلوا "ما هي أكثر التهديدات خطورة التي يشكلها تغيّر المناخ على  إندونيسيا؟" ستكون أجوبتهم ندرة الاحتياجات الأساسية. فهاجسهم الأكبر هو ارتفاع مستويات الفقر، والافتقار إلى الغذاء والماء، سواء جاء ذلك من تغيّر المناخ أو من أسباب أخرى.

أظهرت الدراسات ان الاحتباس الحراري سوف يزيد على الأرجح من تكرار الجفاف وحدّته ومن الفيضانات في العديد من المناطق. ثلاثة أعاصير النينيو الكبرى سنة 1973، و1983، و1997، سببت جفافاً حاداً في إندونيسيا. مئات حقول الأرز فشلت محاصيلها بسبب الجفاف. مئات الآلاف من الناس الذين يعيشون في أكثر من 50 قرية في ولاية بوسط جزيرة جاوه يواجهون الآن الشح في المياه النظيفة مع تفاقم الجفاف المستمر.

الطقس القاسي يؤثر في الزراعة ويمكنه التسبب في رفع أسعار المواد الغذائية الرئيسية كالأرز، المحصول المهم بالنسبة للأسر الفقيرة. الإندونيسيون الذي يكسبون أقل من دولارين في اليوم سوف يكونون أول من يعاني، كما ان أعداد الفقراء ستتزايد. الفقر هو هاجس إندونيسيا الأكبر، كما ان تغير المناخ سوف يزيد عدد الناس الفقراء كما يفاقم فقرهم.

في هذه الأثناء، ستواصل إندونيسيا بث ثاني أكسيد الكربون (CO2). سنة 2005، كانت إندونيسيا قد أصبحت ثالث بلد في العالم يبث ثاني أكسيد الكربون بعد الولايات المتحدة والصين، حيث بلغت الانبعاثات حوالي 2.2 جيغاطن، أو بليون طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة. تنبأت دراسة أعدتها شركة ماكينزي أند كومباني الاستشارية، لحساب المجلس القومي لتغير المناخ (CCNC) التابع للحكومة الإندونيسية ان انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في إندونيسيا سوف تزداد بنسبة 2 بالمئة سنوياً.

ويتابع سورجادي، وفقاً للأمين العام للمجلس القومي لتغيّر المناخ (CCNC)، أغوس بورنومو، كان من المتوقع ان تقفز الانبعاثات سنة 2020 إلى 2.8 جيغاطن من ثاني أكسيد الكربون، ثم إلى 3.6 جيغاطن بحلول 2030، في حال لم تتخذ إندونيسيا أية إجراءات. المصادر الرئيسية للانبعاثات، أي المسؤولة عن 80 بالمئة من إجمالي الانبعاثات المتوقعة لسنة 2030، هي إزالة الأحراج وتنظيف الأراضي الخثة (التي تكثر فيها التراكمات العضوية)، ووسائل النقل، ومحطات توليد الكهرباء. يساهم قطاع قطع أخشاب الغابات بحوالي 850 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السنة. معدل إزالة الأحراج هو حوالي مليون هكتار في السنة مما يسبب انبعاث 562 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. انحلال الأحراج مسؤول عن انبعاث 211 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة، وحرائق الأحراج مسؤولة عن انبعاث 77 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

ووفقاً لدراسة ماكينزي، فإن بإمكان إندونيسيا خفض الانبعاثات بنسبة 64 بالمئة، أو ما يعادل 2.3 جيغاطن من ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2030، من خلال تبني 150 برنامجا مختلفا تركز على قطاعات الأراضي الحرجية، والأراضي الخثة، والقطاعات الزراعية.

من الواضح ان البلدان الصناعية قادرة على مساعدة إندونيسيا في التخفيف من آثار تغير المناخ. وقد أوصى المجلس القومي لتغير المناخ، استناداً إلى دراسة ماكينزي، بقيام تعاون ثنائي مع البلدان المتطورة حول برامج تهدف إلى وقف أو تخفيف إزالة الأحراج وتشجيع إعادة التحريج. وقدّرت الدراسة كلفة خفض الإنبعاثات من قطاع الأحراج بحوالي 7 يورو (حوالي 10 دولارات أميركية) لكل طن من ما يماثل ثاني أكسيد الكربون. ولتطبيق برامج لتخفيف حوالي 1.1 بليون طن من ما يماثل  انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، سوف تحتاج إندونيسيا إلى تمويل بقيمة 10.8 بليون دولار.

ويؤكد سورجادي على دور الحكومة بالقول، يجب على الحكومة ان تتحمل المسؤولية وتتحرك بسرعة. "يحتاج الأمر إلى خمس سنوات للتغيير. خلال خمس سنوات، سوف نحتاج للمساعدة من العالم الخارجي، الذي عليه أن يؤمن المال. فالمال هو أسهل أداة سياسية للحصول على نتائج حقيقية وسريعة"، كما قال بورنومو خلال مقابلة أجريت معه مؤخراً.

ولكن، على البلدان المتطورة ان تضمن ان يساعد كل دولار أو يورو توظفه لا في تخفيف آثار تغيّر المناخ وحسب، بل وأيضاً في حماية إندونيسيا من الفقر.

ويختم سورجادي تقريره بنتيجة مفادها، خفض الفقر هو الهدف الرئيسي لكافة برامج خفض الانبعاثات..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 21/تشرين الثاني/2009 - 1/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م