تداعيات الاحتباس الحراري: الجليد يغادِر القطب الشمالي وتقلُّص غابات الأمازون

 

شبكة النبأ: في إشارة حاسمة الى تفاقم تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري التي تسببها الانبعاثات السامّة، تشير أدلة حديثة الى أن جليد القطب الشمالي سيختفي تماماً أثناء فصل الصيف خلال العقد القادم.

وفي غضون ذلك أطلقَ ممثلو اكبر الدول الصناعية التي تعتبر المصدر الاساسي لانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون محادثات في لندن حول الاحتباس الحراري تمهيدا للقمة الحاسمة التي ستعقد في كوبنهاغن في كانون الاول القادم.

القطب الشمالي دون جليد خلال عشر سنوات

وكشفت أدلة جمعها المكتشف البريطاني، بن هادو وطاقمه، ان متوسط سُمك الجليد الذي يغطي القطب الشمالي يبلغ 1.8 متراً، ما يعني أنها طبقة تكونت أثناء فصل شتاء عام واحد وليس "طبقات متعددة" تراكمت عبر السنوات، كما هو الحال في السابق."

وكذلك، وجدت اختبارات قامت بها "جامعة أوكسفورد" أن الوتيرة الحالية لذوبان ثلوج القطب، ترجح اختفاء الثلوج خلال العشر سنوات المقبلة مما سيتيح للسفن عبور المحيط المتجمد.

وبدوره، حذر "الصندوق الدولي للحياة البرية" من النتائج الخطرة لهذا النمط السريع الوتيرة تحديداً لما تتمتع به الماء من خاصية أكبر لجذب حرارة الشمس عن الجليد، وتسريعه بالتالي من ظاهرة الاحتباس الحراري. بحسب سي ان ان.

وقد يولد ذوبان الجليد ظاهرة مناخية متطرفة أخرى مع تغيير أمواج المحيط وانبعاث المزيد من غازات الدفيئة المحبوسة بين طبقات الجليد.

ومن المقرر تقديم تلك النتائج إلى مؤتمر المناخ في كوبنهاغن المقرر عقده في ديسمبر/كانون الأول، كأدلة أضافية تدعم مطالب ضرورة خفض العالم للانبعاثات الحرارية للحيلولة دون ذوبان جليد القطب المتجمدة بوتيرة أسرع.

وكان خبراء قد حذروا في وقت سابق بأن الاحتباس الحراري الذي قد بلغ نقطة الذروة في منطقة القطب الشمالي، متسبباً بذوبان البحيرات وتقلصها إلى ثاني أدنى مستوى لها منذ 30 عاماً.

وقال علماء من مركز البيانات الوطني للثلوج والجليد في ولاية كولورادو الأمريكية، إن البحيرات الجليدية في القطب الشمالي تغطي حالياً مساحة تقارب 2.03 مليون ميل مربع.

يُذكر أن أدنى مستوى مسجل لهذه البحيرات كان عند 1.65 مليون ميل مربع في سبتمبر/ أيلول الماضي، ومنذ بدء أول قياس مسحي للمنطقة بواسطة الأقمار الصناعية عام 1979.

وبالرغم من ذوبان البحيرات الجليدية في موسم الصيف وإعادة تجمدها في موسم الشتاء، إلا أنها وفي السنوات الأخيرة قد شهدت فقدان الكثير من كثافتها بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقال مارك سيريز، وهو عالم رفيع في مركز البيانات الوطني للثلوج والجليد، إن التقلص يبلغ "ذروته الآن.. نحن نراه يحصل حالياً."

الاحتباس الحراري يدفع حكومة المالديف للاجتماع تحت الماء

وكبادرة لافتة للأنظار، قامت حكومة المالديف المكوَّنة من مجموعة جزر في المحيط الهندي، بخطوة غير مسبوقة في تاريخ العالم السياسي، عبر عقدها اجتماع تحت الماء، وذلك لتوجيه أنظار العالم إلى الأزمة التي يعيشها الأرخبيل المهدد بالغرق، مع ارتفاع منسوب البحار بسبب الاحتباس الحراري. بحسب سي ان ان.

حضر الاجتماع الرئيس المالديفي، محمد نشيد، مع سائر الوزراء الذين استخدموا إشارات الأيدي للتواصل فيما بينهم، وتخلل الجلسة توقيع عريضة موجهة للأمم المتحدة تطالبها بالعمل الفوري على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس، سيتم تقديمها خلال أعمال "قمة المناخ"، المقررة في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن نهاية 2009.

وذكر الموقع الرسمي للحكومة المالديفية أن الاجتماع عقد على عمق خمسة أمتار تحت الماء، وأظهرت الصور الرسمية الرئيس نشيد وقد تصاعدت فقاقيع الهواء من خرطوم التنفس الخاص به، في حين جالت أنواع مختلفة من الأسماك حول الطاولات التي وضعت في القعر ليجتمع الوزراء حولها.

وعلّق نشيد على الخطوة بالقول: "نحاول أن نبعث برسالة للعالم كي يعرف ماذا يحدث الآن، وما سيصيب المالديف مستقبلاً إذا لم يتوقف تبدل المناخ."

ولدى سؤاله عمّا سيحصل في حالة فشل اجتماعات كوبنهاغن، المقررة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، في الحد من انبعاثات الغازات، قال نشيد: "سنموت جميعاً."

وبحسب موقع الحكومة، فإن الأوراق التي وقّع عليها الوزراء تحت الماء ستعرض للبيع في مزاد علني يخصص ريعه لمشاريع حماية الحيد البحري الخاص بالمالديف.

يُشار إلى أن المالديف عبارة عن أرخبيل مكون من 1200 جزيرة، تقع جنوب غربي الهند، ولا يتجاوز ارتفاع معظم أراضي البلاد عن سطح البحر 1.5 متر، ما يجعلها عرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب البحار مع ذوبان جليد القطب الشمالي نتيجة تزايد حرارة الأرض.

وقد سبق للحكومة المالديفية أن شيدت مجموعة سدود لحماية عاصمتها ماليه، لكن توزيع هذا النظام على سائر جزر ومدن البلاد يفوق قدراتها المالية.

وقد قام نشيد بعد انتخابه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بطرح برنامج يهدف للعثور على موطن جديد لسكان المالديف البالغ عددهم 396 ألف نسمة، وقرر تخصيص جزء من مدخول البلاد السنوي المقدر بنحو مليار دولار، لشراء أرض يقيم عليها شعبه كي لا يتحول إلى مجموعة من اللاجئين.

القوى الاقتصادية الكبرى تناقش مسألة المناخ في لندن

من جهة ثانية يطلق ممثلو اكبر الدول الصناعية التي تعتبر المصدر الاساسي لانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون محادثات في لندن حول الاحتباس الحراري تمهيدا للقمة الحاسمة التي ستعقد في كوبنهاغن في كانون الاول/ديسمبر، بحسب ما اعلن وزير الطاقة والتغيير البيئي البريطاني. بحسب فرانس برس.

وقال الوزير اد ميليباند في بيان "بدأ اليوم العد العكسي اذ لم يعد يفصلنا عن القمة سوى خمسين يوما قبل المحادثات النهائية في كوبنهاغن، وعلينا الان ان نضاعف جهودنا".

واضاف "لهذا السبب يعتبر منتدى القوى الاقتصادية الرئيسية حول الطاقة والمناخ جزءا اساسيا من الضغوط البريطانية القوية للتوصل الى اتفاق طموح".

وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اطلق المنتدى في اذار/مارس بهدف ايجاد ارضية مشتركة بين القوى الاقتصادية الاكثر تلويثا.

ويضم المنتدى الذي يجتمع للمرة الخامسة، على سبيل التعداد لا الحصر، كلا من بريطانيا وفرنسا وايطاليا والهند والمانيا واليابان والولايات المتحدة وروسيا والبرازيل. ودعي عدد من الدول الاخرى الى الاجتماع مثل ليسوتو وجزر المالديف وبنغلادش وكوستا ريكا واثيوبيا والجزائر، بحسب ناطق باسم الوزارة البريطانية.

ويفترض ان تبدأ المحادثات عصر الاحد وتستمر حتى الاثنين. واوضح المصدر ان ابرز المواضيع التي سيتم التطرق اليها هي تمويل مكافحة الاحتباس الحراري وادارة الغابات وطريقة الحد من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون الذي يعد من الغازات المسببة لمفعول الدفيئة العامل الرئيسي المؤدي للاحتباس الحراري.

واوضح ميليباند عبر قناة بي بي سي "اننا نمثل 90% من الانبعاثات. وبالتالي فاننا اذا تمكنا من ايجاد طريق للمضي قدما، والتوصل الى الحد من بعض الاختلافات في وجهات النظر بين الدول ال17 التي تملك حصة الاسد من حجم هذه المشكلة (الانبعاثات)، فان ذلك قد يؤدي الى تسهيل المحادثات في الامم المتحدة".

البرازيل: تَقلُّص غابات الأمازون يساهم في الاحتباس الحراري

تُعتبر البرازيل دولة شاسعة جداً تغطي تقريباً نصف مساحة أميركا الجنوبية، وتقوم على نسبة كبيرة من ساحلها الشرقي أيضاً. وعلى رغم ان الطاقة المتجددة تمثل نسبة 47 في المئة من مجمل الطاقة المنتجة في البرازيل، وهو معدل أعلى بكثير من المعدل العالمي، ما زالت البلاد تمثل مصدراً لحصة كبيرة من الإجمالي العالمي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

السبب الرئيس هو الإزالة السريعة للغابات في حوض الأمازون من خلال قطعها وحرقها. وغابة الأمازون، أكبر غابة استوائية في العالم، تمتد عبر تسع دول، لكن غالبية مساحتها تقع ضمن حدود البرازيل. وتُشكِّل الغابات المطرية خزاناً هائلاً لالتقاط الكربون من الجو، وعندما تُقطع أشجارها وتُحرق، تطلق في الجو غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الاحتباس الحراري. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وتمّ التأكد من ان هذه الغازات تساهم في تغيّر المناخ وارتفاع درجة الحرارة الكونية. واستناداً إلى معاهدة الأمم المتحدة حول إطار العمل لتغيّر المناخ، عند إضافة تقديرات الانبعاثات بسبب تغيّر استعمالات الأراضي والغابات «يُشكِّل إجمالي انبعاثات الغاز من البرازيل نسبة 12.3 في المئة تقريباً من مجموع انبعاثات الغاز من الدول الـ 151 غير الموقّعة على الملحق الأول لـ «معاهدة الأمم المتحدة حول إطار العمل لتغيّر المناخ» (UNFCCC)، وهذه الدول هي دول نامية لا تتبع برامج لخفض انبعاثات الغازات بموجب «بروتوكول كيوتو».

ويُقدر حجم غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي تطلقه البرازيل سنوياً في الجو بنحو بليون طن، ونحو 75 في المئة من هذه الكمية بسبب إزالة الغابات، كما جاء في تقارير وزارة العلوم والتكنولوجيا البرازيلية. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن لدى حوض الأمازون كتلة بيولوجية إجمالية تبلغ 86 بيتاغرام من الكربون، أي ما يعادل إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال السنوات الـ 11 الماضية. بحسب تقرير لنشرة واشنطن.

وتقدر البحوث أن إزالة الغابات خفضت مساحة غابة الأمازون بنسبة 15 في المئة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بسبب توسع البنية التحتية على حدود الغابة، وزيادة الطلب العالمي على فول الصويا، ولحوم الأبقار، والخشب، وغير ذلك. وتتكهن البحوث أيضاً بأن تغيّر المناخ سيزيد من احتمالات حصول حالات جفاف في هذه المنطقة.

وأكد علماء من جامعة أكسفورد بالتعاون مع «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا) والعلماء البرازيليين، وجود رابط وثيق بين حالات الجفاف وازدياد حرائق الغابات، ما يضاعف احتمال زيادة الكمية الإجمالية للكربون المطلق في الجو.

وأطلقت الحكومة البرازيلية عام 2008 «الخطة القومية لتغيّر المناخ» التي تهدف إلى خفض عمليات إزالة الغابات في منطقة الأمازون بنسبة 70 في المئة بحلول عام 2017، بالمقارنة مع التقديرات بين عامي 1996 و2005. وتُعتبر هذه المبادرة خطة استراتيجية رئيسة لتخفيف تأثيرات تغيّر المناخ العالمي من خلال المحافظة على هذه الغابة. كما أنها شرّعت الأبواب أمام احتمالات التمويل والتعاون السياسي، خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ الذي عُقد في مدينة بالي (كانون الأول/ديسمبر 2007)، حيث وافقت الدول على إضافة دفعات مالية في مقابل خفض انبعاثات الغازات الناتجة من إزالة الغابات وتآكل التربة، ضمن إطار عمل «بروتوكول كيوتو».

لكن غابة الأمازون لا تُشكِّل النظام الايكولوجي الوحيد الذي يواجه تهديدات تغيّر المناخ في البرازيل. ويحتاج الامتداد القاري للبرازيل إلى مقاربة متعددة الأبعاد للتكيّف والتخفيف. إذ يقدر علماء أميركيون وبرازيليون ممن يقومون باختبار سيناريوات مختلفة لارتفاع درجة الحرارة العالمية، أن الخسارة السريعة الانتشار للأنواع الإحيائية في إقليم كيرادو الإحيائي (السافانا البرازيلية)، سيزداد بالترافق مع خسارة أكثر من 50 في المئة من منطقة التوزع المحتملة للكثير من الأنواع الإحيائية. كما أن منطقة شمال شرقي البرازيل، الأفقر في البلاد، أصبحت مهددة. وأوصى «برنامج توافر المياه وتعرض الأنظمة الايكولوجية والمجتمع للخطر»، وهو برنامج تعاوني بين البرازيل وألمانيا، بتنفيذ تخطيط دقيق للخطط الطويلة الأمد لاستعمال الموارد المائية، نظراً إلى الحساسية الخاصة لتدفق مياه النهر، وإنتاج المحاصيل إزاء تغيّر المناخ. كما يتوقع البرنامج حصول شح في المياه في ولاية سيارا بحلول عام 2025.

الاحتباس الحراري يدفع مورمانسك لمنافسة السويس

ومواكبة مع ارتفاع درجات الحرارة الطفيف، تسعى مدينة "مورمانسك" الروسية، التي تُعتبر أكبر مدينة وراء القطب المتجمد الشمالي، إلى توسيع مينائها الذي يقع على ساحل بحر  بارنتس، بهدف تسهيل نقل الشحنات التجارية من أوروبا إلى شمال شرق آسيا،مما سيؤدي إلى تقليص المسافة التي تقطعها السفن عن طريق قناة السويس بحوالي 40 في المئة، الأمر الذي سيضع مورمانسك في مصاف أهم المرافئ في العالم. بحسب موقع روسيا اليوم.

فعلى سبيل المثال ان المسافة التي تقطعها سفينة متوجهة من ألمانيا إلى اليابان عن طريق قناة السويس حوالي 20,500 كيلومترً، في حين لن تزيد هذه المسافة عن 12,000 كيلومترً عن طريق مرفأ مورمانسك، بالاضافة إلى انخفاض تكلفة النقل قرابة 35 في المئة، وكذلك  توفير الوقت.

ويقول خبراء المؤتمر العالمي للتغيرات  المناخية أن الاحتباس الحراري وذوبان الجليد المستمر وارتفاع درجة الحرارة في القطب الشمالي سيولد  اهتماما متزايداً بمرفأ مورمانسك الذي من المتوقع أن تعبر من خلاله آلاف السفن.

وتسعى السلطات إلى إيلاء اهتمام كبير  الى ميناء  مورمانسك ً عن طريق تخصيص موارد مالية كبيرة لتطويره، بالاضافة إلى عزمها على طرح مناقصات ليستفيد الميناء من شركات أجنبية ستساهم في توسيعه.

ويقول المختصون ان الإقبال على مرفأ مورمانسك سيكون كبيراً بسبب الازدحام والحوادث الكثيرة في الممرات التقليدية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/تشرين الثاني/2009 - 30/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م