إستراتيجية أمريكية جديدة في إيران

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: يشهد العالم تغيراً سياسياً في ظل حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بالرغم من الاتهامات الموجهة أليه بخصوص إذعانه إلى ضغط اللوبي الإسرائيلي تجاه إيران.

الولايات المتحدة الأمريكية أقدمت على تغيير نبرة خطابها السياسي تجاه الدول العربية والإسلامية على وجه التحديد وهذا ما أوحى به أوباما في أكثر من تصريح له أمام الرأي العام العالمي، إضافة إلى أنه أولى اهتماما كبيراً إلى دولة شبه نووية كإيران التي توشك بدورها أن تفّوت فرصة تستطيع من خلالها أن تغير من طبيعة العلاقة السلبية مع أمريكا التي كانت تسعى جاهدة للتوصل إلى علاقات واضحة المعالم بينها وبين إيران.

ولكن نرى السعي الأمريكي تجاه لتحقيق السلام أخذ منحاً آخراً حتى بدا الرئيس أوباما يتراجع يوم بعد يوم – بعد أن فهم المناورات السياسية الإيرانية - عن خطابات السلام والتفاهم الذي أدلى به تجاه إيران.

الزعماء الإيرانيون بدورهم لم يتوافقوا مع نهج أوباما واعتمدوا سياسة المد والجزر في حراكهم الذي اعتادوا عليه الذي يأخذ طابعاً غير مستقر لا يمكن أن تسير في ظله أية مفاوضات أو حل لأزمة البرنامج النووي، فالنظام الإيراني قلق ولا يمتلك رؤية واضحة تحدد نوع العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأسباب يراها الإيرانيون وقال عنها أسفنديار مشائي مدير مكتب الرئيس الإيراني هناك نظرة متشائمة حيال الولايات المتحدة في إيران بسبب الماضي.. نشعر أن تغييرا بدأ لكن علينا الانتظار لمعرفة مدى جديته.

لذلك فمن غير المرجح أن يقوم النظام في إيران بتغيير نبرة خطابه والتعاون في الوقت القريب، فهناك ضغوط يواجهها النظام الإيراني بعد أن فقد جزء كبير من شرعيته الشعبية أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

هذا على الصعيد الداخلي، وعلى الصعيد الدولي فان النظام الإيراني يواجه أهم تحدٍ له وأكثره حساسية وهو الملف النووي الذي يسعى الأميركيون بتضييقه ونزع الفتيل ألتسليحي منه عبر خطة احتواء متمثلة في ثلاثة محاور.

المحور الأول التقليل من شأن الحكومة الدينية ومحاولة عدم قيام حكم ديني.

المحور الثاني إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وبهذا سيتوجه الرأي العربي بمساعدة الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة إيران. فأن عدم الاستقرار السياسي والأمني يقوض الفرصة أمام واشنطن وتل أبيب لهيكلة المنطقة وفق ما يخدم مصلحتهما. في وقت يرى فيه محللون سياسيون أن سياسة الاحتواء هذه ستكون لها عواقبها وخيمة.

المحور الثالث إذا سمح لإيران – وفق المنظور الأمريكي- بالمضي قدما في برنامجها النووي سيجعل أكثر من 30 دولة تسلك نفس الطريق. مما يُحتم على واشنطن أن تنهي ملف البرنامج النووي.

قادة النظام في إيران من جهتهم متخوفين من عدم حصولهم على فرصة أخرى كسابقتها التي شهدوها في زمن الرئيس بوش بتحقيق مرحلة متقدمة في تخصيب اليورانيوم، وبالتالي فأن أنظار الحكومة الإيرانية إلى الشعب ورعايتها لهم ستتأثر تلقائياً مما يحتم على الشعب أن ينتفض من أجل الحصول على حياة كريمة، في وقت يأمل فيه الشعب أن يتحسن مستوى الاقتصاد والتخلص من الحكم الحالي تحت قيادة جديدة علقت عليها الآمال قبل الانتخابات الإيرانية التي أبرزت بدورها عمق الفجوة بين فئة كبيرة من أبناء الشعب الإيراني والحكومة من جانب وبين السياسيين نفسهم من جانب آخر، فما حصل من عملية تزوير وزج المتظاهرين في السجون، حيث قالت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية أمنستي أيرين خان "أن المنظمة سجلت خلال نحو 50 يوماً، ما لا يقل عن 115 حالة إعدام"، أي بمعدل يزيد على إعدام شخصين يومياً، في إشارة للفترة التي تلت الانتخابات في 12 يونيو/ حزيران الماضي، وحتى إقامة مراسم تنصيب الرئيس نجاد، في الخامس من آب الماضي.

كل ذلك شكل نقاط ضعف استغلت من قبل الأمريكيين والمنظمات الحقوقية والإنسانية التي تعمل على فضح ما قامت به إيران من انتهاكات بحق مواطنيها، مما أرعب ذلك النظام الإيراني الذي يخشى من دعم أمريكي لقوى المعارضة في الخارج والداخل، والتأثير على عقلية الشعب الإيراني عبر وسائل الإعلام.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/تشرين الثاني/2009 - 29/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م