الانتخابات التشريعية في العراق بين استحقاق دستوري وصراع إرادات عقيم

تعسر سن قانون الانتخابات الجديد يثير مخاوف من تأجيلها

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: اقتربت الانتخابات... فيما انبرت الأحزاب والكتل والسياسية في التحضير للدورة البرلمانية القادمة، وفق منطلقات جديدة، أكثر تناغما مع المزاج العام للناخب العراقي، وأجواء المرحلة الراهنة، معلنة تبنيها قناعات مغايرة كانت حتى الأمس القريب مغيبة عن أجندتها المعلنة.

حيث يستعد العراقيون بكافة شرائحهم طي حقبة حرجة من تاريخهم المعاصر، اجتازت خلالها البلاد مخاض عسير، كان يقف العراق بكامل كيانه أمام مفترق طرق مصيري، وجملة من الخيارات المكلفة، التي شملت في سياقاتها بقائه أو زواله... من الخارطة السياسية.

في خضم تلك الاستعدادات يحاول مجلس النواب العراقي تمرير قانون جديد للانتخابات، يرتقي رغبة الناخبين بعد أن افرز قانون الانتخابات الحالي العديد من الإشكاليات والسلبيات التي انعكست على اداء السلطة التشريعية حسب رأي الكثيرين.

المفوضية تمهل البرلمان

قالت مفوضية الانتخابات إنها ستتسلم قوائم المرشحين بدءا من 18 ولغاية 29 من الشهر الجاري، مبينة أن ذلك يعد موعدا “غير قابل للتمديد” لما تتطلبه عملية المصادقة على المرشحين من إجراءات.. ودعت البرلمان لإقرار قانون الانتخابات قبل يوم الأربعاء المقبل.

وجاء في بيان المفوضية الاخير أنه نظر لـ”ارتباط عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بجدول زمني محدد لإجراء انتخاب مجلس النواب في موعدها المقرر ولضمان إجراء الانتخابات وفقاً للمعايير الدولية ولضيق الوقت بسبب عدم تشريع القانون الخاص بها  فقد حددت المفوضية موعدا لاستلام قوائم المرشحين خلال المدة 18 ولغاية 29 من تشرين الأول أكتوبر الجاري”.

وشددت المفوضية في بيانها أن هذا الموعد “غير قابل للتمديد نظرا لما تتطلبه عملية المصادقة على المرشحين من إجراءات تدقيقية ومراجعة لوثائقهم فضلاً عن ضرورة تصميم وطباعة ورقة الاقتراع وفقاً لجدول زمني محدد”.

وأهابت المفوضية في بيانها بمجلس النواب “الإسراع بتشريع قانون الانتخابات قبل يوم 15/10″، لتتمكن من “إجراء انتخابات مجلس النواب في موعدها المقرر”.

يذكر أن الموعد المحدد لإجراء الانتخابات البرلمانية هو يوم 16 كانون الثاني يناير 2010.. وأن البرلمان ما يزال يناقش القانون الخاص بها تتجاذبه دعوات “قوية ومسنودة شعبيا” لإجراء الانتخابات على وفق اسلوب القائمة المفتوحة وسط رغبة أطراف أخرى بالإبقاء على اسلوب القائمة المغلقة الذي جرت بموجبه الانتخابات عام 2005 مع بعض التعديلات على القانون القديم.

وكان المرجع الديني الأعلى السيد على السيستاني دعا إلى ضرورة اعتماد اسلوب القائمة المفتوحة في الانتخابات المقبلة محذرا من مغبة ردة فعل جماهيرية سلبية إذا ما أبقي على “القائمة المغلقة” وقد حظيت هذه الدعوة بمؤازرة سياسية وشعبية كبيرة في غالبية المحافظات.

وحذر رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق  فرج الحيدري من احتمال عدم إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها في حالة سحب الثقة من المفوضية, على خلفية استجواب في البرلمان.

 كانت المفوضية قد انبثقت للمرة الأولى نهاية مايو/أيار 2004 وتخضع لرقابة مباشرة من جانب البرلمان العراقي ومهمتها تنظيم عمليات الانتخابات والاستفتاءات الشعبية في البلاد.

 وكان عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي آزاد جالاك ذكر في تصريحات صحفية أن "سحب الثقة من رئيس المفوضية العليا أسهل من سحب الثقة عن المفوضية برمتها".

 ورأى أن "الوقت المتبقي على موعد إجراء الانتخابات النيابية القادمة في العراق ضيق جدا ولا يتيح مجالا لتشكيل مفوضية أخرى، إضافة إلى أن الأمر يتطلب اتفاق جميع الكتل البرلمانية، وهو أمر سيتسبب في إثارة المشاكل". بحسب اصوات العراق.

 يذكر أن البرلمان العراقي استدعى رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واستجوبه إثر توجيه اتهامات بوجود فساد مالي وإداري في عمل المفوضية وانحيازها لجهات سياسية معينة.

 في هذه الأثناء نفى الشيخ خالد العطية النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي وجود نية لسحب الثقة عن رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري لتأثيرها على مجريات العملية الانتخابية المقررة في 16 يناير/كانون الثاني المقبل.

 وقال العطية إن "استجواب الحيدري في البرلمان لا يعني سحب الثقة عنه وليست لدى الكتل السياسية على اختلافها نية الإقدام على هذه المسألة في الوقت الراهن".

ويأتي ذلك بينما يتواصل الجدل السياسي في العراق بشأن اعتماد خيار القائمة المفتوحة في الانتخابات المقبلة.

وقال رئيس البرلمان إياد السامرائي إن معظم الكتل السياسية تؤيد خيار القائمة المفتوحة، في حين تمسكت الكتلة الكردية بالقائمة المغلقة.

مطالب اعتماد القائمة المفتوحة

من جهته دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى اجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في 16 كانون الثاني 2010 في موعدها المحدد وعدم تاجيلها "تحت اي ذريعة"، فيما أعرب سياسيون عراقيون امس عن مخاوفهم من احتمال تأجيلها اثر عملية استجواب رئيس واعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من قبل البرلمان العراقي اخيرا ومطالبة عدد من النواب بسحب الثقة عن المفوضية.

وطالب المالكي خلال لقائه رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني الى اعتماد القائمة "المفتوحة والمصادقة عليها".

ويدور حديث تحت قبة البرلمان حول تاجيل محتمل لموعد الانتخابات بسبب عدم التوصل الى صيغة نهائية لقانون الانتخابات.

كما اعرب الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة آد ملكيرت امس الاول عن "القلق" حيال عدم الوضوح بشان قانون الانتخابات في ظل الاستجواب البرلماني لكبار المسؤولين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاتهامات الموجهة اليهم.

وقام عدد من النواب باستجواب رئيس المفوضية فرج الحيدري وبعض كبار المسؤولين قبل ايام وسط اتهامات عدة لهم.

وتابع ملكيرت "ترى بعثة الامم المتحدة ان اجراء تغييرات جوهرية على التركيبة المؤسساتية للمفوضية من شانه ان يعطل التحضيرات الجارية للانتخابات الى حد كبير لدرجة انه لن يكون من الممكن اجراء انتخابات تتسم بالمصداقية حتى موعد متأخر جدا". بحسب اصوات العراق.

وتبدي اوساط سياسية خشيتها من "افتعال" ازمات امام اقرار مشروع قانون للانتخابات ارسلته الحكومة الى مجلس النواب في ظل التجاذبات الحادة في هذا الشان ، بحيث يقر البرلمان القانون القديم الذي يتضمن القائمة المغلقة.

وكان حامد الخفاف المتحدث الرسمي باسم المرجع الشيعي الكبير علي السيستاني اكد، ان "المرجعية الدينية تحذر من ان اعتماد نظام القائمة المغلقة سيكون له تاثير سلبي بالغ على سير العملية الديموقراطية".

من جهته أكد نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي أن القائمة المفتوحة توفر للناخب العراقي فرصة جيد لاختيار المرشحين الجيدين والاكفاء.

وقال عبدالمهدي ، خلال لقائه بعدد من النخب العلمية والثقافية والتربوية في مدينة الناصرية إن الانتخابات المقبلة "مسؤولية اجتماعية كبيرة كونها تقرر نظام الحكم ومستقبل البلاد".

رؤى وتصورات الشارع

يرى الكثيرون ان القائمة المفتوحة ستمنح الناخب العراقي في الانتخابات القادمة مساحة واسعة لاختيارالمرشح الذي يرغب بالتصويت له، وستكون الشخصيات المرشحة ضمن القوائم الانتخابية واضحة غير مستترة داخل القائمة، وسيعرف الناخب عن كثب تاريخها السياسي والاجتماعي والمهني، بالنقيض من القائمة المغلفة بسليفون انتخابي كما حدث في الانتخابات التشريعية السابقة التي اسهمت في تسلل نواب الى قبة البرلمان بغفلة من الوعي ما انعكس على اداء المجلس النيابي وتعطلت (بوجودهم) حزمة من القوانين والتشريعات ولم يكتمل نصابهم القانوني الا لحظة مناقشة امتيازاتهم الخاصة، واصبحوا جزء من المشاكل بدلا ان  يكونوا جزءاً من الحل ، بثنائية القائمة المفتوحة والمغلقة حاور ملحق ديمقراطية ومجتمع مدني عددا من المثقفين والاعلاميين وقد اتفقت اراؤهم على اعتماد الاولى ورفض الثانية بشكل قاطع والا العزوف عن المشاركة في الانتخابات. بحسب جريدة الصباح العراقية.

من ناحيته اشار الكاتب خضير حسين السعداوى الى ان التجربة الديمقراطية حديثة العهد في العراق، فقد مارس العراقيون النظام الديمقراطي منذ تاسيس الدولة العراقية العام 1921 واعتقد ان الظروف التي حصلت بالعراق في تلك الفترة هي اقرب الى الظروف التي حصلت بالعراق بعدالتغيير العام 2003 فانهيار دولة ونشوء دولة جديدة كما ان الدولة التي احتلت العراق وانهت السيطرة العثمانية هي بريطانيا وكجزء من سياستها في نشر الديمقراطية في البلدان التي تسيطر عليها اوجدت النظام الملكي الدستوري في العراق وفق مفاهيم ديمقراطية جديدة على المجتمع العراقي الذي كان مجرد ثلاث ولايات تابعة للاستانة.

ورغم ذلك ترسخت تجربة العمل البرلماني والنيابي رغم ان العملية السياسية في العراق في تلك الفترة سيطرعليها ساسة معروفون امتهنوا السياسة ولذلك اصبحت الديمقراطية مجرد اليات شكلية تخدم بصورة واخرى السياسة البريطانية ولكن التغيير الثوري الذي حدث في العراق في اعقاب ثورة 14 تموز العام 1958 والذي كان بصراحة هزة عنيفة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي الا ان المخيب للامال هو بقاء سيطرة العسكر على السلطة والتناحر الدامي بين القوى السياسية انذاك، هذا الصراع الذي رسخ لدى العراقيين مفهوم التسلط الدكتاتوري للاحزاب والقوى السياسية للثار من بعضها البعض من خلال الوصول الى السلطة وباية طريقة فكان العراق ميدانا للمؤامرات والانقلابات العسكرية سواء من فشل منها او نجح، وانتهى التفكير بالديمقراطية بعد ظهور الاحزاب الشمولية كذلك كان للتدخل الاقليمي ودول الجوار كل هذا كان عاملا مهما ان ظهرت الدكتاتورية في العراق.

وبابشع صورها وبعد عجز قوى المعارضة المسلحة والسياسية في اقتلاع الدكتاتورية من العراق كان الكي آخر الدواء فكان الاستعانة بقوى دولية اقتلعت النظام الاستبدادي العام 2003.

حيث جاءت بمشروع الديمقراطية للمرة الثانية وكان على العراقيين ان يتعاملوا مع مفاهيم بدت غريبة عليهم بعد عقود من الحكم الشمولي، ان التجربة الانتخابية الاولى التي حدثت في العراق عقب التغيير العام 2003 املتها ظروف  ما بعد التغيير وهاجس الخوف والرعب الذي انتاب المحيط الاقليمي وتشتت القوى السياسية ووقوف قسم منها ضد هذه التجربة افرز ظرفا يتحتم فيه ان تكون القائمة المغلقة كوسيلة اقرب الى الواقعية في التمثيل للاطياف المختلفة للشعب العراقي والتي اهتزت ثقتها ببعضها.

وأضاف السعداوي قائلا: اعتقد ان مرحلة القائمة المغلقة كانت قاعدة لظرف استثنائي مر به العراق  ولكن الان وبعد ان ترسخت مفاهيم الديمقراطية نوعاً ما ودخول كثير من القوى الرافضة للعملية السياسية الى المعترك السياسي وظهور سلبيات القائمة المغلقة اعتقد ان على الشعب ان يعي جيدا ان مرحلة القائمة المغلقة يجب ان تنتهي على الرغم من ان بعض القوى السياسية والتي بدات قاعدتها الجماهيرية تتصدع تفضل القائمة المغلقة واستطرد بالقول قد تنبهت المرجعية الى ذلك وقطعت الطريق على من يحاول ان يجعل الانتخابات تسير فق القائمة المغلقة ، ان ما اعتقده وبشكل قاطع ان القائمة المفتوحة هي التي تخدم المرحلة الديمقراطية الفتية في العراق بفسحها المجال امام  اصحاب الكفاات وممن يتصف بالامانة والقدرة على تمثيل الجماهير التي اودعته ثقتها ويكون مسؤولا امام هذه الجماهير عكس القائمة المغلقة التي يضيع فيها من هو جيد او سيئ ويضيع صوت الناخب عندما يعطى الى شخص غير مرغوب فيه اعتقد ان القائمة المفتوحة ستفرز قوى وطنية جديدة لا تعتمد العمق الطائفي كاساس لصعودها الى دفة السلطة وانما يكون المعيار هو ثقة الناخب بالمرشح ومدى قدرته على تمثيل من جازف واعطى صوته لهذا المرشح كما ان القائمة المفتوحة ستبدد مخاوف من اكتوى بنار القائمة المغلقة واصيب بخيبة امل.

فيما يقول الباحث والناشط المدني عثمان حمادي: كان بريمر وفريقه الإداري أول من أسس لبدعة القائمة المغلقة في الممارسة الانتخابية العراقية التي تلت سقوط الدكتاتورية على يد القوات الاجنبية وكان هدفه من ذلك آنذاك هو محاصرة القوى السياسية الأكثر شعبية والأكثر تنظيماً آنذاك وعدم السماح لها بالهيمنة على السلطة من خلال صناديق الاقتراع وهذا ما كان قد أعترف به بريمر في مذكراته. ويتابع حمادي :وكانت القوى السياسية قد دخلت في صراع علني مع بريمر في محاولة لإسقاط مخطط قائمته المغلقة. وفي ذلك الصراع وقف سماحة السيد علي السيستاني مع تلك القوى السياسية ودعا الى القائمة المفتوحة بقوة وبدون تحفظ. والمفارقة التي نشهدها اليوم هي أن سماحة السيد على السيستاني يضطر الى خوض المواجهة والصراع نفسهما اللذين خاضهما مع سلطة الاحتلال آنذاك ولكن سماحته يخوضهما في هذه المرة مع بعض القوى السياسية العراقية التي تسعى الى البقاء في الساحة السياسية من خلال الاعتماد على نظام القائمة المغلقة.

واكد حمادي :أعتقد أنَّ هذه القوى ستحاول عرقلة إقرار قانون انتخابي جديد من قبل مجلس النواب الذي تم تحديد الخامس عشر من الشهر الجاري كموعد نهائي لإقراره. وسوف تستخدم هذه القوى أساليب شتى للوصول الى هدفها ومنها اللجوء الى حيلة عدم اكتمال النصاب القانوني في المجلس ولكن عندما ترى هذه القوى أنَّ هذه الحيلة مكشوفة ستضطر الى استخدام حيلة أنصاف الحلول في محاولة التفافية  للحفاظ على مصالحها الفئوية والشخصية الضيقة. لذلك سنجد من يطرح فكرة المزج بين القائمتين المفتوحة والمغلقة.

واوضح حمادي :إذا أراد الباحث السياسي معرفة كيفية ظهور الطبقات السياسية وكيفية الاستحواذ على السلطة في ظل نظام سياسي وليد ومنتقل من نظام دكتاتوري الى نظام ديمقراطي تم استيلاده بعملية قيصرية عليه متابعة ما تفعله أغلب القوى السياسية العراقية في هذه المرحلة من الحياة السياسية العراقية.

ويرى حمادي: ان المشكلة الانتخابية تكمن الآن في كون الجهة المشرعة ( مجلس النواب ) هو أول المتضررين من القانون الانتخابي المطلوب تشريعه على وفق القائمة المفتوحة  حيث يعلم الكثير من أعضاء مجلس النواب أن لا أمل لهم في العودة الى المجلس في دورته القادمة إلا من خلال القائمة المغلقة. لأنَّ القائمة المفتوحة سوف تتيح للناخبين اختيار من يمثلهم في مجلس النواب بصورة مباشرة.

ومن هنا يبدأ الفراق والافتراق بين المصلحة الوطنية ومصلحة الطبقة السياسية ( مجازاً) وهكذا يبدأ نشوء الطبقات السياسية في المجتمعات حتى تلك المجتمعات التي تتفاخر في تصدير الديمقراطية الى غيرها.

ولا بد من الإشارة الى أنَّ المصلحة الشخصية  لأعضاء مجلس النواب تقتضي أن يعملوا على إبقاء النظام الانتخابي الحالي أو على أقل تقدير التوصل الى حل وسط بين القائمتين. في الوقت الذي تتطلب فيه المصلحة الوطنية الذهاب الى القائمة المفتوحة والدوائر المتعددة .  ومن خلال التصويت على قانون الانتخابات في مجلس النواب ، الذي ينبغي الإصرار على أن يكون علنياً ، سنكتشف من هو النائب الوطني الذي يترفع فيرتفع فوق مصالحه الشخصية ومن هو النائب الذي لا يرى في وطنه ومن وطنه سوى ذلك الضرع الذي يحتلب منه.

وإنَّ كنت أعتقد أنَّ الكثير من أصحاب الضروع أفراداً وفئات وتكتلات سوف يزايدون ويدَّعون أنهم مع القائمة المفتوحة إلا أنهم في الحقيقة سيعملون بقوة على التوصل الى حلول وسطى. والتصريحات المبكرة لمفوضية الانتخابات حول اضطرارها الى اعتماد القانون القديم في حال عدم تمرير التعديلات الجديدة يعد مؤشراً على نوايا بعض القوى السياسية العراقية حول الانتخابات النيابية المقبلة.

كما أن هذا السلوك السياسي يُعدُّ مؤشراً خطيراً على محاولات أوليَّة لتأسيس طبقة سياسية عراقية منتفعة ومنفصلة عن الشعب. وبالقائمة المفتوحة وحدها سيتمكن الناخب العراقي من استبعاد النواب الذين لم يؤدوا رسالتهم الوطنية كنواب عن الشعب بالشكل الذي يقتضيه الواجب والانتماء الوطني.

أما القائمة المغلقة فستبقي الخارطة السياسية العراقية كما هي وستعيد الى البرلمان العراقي الوجوه نفسها والقوى السياسية نفسها ولكن بتحالفات جديدة وبشعارات جديدة في الوقت الذي لا يريد الناخب من تلك الوجوه إلا التي يرى من خلالها مستقبله الآمن والمزدهر والمكفول.

وفي معرض حديثه عن الانتخابات القادمة قال الاعلامي يونس العراف: ان القائمة المغلقة لم تستطع تلبية طموحات الناخب العراقي في انتخابات عام 2005  ما اثر ذلك في سير العملية الديمقراطية والسياسية وعرقلت حزمة من القوانين والتشريعات المهمة وتأجل التصويت عليها الى الدورة الجديدة .

شكلت انتخابات مجالس المحافظات نقلة نوعية في المفصلية الديمقراطية كونها تبنت القائمة المفتوحة (برغبة شعبية) وقوبلت الخطوة بارتياح الناخبين ورات فيها تعبيرا صادقا عن الخيار الحر رغم السلبيات الي رافقت تلك الانتخابات الا انها كانت بداية بالاتجاه الصحيح للمسار الديمقراطي ويدور الحديث على اعتماد شكل اخر وهو اعتماد القائمة المفتوحة-المغلقة او مايسمى بالقائمة الجامعة للصيغتين وهو اسلوب يحول دون ضياع الاصوات .

فيما يتبنى الكاتب فيصل المحنا فكرة جوهرية على قدرة الشارع العراقي باحداث التغيير وتحقيق المطاليب السياسية قبل السياسيين وتترجم الى ارض الواقع لانها نابعة عن موضوعية وتجربة مختزنة في العقل الجمعي والحس الوطني الشعبي وما يدور الحديث حول القائمة المفتوحة ومدى تميزها عن المغلقة التي ابتلينا بها سابقا واستمرت عقابيلها حتى اليوم، فقد استشف الكثيرون من ابناء الشعب الذين فتحوا عيونهم على ديمقراطية زجت لمجلسهم النيابي بمن لايمثل طموحاتهم واوقفتهم امام وجوه لاتحسن غير جمل الانشاء الضعيفة والتنظير الساذج والخطابية الواهنة التي لاتسمن ولاتغني عن جوع.

واضاف المحنا واسفرت مطالب الشعب معلنة رغبتها في الانتخابات القادمة ان تكون القوائم الانتخابية مفتوحة وخلاف ذلك سيكون العزوف عن صناديق الاقتراع وهذا احتجاجهم  الممكن والوحيد وففي حالة التلكؤ في التصويت على قانون جديد للانتخابات والتباطؤ بأقراره من مجلس النواب الحالي فسيكون التاريخ اول من يرفع لافتات الادانة والتوبيخ لمن امتلات جيوبهم وقل عطاؤهم في اروقة الشعارات والوعود اما اذا اقر القانون بعد مناقشته واجراء التعديلات اللازمة فهذه سابقة تاخرت قليلا ومأثرة تستحق التقدير.

وتساءل الكاتب فاضل الخياط في بداية حديثه عن اشكالية القائمتين والجدل الدائر حولهما قائلا: ان القائمة المغلقة لم تنصف الناخب العراقي ولم تلب طموحاته المشروعة بل الحقت ضررا كبيرا به وبمستقبله والعملية الديمقراطية برمتها فتسلل نواب على غفلة من الوعي الى قبة البرلمان والقائمة( سيئة الصيت) مطعونة بشرعيتها لانها مارست اشكالا من التجهيل والتعمية المقصودة وأقترح الخياط الى عرض اسماء القوائم المفتوحة قبل فترة مناسبة امام الشعب قبل الانتخابات ليتسنى للناخب التصويت لمن يراه نزيها وكفوءاوبذات الوقت ستكشف القائمة المفتوحة عري المنتفعين والراغبين بالمحاصصة  والتوافقات السياسية.

واستقرأ الكاتب والتربوي سعد السوداني المشهد السياسي بتمفصلاته وتجاذباته وخلص للقول ان ما يطمح اليه المواطن اليوم رغبته باعتماد القائمة المفتوحة والدوائر الانتخابية المتعددة لانها تحقق قدرا كبيرا من الصدقية في النتائج الختامية التي لاتسمح بحدوث ثغرات يتسلل من خلالها التزوير والعناصر غير الكفوءة عبر القائمة المغلقة او الدائرة الانتخابية الواحدة وعول السوداني على منظمات المجتمع المدني لتأخد دورها في توجيه الناخب المناسب بحرية دون املاءات مسبقة ورفض القوائم المغلقة وبعلامة استفهام كبيرة تساءل الشاعر علاء السراج عن اصرار البعض من المنضوين داخل القوائم الانتخابية على اعتماد القائمة المغلقة التي الحقت ضررا فادحا بالعملية الديمقراطية وأخرت على مدى السنين الاربع العجاف انجاز مهامها الوطنية في البناء والتنمية وتحقيق مانصبو اليه في تاسيس مجتمع مدني متقدم ولعل الخلل الواضح في اداء مجلس النواب وتعطيل التشريعات والاصرار الحصول على الامتيازات اعطت صورا يشوبها الخلل للمجلس النيابي واضاف السراج قائلا: لايكفي  ان تكون القائمة مفتوحة للناخب بل التأكيد في حالة اقرار قانون الانتخابات الجديد ان يرفع من سقف التحصيل الاكاديمي للمرشحين لضمان وصول نواب اكفاء لقبة البرلمان من ذوي الخبرة والمهنية والعلمية يسهمون في ترسيم الاطر المستقبلية لتجربة ديمقراطية ناضجة قادرة على ايجاد الحلول والبدائل.ولم يخف مخاوفه من عمليات ممارسة الضغوط والاملاءات من جهات متنفذة لتحويلها عن مسارها الحقيقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تشرين الثاني/2009 - 25/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م