شبكة النبأ: لا يزال عنف الجهاديين
يمثل خطرا داهما في جنوب شرق اسيا على الرغم من قتل زعيم تنظيم القاعدة
بالمنطقة لكنها حركة متشرذمة تواجه تحديات في القيادة.
وعثر اخيرا على نور الدين محمد توب الذي اشتهر بمراوغة الشرطة
الاندونيسية لسنوات في احد منازله الآمنة في 16 سبتمبر ايلول، ولاقى
حتفه بوابل من طلقات النيران فضلا عن اثنين من كبار مساعديه.
وكان توب الذي يعتقد أنه العقل المدبر وراء سلسلة من التفجيرات التي
أودت بحياة المئات منذ عام 2002 قد اعلن نفسه زعيما لتنظيم القاعدة
بجنوب شرق اسيا.
وربما كان يهدف من تفجيري 17 يوليو تموز لفندقين في جاكرتا الى
الإعلان عن هذا وجني مكاسب على صعيد التجنيد والتمويل و"نقل
التكنولوجيا" الذي يقترن واسم تنظيم القاعدة. ويثير مقتله تساؤلات بشأن
من سيشغل مكانه وإلى أي مدى يمكن أن تكون جماعته فعالة دونه. غير أن لا
أحد يصف مقتله بضربة قاضية ضد الجهاد العنيف في جنوب شرق اسيا.
ويقول روهان جونانراتنا خبير الارهاب الاقليمي بمعهد نانيانج
التكنولوجي بسنغافورة "البنية الفوقية التي تتيح حدوث الارهاب لا تزال
سليمة."
وأضاف "هذه البنية الفوقية تنطوي على توزيع الدعاية الارهابية
والتطرفية وجمع التبرعات والمشتريات والمنازل الآمنة والتدريب ووظائف
الدعم الاخرى."
وفي احدى المدارس الداخلية الاسلامية قرب المنزل الذي قتل به توب
كان أحد مساعديه يعلم الجيل التالي من الجهاديين فنون القتال
وايديولوجية الشهادة كأحد الانشطة من خارج المنهج.
ويواصل علماء الدين والمدرسون المسلمون باندونيسيا وجنوب تايلاند
وجنوب الفلبين وماليزيا نشر تفسيرات متشددة للاسلام. بحسب رويترز.
ولا يزال هاربون اندونيسيون مهمون طلقاء حيث يختبيء البعض في غابات
جنوب الفلبين مع جماعات متشددة أخرى.
ويجري حاليا الافراج عن مئات المسلمين الذين اعتقلوا في أوائل هذا
العقد حين كانت تعتبر المنطقة "الجبهة الثانية" في حرب عالمية ضد
الارهاب بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول وقد يثبت أن بعضهم لم تنصلح
أحوالهم.ومن السهل الدخول على المواقع الجهادية على الانترنت لاغرائهم
بالعودة الى المعركة.
وقال بيل باترسون مبعوث استراليا لمكافحة الارهاب في كلمة ألقاها
الاسبوع الماضي "من غير المرجح في المستقبل المنظور أن نصل الى مرحلة
حيث يمكن أن يقال ان الارهاب بالمنطقة دحر او قضي عليه."غير أن الحركات
المتشددة بجنوب شرق آسيا اتسمت بعدم قدرتها على التواصل او الالتفاف
حول قيادة موحدة.
وحاول الاندونيسي رضوان عصام الدين المعروف باسم حمبلي الجمع بين
جماعات متعددة بالمنطقة تحت مظلة تنظيم القاعدة قبل القاء القبض عليه
في تايلاند عام 2003. ولا يزال معتقلا في خليج جوانتانامو.
ولم يحالفه النجاح في الاساس لان الجماعات كانت لديها جداول أعمال
مختلفة. وأراد تنظيم الجماعة الاسلامية اقامة خلافة اسلامية في أنحاء
المناطق التي يغلب على سكانها المسلمون بجنوب شرق اسيا. ويقاتل
التايلانديون تمردا عرقيا قوميا يسعى الى اقامة دولة مستقلة. ويريد
المتمردون في الفلبين حكما ذاتيا لجزيرة مينداناو التي يغلب على سكانها
المسلمون.
وقال خبير يعمل في مجال حل الصراع بالمنطقة "عند التعامل مع حركات
التمرد هذه كثيرا ما يكون من الصعب تمييز القيادة."
وأضاف الخبير الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية عمله "وهنا تلعب
الثقافة الاسلامية دورا لانه ليس هناك تسلسل قيادي في الاسلام. نتيجة
لهذا يكون لكل واحد وجهة نظر."
وقد كان توب فعالا لانه كان شرسا ويتمتع بجاذبية الشخصية ومتعلما.
ودفعت قدرته على مراوغة الاعتقال بعض الاندونيسيين الى الاعتقاد بأنه
يملك قوى غامضة او يتمتع بالحماية.
وجمعت السلطات الاندونيسية ذخيرة وافرة وثرية من معلومات المخابرات
منذ مقتله والتي يمكن أن تقود الى مزيد من الاعتقالات والغارات وهو ما
يعقد التحدي الذي تواجهه جماعته للعثور على قيادة جديدة.
ويقول خبراء ان الجماعات الجهادية التي تستخدم تكتيكات وتكنولوجيا
رفيعة المستوى تستطيع تنفيذ هجمات مذهلة مثل تفجيري الفندقين بجاكرتا
لاظهار امكاناتها هلى الصعيد الدولي.
كما يرى الخبراء أن الشكاوى المحلية في معظم الاحيان هي ما تدفع
الشبان وسريعي التأثر الى السعي من اجل الشهادة. وستتجه معالجتها نحو
تقويض جاذبية التطرف.
الانفصاليون في جنوب تايلاند يثيرون القلق في
ماليزيا
ويثير صراع دموي في جنوب تايلاند بين المسلمين المالاي والاغلبية
التايلاندية قلقا في ماليزيا ويحتمل ان يؤجج التوترات مع بانكوك.
ويقول محللون انه ثبت حتى الآن أن المخاوف من أن يستقطب التمرد
متشددين على صلة بتنظيم القاعدة يسعون لتوسيع نطاق الصراع بلا أساس.
والخطر الاكثر الحاحا ان يحفز التمرد عددا أكبر من الماليزيين لتبني
القضية مما سيكون له تبعات على الامن الداخلي والعلاقات عبر الحدود.
وقال عبد الفتاح هارون عضو البرلمان عن رانتو بانجانج بولاية
كيلانتان "لا يزال بوسع الماليزيين السيطرة على مشاعرهم وادراك ان ليس
من الصواب التدخل. ولكن اذا استمر الوضع لا يمكن التنبؤ بما سيحدث."
وكيلانتان واحدة من اربع ولايات تقطنها اغلبية مسلمة من المالاي
متاخمة للاقاليم التايلاندية الجنوبية المضطربة. وكانت كيلانتان ومعظم
جنوب تايلاند سلطنة مستقلة للمالاي قبل ان تضم تايلاند البوذية معظمها
في القرن الماضي.
وادي الصراع الانفصالي الذي بدأ قبل عقود من الزمان لمقتل 3600 شخص
منذ اندلاع اعمال العنف عام 2004 ويظل ظاهرة محلية في الوقت الحالي
تقتصر على جماعات غير معروفة صلاتها الخارجية قليلة. بحسب تقرير رويترز.
واغضب المالاي ما يعتبرونه حملة ذات طابع عرقي للتصدي للتمرد يشارك
فيها 30 الف جندي تايلاندي ويقلقهم ان يؤدي اي تصاعد لاعمال العنف
لفرار اللاجئين الى ماليزيا عبر الحدود التي تفصل بين البلدين.
ويخشى ماليزيون ان يجد ذويهم انفسهم محاصرون وسط تبادل اطلاق النار
بين قوات الامن التايلاندية والمتمردين.
وقال عبد الكريم الياس الذي يعمل في موقف للسيارات في رانتو بانجانج
"ربما لن نتأثر ولكن لدينا اقارب على الجانب الاخر من الحدود تقمعهم
السلطات التايلاندية ويعيشون في خوف من الاصابة بطلقات رصاص."
واكثر من نصف ضحايا التمرد من المسلمين مما يثير مخاوف من قيام قوات
الامن بعمليات تصفية دون محاكمة. وباقي الضحايا من الشرطة والجنود
والمعلمين البوذيين الذين كانوا هدفا لسيارات ملغومة واطلاق رصاص من
سيارات عابرة.
ويخشى الماليزيون على الحدود ان يتحول اقاربهم واخوانهم في الدين
الى البوذية قسرا في تايلاند.
وقال سايوتي عمر وهو كاتب سياسي في كيلانتان "الامر يتعلق ببقاء
الاسلام في جنوب تايلاند نظرا لانه سيتم تفريق المالاي اذا ما سيطرت
بانكوك يوما على الاقاليم بالكامل اقتصاديا وسياسيا."
ونادرا ما تطرح وجهات النظر تلك في العلن في ماليزيا نظرا للعلاقات
التقليدية الوثيقة بين البلدين ويقر كلاهما رسميا سياسة دعم التعليم
والاعمال التي تم تبنيها في عام 2007 لمعالجة شكاوي المالاي.
ولكن الامور لا تجري بسلاسة دائما. فقد توترت العلاقات بين ماليزيا
وتايلاند في عام 2005 حين اتهمت تايلاند ماليزيا بايواء متمردين ضمن
131 من المسلمين التايلانديين فروا عبر الحدود بحثا عن حماية.
وكان تأثير التمرد محدودا على الاستثمار ونظرة الاجانب لتايلاند
لانه يدور في منطقة تبعد كثيرا عن المراكز الصناعية والسياحية.
ويقول خبراء ان المتمردين يركزون على الانفصال عن تايلاند ولم يبدوا
رغبة في الانضمام لحركة الجهاد في العالم.واضافوا ان تحويل الصراع
لمعركة بين البوذيين والمسلمين ربما يجذب جماعات اخرى.
وقال ديفيد كيلكولين خبير مكافحة الارهاب الاسترالي الذي سبق ان قدم
النصح للقوات الامريكية في العراق وافغانستان ان الاستراتيجية الرئيسية
لتنظيم القاعدة وحلفائه التسلل لاي صراعات محلية حتى لو عارضت الجماعات
المحلية في البداية.
وذكر في كتابه (متمردون بالصدفة) "يبدو ان ادراك المتمردين لان
احتمال وجود ارهابي اجنبي يمكن ان يقود لتدخل غربي واسع النطاق دفعهم
لتجنب قبول وجود مثل هذا التدخل الارهابي الخارجي."
والقي القبض على رضوان عصام الدين القائم باعمال رئيس الجماعة
الاسلامية ورجل القاعدة في جنوب شرق اسيا في اغسطس اب 2003 في تايلاند
واتهم بالتخطيط لهجوم بالقنابل على قمة اسيا والمحيط الهادي التي عقدت
في وقت لاحق من نفس العام في بانكوك.
ولا يزال محتجزا في سجن جوانتانامو ولكن لم تظهر أي أدلة على اي صلة
بالانفصاليين التايلانديين.
ويستبعد مسؤولو حرس الحدود في ماليزيا الى حد كبير تدخل اطراف من
الخارج للسيطرة على الصراع.
وقال عبد الفتاح "يعتقد ان عددا كبيرا من الجماعات المحلية شديدة
الانقسام تنفذ اعمال العنف في الوقت الحالي ويحركها بصفة اساسية في
الوقت الحالي الدافع للثأر والهجمات الانتقامية."
وتغطي الحدود احراج وانهار يصعب حراستها تسمح للمتمردين بالقيام
بعمليات تهريب.
ويبقى افراد من المجتمعات المحلية على جانبي الحدود على اتصال دون
الاضطرار للحصول على جوازات سفر تختم في نقاط التفتيش عند الحدود
باستقلالهم قوارب والتجديف بها عبر نهر جولوك الذي يفصل بين رانتو
بانجانج وتايلاند.
ويحمل من يعبرون نقاط التفتيش جوازات سفر ماليزية وتايلاندية مما
يجعل من الصعب التأكد من هويتهم الحقيقية وبعضهم فر من تايلاند هربا من
اعمال العنف.
وقال عبد الفتاح "من الصعب ان نعرف ما اذا كانوا يريدون اللجوء حقا
ام انهم مجرمون هاربون." |