الدفاع عن الديمقراطية لا ممارستها

هادي جلو مرعي

هذا مفهوم وضعه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية جورج تنت الذي تولى المسؤولية على رأس اكبر جهاز استخبارات في العالم منذ عام 1997 والى 2004 وعايش حكم الديمقراطيين في عهد الرئيس بل كلنتون، ثم الجمهوريين مع الرئيس جورج دبليو بوش  الرجل الامريكي ذو الاصول اليونانية.

التفسير العادي لمقولة تنت يوحي ان مدير الوكالة يتحدث عن اساليب العمل داخل المؤسسة التي يديرها ويبرر اتخاذ اجراءات قاسية في بعض الاحيان، وبناء منظومة معلومات واعداد برامج تتلائم والتحديات التي تواجه البلاد التي تدافع الوكالة عن مصالحها الحيوية حول العالم.

في المقابل اثبت الامريكيون انهم يمارسون الديمقراطية في بلادهم الشاسعة بطريقة تحفظ لهم انماط حياة هادئة وواعدة وتحقق مجموعة مصالح فئوية ورسمية وشعبية وفق نظام سياسي واقتصادي متكامل يستهدف تحقيق الاهداف التي وضعها المشرعون دون ان يتيحوا مجالا لمن يحاول الخروج عن المسارات الموضوعة مسبقا.

 لكن هل يعتمد الامريكيون ذات البرامج والاساليب في العمل الديمقراطي المتبعة لديهم حين ينتقلون لادارة السياسة الخارجية وفي تعاملهم مع بقية البلدان التي يرتبط وجود الولايات المتحدة فيها بمصالحها الحيوية ؟

التجرية تؤكد المخاوف المترتبة عن ممارسات امريكية غير مسبوقة لا صلة لها بالديمقراطية وتعتمد اجتهادات القادة الميدانيين او السفراء الذين يمثلون واشنطن بطريقة (انا الرئيس الامريكي ) ليملي اتجاهات وافكار ورؤى على حكومات تلك البلدان التي قد تكون تتبنى وجهات نظر مغايرة او لديها رؤى وتصورات مختلفة عن التي لدى الامريكيين.

وكان واضحا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ان الحكومات الامريكية المتعاقبة، تتبنى مواقف تتلائم ومصالحها الحيوية حتى وان تعارض ما تؤيده او ترفضه في الخارج مع مبادئ الديمقراية الحقة.. فهي مسارعة لادانة اي سلوك تمارسه حكومة ما تتقاطع معها وسواء كان يتوافق هذا السلوك والديمقراطية ام يتعارض معها، في حين انها جاهزة لتبرير مواقف واتجاهات حكومات دكتاتورية وقمعية لمجرد انها تؤدي دور النيابة عنها في حفظ المصالح..

وفي ذلك كانت وكالة الاستخبارات المركزية حاضرة لتؤدي مهام خطرة وحساسة في اكثر من 90 بلدا حول العالم وكثير منها لا تتلائم ومع المعايير والقيم الانسانية والاخلاقية..

لكن المصالح الامريكية فوق كل الاعتبارات، ومهما كان الفعل مؤذيا فليس ذلك مهما، والمهم انه حقق شيئا من تلك المصالح وعمل على تأمينها..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/تشرين الثاني/2009 - 15/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م