الانتخابات العراقية وأزمة الثقة

علاء الخطيب

بقراءة موضوعية للواقع السياسي العراقي هذه الأيام يجد المتابع أن الأئتلافات الجديدة هي إئتلافات ولدت من رحم التحالفات السابقة مع بعض التطور الجيني لها نظرا ً لسياق المتغيرات التي حدثت على الساحة السياسية العراقية.

وثمة من يقول أن العملية الديمقراطية تسير ضمن سياقتها الطبيعية وأن هناك عملية تداولية رغم الظروف التي تواكبها، لكن الشئ المهم يبقى هو أن لا تتعارض البرامج الحزبية والطائفية والقومية مع البرنامج الوطني، ولكن يبدو أن في العراق معادلتان داخلية وخارجية ولكل من هاتين المعادلتين تأثيرهما على العملية الإنتخابية وعلى برامج الكتل السياسية، ولعل المعادلة الخارجية هي الأكثر تأثيرا ً في تشكيل الإئتلافات, ولعلها مصدر عدم الثقة الشائعة بين الكتل السياسة، فقد شاهدنا أن الكتل السياسية والأحزاب تعد العدة منذ مدة ليست يالقصيرة لتشكيل إئتلافات وتحالفات وتسعى لبلورة أشكالها وإعطائها الصبغة المناسبة للمرحلة القادمة, وما تتقبله أطراف المعادلة الخارجية، ولم نجد مْن يطرح برنامجا ً إنتخابيا يحاكي به عقل الناخب العراقي.

 ولعل هذه النقطة هي النقطة الملفته للنظر في الانتخابات العراقية على العكس تماما مع بقية الدول الديمقراطية, فلا أحد يتكلم عما تقدمه برامج هذه الإئتلافات الإنتخابية للإنسان العراقي. فالمواطن العراقي قد تعرف على أسماء الإئتلافات ولكنه لم يتعرف على البرامج السياسية والاقتصادية أو التنموية لهذه الإئتلافات.

 وهناك ملاحظة مهمة طفت على السطح السياسي في العراق وهي جديرة بالتوقف والتأمل وهي أن هذه الإئتلافات تجمعت كيانيا ً وتشكلت هيكليا ً بين قوى وكتل سياسية غير منسجمة ومتباعدة في برامجها الفكرية ومشتركاتها السياسية, فقد بدت وكأنها مشروع مصالح ذاتية,خصوصا ً وأننا نسمع بين الحين والآخر عن توزيع المناصب والاستحقاقات وأن الطرف الفلاني رفض الدخول بالائتلاف الفلاني لأنه لم يعطى ضمانات بحصوله على المنصب الذي يريد، لذا شكك بعض المحللين من ان هذه الكتل جائت بمشروع دولة، ومن هنا نشأت أزمة ثقة جديدة وإن كانت موجودة أصلا ً ولكنها هذه المرة بحلة جديدة فبعد أن كانت الصبغة طائفية أصبحت مصالحية.

 ومما لاشك فيه ان التراكمات السابقة وترسباتها قد اوجدت ذاكرة سلبية أكتنفت العقل السياسي العراقي,ونشرت حالة من التوجس وازمة من الثقة حتى بين الأطراف المأتلفة، إذا ما بدى لنا أن هناك مكونات كبيرة مسيطرة وأخرى صغيرة وغير فاعلة جائت بها ظروف المحاصصة السياسية التي مر بها العراق ولم تكن وليدة ضرورة أو حاجة، هذه الكتل الصغيرة تحاول أن تجد لها موطئ قدم في الخارطة السياسية الجديدة وتعلن عن وجودها في البرلمان بعد أن عجزت أن تجد لها موطئ قدم في المجتمع العراقي، فمن الطبيعي أن تكون إنفلونزا ثقة بين الكتل السياسية، مع وجود قانون للأحزاب غير واضح ومكشوف أو غير مقر أصلا ً.

ويمكن إجمال اسباب هذه الأزمة في الآتي:

 1- غياب المعادلة الوطنية.

2- غياب برنامج انتخابي وطني واضح ومعلن.

3- وجود أجندات خارجية لها صدى في الداخل.

 4- وجود مصالح لدى الكتل الكبرى قد تنتفي بعد الإنتخابات.

لذا سعت جميع الأطراف للحصول على ضمانات مكتوبة أو مواقف معلنة لتثبيت حقوقها ونصيبها من كعكة الحكومة القادمة، ولعل ما نراه من تبادل للإتهامات والتراشق الإعلامي بين السياسيين كان خير دليل على أزمة الثقة هذه, والتي قد تقود الى حكومة ضعيفة وغير قادرة على إدارة البلد في المرحلة القادمة وهذا ما نخشاه.

* كاتب وإعلامي

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30/أيلول/2009 - 10/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م