العيد في العراق: فرح وتفاؤل بغدٍ أفضل وسط أجواء الترقّب والحذر

 

شبكة النبأ: بدتْ اجواء عيد الفطر المبارك لهذا العام في العراق أكثر اشراقا وحماساً على خلفية التحسن في الوضع الامني عموما، ولكن مشاعر القلق والخوف من الارهاب لم تختفِ من عقول وقلوب الآباء وهم يترقبون فرح ابنائهم ولعبهم في الحدائق والمتنزهات التي شهدت هذه السنة حركة كبيرة في مختلف ارجاء البلد وخاصة في الوسط والجنوب...

العيديّة ذكريات الماضي وطقوس الحاضر

وتُعدّ العيدية عند العراقيين وخصوصا الاطفال من اهم مظاهر الاحتفال بالعيد ولها تقاليد وطقوس ما زال الشارع العراقي يتذكرها بشغف.

يقول عمّار حسن كاسب “لازلت اتذكر الى الان كيف كنا نسعى للحصول على العيدية من الاشخاص الذين يزورونا الى البيت او اولئك الذين نذهب لزياراتهم، مشيرا الى ان الحصول على العيدية من اهم “مستلزمات الاحتفال بالعيد عند الاطفال على العراقيين.

ويوضح” قد لاتقتصر العيدية على الاطفال فحسب فبامكان اي شخص ان يقدم لولده او بنته المتزوجة حديثا عيدية وعليه فالعيدية غير محددة بعمر معين.

وعن ذكرياته مع العيدية يقول “الى الان اتذكر كيف كنا نذهب منذ الصباح الباكر في ايام العيد ونجول على الاقارب والاصدقاء لجمع اكبر قدر ممكن من المبالغ التي تعطى الينا بعنوان العيدية وبعدها نذهب الى الحدائق والمتزهات لصرف كل ماحصلنا عليه على اللهو والعب. بحسب تقرير اصوات العراق.

ويضيف “طبعا لم تكن بالضرورة العيدية مبالغ مالية بل ان بعض العوائل تعطي للاطفال انواعا من الحلويات والمعجنات وقسم اخر من العوائل يكون حريصا على اعطاء طالبي العيدية تمورا تجلب لهذا الغرض.

فيما يعتبر سرمد عبد الله وهو مهندس ان العيدية “ليست مجرد مبالغ مالية اعتيادية كما يراها الكثيرون بل ان منحها يمثل مواقف تبقى أيجابية عالقة في ذاكرة الانسان على مر الازمان والعصور.

ويقول عبدالله “حتى الحصول على العيدية لايأتي عشوائيا فهناك طرق واليات معينة كلما حرص الاطفال على الالتزام بها كلما كان الربح من العيديات اكثر واوفر مالا.

ويتابع القول “في يام طفولتنا كنا نحن الاطفال نتسابق على الجلوس في غرفة الضيوف وصالات الاستقبال في بيوتنا حتى نكون امام مرأى من جاء يبارك بالعيد من الاقارب والجيران والحصول على عيديته. ويشيرالى انه “كلما كان الجلوس في هذه الامكنة طويلا كلما حصلنا عى مبالغ مالية اكثر.

ويمضي الى القول “اعتقد ان احتفال العراقيين في العيد في هذه الايام هو اكبر تحدي لما تشهده البلاد من ازمات متكررة، مشيرا الى ان” العراقيين سيواصلون الحياة وسيحتفلون بعيد الفطر وتلك ابلغ رسالة على مواجهة الحياة.

 فيما ترى وصال جبار، طالبة جامعية، أن “لذكريات العيد في نفوس العراقيين مواقف طريفة ترتبط بايام الطفولة ومازلت اتذكر كيف كان الاهل يحرصون على شراء كل مسلزمات العيد لنا قبل حلوله.

وتتابع قائلة “عادة اليوم الاول والثاني من العيد العائلة غير متفرغة لاخراج الاطفال في نزهة معينة وذلك كونها مشغولة لاستقبال الاهل والاقارب الذي يأتون للتبريك في العيد السعيد وعادة مايخصص اليوم الثالث للتفرغ الى نزهة الاطفال.

أجواء العيد في تلعفر بالموصل.. بين الفرح والخشية من الارهاب

وبين فرح الاطفال في تلعفر وابتهاجهم بالعيد وملابسه الجديدة وبين خوف الكبار من ان يعكر الوضع الامني من بهجة العيد وأحساسهم بان طقوس هذه المناسبة لم يتبق منها غير التزوار وتبادل التهاني بين الأهل والتي باتت أكثرها عبر المكالمات الهاتفية السريعة، استقبل المواطنون في القضاء عيد الفطر مستبشرين خيرا بزخات المطر التي هطلت على المدينة مع شروق شمس العيد.

المواطن صدام الصوفي وهو شاعر ومونتير قال “العيد عيدٌ مهما كانت الظروف ومهما تغيرت الأزمان، ومما زاد جمال هذا العيد في تلعفر هطول الأمطار ليلة وصباح العيد، واندماج فرحة الأطفال وابتهاجهم بهذا الجو الرائع.

وأشار الصوفي إلى “أن تراكض الأطفال بأزيائهم البهيجة بين الأزقة يبعث في نفوس الجميع الأمل والحياة والتفاؤل بالمستقبل. بحسب اصوات العراق.

أحمد محمد علي ويعمل موظفاً أشار إلى “دور وسائل الاعلام في بث الأمن والطمأنينة في نفوس المواطنين وتوعيتهم، حيث أن هاجس المشاكل الأمنية تسيطر على الكثيرين وتمنعهم من ممارسة طقوس العيد المعتادة”.

وأضاف محمد علي “أن الوضع الأمني والاجتماعي في تلعفر خلال العيد الماضي، كان أفضل مما عليه الان، فرغم أن تدهور الوضع بات أمراً طبيعياً في القضاء، الا أن مشاكله زادت هذا العام عما كانت عليه سابقاً.

ياسين مصطفى وهو مصور تلفزيوني يرى “أنه لم يبقى من طقوس العيد في تلعفر غير التزوار وتبادل التهاني بين الأهل والأحبة، والتي باتت أكثرها عبر المكالمات الهاتفية السريعة.

وأضاف مصطفى “أن جملة أمور أمنية واجتماعية ونفسية واقتصادية أجبرت الكثير من المواطنين على غض النظر عن الكثير من التقاليد الجميلة التي كانت تسود تلعفر في الأعوام السابقة.

فلاح حسن ويعمل في المهن الحرة قال  “الأطفال الذين بدا بعضهم باللعب أمام دورهم وفي بعض الساحات العامة التي تفتقر إلى أبسط الخدمات، كانوا أكثر من غيرهم فرحاً وبهجة وسروراً.

وأضاف حسن لوكالة أصوات العراق “الا أن اطفالنا أيضاً من جانبهم يشتكون من عدم وجود ملاعب يرتادونها في العيد، وحتى الأطفال طغت على ألعابهم العنف والنار حيث أن الألعاب النارية هي أبرز تلك الالعاب التي مارسها أطفالنا هذا العيد.

وقال عمر عبد الرحمن وهو طالب جامعي إن “أمورا كثيرة جعلت تلعفر تفقد بهجة العيد وفي مقدمتها الحواجز الكونكريتية والاجراءات الأمنية المشددة، ولكن ابرزها برأيي افتراق أبناء القضاء إلى مجموعتين، البعض يحتفل اليوم، بينما ينتظر البعض الاخر العيد أن يحل يوم غد الاثنين، وكلٌ حسب طائفته.

وكان قضاء تلعفر شهد خلال السنوات الأخيرة أعمال عنف مسلحة خلفت الاف القتلى والجرحى في صفوف عناصر الأمن والمدنيين، فيما شهد الأشهر الأخيرة تصعيداً ملحوظاً من قبل الجماعات المسلحة وتكثيفاً في عملياتها تجاه تلعفر، وكانت شاحنة مفخخة انفجرت في 17 أيلول سبتمبر الجاري على نقطة تفتيش غربي القضاء مخلفاً ثلاثة قتلى وخمسة جرحى بينهم عناصر في الشرطة.

كنعان عباس وهو كاتب ومدير مدرسة قال  “وأنا أتجول في أحياء تلعفر أرى وجوهاً كأن تراب الصحارى قد تكوم عليها، ووجوهٌ تترقب الطرقات والأزقة، لا تعلم متى يأتي رسل الموت بالمفخخات المشؤمة لتحيل الورود إلى أشواك وتصبغ الشوارع بدماء الأبرياء.

العيد في ميسان.. تقاليد أصيلة وطقوس مستمدة من الشريعة

وللعيد في المناطق البدوية من ميسان، تقاليد أصيلة وطقوس مستمدة من الشريعة الإسلامية، إذ تحتفل العوائل البدوية شأنها شأن العوائل العراقية بالعيد ولكن بطريقة وبعادات متوارثة بقيت محافظة عليها رغم التطور والتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع الميساني.

يقول الشيخ جلال طرار الخفاجي وهو شيخ عموم خفاجة في ميسان ان “عادات البدو مستمدة جميعها من الإسلام وقد توارثوا ذلك عن الآباء والأجداد، حتى تحولت تلك العقائد الى عادات اجتماعية، ومن هذه العادات هي رؤية الهلال في الليلة الأخيرة من شهر رمضان.

وأضاف الخفاجي ان “البدوي كان يستدل على معرفة نهاية شهر رمضان وحلول عيد الفطر من خلال مراقبة الهلال وخاصة في الايام التي تكون فيها السماء صافية، فإذا تمت رؤية الهلال من قبل احدهم، دل عليه  بالإشارة ،حتى يراه من معه ليشهدوا معه على رؤيته، لافتا الى انه “بعد ثبوت الرؤية يصدر شيخ العشيرة أمره بانتهاء الصيام وبدء العيد، إذ ان الشيخ كان سابقا يمثل جميع السلطات الروحية والعشائرية بسبب عزلة المناطق البدوية عن المناطق الحضرية في ذلك الوقت وعدم وجود وسائل اتصال حديثة كما يحدث في الوقت الحاضر. بحسب اصوات العراق.

وتابع “أما في الوقت الحاضر ورغم التغيرات الاجتماعية ووسائل الاتصال الحديثة بقي البدوي محافظا على عاداته لكونها متوارثة ومستمدة تعاليمها من الشريعة الإسلامية وهي لاتختلف اختلافا كثيرا عن العادات والتقاليد الخاصة بشهر رمضان وعيد الفطر في المجتمعات الحضرية والريفية ومنها تجمع بعض وجهاء المنطقة في أول أيام العيد لتهنئة الجيران بيتا بيتا والسؤال عن أحوالهم وزيارة مريضهم.

وقال الخفاجي ان من العادات البدوية الأخرى “استغلال أيام لعيد وجعله فرصة طيبة لإتمام حفلات الخطوبة والزواج لتكون الفرحة مضاعفة، وتؤرخ الكثير من الحوادث المهمة لأبناء البدو لاقتران حدوثها في العيد.

أما  رسن ضاحي  الخفاجي من أهالي قضاء علي الغربي فبين “أن العيد في  المناطق البدوية في ميسان لايختلف كثيرا  في عاداته عن المناطق الريفية  لكون البدوي دائم الترحال ويكون سكنه دائما بالقرب من المناطق الريفية.

واستدرك قائلا “لكن هناك تقاليد ينفرد فيها البدو عن غيرهم وهي انه اذا ثبت العيد يجتمعون في بيت الشيخ، ويطلقون العيارات النارية،لإبلاغ المناطق المجاورة  ببدء أول أيام عيد الفطر المبارك، فهو أشبه بسباق تتبارى العشائر فيما بينها  للإبلاغ عنه.

وأردف رسن ضاحي الخفاجي “من التقاليد المشابهة  لتقاليد الأرياف هو توجه الاهالى في أول أيام العيد  إلي مضيف شيخ العشيرة الذي ينحرالذبائح  التي غالبا ماتكون من الإبل على شرف المهنئين.

ويستذكر عبد الله عبيد وهو احد الوجهاء من منطقة الوحدة الإسلامية  وهي مركز تواجد البدو في محافظة ميسان  “ كنا قديما  نرتدي ملابسنا الجديدة  ونستحم ليلاً، أو فجراً، في صباح اليوم الأول للعيد  ونذهب لأقرب مسجد لأداء شعائر صلاة العيد.

وحول عادات وتقاليد البدو خلال أيام عيد الفطر المبارك أوضح الباحث الميساني محسن داغر ان“ هناك عادات وتقاليد متوارثة ينفرد بها البدوي عن غيره من طبقات المجتمع وهي عملية إشعال النار في  المناطق المرتفعة  لابلاغ للعشائر الأخرى عن بدء العيد.

وأضاف داغر “من العادات الأخرى للبدوي هي استقباله للمهنئين بإطلاق العيارات النارية، وهي تعبير عن الابتهاج والسرور بقدوم العيد، كما ان السهرة عادة ما تكون عند الوجيه أو الشيخ و يمكن ان تستمر الى ساعة متأخرة من الليل. وتقع مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، على مسافة390 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/أيلول/2009 - 6/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م