
شبكة النبأ: بينما تنشغل ساحة الاحداث العالمية بأعمال العنف
الجارية في العراق والتطورات الأخيرة في الصراع العربي-الاسرائيلي
والحرب الامريكية في افغانستان، ثمة مأساة أخرى ذات أبعاد هائلة تجري
أحداثها في مكان آخر بالمنطقة دون أن ينتبه اليها أحد تقريبا.
فقد حذر خبراء الشهر الماضي من أن اليمن تواجه شبح الانهيار، حيث
يمكن أن تصبح ملاذا للمتشددين، مثلما صارت أفغانستان والصومال من قبلها.
غير أن الاجراءات الوقائية الوحيدة التي اتخذت حتى الآن تتمثل في
بضعة ايماءات انسانية فريدة وزيادة في مساعدات التنمية التي تتلقاها
البلاد من الولايات المتحدة.
بيد أن أناساً يقضون نحبهم كل يوم في شمال غرب اليمن، حيث أعلنت
الحكومة في 11 أغسطس الماضي عمليتها العسكرية السادسة ضد المتمردين
الشيعة بقيادة عبد الملك الحوثي.
وحوصر آلاف المدنيين في الخطوط الأمامية، فيما انقطعت المساعدات
الانسانية عن العديد من الذين فروا من منطقة القتال. ولم يسمح للصحفيين
بدخول المنطقة منذ عام 2004 عندما اندلع القتال للمرة الأولى.
وفي الوقت الراهن، تتزايد الدعوات في الجنوب اليمني الاشتراكي
السابق - الذي توحد مع الشمال في 1990 - الى انقسام البلاد الى شطرين
مجددا. بحسب د ب أ.
ويشعر سكان الجنوب اليمني بممارسة التمييز العنصري ضدهم من جانب
الحكومة في صنعاء، التي كانت عاصمة اليمن الشمالي في السابق، ويعتقدون
أنهم يحصلون على خدمات حكومية أقل من باقي سكان البلاد.
وفي الاطار ذاته، تمكن حلفاء تنظيم القاعدة من التمركز في العديد من
المحافظات التي فقدت الحكومة السيطرة عليها، فيما صارت اليمن - البلد
العربي الفقير - ملاذا لـ«الارهابين» القادمين من السعودية المجاورة.
وحذرت مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي قائلة: «اذا لم يتم حل
المشكلات القائمة في اليمن، فانها قد تعمل على زعزعة الاستقرار في
السعودية ودول خليجية أخرى».
ويسعى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الى استعادة زمام السيطرة من
المتمردين الشيعة، على الأقل في المنطقة الشمالية الغربية من البلاد،
من خلال الهجوم العسكري الأخير.
ويلقى الرئيس اليمني دعما من السعودية، البلد الاسلامي السني الذي
يخشى من تأثير المتمردين على أقليته الشيعية التي تعيش بالقرب من
الحدود مع اليمن.
غير أنه من ناحية أخرى، تتعاطف حكومة ايران الشيعية مع المتمردين
الحوثيين، الذين أعلنوا اتخاذهم للشعار: «الموت لأمريكا، الموت
لاسرائيل».
القتال يمتد ومدنيون يعيشون اسفل الجسور
وفي نفس السياق قالت الامم المتحدة ان الصراع الدائر منذ شهر بين
قوات الحكومة اليمنية والمتمردين امتد لينقل معاناة المدنيين الى
مستويات مثيرة للقلق حيث تقطعت السبل بالناس الجوعى في العراء وعلى
جوانب الطرق وأسفل الجسور.
غير أن نداء من المنظمة الدولية لجمع تمويل طاريء لمساعدة ما يصل
الى 150 الف نازح في شمال افقر دولة عربية قوبل حتى الان بالصمت. بحسب
رويترز.
وتفجرت موجة جديدة من القتال يطلق عليها "الحرب السادسة" في صراع
متقطع عمره خمسة أعوام قبل شهر مضى في الشمال الجبلي بين متمردين شيعة
وقوات حكومية تحاول فرض السلطة المركزية.
وتقدر وكالات للامم المتحدة أن هذا أضاف ما يصل الى 50 الف شخص لمئة
الف تقريبا شردوا بالفعل بسبب جولات سابقة من القتال. ومعظمهم نساء
واطفال وانتقل كثير منهم للمرة الثانية او الثالثة مع اتساع نطاق
القتال في انحاء محافظة صعدة ليصل الى منطقة عمران المجاورة.
وقالت مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقرير تلقاه موقع
اليرت نت AlertNet يوم الثلاثاء "وصل الوضع الانساني للمدنيين بمنطقة
الصراع الى مستويات مثيرة للقلق ولم يسبق لها مثيل بعد شهر واحد بسبب
انعدام الامن وقلة وصول المساعدات الانسانية والحظر الذي تفرضه الحكومة.
"المجتمع الانساني نادى مرارا بفتح ممرات انسانية للسماح بالدخول
وتوصيل مواد الاغاثة التي يحتاجها الناس احتياجا ماسا."
وأضافت "محافظة صعدة عزلت عن بقية العالم لاكثر من شهر الان. ليست
هناك مياه ولا كهرباء في مدينة صعدة منذ 12 اغسطس اب وبدأت احتياطيات
الغذاء تنفد.
"وتركت درجات الحرارة المرتفعة اثناء النهار والامطار الغزيرة اثناء
الليل المدنيين ومعظمهم صائمون في شهر رمضان بحاجة ماسة الى المأوى
والطعام والمياه النظيفة."
وكان الطريق من والى صعدة شديد الخطورة بسبب القتال الذي ليس هناك
عدد للخسائر البشرية من جرائه يمكن الاعتماد عليه. وعزلت نقاط تفتيش
متعددة وحواجز طرق وحالة طواريء وحظر تجول لمدة 12 ساعة المنطقة بدرجة
اكبر.
وقالت المفوضية "معظم النازحين تقطعت بهم السبل وهم عرضة لخطر
القتال حيث انهم غير قادرين على الوصول الى مناطق أكثر أمنا. وأفادت
تقارير بأن الالغام تعوق المرور الامن لمن يحاولون الفرار. وطريق
الخروج الخلفي الوحيد عبر محافظة الجوف مغلق مما يعرض المدنيين لرحلات
خطيرة في أنحاء الصحراء الجبلية."
وأرسلت وكالات اغاثة بعثة عبر السعودية المجاورة لتقييم كيفية
مساعدة ما يصل الى 30 الف نازح فروا شمالا الى منطقة حدودية في باقم
ليجدوا أن الصراع قد حاصر تلك المنطقة ايضا.
وقالت المفوضية "تعيش مئات الاسر حاليا في مدارس او حتى في العراء
على جوانب الطرق واسفل الجسور دون طعام يذكر ليقتاتوا به.
"انهم في حاجة ماسة للمأوى والغذاء والماء. وعلى الرغم من استعداد
المفوضية لارسال المساعدة اللازمة عند الاشارة الاولى فان السلطات لم
تسمح بعد بدخول المنطقة في الوقت الحالي بسبب انعدام الامن."
وقال بعض النازحين انهم شهدوا قتالا عنيفا وهجمات وغارات جوية
كثيفة.وقال التقرير "لقد قضوا ثلاثة الى خمسة ايام سائرين بالصحراء
واجتازوا الطرق الجبلية على اقدامهم بسبب اغلاق الطرق الرئيسية قبل
الوصول للمخيمات. وصلوا مصدومين ومنهكين. اغلبيتهم نساء.
زعيم جنوبي يتهم الرئيس اليمني بارتكاب جرائم حرب
من جهة ثانية قال حاضرون وموقع مُعارض على الانترنت ان زعيما سابقا
لليمن الجنوبي قال ان حكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ارتكبت
جرائم حرب ضد مدنيين خلال قتالها ضد المتمردين في الشمال.
وقال شهود عيان ان ما يقرب من 87 شخصا قتلوا مؤخرا في غارة جوية على
مخيم مؤقت للنازحين في محافظة صعدة وهي مسرح تمرد شيعة زيدية على
الحكومة المركزية في اليمن.
وقالت وكالة الانباء اليمنية الرسمية ان الرئيس اليمني المدعوم من
الولايات المتحدة والسعودية أمر بفتح تحقيق في الغارة بعد الانتقادات
الواسعة التي أعلنتها منظمات اغاثة عالمية.
ويقول المتمردون ان العشرات أيضا قتلوا لاحقاً عندما قصفت القوات
الحكومية سوقاً بمدينة الطلح.
وتحدث علي سالم البيض الرئيس السابق لجمهورية اليمن الجنوبي عبر
الهاتف من منفاه خلال اجتماع حاشد في مدينة الضالع ليعلن تضامنه مع
المتمردين الشماليين.
ونقل موقع براقش على الانترنت (www.baraqesh.net) عن البيض قوله ان
النظام في صنعاء قتل خلال الايام الماضية مواطنين أبرياء في صعدة ويقوم
بابادة جماعية يفتخر بتسمتها بسياسة "الارض المحروقة".
وأطلقت صنعاء على عمليتها التي بدأتها في مطلع أغسطس اب ضد
المتمردين الشيعة في الشمال اسم "الارض المحروقة".
وقال البيض من منفاه في ألمانيا ان العمليات العسكرية اليمنية جرائم
حرب ترتكب تحت سمع وبصر العالم الذي لا يفعل شيئا.
وأكدت تصريحات البيض بتصريحات أدلى بها رجلان حضرا اجتماع جماعة "الحركة
الجنوبية". ويعيش البيض في منفاه منذ الحرب الاهلية التي وقعت عام 1994
والتي شهدت سيطرة الشمال بزعامة علي عبد الله صالح على كافة اراضي
اليمن. وكان الرجلان قد تقاسما السلطة بعد اعلان وحدة اليمن عام 1990.
كما اشتبك الجنوبيون مع قوات الامن خلال الاشهر الاخيرة خلال
احتجاجات مناهضة للرئيس صالح مطالبين بانهاء ما أسموه بالتهميش السياسي
والاقتصادي. وعبر البيض في تصريحاته عن تأييده لما أسماها بحملة
الجنوبيين السلمية من أجل الاستقلال.
يونيسف تدين مقتل أطفال بغارة حكومية
من جهتها أدانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف،" ما وصفته
بـ"مقتل المدنيين ومنهم أطفال في الغارة الجوية التي استهدفت مخيما
للاجئين في شمال اليمن."
وقالت المنظمة في بيان، إن أكثر "من 80 شخصا، منهم عدد من الأطفال،
قتلوا في غارة جوية استهدفت مخيما في العادي كانت قد التجأت إليه عدد
من العائلات اليمنية هربا من القتال الدائر."
واعتبرت المنظمة الأحداث الأخيرة "تطورات مأساوية في الوضع المثير
أساسا للقلق، فبعد شهر من التصعيد المستمر في عمليات الاقتتال، لا
يزال الأطفال المتأثرين بالنزاع غير قادرين على الوصول إلى المياه
الآمنة وخدمات الصرف الصحي الكافية والرعاية الحماية."
وقالت المنظمة في بيانها "هذا أمر غير مقبول.. حيث لا يجب أن يتورط
الأطفال في النزاع، ويجب حماية حقهم بالتمتع بالصحة والأمن والحماية في
جميع الأوقات".
وقد تضاربت المواقف اليمنية الرسمية حيال التقارير الواردة من عدة
مؤسسات دولية تشير إلى وقوع عشرات القتلى بين المدنيين في غارة جوية
على مخيم للاجئين شرق مديرية حرف سفيان التي تشهد مواجهات عنيفة بين
الجيش وعناصر تنظيم الحوثيين الذين تتهمهم صنعاء بالتمرد.
علي عبدالله صالح: الحرب فُرضت علينا
وتجدد القتال الدائر بين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية، رغم
إعلان وزارة الداخلية اليمنية الهدنة بمناسبة عيد الفطر. وصرح رئيس
اللجنة الرئاسية المكلفة بالإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار، فارس
مناع إن العناصر الحوثية قامت السبت بخرق الإتفاق، الذي سبق وأن أعلنت
التزامها به.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة 26 سبتمبر اليمنية، عن مناع قوله: "
لقد قامت العناصر الحوثية وبعد ظهر السبت الماضي بإطلاق عدة قذائف على
مدينة صعدة، استهدفت عدد من المساكن والمنشآت، كما قامت بالاعتداء على
أفراد القوات المسلحة والأمن في قطاعي الملاحيظ وسفيان."
وطالب مناع الحوثيين بالالتزام بقرار وقف إطلاق النار، وبما يكفل
تثبيته وتحقيق السلام، والتفرغ لإيجاد سبل لمعالجة آثار الفتنة، وذلك
وفقاً لبيان الحكومة الصادر السبت، والذي أعلن وقف إطلاق النار.
وكان الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية اليمنية نقل أن الحكومة
أعلنت إيقاف العمليات العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية ابتداء من
لحظة إعلان البيان، وتثبيت وقف إطلاق النار ابتداء من ظهر السبت، وذلك
بناء على توجيهات القيادة السياسية بمناسبة قدوم عيد الفطر واستجابة
للنداءات الموجهة للحكومة.
ومن جانبه، دعا الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، اليمنيين إلى
المزيد من التلاحم ونبذ الفرقة، وذلك في خطاب وجهه بمناسبة حلول عيد
الفطر.
ونقل موقع الحزب الحاكم "المؤتمر نت" عن الرئيس قوله: "إن الإفساد
في الأرض وقتل النفس، التي حرم الله، وقطع الطرقات وترويع الآمنين ورفع
السلاح في وجه الدولة، التي ظلت تمارسه عناصر التخريب والتمرد الخارجة
عن النظام والقانون، مصيره الفشل أمام عزيمة وإرادة شعبنا والأبطال من
قواتنا المسلحة والأمن."
وأضاف صالح: "لقد فرضت علينا الحرب فرضاً من قبل تلك العناصر
المتمردة، ولجأنا إلى كل الخيارات السلمية لتجنب الحرب، وبذلنا وما
نزال نبذل كل الجهود من أجل حقن الدماء وإطفاء نار الفتنة التي
أشعلتها، وآخرها دعوتنا بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، وما أعلنته
الحكومة في بيانها الأخير حول إيقاف العمليات العسكرية." |