تذبذُب ردود الأفعال حول ظاهرة التعليم الأهلي في البصرة  

 

شبكة النبأ: بدأت ظاهرة التعليم الأهلي بالانتشار في محافظة البصرة بشكل كبير حتى باتت العديد من الطرقات العامة والتقاطعات المرورية لا تخلو من إعلانات مروِّجة لمدرسة أهلية.

وتشير الإحصاءات الرسمية عن مديرية تربية البصرة، إن عدد المدارس الأهلية بلغَ 67، بضمنها المعاهد ورياض الأطفال، فيما تبلغ المدارس من الابتدائية حتى الثانوية 36 مدرسة، وهو عدد قابل للزيادة، بحسب المديرية.

والظاهرة بقدر ما يرى فيها بعض المعنيين بالشأن التربوي “ظاهرة صحية” وضرورية للعمل التربوي، وأنها سجلت خلال السنوات الأخيرة “معدلات نجاح عالية”، يرى آخرين بأنها دليل على “فشل” الحقل التربوي الرسمي والخاص، فيما ينتقد البعض “أهلية” تلك المدارس والضوابط المحددة للاستثمار في قطاع التعليم ودور الرقابة فيه.

مدير التخطيط في تربية البصرة محمد شلال يقول، بأن مديرية تربية البصرة “سبّاقة في فتح المدارس الأهلية في البصرة على نحو أفضل حتى من العاصمة بغداد، بعد أن أثبتت ايجابياتها في المستوى العلمي ونسب النجاح”.

ويضيف إن “هذا العام شهد فتح 12 مدرسة جديدة، والعدد مفتوح  وحسب توجيهات وزارة التربية بدعم التعليم الأهلي”، منوها بأن المدارس “كأي مشروع استثماري، من حق المواطن أن يستثمر فيه”.

ويلفت إلى إن المدارس الخاصة “فاقت المدارس الحكومية في نسب النجاح، ففي إحدى المدارس هناك 90 طالب إعدادية معدلاتهم فوق التسعين وحصلوا على معدلات عالية على مستوى العراق.

ويرى شلال إن ازدياد عدد المدارس الأهلية تزيد من حدة المنافسة، بالإضافة إلى إن خيرة المدرسين المتقاعدين من ذوي الخبرة يدرسون في المدارس الأهلية، مؤكدا “تدني المستوى العلمي في المدارس الحكومية.

وتابع “من التعليمات حسب قانون رقم 50  لفتح المدارس الأهلية، أن تكون أبعاد الصف لا تقل عن 4×5متر مع وجود ساحة كافية والبناية يجب أن تحتوي على تبريد وتكييف، مبينا “هناك لجان مختصة من مديرية التربية للإشراف على فتح  المدارس الأهلية”. بحسب تقرير اصوات العراق.

كما يشير مدير المكتب الإعلامي لتربية البصرة باسم القطراني إلى إن “سياسة وزارة التربية الحالية مع زيادة المدارس الخاصة لدعم القطاع التربوي العام.

ويضيف إن “الوزارة تعتقد بان هذا من شانه خلق حالة التنافس مع المدارس الحكومية، بالإضافة إلى توفير دعم للعملية التربوية، لافتا بأن “هذا التوجه يؤدي إلى سحب عدد كبير من الطلبة وتوجههم إلى التعليم الأهلي، مما يتيح المجال لفك الازدواج في بعض المدارس الحكومية، وذلك “نظرا لوجود أعداد كبيرة جدا في بعض الصفوف، وهو ما يخلق أيضا حالة من التنافس الضروري للعمل التربوي.

ويبين القطراني بأن “المدرسة الأهلية حال فتحها ستكون كأي مدرسة حكومية خاضعة لتعليمات الوزارة ولزيارة المشرفين، ماعدا اجورها فهي سياسة خاصة بها.

إلى ذلك، فقد انتقد تدريسي في جامعة البصرة أهلية بعض المدارس والسبل المفترضة فيها كمدرسة أهلية، فيما يرى آخر إن مشروع التعليم الأهلي مشروع استثماري يدل على فشل التعليم الرسمي.

ويقول التدريسي في جامعة البصرة عادل الثامري إن “هناك تعليمات مفترضة لفتح المدارس الخاصة من حيث مساحة الصفوف وأهلية المكان وتوفرها على ساحات ومكتبات ومختبرات وغيرها”، بل “يجب إن يكون  صف نموذجي يتماشى مع التطور الحاصل في صفوف العالم، والذي يمكن أن يتحول إلى ورشة”.

ويلمح الثامري بأن “هناك مدارس ثانوية خاصة فيها ست غرف وليس فيها حتى غرفة مدير؟” منتقدا في الوقت نفسه “بعض المدارس الخاصة تفتح في العطلة الصيفية دورات تقوية أي إنها دروس خصوصية من اجل جني أموال إضافية من الطلبة” على حد قوله.

ويدعو الثامري للنظر إلى دول الجوار، حيث “ليس هناك مدرسة بل هناك مؤسسات تربوية خاصة وليست مجزأة كابتدائية وأخرى متوسطة وغيرها إعدادية.

فيما يرى الدكتور لؤي حمزة، وهو تدريسي في جامعة البصرة إن “المدارس الأهلية هي مشروع استثماري، وهو استثمار لا يتعلق على نحو كامل ونهائي بالموضوعة المالية، وإنما استثمار لفشل التعليم الرسمي”، مشددا “تلك المدارس حصاد لما وصل له التعليم الرسمي من ضعف وانحدار وعدم قابلية لمواكبة التطور في العناية بالمناهج وتوفير كادر علمي مناسب.

ويضيف حمزة لوكالة أصوات العراق بأن “التعليم الأهلي هو استثمار لهذا الفشل ومحاولة الاستفادة منه”.

ويتساءل “لكن كيف يمكن أن تستثمر فشل بفشل مماثل؟” لافتا إلى أن “إنتشار مدارس التعليم الخاص على مساحة واسعة جدا يقتضي توفر كوادر مناسبة لسد هذه المجالات”، ومواصلا “مثل هذه الكوادر لا يمكن أن تكون موجودة في بلد مثل العراق شهدت فيه الكثير من  الدفعات الممتازة في مجالات التربية والتعليم كوارث كبرى مثل الحروب والحصار وغيرها.

ويشدد حمزة “إذا كنا نعول على خريجي السنوات الأخيرة فهذا أمر لا يمكن مناقشته، فإننا سنواجه أمية حقيقية.

ويخلص للقول “حتى سنوات قريبة كان مشروع التعليم الخاص مشروع واقعي وصحيح، لأنه كان بعدد محدود والمؤسسات التي تعمل تمتلك من الكوادر التعليمية والإدارية المناسبة.

ومع ذلك فأن المواطن علي حسين، يقول “أنا حولت أطفالي هذا العام إلى مدرسة خاصة  لان فيها التزام أخلاقي وتشدد برغم الأجور الكبيرة التي ادفعها لثلاثة أطفال والتي تبلغ ما يزيد عن أربعة ملايين ونصف دينار من اجل ضمان وضعهم التعليمي في تلك المدارس.

أما المشرف التربوي المتقاعد جميل جاسم فهو يرى إن “انتشار المدارس الأهلية بهذا الشكل يشير بشكل واضح الى فشل وتدني التدريس الرسمية، مما يدفع ذوي الطلبة الى تحمل نفقات باهظة لمساعدة أبنائهم على تجاوز هذا الفشل الذي أصبح واضحا للجميع.

ويضيف إن “هذا لا يعني الوقوف بوجه التعليم الأهلي الذي لعب دورا مكملا في العراق منذ فترة طويلة، لكنه الآن يتخذ طابعا تجاريا واضحا من خلال الأجور الباهظة التي تفرض على الطلبة مقابل خدمات تعليمية وإدارية لا تتناسب مع هذه الأجور.

ويوضح إن “معظم البنايات التي تستخدم كمدارس عبارة عن بيوت مؤجرة وإنها معدة للسكن وليس للدراسة، ولا توجد فيها قاعات او ساحة واسعة، او مرافق مساعدة للعملية التعليمية كالمكتبة المدرسية او الأماكن الترفيهية وغيرها.

ويتابع “كما إن هذه المدارس في معظمها لا يخضع للشروط والضوابط التي وضعتها الدولة، مستدركا “وهي بهذا المعنى تمثل إجازة صريحة للدروس الخصوصية السيئة الصيت التي انتشرت بعد تدني الدراسة في المدارس الرسمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/أيلول/2009 - 1/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م