الكرامة والشرف أغلى ما لدى الإنسان، والكرامة حق مصان لكل إنسان،
وهو حق يجب أن يتمتع به كل مواطن في وطنه، بعيدا عن اختلاف المعتقد
الديني والمذهبي والفكري والقبلي والمناطقي، ونوع الجنس، وجميع الأديان
والتشريعات السماوية، وكذلك القوانين الوضعية المدنية تؤكد على حق
الإنسان بأن ينعم بالكرامة والحرية والمساواة وجميع الحقوق، فقد جاء في
القرآن الكريم: «ولقد كرمنا بني آدم». وهو خطاب للبشرية جمعاء. ولهذا
يجب على كل حكومة و كل مجتمع وكل فرد ذكر أو أنثى أن يدافعوا عن
الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، وان يناضلوا من اجلها، ومحاسبة كل من
يعتدي عليها.
إلا أن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش أورد ان بعض المواطنين في بلد
عربي بلا كرامة ولا حقوق، فما هو موقف الجهات الحكومية في البلد المعني
من ذلك، ولماذا المنظمات الحقوقية في العالم تثير مثل هذا الملف غير
الإنساني والعقائدي؟.
لقد أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى بالدفاع عن حقوق
الإنسان مؤخرا تقريرا مفصلا حول أوضاع طائفة هناك، مؤكدة «بأن هؤلاء
المواطنين يعانون الحرمان من الكرامة والتمييز والعدوانية، مطالبة
الحكومة أن تنشئ لجانا للتحقيق في الاعتقالات التعسفية لهم، والتوصية
لوضع حد للتمييز بحقهم».
وقد وجد التقرير اهتماما كبيرا من الإعلام غير المحلي، وهناك بعض
الجهات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة تناولت الموضوع المثير
باهتمام خاص، وشاهد المواطنون تلك البرامج من قبل الإعلام الخارجي، في
ظل غياب وتهميش الإعلام الداخلي للموضوع وكأن التقرير يتناول بلدا أو
فئة من الناس خارج حدود اهتمام البشر، لا تستحق قضيتهم الطرح والتوضيح
والتعليق والاهتمام على أعلى مستوى!
مهما اختلفت الآراء حول درجة التقرير من الواقعية، إلا ان هناك
اتفاقا على وجود أزمة داخل الوطن بين فئة معينة من المواطنين، ولا
يحتاج المرء ليبذل مجهودا كبيرا وخارقا لمعرفة الحقيقة والواقع وحجم
حالة التأزم القديمة والمتجددة، فقد شهدت الأزمة هذا العام فصولا مثيرة
وأحداثا مزعجة منها اعتقال عدد من الأطفال الزوار لاحدى البقاع
المقدسة، والتسبب باحتقان الوضع في تلك المنطقة، ومطالبة الأهالي
بالإفراج عن المعتقلين ومحاسبة المتسببين الحقيقيين في الأحداث ومنهم
الذي قام بالتصوير والإساءة لزوار منطقة مقدسة من قبل الشرطة الرديفة
بالإضافة إلى المتشددين، وموقف الإعلام الداخلي الذي تبنى موقفا ضد
مواطني البلد واتهمهم بأنهم وراء التصعيد؛ وهذه الأحداث أدت إلى تشكيل
اكبر وفد من جميع المناطق ضم كافة الشرائح والمستويات والتوجه للالتقاء
بالمسؤولين وشرح موقف الطائفة من ذلك ونقل ما يشعر به مواطنوها من
تمييز ومظلومية، وإبلاغ المسؤولين بأن الأمر وصل لحالة احتقان وغليان
خطيرة جدا، ولكن الوفد فشل في إقناع المسؤولين بموقفه وبوجهة نظره في
الأحداث، وبمحاسبة المسؤولين الحقيقيين عنها.
واستمر الوضع بالتصعيد بخطبة لأحد الشيوخ أشار فيها إلى المظلومية
التي يعاني منها أبناء الطائفة، وذكر خلالها «إذا لم يحصل المواطن على
الكرامة والعزة في وطنه فمن حقه التفكير بالانفصال». هذه الكلمة ساهمت
في زيادة الاحتقان وتحولت القضية إلى أزمة أمنية من خلال سعي الحكومة
للقبض على الشيخ الذي لا يزال مختفيا لغاية الآن.
وللأسف الأمور اتجهت للأسوأ من خلال قرارات البعض عبر إغلاق مساجد
للطائفة وإغلاق المصليات في المنازل عوضا عن المساجد، واعتقال
المسؤولين عن إدارة المساجد والبيوت، ومنع إعطاء تراخيص لبناء مساجد،
بالإضافة إلى استمرار اعتقال مواطنين شيوخ وشباب وأطفال بسبب احيائهم
المناسبات الدينية.
فهل ضاق صدر الوطن الفسيح الذي يحاول حل المشاكل والأزمات العربية
والإسلامية والإقليمية والدولية عن مناقشة ومعالجة موضوع مواطني
الطائفة. كي لا تستفحل الأزمة؟.
حان الوقت ليعمل الجميع في الوطن من كافة المواطنين وبالخصوص
الحكومة بشفافية وعدالة تحت المظلة الوطنية لاجتثاث كل ما يؤدي إلى
الاعتداء على حقوق وكرامة الإنسان والمواطن في وطنه، وللتغلب على
المخاطر التي تهدد الوطن والمواطنين ومنها الإرهاب والتشدد والعنف
وحرمان المواطن من حقوقه وكرامته. حفظ الله وطننا من كل سوء. |