أزمة المال العالمية وصحة الإنسان

 ارتفاع معدلات البطالة يقابله انخفاض عدد الوفيات 

مركز النبأ الوثائقي*

 

شبكة النبأ: مع تزايد تداعيات الأزمة المالية قد يرتفع عدد العاطلين إلى 230 مليون خلال العامين القادمين، مما أعتبر ذلك الأسوأ منذ عام 1974، حيث ارتفعت نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 7.6 %. في حين حذرت دراسات من أن فقدان الوظائف قد يربك حياة الأسر مما يسبب لها مشاكل عائلية.

بينما حذرت دراسة عن أن الترقية في العمل مضرة بالصحة، قال دراسة أخرى إن فقدان الوظيفة قد يؤدي للإصابة بأمراض مختلفة، في حين نجد أن هناك تقارير حذرت من الأزمة المالية التي راح ضحيتها أكثر من 12.5 مليون أمريكي فقدوا وضائفهم في ظل البطالة التي سجلت أعلى نسبة لها خلال ربع قرن.

وعلى عكس ذلك كله نجد هناك تباين في وجهات النظر حول مؤثرات الأزمة المالية فقد بعثت دراسة الأمل في حياة الكثير من الذين فقدوا وظائفهم في ظل الأزمة الاقتصادية حيث قالت دراسة أن الأزمة المالية تحسّن الصحة وتقلل الوفيات، وإنها مفيدة للصحة. ومع تنامي معدلات البطالة، تزايد القلق عند العاملين عندما صدر تقرير يقول أن الترقي الوظيفي مضر للصحة.

ووجد باحثون في جامعة ورويك البريطانية أن الترقية تزيد معدل متوسط الضغوط بواقع 10 في المائة، وتجعل الموظف أكثر انشغالاً وتمنعه من إيجاد الوقت الكافي لزيارة الطبيب.

وكشف كريس بويس، والبروفيسور أندور أوسوالد من جامعة ورويك غعن أن الترقية الوظيفية ليست بالشيء الرائع كما يعتقد كثيرون، والبحث يظهر أن الحالة النفسية للمدراء تتدهور بعد الترقية، والتغيير يتعدى كونه مؤقتاً.حسب CNN

وتابع قائلاً: ليس هناك مؤشر تحسن صحي على من حصلوا على ترقيات سوى تراجع معدلات زيارتهم للطبيب، وهو أمر في حد ذاته يدعو للقلق وليس الاحتفال.

ولم تشر الدراسة إلى أي تحسن في الصحة بعد الترقية، من خلال متابعة ألف حالة خلال الفترة من 1991 وحتى 2005، لكنها وجدت أن الذين يتولون مناصب وظيفية أعلى يشعرون بضغوط نفسية أكبر.

ووجدت أبحاث أخرى أن الضغوط النفسية قد تكون فتاكة، وأن تأثيرها يرفع مخاطر الإصابة بعدد لا يحصى من الأمراض، من الإصابة بنزلات البرد وحتى السرطان، وأن تلك المرتبطة بالعمل تحديداً تؤجج الأمراض، وتؤثر على الذاكرة، وأن النساء اللواتي يتمتعن بحياة زوجية سعيدة يعانين أقل من الضغوط النفسية

فقدان الوظيفة والأمراض

وكشفت دراسة أمريكية حديثة أن انعاكاسات الأزمة المالية الطاحنة على سوق العمل متشعبة ولا تقتصر على زيادة معدلات العاطلين عن العمل فقط، بل تزيد من أعداد المرضى بأنواع مختلفة من الأمراض.

وتقول دراسة إن فقدان الوظيفة أو حتى احتمالات التسريح من العمل، قد تصيب العاملين بمشاكل صحية، منها ارتفاع الضغط، أمراض القلب، النوبات القلبية، الجلطات أو الإصابة بالسكري.

وقالت كيت سترولي، من جامعة نيويورك الحكومية في ألباني، ومعدة الدراسة نظراً للوضع الاقتصادي الراهن، الجميع، ودون استثناء، معرضون لفقدان وظائفهم علينا أن نعي بالعواقب الصحية المترتبة على ذلك، وبذل أقصى ما بوسعنا لتفادي الآثار السلبية.

ورجحت الدراسة، وشملت أكثر من 8 آلاف عامل، إصابة 83 في المائة من فقدوا وظائفهم بمتاعب صحية جديدة، مقارنة بغيرهم ممن لازالوا على رأس عملهم.

وأصيب قرابة 10 في المائة من الذين فقدوا وظائفهم بطارئ صحي جديد، منه الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم فضلاً عن التهاب المفاصل.

ووجدت دراسات عملية سابقة رابطا وثيقا بين خسارة الوظيفة واعتلال الصحة، إلا أن مضمونها استند على أن الإصابة بالمرض قد يؤدي لفقدان العمل، فيما عكست الدراسة الأخيرة تلك النظرية بالإشارة إلى أن  فقدان الوظيفة قد يفضي حتماً للإصابة بالأمراض.

71400 موظف يفقدون وظائفهم في العالم

فقد عشرات الآلاف من الموظفين والعمال وظائفهم في وقت سابق، فيما أعلن خبراء اقتصاديون أمريكيون أنهم يتوقعون تفاقم الوضع الاقتصادي الأمريكي سوءاً خلال العام 2009.

وبلغ عدد الوظائف التي تم الإعلان عن إلغائها الاثنين أكثر من 71400 وظيفة، ليرتفع إجمالي الوظائف الملغاة منذ بداية العام إلى أكثر من 200 ألف وظيفة، بينما بلغ عدد الوظائف الملغاة خلال العام 2008 حوالي 2.6 مليون وظيفة، وهو الأعلى منذ عام 1954.

وفي أوروبا، فقد حوالي 10000 موظف أعمالهم، حيث أعلنت مجموعة ING الألمانية للتمويل والتأمين عن فصل سبعة آلاف موظف، لتوفير 1.4 مليار دولار.

كما أعلنت شركة فيليبس الهولندية عن فصل ستة آلاف موظف من مختلف فروعها في العالم، بعد أن سجلت خسائر تصل إلى 1.5 مليار يورو، وهي الخسارة الأولى التي تسجلها خلال ربع مالي منذ عام 2003.

وفي الهند، أعلنت شركة كوروس للصلب والمعادن عن تقليص حجم قوة العمل لديها بنحو 3500 موظف، من إجمالي 24 ألف موظف وعامل، ومنهم 2500 يعملون في بريطانيا.

وكان تقرير أمريكي صدر في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي قد كشف عن أن سوق الوظائف الأمريكية خسرت 181671 وظيفة، أي بزيادة 60 في المائة عن أكتوبر/ تشرين الأول الذي شهد خسارة 112884 وظيفة، و148 بالمائة أعلى من نفس الفترة من العام الماضي.

ويعدّ نوفمبر/تشرين الثاني، هو ثاني أعلى شهر من حيث فقدان الوظائف بعد يناير/ كانون الثاني 2002، الذي شهد فقدان نحو 250 ألف وظيفة على خلفية هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

هذا، ورسم تقرير بريطاني حديث، التأثير القاتم لحالة الركود الاقتصادي على سوق العمل في المملكة، حيث من المتوقع تلاشي 600 ألف وظيفة خلال العام الجاري.

وتكهن معهد التوظيف والتنمية، في تقرير نشر في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما وصف بـ الإرتفاع الشتوي في معدل تسريح الموظفين خلال الربع الأول من عام 2009، والتي قد ترقى إلى فقدان 300 ألف بريطاني لوظائفهم.

وتبلغ أرقام البطالة في بريطانيا حالياً معدلات قياسية، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 1.86 مليون شخص، وهو الأعلى منذ تولي حزب العمال السلطة عام 1997، بينما يتوقع أن يضاف لها مليون آخر العام المقبل، وفق فاينانشيال تايمز.

توقعات بارتفاع العاطلين إلى 230 مليون

منظمة العمل الدولية من جهتها حذريت من أن الأزمة المالية الراهنة قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية وخطيرة على الأمن الوظيفي العالمي، حيث يتوقع أن تتسبب في ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى ما يزيد على 230 مليون شخص.

وقالت المنظمة إن تأثير الأزمة المالية على الأمن الوظيفي مرتبط بفعالية جهود الإنعاش، مشيرة إلى أن نتائج استعراضها السنوي للعمالة العالمية، تظهر توقعات بأن يبلغ عدد العاطلين خلال العام 2009 الحالي، حوالي 198 مليون شخص.حسب CNN

وحذرت المنظمة الدولية، في تقرير نشر ضمن الموقع الرسمي للأمم المتحدة الجمعة، من زيادة أعداد العاطلين لتصل إلى أكثر من 230 مليون شخص، إذا ما استمرت الأزمة الاقتصادية الراهنة على وضعها الحالي.

وقال خوان سومافيا، المدير التنفيذي للمنظمة: إن الأزمة الاقتصادية ستعمق مستويات الفقر في البلدان النامية، مشيراً إلى أن حوالي 200 مليون عامل قد يواجهون خطر الفقر المدقع، حسب وصفه.

نسبة البطالة الأسوأ منذ 1974

وفصل أرباب العمل في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 600 ألف موظف جديد خلال يناير/كانون الثاني الماضي، وارتفع معدل البطالة إلى 7.6 في المائة، وفقاً لآخر الإحصائيات الحكومية حول سوق العمالة.

وكشفت الإحصائيات أن ما يصل إلى 598 ألف موظف فقدوا وظائفهم خلال الشهر المنصرم، ما يعد أسوأ معدل لفقدان الوظائف منذ شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1974، كما يرفع عدد من فقدوا وظائفهم حلال الشهور الثلاثة الأخيرة إلى 1.8 مليون موظف.

بل وتشير الأرقام إلى أن الوضع أسوأ من التوقعات التي كانت تشير إلى أن نحو 540 ألفاً سيفقدون وظائفهم خلال يناير/كانون الثاني، في حين أشارت التكهنات إلى أن معدل البطالة سيرتفع إلى 7.5 في المائة، في حين تجاوزت النسبة الفعلية التوقعات بفارق 0.1 في المائة.

كذلك تشير الأرقام إلى أن النسبة في معدلات البطالة هي الأسوأ منذ عام 1992.

الأزمة الاقتصادية تحسّن الصحة

على عكس الافتراضات السائدة، أظهرت جملة من الدراسات أن الأزمات الاقتصادية من شأنها تخفيف معدلات الوفيات التي تحدث في الأيام العادية، وذلك، جزئيا، بسبب تخفيف الناس للأمور التي قد تضر بصحتهم مثل تناول الكحول وزيادة كميات الأكل التي يستهلكونها، توفيرا للمال، إضافة إلى استراحتهم من أعباء العمل وضغوطه. 

وأشار الأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة واشنطن، ستيفن بيزروشكا في مقالة راجع فيها هذه الدراسات، إلى أن نتائج مثل هذه الأبحاث يمكن تفسيرها عبر تخفيف الناس من التدخين والاستهلاك الزائد للكحول، إضافة إلى تخفيف حوادث السير، نظرا لحرص الناس على توفير الوقود، وذلك بسبب الفاقة التي يعانونها.حسب CNN

والأكثر من هذا فإنه بالنسبة لبيزروشكا، فالركود قد يكون مفيدا للصحة النفسية والعائلية لأنه يدفع الناس إلى البقاء في منازلهم وأن يمضوا أوقاتا أطول مع عائلاتهم.

وقال بيزروشكا، في لقاء مع مجلة التايم، إن فكرة أن العمل المُجد والمرهق لم يقتل أحدا هي من المسلمات التي اتضح بأنها خاطئة.

وردا على تحليلات بيزروشكا، رأى اقتصاديون أن مقياس معدلات الوفيات هو ذا نطاق واسع لغاية إذ أنها لا تأخذ بعين الاعتبار الأمراض المميتة وغير المميتة والتي تستغرق وقتا طويلا كي تتطور وتتفاقم، مثل السرطان.

ومن جهته قال أدم كوتس، أحد باحثي الدراسة، والعامل بجامعة أكسفورد البريطانية، إن للركود والانكماش الاقتصادي آثارا اجتماعية مضرة أخرى، والتي لا يمكن ربطها بصحة الأفراد.

اختفاء 100 ألف وظيفة

في واحد من أكثر الأسابيع وحشية على سوق العمل في الولايات المتحدة، بلغ عدد الوظائف التي تلاشت من القطاع خلال السبعة أيام الماضية  أكثر من 100 ألف وظيفة.

وشهد يوم الاثنين معظم تلك الخسائر بإعلان عدد من الشركات الأمريكية الكبرى عن عمليات تسريح شملت 70 ألف وظيفة.

وقال كبير الاقتصاديين في ستاندرد أند بورز، ديفيد ويس: الصورة مازالت قاتمة هنا، مشيراً إلى يناير/كانون الثاني الجاري، كأسوأ أشهر العام على سوق العمل الأمريكي عموماً، حيث درجت معظم الشركات الأمريكية على خفض قواها العاملة في تلك الفترة.

................................................................

مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/أيلول/2009 - 25/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م