حرب اليمن السادسة تدفع بالبلاد الى كارثة إنسانية وشيكة

سخونة المواجهات ترفع عدد النازحين وتحد من تقديم المساعدات

 

شبكة النبأ: قال عمال إغاثة إن سكان قرى بكاملها ينزحون في شمال اليمن فرارا من صراع يزداد نطاقه اتساعا تسبب في حالة طارئة مخزية ومتفاقمة.

وربما لا يزال الناس في صعدة البلدة الرئيسية بالمنطقة الأسوأ حالا لأنهم محاصرون في منازلهم بين القصف والمعارك في الشوارع دون مياه او كهرباء او اتصالات تقريبا ويواجهون ارتفاع أسعار الغذاء بعيدا عن متناول أياديهم هذا اذا استطاعوا الوصول الى السوق.

تفاقم محنة المدنيين

يقول جيان كارلو سيري مدير برنامج الأغذية العالمي باليمن بالهاتف من العاصمة صنعاء "الوضع يزداد تفاقما وترديا. لا نواجه أزمة إنسانية لقد أصبحت مأساة إنسانية."

وتفجرت موجة جديدة من القتال يطلق عليها (الحرب السادسة) في صراع متقطع وممتد منذ خمس سنوات في الشمال الجبلي بين متمردين شيعة والقوات الحكومية التي تحاول بسط السلطة المركزية.

وتقدر وكالات تابعة للأمم المتحدة أن هذا أضاف 50 الف شخص آخرين الى 100 الف او نحوهم شردهم القتال في وقت سابق بأفقر دولة عربية. ومعظمهم من النساء والاطفال.

وتطلب منظمة الامم المتحدة مبلغ 23.5 مليون دولار اضافي لمساعدة اليمن لكن سيري قال ان استجابة المانحين حتى الان "محدودة." بحسب رويترز.

وفي يوليو حزيران اي قبل موجة القتال الاخيرة مباشرة اضطر برنامج الاغذية العالمي الى خفض الحصص الغذائية لنحو 50 الف شخص الى النصف لان الاموال تنفد.

وتقيم الوكالات مخيمات جديدة لسعداء الحظ الذين يستطيعون الوصول الى مكان يحصلون فيه على المساعدة.

وفي الدولة التي تتسم بعلاقات مجتمعية قوية عثر بعض الناس على مأوى مؤقت على الاقل عند أسر مضيفة او في المساجد او المدارس لكن عشرات الالاف الاخرين بعيدون عن أن تصل اليهم يد الاغاثة في منطقة أغلقت الطرق المؤدية اليها.

وقال سيري "همنا الرئيسي هو الوصول." ولا يصل برنامج الاغذية العالمي الا لعشرة في المئة فقط من النازحين بالمنطقة. وتوجه نحو 15 الف شخص الى باقم وهي منطقة شمالية عند الحدود السعودية.

وقال مسؤولون بالامم المتحدة انهم يحاولون كسب دعم السلطات السعودية للسماح لهم بفتح طريق امدادات عبر اراضيها بأسرع وقت ممكن يلتف حول منطقة الصراع.

وتم سحب الكثير من موظفي الاغاثة من بلدة صعدة التي فر اليها ما يقدر بنحو 35 الف نازح جديد. ولا يزال موظفون محاصرون في منازلهم بسبب القتال.

وقطعت خطوط الهاتف الارضية مما حال دون اتصال معظم الناس في المنطقة بالعالم الخارجي. وتعطلت شبكات الهاتف المحمول منذ بدء القتال.

وامتد النازحون والصراع الى المناطق المجاورة المؤدية جنوبا نحو العاصمة. وكان بعض الناس قد اضطروا الى التنقل لما يصل الى أربع مرات على مدار العامين الاخيرين مع تنقل القتال.

وقالت لورا تشيدراوي المتحدثة باسم المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين بالهاتف من رقعة صخرية مسطخة بمنطقة عمران قرب صعدة ستصبح اعتبارا من يوم الاربعاء أحدث مخيم بالمنطقة "طلبنا وقفا لاطلاق النار لكن الاشتباكات استمرت وسنصل الى وضع انساني مخز حقا."

وأضافت "موظفونا (داخل) صعدة يقولون ان الوضع على المستوى الانساني كارثة."

ولا يزال كثيرون يتنقلون بحثا عن الامان.

ومنع القتال وحظر التجوال والالغام وذخائر أخرى غير منفجرة على الطرق فضلا عن العديد من نقاط التفتيش الوصول اليهم.

وقالت ماريا سانتامارينا العاملة في برنامج الاغذية العالمي ان بعض المزارعين والميكانيكيين وغيرهم ممن التقت بهم في زيارة هذا الاسبوع في مخيم اخر جديد وهو مخيم المزراق ما زالوا يملؤهم الخوف.

وأجبر القتال معظمهم على النزوح من منازلهم بالقرية الجبلية دون انذار او وقت لاحضار اي شيء معهم الى المخيم في منطقة قليلة السكان بها القليل من الشجيرات وبلا اشجار وتتكرر فيها العواصف الرملية كثيرا كما تتسم بحرارة الشمس الحارقة التي ادت الى مرض بعضهم.

وقد جاءوا من منطقة معروفة بالزراعة والفواكه خاصة الرمان لكنها تشتهر ايضا بمعدلات سوء التغذية العالية.

والعدد القليل من الناس الذين استطاعوا احضار ماعزهم معهم يراقبونها الان وهي تموت من الحرارة.

وقالت سانتامارينا "على الرغم من الظروف الصعبة يعتزم كثيرون المكوث ويقولون انهم لا يريدون العودة لانهم فقدوا الشعور بالامان."

واضافت "انهم خائفون فقد تركوا منازل ومزارع ويقول البعض انهم يخشون العودة ليجدوا أنه لم يتبق شيء."

كما يكافح اليمن المضطرب ضد موجة من هجمات تنظيم القاعدة وتصاعدا في المشاعر الانفصالية في الجنوب.

ولم يتسن الحصول على أعداد للخسائر البشرية في الصراع بالشمال والروايات المستقلة عن القتال قليلة.

توقف المساعدات الإنسانية

حيث تجد منظمات الإغاثة صعوبة في توصيل مواد الإغاثة الأساسية للنازحين في المخيمات في ظل تسبب المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في إغلاق الطرقات.

"يمكن سماع صوت الرصاص في كل مناطق صعدة. إننا نضع أرواحنا على المحك بمجرد محاولتنا الوصول إلى مخيمات النازحين ". هكذا يصف صدام العبداني، مسؤول الإمدادات بمكتب منظمة الإغاثة الإسلامية بصعدة، الوضع بالمنطقة التي لا زالت ترزح تحت هول المواجهات المسلحة التي اشتعل فتيلها من جديد في 12 أغسطس بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين الشيعة.

وقد بدأت هذه المواجهات تتسبب في عرقلة جهود توصيل الإغاثة إلى المتضررين في محافظة صعدة بالشمال والمحافظات المجاورة لها، حسب تصريحات عمال الإغاثة. حيث قال العبداني لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): " بالكاد نستطيع أن نتنقل للاستجابة لاحتياجات النازحين من طعام وماء صالح للشرب وغيرهما من الاحتياجات الأساسية وذلك بسبب تواصل إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة".

ويزداد الأمر سوءا بسبب التهديد الذي يشكله القصف بالأسلحة الثقيلة على أرواح النازحين بما فيهم النساء والأطفال وكبار السن.

كما أن تفاقم انعدام الأمن داخل صعدة وفي محيطها أجبر برنامج الأغذية العالمي على خفض المساعدات التي يقدمها للنازحين.

حيث اقتصرت مساعداته في شهر أغسطس على 10,000 نازح فقط مقارنة بـ 95,000 نازح في شهر يوليو، وذلك بسبب محدودية إمكانية الوصول إلى المتضررين.

وقد طالب البرنامج بضرورة توفير ممرات إنسانية آمنة للوصول إلى الأعداد الكبيرة من النازحين المتفرقين في مناطق شاسعة.

الحكومة تلقي باللوم على المتمردين

اتهمت وزارة الدفاع اليمنية المتمردين باستعمال المدنيين والنازحين "كدروع بشرية". حيث قال خالد اليافعي، موظف بالوزارة: "نحن نحمل المتمردين مسؤولية المخاطرة بأرواح النازحين في المخيمات بسبب استخدامهم لتكتيكات غير مسئولة ومضللة تجنبهم الدخول في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية".

كما زعم أن المتمردين يشنون هجمات على المخيمات لنهب المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الإنسانية للنازحين فيها.

غير أن المتمردين نفوا كل هذه المزاعم، حيث قال محمد عبد السلام، الناطق باسم مكتب زعيم المتمردين عبد المالك الحوثي، "إن مجاهدينا الشجعان يملكون من الطعام والموارد الأساسية في المناطق الجبلية ما يكفيهم لأعوام. وهم لا يقتربون أبدا من مخيمات النازحين...بل يكتفون بالدفاع عن أنفسهم من مواقع استراتيجية في أعالي الجبال".

وتقدر منظمات الأمم المتحدة إجمالي عدد النازحين في محافظات صعدة وعمران والجوف وحجة بحوالي 150,000 نازح. يعيش بعضهم في مخيمات النازحين الخمسة التي يأوي كل منها ما بين 500 و1000 أسرة، وفقا لياسر خيري، مسؤول بمنظمة الإغاثة الإسلامية، في حين يعيش معظمهم لدى أسر مضيفة.

ولا زال لدى برنامج الأغذية العالمي 935 طن من الأغذية في صعدة، وهو ما يكفي لتغطية الحصص الغذائية الشهرية لحوالي 60,000 شخص وفقا لماريا سانتامرينا، مسؤولة إعلام بالبرنامج.

حيث قالت: "سيتوجه موظفونا الميدانيون لمحافظتي حجة وعمران للمساعدة في توزيع الأغذية للموجات الجديدة من النازحين المقدر عددهم بحوالي 20,000 شخص [منذ 12 أغسطس]. كما أشارت إلى أن حوالي 100,000 شخص على الأقل اضطروا لمغادرة ديارهم بحثا عن الأمان في مناطق بصعدة أو بالمحافظات المجاورة لها في ظل استمرار المواجهات بين الأطراف المتحاربة.

من جهته، أفاد خيري أن منظمة الإغاثة الإسلامية حصلت على المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي وقامت بتوزيعها على مخيمات النازحين ولكنها اضطرت للتوقف عند مخيم العند، الواقع على مشارف مدينة صعدة، قبل أسبوعين إثر احتلاله من طرف المتمردين الحوثيين. وكان المخيم يأوي آنذاك 1000 أسرة نازحة.

خرق الهدنة

بالرغم من أن طرفي النزاع قد أظهرا معا رغبتهما في الالتزام بالهدنة إلا أنها لم تستمر طويلاً. حيث أفادت اللجنة الأمنية العليا التابعة للحكومة والمكونة من أعضاء بارزين في وزارتي الدفاع والداخلية برئاسة الرئيس على عبد الله صالح أن عشرات الجنود والمسلحين الحوثيين لقوا حتفهم في المواجهات التي بدأها المتمردون في 4 سبتمبر، وذلك بعد أقل من أربع ساعات على إعلان الهدنة.

وأقر عبد السلام أن المقاتلين الحوثيين في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران لم يسمعوا بقرار الهدنة مشيرا إلى أن اللجنة الأمنية العليا تسرعت في اتهام أتباع الحوثي بخرق الهدنة.

وفقا لسانتامرينا، فإن منظمة الإغاثة الإسلامية، الشريك المنفذ لبرنامج الأغذية العالمي، تنتظر من الأطراف المتنازعة توفير ممرات آمنة لتوزيع حوالي 935 طن من المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، والمتوفرة حاليا في مدينة صعدة، على النازحين المتفرقين في المخيمات ولدى أسر مضيفة.

وأوضحت أن "برنامج الأغذية العالمي يقوم بتجميع مواد الإغاثة في صعدة ويستعد لإرسال شحنات إضافية من المواد الغذائية شريطة توفر الظروف الآمنة"، مضيفة أن المزيد من الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية جاهزة للتوجه من العاصمة صنعاء إلى محافظة عمران بمجرد الانتهاء من تسجيل النازحين والتحقق منهم، "ولكننا صدمنا لسماع خبر خرق الهدنة".

يقدر عدد النازحين في محافظات صعدة وعمران والجوف وحجة بحوالي 150,000 شخص. ويشمل هذا العدد الأشخاص الذين نزحوا خلال المواجهات السابقة والذين أجبر العديد منهم على النزوح للمرة الثانية أو الثالثة على التوالي.

أخبر أندريج ماهيسيك، الناطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وسائل الإعلام أن الأشخاص العالقين في مدينة صعدة بسبب المواجهات المسلحة المتقطعة، بما فيهم 35,000 نازح، في أمس الحاجة للمساعدة. وأضاف أن الصحفيين لم يتمكنوا من الحصول على معلومات دقيقة حول ما يدور في المدينة المتوترة بسبب القيود الحكومية المفروضة على وسائل الإعلام، بما فيها قطع شبكات الهاتف الجوال والإنترنت وإغلاق الطرقات المؤدية إلى المدينة.

وأشار الناطق باسم المفوضية إلى أن سكان صعدة يفتقرون للماء والكهرباء منذ 12 أغسطس. كما أن "مخزونهم الغذائي بدأ ينفد وأصبح الوضع صعبا للغاية بالنسبة للعديد من الأسر التي يستضيف الكثير منها أصدقاء وأقارب أو جيران اضطروا للنزوح بسبب المواجهات الدائرة في الشوارع".

ووفقا لمنظمات الأمم المتحدة، زاد ارتفاع درجات الحرارة خلال النهار وهطول الأمطار خلال الليل من تفاقم المشاكل التي يعاني منها مدنيو صعدة الصائمون بمناسبة شهر رمضان. وتقدر منظمات الأمم المتحدة عدد النازحين بسبب الصراع في الشمال منذ عام 2004 بحوالي 150,000 شخص منهم أولئك الذين اضطروا لمغادرة ديارهم بسبب الجولات الأخيرة من النزاع.

الأطفال يرزحون تحت عبء النزاع

هرب أيهم، البالغ من العمر أربع سنوات، من صعدة مع أبيه، حامد، بعد أن تعرضت أمه وأختاه للقتل

لا يفكر حامد الظاهري، الذي يعيش حاليا لدى أسرة مضيفة، في العودة إلى قريته في محافظة صعدة حيث أودت المواجهات الدامية الدائرة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين بحياه زوجته واثنين من أطفاله الستة في 14 أغسطس.

ويعلق على ذلك بقوله: "هربت فقط لأنقذ حياة باقي أطفالي وأساعدهم على مواصلة تعليمهم. لقد أجبرت الحرب ولديَّ أسامة وأيمن على التوقف عن التعليم ودمرت بيتنا ومزرعتنا".

وقد تأثر الأطفال بشكل كبير بالنزاع الدائر بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين وسيستمرون في المعاناة من آثار هذا النزاع لأعوام طويلة قادمة، حسب أبودو كريمو أدجيبادي، الممثل القطري لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) في اليمن. وتحاول المنظمة جمع مبلغ 6.1 مليون دولار للتمكن من تغطية احتياجات الأطفال والنساء المتضررين بالحرب.

ويرى أدجيبادي أنه "على المجتمع الدولي أن يتكاثف لمساعدة هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا يفتقرون للطعام والرعاية الصحية والحماية"، مشيرا إلى أن اليونيسف تركز على توفير مياه الشرب الآمنة ونظام الصرف الصحي الملائم في المخيمات وفي المستوطنات العشوائية للتخفيف من خطر انتشار الأمراض المعدية".

وحسب نسيم الرحمان، مسؤول الإعلام باليونيسف ، فإن عدد الأطفال الذين تضرروا بشكل مباشر بالمواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والمتمردين يقدر بحوالي 75,000 طفل، يعاني العديد منهم من الصدمة ويحتاج لرعاية نفسية واجتماعية خاصة. وأوضح نسيم الرحمان أنه "في حالات النزاع، تضطر الأسر الفقيرة للهرب من ديارها مما يتسبب في فقدانها لدخلها...وعادة ما يصبح الأطفال جزءا من إستراتيجية التأقلم ويضطرون لتقديم العون لأهاليهم...حيث يقومون بجلب الماء وجمع الحطب وغيرها من المهام التي غالبا ما تكون على حساب تعليمهم".

سوء التغذية

ويعاني حوالي 60 بالمائة من أطفال صعدة من سوء التغذية مما يجعلهم عرضة لأضرار صحية صعبة العكس في ما بعد، حسب تحذير نسيم الرحمان الذي أشار أيضا إلى مواجهة هؤلاء الأطفال لخطر الأمراض المنقولة عن طريق المياه.

وأوضح مسؤول اليونيسف أن منظمته تعمل حاليا بالتعاون مع منظمات غير حكومية وخبراء تغذية مدربين من وزارة الصحة لفحص حالات التقزم والهزال وسوء التغذية الحاد لدى الأطفال. وسيحصل المتضررون منهم على أغذية علاجية جاهزة.

ويقدر عدد أطفال المدارس الذي فروا من ديارهم مع النازحين بحوالي 55,000 طفل، حسب نسيم الرحمان الذي أشار إلى أن "اليونيسف ستقوم بإنشاء مساحات تعليمية وتوزيع مستلزمات التعلم على الأطفال وتدريب المعلمين لضمان عدم توقف المسيرة التعليمية للأطفال نتيجة المواجهات. وقد طالبت المنظمة بحوالي 1.25 مليون دولار لتمويل البرامج التعليمية".

الأطفال النازحون عرضة للأمراض المنقولة عن طريق المياه بسبب عدم توفر المياه النظيفة والصرف الصحي

تسببت محدودية الوصول الإنساني إلى كل مناطق صعدة في عرقلة قدرة الأطفال على الحصول على التعليم والخدمات الصحية، حسب فاطمة العجل، مسؤولة إعلام بمنظمة إنقاذ الطفولة، التي أشارت إلى أن "ثلث الأولاد فقط في المناطق المتضررة بالحرب ارتادوا المدارس في العام الماضي وتقل نسبة الإناث عن ذلك بكثير...كما تبدو على أكثر من نصف الأطفال النازحين أعراض الالتهابات التنفسية الحادة والجرب. وتظهر عليهم جليا آثار الافتقار للنظافة".

من جهته، أفاد منصور رمضان، مستشار أول في وزارة التعليم أن السنة الدراسية تبدأ مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان ويبدو أن الأطفال النازحين معرضون لخطر الانقطاع عن الدراسة.

كما حذرت منظمة سياج غير الحكومية المحلية لحماية الأطفال من كارثة إنسانية محدقة بالأطفال النازحين الذين يشكلون حوالي 50 بالمائة من مجموع عدد النازحين. وأوضح رئيس المنظمة ، أحمد القرشي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "70 بالمائة من هؤلاء الأطفال إناثا...وهن يعانين من ظروف صعبة في مخيمات النازحين أو لدى الأسر المضيفة... إنهن يدفعن ثمن تفاقم النزاع في صعدة".

دراسة

أوضحت دراسة ميدانية أجرتها منظمة سياج لحماية الطفولة في عام 2008 أن 54.3 بالمائة من 1.100 طفل خضعوا للمسح في صعدة يعانون من كوابيس بعد مشاهدتهم للمواجهات في مدارسهم وقراهم. ووفقا للدراسة، أظهر 35.3 بالمائة من الأطفال الذين خضعوا للمسح سلوكيات عدائية اتجاه أقرانهم أو أقربائهم في حين فكر 22 بالمائة منهم في الانسحاب من التعليم بسبب الفقر وسوء ظروف المعيشة كما يعاني 21.6 بالمائة منهم من ظاهرة التبول اللاإرادي.

وقد أوصت منظمة سياج لحماية الطفولة المنظمات الدولية والمحلية المعنية بتوفير برامج لإعادة تأهيل الأطفال المتضررين وتسريع عمليات بناء وترميم المدارس المتضررة بالحرب وخلق بيئة آمنة تمكن الفتيان والفتيات من مواصلة تعليمهم.

فضاءات صديقة للطفل

من جانبها أقامت منظمة إنقاذ الطفولة منذ 25 أغسطس فضاء صديقا للطفل في مخيم النازحين بحجة وتعتزم إقامة فضاءين إضافيين في مخيمين آخرين، حسب العجل التي أشارت إلى أن "هذه الفضاءات الصديقة للطفل تهدف إلى معالجة المشاكل النفسية والاجتماعية للأطفال وحمايتهم من العنف ومساعدتهم على ممارسة حقوقهم الأساسية".

كما قال أندرو مور، مدير منظمة إنقاذ الطفولة، الذي قام بزيارة عمران وحجة في الأسبوع الأخير من أغسطس، أن الفضاء الصديق للطفل في حجة أثبت أن له أثرا إيجابيا على الأطفال وأسرهم، "فالأطفال النازحون يشعرون بالفرح وهم يلعبون في هذا الفضاء الصديق للطفل بعيدا عن كل خطر".

ووفقا لنسيم الرحمن، تعمل اليونيسف بالتعاون مع شركائها المحليين لتوفير الحماية للأطفال الذين افترقوا عن أهاليهم وللقصر غير المصحوبين بأحد في المخيمات، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال النازحين ورفع الوعي حول التهديدات التي يواجهها الأطفال في حالات الطوارئ والتشجيع على تسجيل الأطفال حديثي الولادة في المخيمات.

تمرير المساعدات عبر الأراضي السعودية

وتنظر الأوساط الإنسانية في اليمن في إمكانية استخدام الأراضي السعودية كنقطة دخول إلى محافظة صعدة شمال اليمن حيث المواجهات الدامية مستمرة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين منذ 12 أغسطس.

ووفقا لتقرير حديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أخبر وزير الصحة اليمني المجتمع الإنساني أن المحادثات جارية بين الحكومتين اليمنية والسعودية لإنشاء ممر للمساعدات الإنسانية إلى صعدة عبر الحدود السعودية بدلا من سلوك الطرقات الخطيرة وغير الآمنة القادمة من العاصمة اليمنية، صنعاء.

وفي هذا السياق، أفاد والتر بروزوني، منسق الطوارئ بمكتب المنظمة العالمية للهجرة، أن "واحدة من النقاط الجديدة التي يتفاوض بشأنها الفريق القطري للأمم المتحدة تتمثل في ضمان الدخول إلى صعدة عبر الحدود السعودية في الشمال".

ووفقا لماريا سانتامرينا، مسؤولة الإعلام ببرنامج الأغذية العالمي أرسل البرنامج في الشهر الماضي مسؤولا لوجستيا إلى السعودية للنظر في إمكانية تحديد "طرق إمدادات وتخزين وموانئ لتسريع توصيل المساعدات الإنسانية إلى المتضررين" في صعدة.

أوضحت سانتامرينا أن "البرنامج مهتم بشكل خاص بالوصول إلى منطقة بكيم شمال صعدة حيث نزح حوالي 15,000 شخص. وقد أظهرت الحكومتان اليمنية والسعودية تعاونا كبيرا في هذا المجال ودعما للمنظمات الإنسانية سواء بالنسبة لدخول المنطقة عبر السعودية لتقييم الوضع أو بالنسبة لتوصيل المساعدات الغذائية".

من جهته، تكلم محمد نشوان، مسؤول العمليات بالمنظمة العالمية للهجرة، عن المشاكل التي تعرقل عملية الوصول إلى المتضررين قائلا أن "التحدي الكبير يكمن في الوصول إلى النازحين في صعدة. قد نتمكن من الوصول إليهم إذا اتفقت الحكومة والحوثيين على وقف لإطلاق النار، ولكنني أشك في احتمال تحقق ذلك في الوقت الراهن".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/أيلول/2009 - 25/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م