أتمنى ان يستفيق الحالمون!!

عبد الأمير رويح

ألح علي الأهل والأحبة ان أسعى لإعداد برنامجا خاص ومميز لإنشاء حزب جديد او حركة وطنية, كي اشترك في الانتخابات القادمة لعلي احصل على حقيبة برلمانية او وزارية تسعفني وتسعف أهلي براتب يستمر(1000عام).

وليترحم علي عاشر حفيد من أحفاد أحفادي والذين سيستمتعون بثروتي ويتفاخرون بسيرتي وعملي الجهادي والوطني, نعم قد يكون الطريق محفوفا بالمخاطر والأهوال لكن علينا ان نضحي فقد فاز باللذات من كان جسورا!!

نقاش عائلي سرعان ما انتشر وخرج من نطاقه الأسري الضيق خصوصاً ونحن نعيش في مجتمع لا يحب التباهي و التفاخر نقاش توسع ليتدخل فيه أبناء عمومتي وأقاربي من عشيرتي وجيراني الأعزاء الذين أعلنوا تأييدهم المطلق لي وولائهم لحزبي الجديد!!

لعلهم يحصلون عند فوزي على وظيفة تعينهم على بلاء الدنيا وأكون لهم واسطة خير كما يقال! لقد أغراني الموقف خصوصا وان كل منهم اخبرني وبثقة انه يضمن لي(100 صوت جديد) من معارفه وأقاربه وأصدقائه وهؤلاء الـ(100) سيكون لهم مئات ومئات وكلهم يحلمون بالفائدة والحصول على المكاسب عند نجاحي فهم معارف معارف معارف أقاربي.

وسيكونوا أصحاب فضل لا ينسى فهم من سيوصلني الى ملذات الدنيا ونعمها وسأستذكرهم عند استلام راتبي ومخصصاتي الشهرية وسأستذكرهم عند جلوسي في مكتبي المبرد وسيارتي الفارهة وقصري العامر بالكهرباء والمطوق بالحماية هذا ان بقيت هنا ولم احصل على جنسية أخرى لبلد أخر مقابل حفنة من الدولارات الخضراء!!

نعمة الفوز في الانتخابات حلم يراودني  ويراود الجميع في ظل هذه المغريات العملاقة والمخصصات والامتيازات الخاصة التي كفلها الدستور.

مع هذه الامتيازات وفي سعادة الحلم استشعرت بشيء أزعجني ومنادياً ناداني من عالم مجهول قائلاً لي: كيف ستجازي وتكافئ من أوصلك لهذه النعمة؟

 هل ستشغلك أعمالك اليومية والحزبية عن متابعة أمورهم, هل ستقضي عطلة الفصل التشريعي بين فقراء وطنك أم انك ستقضيها في منتجعات ومصايف اوربا الجميلة حيث الماء والخضراء والوجه الحسِن لتعاود نشاطك البرلماني وتجمع قواك لغرض مناقشة القرارات والفقرات والبنود التي لن تناقش بدون توافق سياسي ومصلحة متبادلة..هل ستفتح باب مكتبك وبيتك لهم وهل ستزورهم وهل ستسعى لرفع الحيف عنهم ,هل ستمر على الأيتام والأرامل وتسعى لتقديم يد العون لهم, هل ستطالب بأن يستقطع من رواتبكم  كمسؤولين ما مقداره(1000 دولار) شهريا كي تشتروا مولدة كهرباء لتوضع في حي فقير يتذكركم أهله كلما أحسوا بحلاوة نسيم بارد في صيف مجحف, هل سترفع مقترحاً لإعادة تأهيل معاملنا المغلقة لتحسم فيه قضية ألاف العاطلين من العمل وتفتح الرزق لعشرات الاف من العوائل هل ستعلن الاعتصام والإضراب عن الطعام ان عرفت ان مفخخة او انتحاريا مجرماً تسبب بقتل ناخبيك الأبرياء, هل ستفضح الفاسدين وتحاربهم وتقطع دابرهم أم انك ستجاملهم لحساب المصلحة فتكون شريكاً معهم بصمتك, هل ستدع الفقراء والمحرومين يذكرونك بدعاء أم ستجعلهم يستصرخون الله لنصرتهم عليك!!

هل وهل وهل... استمرتْ دون توقف حتى ايقظتني من (حلمي) مرعوباً خائفاً من دَين الآخرين وتعلّمت ان المسؤولية شيء عظيم يجب ان لا ينام صاحبها ولا يغفل كما ان للحاكم و المسؤول حساباً يختلف عن حساب باقي العباد فهو من تصدى لرفع الحيف والظلم عنهم فماذا ان غفل وتناسى ذلك لا أي سبب كان فلا تبرير هناك ولا مجامله فأصحاب الحق يريدون حقوقهم ممن أئتمنوا عليها.

وهنا استذكرت سيد الأوصياء وإمام الأتقياء الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام من خلال قوله: (أأبِيتُ مبطانا وحولي أكباد حرّى وبطون غرثى) وقوله (ولو شئت لاهتديت إلى مصفى هذا العسل ولباب هذ القمح ولكن هيهات ان يغلبني هواي او يقودني جشعي إلى تخّير الأطعمة ولعل في الحجاز أو اليمامة من لا طمع له بالقوت ولا عهد له بالشبع). نعم هذا نهج الحاكم والمسؤول العادل النزيه فأين نحن منه؟؟

وكل ذلك جعلني اراجع نفسي وأقول، عذرا لأهلي وأحبتي وأقربائي ومعارفهم فلا استطيع ان استمر في حلمي فقد عانيت، ما عانيت ولا أحب ان اخذل فقيرا او أنسى يتيماً او أرملة، عذراً لكم  سأستفيق وأتمنى ان يستفيق الحالمون..

abdulameer_r@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/أيلول/2009 - 25/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م