اليمن على خطى الصنم

محمد الوادي

بعد حجم الكارثة التاريخية التي حلت بالعراق بسبب جرائم وتخبطات وعبث نظام الصنم الساقط، فان من بديهات التعلم من التجارب السيئة في هذا الخصوص ان يتعض الحكام العرب من هذا المثال الدموي الاسود الذي دمر البلد وسلمه الى القوات الاجنبية بعد اللوذ بحفرة حقيرة.

 لكن يبدو سمات العبث وعدم التعلم من تجارب الاخرين هي بحق اصبحت سمات عربية بامتياز لذلك ترى ظلال وخطوات وعقلية صدام موجودة في سلوك الكثير من الحكام العرب. وفي اليمن ومنذ عدة اسابيع يجري ذبح مواطنين من ابناء البلد تحت شعارات واهية ومستهلكة الى حد التفاخر العلني واليومي بعدد القتلى من ابناء اليمن " الحوثيين " على يد القوات الحكومية الخاصة والجيش اليمني.  

ان الاعتماد على الدعم الخارجي وعض النظر والسكوت لتكون هذه الامور حزمة محفزات للانطلاق بقتل وتشريد اكثر من مائة وعشرين الف مواطن داخل بلدهم هو في حقيقة الامر اتعس الحلول التي تؤدي ولو بعد حين الى نتائج باتت معروفة كما حدث في العراق حينما كان الصنم يعيث فسادا وبطشا وقتلا بالعراقيين الاكارم ويستخدم اسلحة الدمار الشامل في الاهوار وجبال كردستان.

لذلك بعض التصريحات الغربية التي تدعوا " الى المفاوضات وايجاد حلول للقتال في اليمن " وايضا تصريحات الامم المتحدة " الداعية الى فتح مررات أمنه للمدنيين " اضافة الى " الصمت العربي المعيب والمريب " كل هذه الاجواء وهذه التصريحات وهذا السكوت الشيطاني هي رسائل ذات دلالات مفهومة جيدا في الفقه السياسي وهي تنعكس بشكل فعلي على استمرار هذا الانتهاكات الانسانية لحقوق مواطنين كل ذنبهم مطالبتهم بحقوقهم الانسانية دخل بلدهم.

لكن هذه الاجواء السياسية وهذه المعادلة الدولية سوف تاتي مرحلة لاحقة تفقد عناصر تواجدها واستمرارها وتحل بديلا عنها اقفاص المحاكم وقاعات القضاء العادل.  

وان استخدام الطائرات المقاتلة والسمتيات وراجمات الصواريخ والمدافع وقوات الحرس الجمهوري وقوات الجيش وايضا مايسمى الجيش الشعبي ضد الحوثيين لن يحل المشكلة اطلاقا حتى لو تم قتل كل قادة الحوثيين وتدمير قواهم الرئيسية، وكل تجارب الشعوب وكل تجارب الثورات الانسانية تؤكد ان مثل هكذا حال سيكون مصدر الهام كبير ومنجم عميق وحافز عظيم للنهوض من جديد والحصول على الحقوق المفقودة وايضا لمعاقبة مجرمي الحرب.

 لذلك ليس المطلوب من حكومة اليمن التفاخر باستخدامها لواء  الحرس الجمهوري" العمالقة " لقتل مواطنين يمنيين بل استخدام عملاق الحكمة الذي يسمى العقل ومنح حقوق الاخرين دون أدنى ممطالة.

 كما أن استخدام بعض من ضباط واركان حرس الصنم الساقط في العراق هو أسوأ الاختيارات لان هولاء لو كان فيهم ذرة شجاعة لدافعوا عن بلدهم قبل اليمن فاذا كانوا قد هربوا بالملابس الداخلية وسط بغداد وامام شاشة التلفاز عام 2003 فماذا سيفعلون في اليمن حين تحين الساعة  وسط صنعاء.. لذلك لن يفيد الدعم العربي الطائفي وهذا السكوت المريب بل المفيد المختصر ان ترجع الحقوق الى أهلها، فتجربة العراق الجديد بدأت تشع وتكون مصدر الهام لكل المظلومين والمحرومين ومن هنا قد يكون نوع من التفهم لاسباب محاربة وتفجير مدن العراق وايضا بعض من تفهم للتحسس اليمني الرسمي وتقديم الاحتجاج الى الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة من 12 مليون ناخب ولمدة اربعة سنوات فقط. وليس حكومة مارثونية عمرها 25 عام فما فوق، ولااعرف بعد ذلك مالذي بقي من سعادة اليمن السعيد.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/أيلول/2009 - 20/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م