الاقتصاد الفلسطيني بين طوق الإحتلال وانهيار البُنى التحتية

نهوض الاقتصاد يبقى رهينة اتفاقات السلام البعيد المنال

 

شبكة النبأ: تنظُر الشركات في أي بلد عادي الى حرية التنقّل كأمر مسلّم به، وهي تستطيع توزيع المنتجات وتصديرها واجتذاب العمّال والزبائن من مختلف المناطق. لكن في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل فإن الوصول الى أكثر من نصف المنطقة محظور، وتتحكم اسرائيل تحكماً كاملاً في الطرق والطاقة والمياه والاتصالات والمجال الجوي.

وكانت الانتفاضة الفلسطينية التي شهدت أعمال عنف عام 2000 قد أدت الى حملة أمنية اسرائيلية شملت اقامة نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية واغلاق الطرق ووضع 600 حاجز حول المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية. وقد تمتد رحلة لا تستغرق أكثر من 30 دقيقة لساعات.

ويغلق الجدار الاسرائيلي الفاصل معظم أجزاء الضفة الغربية. ويجري فحص الحمولات المتجهة الى الدولة اليهودية عند عدد قليل من المعابر لاسباب أمنية.

وسببت عشر سنوات مما يسميه الفلسطينيون "اغلاقا" في ارتفاع تكلفة الصفقات التجارية فضلا عن التشكك وعدم الفعالية.

لكن وتيرة العنف انخفضت انخفاضا كبيرا. وأنشأ الفلسطينيون قوة أمنية على درجة جيدة من الكفاءة بمساعدة أمريكية.

ويقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انه يستطيع الى جانب عملية السلام التقليدية التي تبدأ من أعلى الى أسفل بناء السلام من القاع الى القمة من خلال تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. وفي الصيف الحالي بدأ ازالة نقاط التفتيش الداخلية الرئيسية.

استطلاع مراسلو رويترز عن الآراء في خمس مدن

يقول عمر هاشم من غرفة تجارة وصناعة نابلس انه في الاعوام الخمسة الماضية رحلت 425 شركة عن رام الله للفرار من الحصار الاقتصادي.

واستطرد قائلا ان 100 شركة عادت هذا العام. وأضاف أنه في الاشهر الاربعة الاخيرة كان هناك تحسن لا بأس به في الوضع التجاري لنابلس بعد أن خففت السلطات الاسرائيلية القيود عند نقاط التفتيش التابعة للجيش. ويسمح هذا للالاف من عرب اسرائيل بالذهاب للتسوق في نابلس وهو ما كان ممنوعا. وحتى الان لا يسمح بهذا الا في ايام السبت.

وأشار هاشم الى أن معدل البطالة انخفض من 32 الى 18 في المئة وأن الحياة باتت اسهل لمئات الموظفين الحكوميين والمهنيين في نابلس الذين كانوا يمكثون في رام الله خمسة أيام في الاسبوع تجنبا لنقاط التفتيش المملة. لكن التجارة لا تزال خاضعة للسيطرة الاسرائيلية.

وقال هاشم ان 1800 فقط من الاعضاء المسجلين في غرفة التجارة بنابلس لديهم تراخيص تجارية من السلطات الاسرائيلية وقال انهم بحاجة الى 1200 ترخيص اضافي على الاقل.

ويقول طلال جرار عضو الغرفة التجارية في جنين ان هناك تحسنا بعد تخفيف القيود عند بعض نقاط التفتيش لكن هذا لا ينعكس انعكاسا ملحوظا على حجم التجارة. وأضاف أن الامن الفلسطيني قضى على الفوضى التي كانت تسود المدينة في اوائل العقد لكن المستثمرين ليست لديهم الثقة بعد في استمرار سيادة القانون والنظام.

وتابع قائلا ان هناك قيودا هائلة على دخول جنين بالنسبة للفلسطينيين فهم لا يستطيعون الدخول ولا يستطيعون المكوث لاكثر من خمس أو ست ساعات. وقال ان التسوق المحدود لا ينشط اقتصادا معتلا.

وقال سمير حزبون رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة بيت لحم ان الفلسطينيين سمعوا كثيرا من نتنياهو عن تنمية الاقتصاد الفلسطيني لكن اسرائيل لا تتخذ اي اجراءات جادة حتى الآن. وأضاف أن التغيير الوحيد الذي طرأ هو خفض وقت الانتظار عند حاجز وادي النار.

ولا يزال الطريق 90 الذي يمتد الى وادي الاردن مغلقا امام الشاحنات الفلسطينية مما يرفع تكلفة نقل المنتجات الزراعية لبيت لحم دون داع.

لكن حزبون قال ان معدل البطالة المحلية انخفض الى 23 في المئة هذا العام بعد أن كان 28 في المئة في منتصف عام 2008. وتحسنت أحوال السياحة وهناك المزيد من الفنادق والمشاريع الصغيرة في بيت لحم.

وقالت مديرة الوكالة العربية للسياحة والسفر والشحن والتخليص التي طلبت عدم نشر اسمها ان الشكوك حول نقاط التفتيش تؤثر على عملها.

وأضافت "بين بيت لحم والخليل أصبح الطريق الان سهلا ومفتوحا. لكن ليس هناك اي شيء مضمون. اذا أرادت اسرائيل اغلاق الطريق الرئيسي ستستغرق العملية ساعتين او اكثر."بين بيت لحم ورام الله نمر احيانا من حاجز وادي النار بسهولة واحيانا ننتظر لساعات."

وقال ماهر الهيموني مدير غرفة تجارة وصناعة الخليل ان الاحصاءات الاخيرة لا تظهر اي نمو اقتصادي وذلك لوجود الكثير من الحواجز ونقاط التفتيش.

وتفيد أرقام من البنك الدولي أن متوسط الزمن الذي يستغرقه عبور حاجز ترقوميا من والى اسرائيل يبلغ ساعتين ونصف الساعة أي اقل من مدة الانتظار التي يتوقعها الكثير من سائقي الشاحنات لدخول الاتحاد الاوروبي. لكن هناك رجل اعمال من رام الله لم تكن لديه شكاوى.

وقال ابو هيثم الذي يدير واحدا من اكبر مصانع الاحذية في الضفة الغربية " معظم انتاجي يذهب الى اسرائيل. السوق تحسنت مؤخرا. شريكي في اسرائيل يطلب المزيد الان. هذا يوفر فرص عمل. احتاج لتعيين مزيد من العمال."

وكان ابو نبيل الجعبري الذي يملك اسطولا من سيارات الاجرة اكثر تحفظا. وقال "أصبح السفر الى المدن الكبرى بالضفة الغربية أسرع قليلا لكن هناك 400 ساتر ترابي (اسرائيلي الصنع) وعقبات مادية أخرى على الطرق بالضفة الغربية."وأضاف "القيادة من مدينة الى أخرى اصبحت اسهل مما كانت عليه قبل عامين لكن خدمة القرى صعبة. سلوك الطرق الجانبية يستهلك الوقود والوقت والمال."

ويتوقع وليد الاحمد رئيس مجلس ادارة المؤسسة العربية للفنادق وأسهم شركته مطروحة في البورصة الفلسطينية وتملك مشروع موفنبيك أن يكون الفندق جاهزا للافتتاح بحلول نهاية العام الحالي.

وقال ان المؤسسة تسرع من وتيرة العملية لان رام الله تحتاج الى اول فندق خمس نجوم بها. وأضاف ان هناك بعض الاستقرار بسبب تحسن المناخ الامني.

ويقول مازن سنقراط وهو مقاول "النشاط في رام الله على حساب النشاط في القدس وباقي مدن الضفة الغربية" لانها مقر السلطة الفلسطينية والشركات الكبيرة والمراكز الرئيسية للبنوك.

ويقول عادل الرامي الذي يبيع قطع غيار سيارات فورد ومازدا الجديدة " مبيعاتنا افضل كثيرا من قبل. التجارة افضل من عامي 2008 و2007. أعتقد أن هذا لان البنوك تمنح قروضا. تعطي قروضا تسدد على ما يصل الى ست سنوات بدون مقدم."

حقائق عن اقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة

ويركز رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره الفلسطيني سلام فياض على الاقتصاد الفلسطيني. ويطرح نتنياهو خطته من أجل "سلام اقتصادي" قائلا انه سيعزز بناء الاقتصاد الفلسطيني من القاع الى القمة في الوقت الذي يتفاوض فيه بشأن عملية السلام وذلك كسبيل للسعي من أجل "اتفاق شامل" صعب المنال.

وفيما يلي بعض الحقائق عن اقتصاد الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. بحسب رويترز: 

- يعيش 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية و1.5 مليون في قطاع غزة. والقطاع مغلق بسبب حصار اسرائيلي مفروض على حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي انتزعت السيطرة على القطاع في 2007 وترفض الاعتراف باسرائيل.

- تحصل السلطة الفلسطينية على 50 في المئة من تمويلها من المساعدات الاجنبية. والسلطة هي المستثمر والمشغل الرئيسي للعمالة في الاقتصاد الفلسطيني وهو ما يجعل الحكومة والاقتصاد يعتمدان بشكل كلي على المساعدات.

- تسيطر اسرائيل على الطرق والاتصالات والطاقة والمجال الجوي والوصول الى الارض والمياه. وتسيطر على ما يقدر بخمسين في المئة من الارض.

- يوجد نحو 60 نقطة تفتيش دائمة تابعة للجيش الاسرائيلي على الطرق الرئيسية في الضفة الغربية. يقول نتنياهو ان 15 من تلك النقاط أزيلت أو لم تعد تدار. وتقول منظمات مراقبة من بينها ماتشسوم ووتش انه جرت ازالة عدة نقاط تفتيش رئيسية. غير أنه يوجد أكثر من 600 حاجز في صورة بوابات حديدية أو متاريس أرضية تعطل وصول الفلسطينيين الى طرق فرعية مؤدية الى قرى أو قريبة من مستوطنات يهودية.

- تتوخى الشركات الفلسطينية الحذر ازاء التحسن الذي يستند الى ازالة نقاط تفتيش اسرائيلية وتقول ان من الممكن اعادتها بسهولة. وبالتالي يظل المناخ الذي تعمل فيه محفوفا بخطر اجراءات لا يمكن التكهن بها. غير أن التجارة في نمو بفضل تخفيف القيود على الحركة مما يتيح مزيدا من الوظائف.

- يتوقع البنك الدولي نمو اقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة بنسبة خمسة في المئة هذا العام و7.5 في المئة في 2011. غير أنه لايزال بعيدا تماما عما كان عليه الاقتصاد الفلسطيني في 1999.

ويقول البنك في تقرير المراقبة لشهر حزيران الماضي "سيظل الدخل الحقيقي للفرد في 2011 أقل بحوالي 27 في المئة عن مستواه في 2000."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 9/أيلول/2009 - 19/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م