
شبكة النبأ: هناك سمتان تربط بين
أشخاص مثل الأستاذة زارينا غروال من جامعة ييل، وكاتبة المدونات على
الإنترنت وجهة علي، وعضو الكونغرس أندريه كارسون، ومصممة الأزياء نائلة
هاشمي، ومدرب رياضة الملاكمة فيكتور بيريز، والفنانة الكاليفورنية دالا
فايتروني.
والسمتان اللتان تجمعان بينهم جميعا هما أنهم مسلمون وأميركيون في
آن واحد - ويشكلون جزءا من مجتمع رائع، يجسد، إلى حد كبير، تنوع
الولايات المتحدة نفسها.
يقول زاهد بخاري من جامعة جورج تاون، والتي يوجد فيها مقر مركز
التفاهم الإسلامي المسيحي إن المسلمين في الولايات المتحدة ينتمون إلى
80 بلدا مختلفا، ويميلون إلى أن يكونوا أصغر سنا وأفضل تعليما وعلى
درجة عالية من المهارات المهنية أكثر من غيرهم من عامة السكان.
ووفقا لما جاء فى استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2007 فإنهم
إلى جانب تنوع الهويات العرقية لديهم، فهم من أتباع المذهبين السني
والشيعي - وتتراوح معتقداتهم بين التقليدية المحافظة إلى العلمانية.
بحسب موقع أميركا دوت غوف.
وتقول ديزي خان، المدير التنفيذي للجمعية الأميركية لتقدم المسلمين
"إننا البلد الوحيد الذي يوجد فيه تمثيل كامل للمجتمع الإسلامي في
العالم. "يمكنكم أن تطلقوا علينا مجتمع حج مصغر- وهي فرصة للجالية من
أجل تكون نموذجا للآخرين".
التنوع والديموقراطية
وفي وجه هذه الطائفة المتنوعة من الخلفيات، هل يمكن التحدث عن هوية
محددة بالنسبة لمسلمي أميركا؟ وبالنسبة للغالبية منهم، فإن الجواب نعم
- على الرغم من أن الوجه الدقيق لهذه الهوية لا يزال قيد التبلور.
ويقول سلام المراياتى، المدير التنفيذي لمجلس الشؤون العامة
الإسلامية "إن المسلمين الأميركيين يعرفون من خلال القول المأثور
الشائع الذي يقول "إن الوطن ليس المكان الذي ولد فيه أجدادك بل هو
المكان الذي يقيم فيه أحفادك".
ولا ترى خان أي تناقض بين القيم الأساسية للإسلام ومطالب
الديمقراطية الأميركية. وتؤكد على أن "الإسلام، في الواقع، يأمر بهذا
النوع من النهج الذي يوفق بين هذه القيم".
فهي ترى أن هناك عملية كبيرة جدا جارية تتماثل مع ما جرى من "أمركة"
للأديان. فهذا البلد الذي كان من الناحية التاريخية، يعرف ببلد
المسيحيين البروتستانت تعود على قبول العقائد الكاثوليكية واليهودية في
ما يسمى "بأخلاقيات الديانتين اليهودية المسيحية".
وأردفت خان أن وجهة النظر هذه قد تطورت وبات يطلق عليها "أخلاقيات
الديانات الإبراهيمية" والتي تشمل ديانات التوحيد الثلاث اليهودية
والمسيحية والاسلام. وأنه "مع مرور الزمن، حين يكون المسلمون مقبولين
ضمن أخلاقيات الديانات الإبراهيمية، فسوف ينظر إليهم على أنهم جزء أصيل
من تجربة أميركا".
الحوار والمجتمع
وتعتبر إنغريد ماتسون، وهي كندية المولد اعتنقت الإسلام ورئيسة
الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، أن وظيفتها تتمثل أساسا في إجراء
الاتصالات والتفاوض على الاختلافات بطرق لا ينحصر تأثيرها فقط على الحد
من النزاع بل سيؤدى إلى النمو الايجابى والتفاهم مع المجتمع اﻷميركي
الأكبر.
وقالت في مقابلة أجريت معها مؤخرا على محطة الإذاعة العامة في
برنامج التحدث عن العقيدة "إننا نمثل هوية إسلامية تزدهر في ظل
الديمقراطية ".
وتذكر ماتسون أن العديد من الحكومات الأوروبية تنظر الآن إلى
الأميركيين المسلمين باعتبارهم نموذجا للجالية المثالية.
وتضيف أن على الأشخاض (الذين ينتقدون المسلمين الأميركيين) إدراك
العيوب التي تشوب نهج المواجهة، والمعارضة وليس الانخراط في العمل
الدؤوب وبناء توافق الآراء والإجماع والتنازل عن حقوق الأطراف الأخرى."
ويبدو أن نتائج استطلاع جديد حول " وضع العلاقات القائمة على
العقيدة" في تسع دول في أميركا الشمالية وأوروبا هي التي أثبتت وجهة
نظر ماتسون. إذ إن المجموعات الدينية الكندية والأميركية أكثر احتمالا
من المجموعات الأروبية ليمكن تصنيفها باعتبار أنها قد اندمجت في
مجتمعاتها، وذلك وفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب الأميركية ومؤسست
التعايش التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها.
وقد يتبع المسلمون الأميركيون النمط الكلاسيكي للاندماج الذي تتبعه
مجموعات الأقليات الأخرى في الولايات المتحدة، ولكنها تواجه أيضا إرثا
فريدا من نوعه خلفته لها هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، كما
يفيد جون أسبوزيتو، مدير مركز التفاهم الإسلامي المسيحي (في جامعة جورج
تاون).
ويقول إنه "بالنسبة لكثير من المسلمين ، فإن هناك تحديا إضافيا
يتمثل في أولئك الذين لم يميزوا بعد بين الإسلام وبين تلك الفئة
الصغيرة من المتطرفين في العالم".
ويقول مراياتي إن الرد على ذلك هو تمكين صوت التيار الرئيسي الذي
يكون على اتصال بالمجتمع المحلي. وتابع يقول "في رأيي، الارتباط يعني
العمل من أجل الإصلاح الأصيل الذي لا يحيد عن الإسلام - الإصلاح القائم
على القرآن -وليس على التعاليم المعزولة التي يروج لها المتطرفون
ويضخمونها ويستخدمونها".
أما بالنسبة لرضا أصلان، مؤلف كتاب لا إله إلا الله، فإن تزايد نمو
التعليم في العالم وتوفر وسائل الاتصالات يتيحان فرصة غير مسبوقة.
وقال في مقابلة أجراها معه موقع altmuslim.com إن الأمر متروك لنا
نحن الذين يمارسون ويدعون إلى التعددية والتوجهات الاصلاحية، وإلى نهج
إسلامي أكثر انفتاحا لإخراج أصواتنا والتأكد من أننا جزء من النقاش حول
معنى الإسلام ورسالته.
مسلم وأميركي
من خلال عملها في تقديم الاستشارات تشاهد خان مباشرة على أرض الواقع
العملية التي يوظفها الأشخاص في التوفيق بين هوياتهم الإسلامية
والأميركية . وتقول "إنه لا يكفي القول إنك هنا بمحض الصدفة وإنه حدث
وأنك أصبحت أميركي". وأضافت تقول إنه "يتعين عليك تكوين هوية جديدة".
وقالت خان إن هناك خطوة حاسمة تتمثل في إدراك الفرق بين الممارسات
الثقافية أو العادات والتقاليد التي يمكن التنازل عنها والقيم الأساسية
للإسلام. إنها كثيرا ما تستشهد بهذا التمييز في عملها خلال تقديم
الاستشارات للشباب حول ما يمكن أن يعتبر ممارسات تقليدية جلبها الآباء
من الوطن الأم – وما هو "حلال أو حرام" في الإسلام.
وأوضحت أن أبناء الجيل الأول من المسلمين الأميركيين – الذين نهجوا
على نفس النمط التقليدي للمهاجرين الأوائل - غالبا ما يختارون العيش
والعبادة ضمن الطوائف العرقية والدينية الخاصة بهم.
أما أبناء الأجيال الشابة فحين يصبحون أكثر أمنا في إقامة توازن بين
الهويات المزدوجة كمواطنين وكمسلمين، فإنهم يبيتون قادرين على التواصل
ويستثمرون أكثر في التجربة الأميركية – وهي أيضا عملية كلاسيكية تمر
بها مجموعات الأقليات الأخرى. وتقول خان "إن هذا يمنحنى الكثير من
الامل".
التواصل الحكومي
وهناك عامل آخر من العوامل الحاسمة في تشكيل تصورات المسلمين
الأميركيين هو استجابة الحكومة. وهناك عدد من الوكالات الفدالية، بما
فيها وزارة الأمن الوطني ومكتب التحقيقات الفدرالي، وضعت برامج تواصل
قوية مع أبناء الجالية الإسلامية الأميركية.
وقد أعلن وزير العدل الأميركي إيريك هولدر في حزيران / يونيو "أننا
هنا في وزارة العدل، ملتزمون باستخدام القوانين الجنائية وقوانين
الحقوق المدنية لحماية المسلمين الأميركيين". ومن الأولويات القصوى
العودة إلى التنفيذ الصارم لقوانين الحقوق المدنية والتواصل في الدفاع
عن الحريات الدينية وغيرها من الحقوق الأساسية لجميع مواطنينا".
وقد ألقت فاليري جاريت، وهي أحد المستشارين المقربين من الرئيس
أوباما ورئيسة المكتب المعني بمشاركة الجمهور في البيت الأبيض، كلمة في
المؤتمر السنوي للجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية الذي انعقد في تموز
/ يوليو الماضي
وقالت جاريت "إنني أقول لكم إنه ليس من السهل دائما التعرف على
'كبار رجال الأعمال والعلماء والفنانين والرياضيين الأميريكيين
المسلمين. ليس لأنه لا يوجد أحد منهم ولكن نظرا لوجود عدد كبير جدا
منهم، وهم معروفون بمواهبهم وبمناقبهم الحميدة - وليس لمجرد دينهم.
وهذا شيء عظيم. بل إنه تجسيد للحلم الأميركي، الذي هو في نهاية المطاف
متأصل في هذه القيم التي نتقاسمها جميعا - وهي قيم مشتركة بين البشرية
جمعاء. |