اليابان.. فوز تاريخي للمعارضة وإحياء ذكرى هيروشيما

 

شبكة النبأ: فيما حقق الحزب الديموقراطي الياباني الذي تعهّدَ بتطبيق المزيد من العدالة الاجتماعية في سياسته، فوزاً ساحقاً في انتخابات تشريعية وضعت حداً لـ54 عاما من هيمنة المحافظين على ثاني اقتصاد عالمي. دعا عمدة مدينة ناغازاكي اليابانية المجتمع الدولي إلى اختيار طريق يؤدي إلى عالم خال من الأسلحة النووية، معيداً إلى الأذهان المطالبة التي كان قد تقدم بها الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في وقت سابق من العام الحالي. وذلك خلال حفل إحياء الذكرى (64) لإلقاء القنبلة الذرية الامريكية على ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين.

ووفقا للتقديرات التي بثتها قناة "ان اتش كاي" الرسمية بعد انتهاء الاقتراع حصلَ الديموقراطيون على ما يتراوح بين 298 و329 مقعدا على الاقل من مقاعد مجلس النواب الـ480.

ومن غير المتوقع ان يحصل الحزب الليبرالي الديموقراطي (يمين) بزعامة رئيس الوزراء تارو اسو سوى على ما بين 84 الى 131 مقعدا. ويتوقع ان يعين البرلمان الجديد رئيس الحزب الديموقراطي الياباني يوكيو هاتوياما (62 سنة) رئيسا للوزراء في غضون اسبوعين.

وقال مسؤول رفيع في الحزب يدعى يوشيهيكو نودا عبر القناة نفسها "لقد عملنا من دون توقف لنمسك بزمام الحكم، ونلنا اخيرا دعم الشعب. سنبذل قصارى جهدنا لتنفيذ البرنامج الذي التزمنا به". واستقبل اعلان النتيجة بموجة عارمة من الفرح وعلا التصفيق في القاعة التي استأجرها الحزب خصيصا لهذه المناسبة في حي روبونجي الراقي.

والديموقراطيون الذين يمسكون بالغالبية في مجلس الشيوخ بفضل دعم حزبي المعارضة الاخرين، سيتمتعون بالسيطرة المطلقة على البرلمان وستفتح امامهم الطريق لتنفيذ برنامج اصلاحاتهم الطموح.

وبتصويتهم للتغيير، اراد اليابانيون ايضا ان يعاقبوا الحزب الليبرالي الديموقراطي على الاخطاء التي ارتكبها في سياسته الليبرالية المتطرفة في السنوات الاخيرة والتي ادت بنظرهم الى تفاقم التفاوت الاجتماعي والبطالة.

الحوافز المالية للاطفال تجذب الاصوات ولن تزيد المواليد

وتعدّ التعهدات بتقديم حوافز مالية من اجل زيادة المواليد فيما يبدو احد الاسباب التي تفسّر سبب فوز الحزب الديمقراطي المعارض لكن كثيرين يقولون ان هذا الامر لن يحثهم على انجاب مزيد من الاطفال.

وهذا امر يزعج اليابان التي يتقدم سكانها في السن بمعدل أسرع من اي دولة متقدمة أخرى. وينتظر ان تصبح أعمار أكثر من ربع السكان اليابانيين فوق 65 عاما بحلول 2015 وهو اتجاه قد يشكل عبئا على قوة عمل متناقصة مع تكاليف ضمان اجتماعي يصعب تطويعها. بحسب رويترز.

وكان الحزب الديمقراطي الياباني قد تعهد بتقديم دعم قدره 26 ألف ين شهريا لكل طفل وجعل المدارس العامة الثانوية مجانا أملا في ان يشجع العبء المالي الاقل الناس على تكوين عائلات أكبر.

وقال نارومي أوكوشي (37 عاما) والذي يعمل بشركة " كورياما سوكوريو سيكي" لاستطلاعات الرأي والتصميمات في فوكوشيما وهي مقاطعة قروية كبيرة شمال طوكيو "السياسات التي تتعامل مع معدلات المواليد المنخفضة والمجتمع الذي يتزايد فيه عدد السكان المسنين ستلعب دورا في طريقة التصويت"."اعتقد ان علاوات الاطفال سيكون لها اثر ايجابي بالنسبة للحزب".

وقال مينورو سوزوكي وهو اب لطفل عمره شهر واحد "بدلا من الاموال ما نحتاجه هو الوظائف. مكان ما للعمل". "فكما هو الحال حتى ان كان لديك اطفال ستشعر بانزعاج ازاء ما قد يحدث لهم عندما يكبروا".

ويمكن تفهم قلقه. فقد بلغت البطالة 5.2 في المئة في مايو ايار وهو اعلى معدل منذ 2003 ويتوقع ان يرتفع بشكل اكبر فيما تناضل اليابان للخروج من اسوأ ركود اقتصادي لها منذ الحرب العالمية الثانية. وكثير من الوظائف المتاحة للشباب منخفضة الاجر لدرجة لا تمكنهم من بدء تكوين عائلات.

ويدفع الافتقار الى الفرص الكثير من الشباب الى التوجه الى المدن الكبيرة بما يضغط بشكل اكبر على الاقتصاديات المحلية ويحول الشوارع الرئيسية بالبلدات الصغيرة الى صفوف ساكنة من المتاجر المغلقة.

وبينما انخفض معدل الخصوبة الذي يحسب بمتوسط عدد الاطفال الذي تنجبه كل امرأة في حياتها الى 1.09 في طوكيو احتفظت فوكوشيما بمعدل اقوى قليلا ليبلغ 1.52. ولدى الحكومات المحلية في فوكوشيما قائمة برامج طويلة لدعم هؤلاء الذين لديهم اطفال أو الذين يرغبون في أطفال تتراوح ما بين المساعدة في ايجاد شريك الى علاج مدعوم للخصوبة.

وتقدم بعض القرى النائية التي يتجاوز اعمار اكثر من نصف سكانها 65 عاما هدايا مالية سخية للاباء لانجاب أطفال جدد. ويحصل الاباء الذين لديهم اطفال على بطاقة تؤهلهم للحصول عى تخفيضات على مجموعة متنوعة من السلع والخدمات بالمقاطعة.

ولكن المسؤولين المحليين يقولون انهم ليسوا على يقين الى اي مدى سيثبت معدل المواليد المرتفع واشاروا الى ان سكان فوكوشيما ينخفض سنويا منذ ارتفاع في عام 1997 بلغ 2.14 مليون.

وقال كيوكازو نوجاوا من ادارة دعم العائلات بحكومة مقاطعة فوكوشيما "اولا انك بحاجة لايجاد شريك. لكن بعض الناس لا ينجبون اطفالا بعد ان يتزوجوا. وهي في بعض الاحيان لاسباب اقتصادية. وهذا يفسر سبب اهمية ايجاد سياسات شاملة لمنع انخفاض معدلات المواليد".

وفي مسعى لتغيير ثقافة الشركات ازاء ساعات العمل الطويلة التي يقول الكثيرون انها تعد عاملا في تحديد حجم العائلات تقدم المقاطعة حوافز للشركات المحلية مثل "كورياما سوكوريو سيكي" التي توفر بيئة عمل صديقة للعائلات. ومثل هذه الشركات على سبيل المثال يعطى لها افضلية في العطاءات على عقود الاشغال العامة.

الشرطة تكافح جرائم مسنّون يعانون من الوحدة

من جهة اخرى قال متحدث باسم الشرطة ان شرطة طوكيو ستحاول وقف موجة من سرقات المتاجر يرتكبها مسنّون يعانون من الوحدة وذلك بإشراكهم في أنشطة لخدمة المجتمع.

وذكرت وسائل اعلام يابانية نقلا عن مسح أجرته الشرطة أن واحدا من كل أربعة من لصوص معروضات المتاجر المسنين في العاصمة عزا جرائمه الى الشعور بالوحدة. وذكر ثمانية في المئة اخرون أن السبب هو أنهم "لا سبب لديهم للبقاء على قيد الحياة".

وذكرت وسائل الاعلام أن أكثر من نصف لصوص المعروضات في المتاجر قالوا انهم لا أصدقاء لهم وأن 40 في المئة منهم يعيشون بمفردهم. بحسب رويترز.

ونقلت صحيفة طوكيو شيمبون عن أكيهيرو ساكاي الاستاذ بجامعة جي. اف. أوبرلين الذي يرأس لجنة أبحاث تابعة للشرطة شكلت للتصدي لسرقة المعروضات من المتاجر قوله "جعل لصوص المعروضات بالمتاجر يؤدون عملا تطوعيا في المجتمع أمر فعال... بدلا من تشديد العقاب امل أن نتمكن من اعادة تأهيل لصوص المعروضات من خلال عناية خاصة."ورفض متحدث باسم الشرطة تأكيد تفاصيل المسح لكنه ذكر أنه سينشر للجمهور قريبا.

ووصلت سرقات المعروضات من المتاجر التي يرتكبها مسنون في طوكيو الى أعلى مستوياتها على الاطلاق العام الماضي وكاد عددها يماثل سرقات اللصوص الشبان.

وقالت وسائل الاعلام ان أشخاصا أعمارهم 65 عاما أو أكثر ارتكبوا 23 في المئة من سرقات معروضات المتاجر المعروفة في عام 2008 بزيادة أكثر من المثلين خلال الاعوام الخمسة الماضية.

ويصف مثال تضمنه التقرير السنوي لوزارة العدل امرأة عمرها 76 عاما تحولت الى سرقة المعروضات من المتاجر قبل عدة أعوام كوسيلة لمكافحة الوحدة بعد أن توفي والداها.

إحياء الذكرى 64 لإلقاء القنبلة الذرية على ناغازاكي

من جانب اخر دعا عمدة مدينة ناغازاكي اليابانية المجتمع الدولي إلى اختيار طريق يؤدي إلى عالم خال من الأسلحة النووية، معيداً إلى الأذهان المطالبة التي كان قد تقدم بها الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في وقت سابق من العام الحالي.

وجاءت دعوة عمدة ناغازاكي، توميهيسا تاوي، فيما كانت مدينته تحيي الذكرى الرابعة والستين لإلقاء طائرة أمريكية مقاتلة القنبلة النووية على المدينة الواقعة في جنوب غربي اليابان، والتي راح ضحيتها حوالي 75 ألف شخص.

وقال تاوي في كلمة له في "حديقة السلام" بالمدينة، حيث تجمع زهاء خمسة آلاف شخص: "إننا وبصفتنا بشر، أمامنا طريقان.. أحدهما يقودنا إلى 'عالم خال من الأسلحة النووية' والآخر يمكن أن يؤدي إلى هلاك البشر."

جاء ذلك خلال "إعلان السلام" الذي تلاه العمدة في الحفل التذكاري للمأساة الإنسانية التي ألمت بالمدينة خلال الحرب العالمية الثانية. بحسب سي ان ان.

وطالب العمدة بنزع السلاح النووي في جميع أنحاء العالم وتعزيز إجراءات حظر الانتشار النووي، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء اليابانية "كيودو."

وجاءت هذه المطالبة من قبل عمدة ناغازاكي بعد ثلاثة أيام على دعوة مماثلة من قبل عمدة مدينة هيروشيما، تاداتوشي أكيبا، الذي حث دول العالم على الانضمام إلى جهود المدينة في نزع أسلحة الدمار الشامل والاستجابة لدعوة أوباما بعالم خال من الأسلحة النووية

يشار إلى انه في التاسع من أغسطس/آب عام 1945، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية ثانية على مدينة ناغازاكي وذلك بعد ثلاثة أيام على تعرض هيروشيما لأول هجوم بقنبلة ذرية في العالم.

وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 74 ألف شخص بنهاية عام 1945، وإصابة كثيرين آخرين بعد ذلك بأمراض نتيجة الإشعاعات النووية.

وأظهرت الإحصاءات أنه حتى الآن، أسفرت القنبلة الذرية عن مقتل ما مجموعه 149226 شخصاً في ناغازاكي، بينهم 3304 أشخاص توفوا إثر إصابات متعلقة بالقنبلة في العام الماضي، وفقاً لوكالة الأنباء الصينية "شينخوا."

أما في هيروشيما، فقد قتل ما يزيد على 140 ألف شخص جراء القنبلة النووية، التي لقبت آنذاك بـ"الصبي الصغير"، وألقيت على المدينة في الساعة الثامنة والربع من صباح السادس من أغسطس/آب عام 1945.

ونجم عن هذه القنبلة موجة حرارية بلغت قوتها 4000 درجة مئوية وبلغ محيطها حوالي 4.5 كيلومتراً.

ارتفاع قياسي لمعدّل البطالة

وأفاد بيان حكومي عن ارتفاع معدل البطالة في اليابان إلى مستوى قياسي وهو 5.7 في المئة خلال شهر يوليو/تموز الماضي طبقا لإحصاءات نشرت قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات العامة.

ولا تزال الشركات اليابانية تسرح العمال رغم أن الاقتصاد استعاد وتيرة نموه بعدما شهد أسوأ ركود اقتصادي خلال عقود.

ويتصدر وضع الاقتصاد الياباني القضايا الملحة المطروحة في الحملات الانتخابية. وقد شكلت الأخبار التي تفيد عن ارتفاع البطالة إلى أعلى نسبة لها منذ الحرب العالمية الثانية ضربة قاصمة بالنسبة إلى رئيس الوزراء الياباني، تارو آسو. وواجه الحزب الديمقراطي الليبرالي ثاني هزيمة له في غضون خمسين سنة.

وبلغ عدد العاطلين عن العمل خلال شهر يوليو 3 ملايين و 590 ألف شخص، وذلك بزيادة تفوق مليون عاطل مقارنة مع السنة الماضية.

ورغم أن الحكومة اليابانية أعلنت انتهاء حالة الركود بصفة رسمية، فإن الأسر والعمال لم تشعر بعد بتحسن طرأ على أحوالها الاقتصادية.

وتظهر أرقام أخرى نشرت في طوكيو أن الأسعار الاستهلاكية الأساسية انخفضت بنسبة 2.2 في المئة خلال شهر يوليو مقارنة مع السنة الماضية، وذلك في أسرع وتيرة انخفاض للأسعار عرفتها اليابان.

وشهدت اليابان حالة تضخم استمرت سنوات في أعقاب ارتفاع أسعار الأصول التجارية خلال أوائل التسعينيات من القرن الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/أيلول/2009 - 17/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م