الحريات الإعلامية في العراق بين التطرّف والفتنة ومتطلَّبات الديمقراطية والمواطَنة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما قال مسؤول في وزارة الثقافة العراقية ان الوزارة اتخذت قراراً بمنع دخول كتُب ومؤلَّفات تؤجج (العصبية الطائفية وتثير الفتن) وأن هذا القرار لا يشكل رقابة على المطبوعات الاخرى، تباينتْ مواقف مثقفين وكتّاب عراقيين ازاء القرار بيَن معارِضين يخشون عودة القمع الفكري الذي كان راسخا إبان حكم الدكتاتور صدام ومؤيِّدين لهذه الخطوة لأنها تحد من التفرقة في بلد عانى كثيرا من النزاعات الداخلية.

وفي غضون ذلك دعا اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الحكومة الى ممارسة دورها في حماية المثقف العراقي بوصفه مواطناً عراقياً تعدّ حمايته واجبها الاساس ومبرِّر وجودها فضلا عن دوره في التعبير عن آمال المواطنين وهمومهم.

العراق يمنع دخول كتب تؤجج العصبية الطائفية

وقال مدير المكتب الاعلامي في وزارة الثقافة العراقية حاكم الشمري لفرانس برس ان "القرار الذي اتخذته الوزارة بمنع واستيراد المطبوعات والكتب التي تثير العصبية الطائفية وتدعو لتأجيجها ليس نوعا من الرقابة التي تفرض على باقي المطبوعات".

واضاف "نسعى لاشاعة التيارات الفكرية والانسانية في مختلف فصول المعرفة بين الناس في الوقت الذي وجدنا فيه من الضروري ان نتصدى للكتب التي تتعمد اثارة الفتن الطائفية وتغذيتها من خلال هذه الكتب والمطبوعات".

واشار الشمري الى "التنسيق مع سلطات الجمارك في المنافذ الحدودية لارسال نسخ وعناوين الكتب التي يعتقد بانها تحرض على العنف الطائفي الى الوزارة لكي يتم تقييمها والبت فيها اما باقي الكتب والمطبوعات فليس لدينا اي موقف ضدها". بحسب فرانس برس.

وشدد على "معارضة الوزارة فرض الرقابة، نحن بحاجة لدور ثقافي يصب في اتجاه صالح البلد ويرسخ وحدة العراقيين بدلا من ان تساعد بعض المطبوعات على انهيار المجتمع عبر لغة العصبية الطائفية" مضيفا "نريد ابعاد كل اشكال التفكير الطائفي".

مواقف متبانية ازاء قرار العراق منع دخول مطبوعات تثير الفتن الطائفية

تباينت مواقف مثقفين وكتاب عراقيين ازاء قرار وزارة الثقافة منع دخول مطبوعات ومؤلفات تعتبرها مثيرة للفتن الطائفية، بين معارضين يخشون عودة "القمع الفكري" ومؤيدين لهذه الخطوة لانها تحد من "التفرقة" في بلد عانى كثيرا من النزاعات الداخلية.

وقال الناقد والقاص محمد اسماعيل لوكالة فرانس برس "ارفض فكرة الحظر بكل اشكالها لانها عودة الى اجواء القمع الفكري مهما كانت الاعذار والمسوغات".واضاف "اذا كانت هناك مطبوعات تعمل على انهيار المجتمع العراقي من خلال مفاهيم طائفية وافكار هدامة، فيجب على الجهات الحكومية الثقافية ان تتصدى لها وتقوم باشاعة مفاهيم تمتص هذه الحساسية عبر مطبوعات وكتب تدعو للتعايش والمواطنة". وتابع اسماعيل "لذا، اشعر بان الواقع الثقافي بحاجة الى التحرر من كل اشكال الرقابة تحت اعذار اشاعة الفساد الفكري والتطرف الديني".

وكان مدير المكتب الاعلامي في الوزارة حاكم الشمري اكد ان الوزارة اتخذت قرارا بمنع دخول كتب ومؤلفات تؤجج "العصبية الطائفية" و"تثير الفتن" موضحا في الوقت ذاته ان قرار الحظر لا يشكل رقابة على المطبوعات الاخرى.

واضاف ان "القرار الذي اتخذته الوزارة بمنع واستيراد المطبوعات والكتب التي تثير العصبية الطائفية وتدعو لتأجيجها ليس نوعا من الرقابة التي تفرض على باقي المطبوعات".

واشار الى "التنسيق مع سلطات الجمارك في المنافذ الحدودية لارسال نسخ وعناوين الكتب التي يعتقد بانها تحرض على العنف الطائفي الى الوزارة لكي يتم تقييمها والبت فيها اما باقي الكتب والمطبوعات فليس لدينا اي موقف ضدها".

وشدد الشمري على "معارضة الوزارة فرض الرقابة، فنحن بحاجة لدور ثقافي يصب في اتجاه صالح البلد ويرسخ وحدة العراقيين بدلا من ان تساعد بعض المطبوعات على انهيار المجتمع عبر لغة العصبية الطائفية، نريد ابعاد كل اشكال التفكير الطائفي".

وقال "استغرب مواقف البعض من الذين يعتبرون هذه الخطوة نوعا من الرقابة المفروضة على المطبوعات والعودة الى فترة القمع الفكري".

يذكر ان الواقع الثقافي العراقي عانى كثيرا من سلطة القمع الفكري قبل العام 2003 من خلال تضييق الخناق على المثقفين والكتاب وعدم السماح لهم بانجاز مشاريع ادبية تساعد في نشر الوعي الفكري.

بدوره، قال الكاتب جمال كريم "مهما كانت الحجج والتبريرات الصادرة عن وزارة الثقافة بخصوص حظر دخول المطبوعات التي تعتقد انها مؤججة للطائفية، الا انني ضد فكرة الحظر".

واضاف "اذا اردنا وضع حد للعصبية الدينية فيتعين على الجهات الثقافية الحكومية العمل على اشاعة ثقافة وطنية خالصة عبر كتب من شانها ان تجعل الكتب الطائفية امورا عابرة غير مؤثرة في فكر العراقي واغراق الساحة الادبية بمختلف التيارات الفكرية". واكد "نريد حرية الفكر وليس عودة الرقابة والقمع الذي كان سائدا".

اما الناقد السينمائي علي حمود فقد ذهب باتجاه اخر قائلا ان" الواقع الديموقراطي الحالي منفتح اختلطت فيه المفاهيم لكنه يشكل انفتاحا يسد حاجة كبيرة من الجوع الثقافي استمرت اربعة عقود من الزمن".

واضاف "ارى من الضروي وجود رقابة على مثل هذه المطبوعات لصد الافكار الداعية للتفرقة والعصبية الطائفية لكنني امل ان تمارس هذا الدور الرقابي لجنة مهنية رفيعة بعيدة عن اي تطرف حزبي او ديني تضم اكاديميين لتقييم هذه الكتب". وتابع حمود "لكن لا نريد ان تتحول هذه اللجنة الى اداة للقمع الفكري".

العراق يبحث حظر مواقع على الانترنت ويثير مخاوف من الرقابة

وفي نفس السياق يبحث العراق حظر مواقع على الانترنت يعتبرها إباحية أو تحرّض على العنف أو الجريمة،

وقالت وزارة الداخلية العراقية في وقت سابق انها تبحث حظر مواقع معينة على الانترنت من بينها تلك التي ترى انها متصلة بالجريمة مثل غسل الأموال والسرقة والدعارة وصناعة القنابل و"الارهاب".

وجاء في بيان لوزارة الداخلية ان السلطات العراقية تعتقد ان الحرية نسبية وليست مُطلقة وان البعض سيعتبر هذا تقييدا للحرية بينما لن يعتبره آخرون كذلك. ولم يذكر البيان توقيتا زمنيا لاتخاذ قرار بشأن هذه المسألة.

وقال بعض النواب العراقيين انهم يشعرون بالقلق من ان مثل هذه الرقابة يمكن ان تستخدم في أغراض سياسية أو عرقية. بحسب رويترز.

وقال عمر الجبوري وهو نائب سني ان هذا الاجراء قد يكون وسيلة لتقييد الحريات التي كفلها الدستور العراقي وانه يجب ان يكون هناك قوانين وشروط تمنع الحكومة من اساءة استخدام هذا المشروع.

وقال مخلص بلاسم نائب رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب انه اذا أعدت الحكومة قانونا للرقابة فان العديد من اللجان البرلمانية ستتاح لها فرصة لتعديل مشروع القانون قبل ارساله الى البرلمان للتصديق عليه. ولم يتضح ان كان مثل هذا المشروع سيعد أو ما اذا كانت الحكومة ستفرض من جانب واحد قواعد الرقابة.

وقال بلاسم ان هناك رغبة في ان يتم تمرير القانون من خلال البرلمان وان الرقابة سلاح ذو حدين ويمكن ان يعيد هذا القانون البلاد الى الدكتاتورية لكن في زي جديد.

اتحاد أدباء وكتّاب العراق يدعو الحكومة إلى ممارسة دورها في حماية المثقفين 

من جهة ثانية دعا اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الحكومة الى ممارسة دورها في حماية المثقف العراقي بوصفه مواطنا عراقيا تعد حمايته واجبها الاساس ومبرر وجودها فضلا عن دوره في التعبير عن آمال المواطنين وهمومهم.

وجاءت الدعوة في بيان للاتحاد يحمل طابعا تضامنيا مع كاتب عراقي نشر موضوعا في صحيفة حكومية على خلفية عملية السطو على احد المصارف الحكومية، اثار جدلا كبيرا في الاوساط السياسية والثقافية.

واصدر الاتحاد البيان عقب جلسته الاسبوعية التي حضرها عدد من الادباء والمثقفين والفنانين.وقال البيان ان «سقوط النظام السابق فتح بوابة الامل امام المثقفين العراقيين من ادباء وفنانين واكاديميين كابدوا الكثير من التعسف وتكميم الافواه والافقار ومحاولات التهميش والاقصاء على الرغم من ان هذا المثقف كان يرفض الاحتلال بالقوة نفسها التي رفض بها الطغيان والدكتاتورية المقيتة. واضاف نندد بكل شكل من اشكال التهديد والوعيد والاجتراء على حرية الرأي او على حرية التعبير. بحسب رويترز.

ودعوا الحكومة الى «ممارسة دورها الاساس في حماية المثقف العراقي بوصفه مواطنا عراقيا تعد حمايته واجبها الاساس ومبرر وجودها الاول فضلا عن دوره في التعبير عن آمال المواطنين. كما دعوا مجلس النواب الى «تعزيز دوره الرقابي المشرع وفق الدستور».

ويحمل البيان صبغة تضامنية مع كاتب عراقي نشر موضوعا في صحيفة «الصباح» الحكومية على خلفية عملية السطو على احد المصارف الحكومية في 27 يوليو الماضي، اثار جدلا كبيرا في الاوساط السياسية والثقافية.

وتساءل الكاتب والشاعر العراقي احمد عبد الحسين في موضوعه عن «الثمن الذي دفعه ثمانية حراس قضوا اثناء عمليةالسطو والدوافع السياسيةالتي تقف وراء العملية» مما اثار حفيظة احد الاطراف السياسية مما أرغم مسؤولي الصحيفة على فصله قبل ان تتراجع عن قرارها.

ودعا البيان" كل من اشترك بالعملية السياسية الى احترام اشتراطاتها ومنها الايمان بالفكر الديموقراطي ونهجه كاملا لا الاكتفاء بآليته سبيلا للوصول الى السلطة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/آب/2009 - 10/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م