أهم  المخاطر التي تهدد الأمن والاقتصاد في اليمن

مركز النبأ الوثائقي*

 

شبكة النبأ: أدى القتال الضاري الذي وقع هذا الشهر بين القوات المسلحة اليمنية والحوثيين في شمال البلاد الى أن دعت الولايات المتحدة الطرفين الى العودة الى اتفاق أبرم العام الماضي لوقف اطلاق النار. وبينما يكافح اليمن أفقر دولة في العالم العربي تمردا يثور ويخمد في شماله وحركة انفصالية في الجنوب فضلا عن نشاط مكثف لتنظيم القاعدة. فان انتاج النفط في تراجع كما أن الموارد المائية تستنزف. حيث حدت الأزمة المالية العالمية من قدرة حكومة الرئيس علي عبد الله صالح على التعامل مع معدلات البطالة المرتفعة والنمو السكاني المتسارع وانتشار الفقر على نطاق واسع. واذا انزلق اليمن نحو مزيد من انعدام الاستقرار أو حتى الإخفاق الحكومي فقد يعرض هذا جيرانه للخطر خاصة السعودية ويعقد الجهود لمكافحة تنظيم القاعدة وحماية الممرات الملاحية الدولية من القرصنة في خليج عدن.

من يحكم اليمن؟

تولى صالح (67 عاما) الحكم في اليمن الشمالي السابق عام 1978 ويرأس البلاد منذ الوحدة مع الجنوب عام 1990 وقد فاز بولاية أخرى مدتها سبع سنوات في انتخابات عام 2006 .

هيمن الضابط السابق بالجيش على الكيانات الديمقراطية الرسمية لليمن من خلال قاعدة نفوذه القبلية في الشمال وشبكات المحسوبية والدعم في القوات المسلحة.

وصوت البرلمان في فبراير شباط على إرجاء الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر أن تجري هذا العام الى عام 2011 انتظارا لاجراء اصلاحات انتخابية.

وليس هناك خليفة واضح لصالح. ويواجه عدة تحديات في البلاد التي فيها حكومة تاكل حكمها بسبب الفساد وتمارس سيطرة هزيلة في مناطق يعج فيها السلاح.

ماذا يكمن وراء أعمال العنف؟

بدأ رجال قبائل ينتمون الى عائلة الحوثي تمردا متقطعا ضد الحكومة في منطقة صعدة بشمال اليمن عام 2004. وينتمي المتمردون الى الطائفة الزيدية الشيعية والتي حكم أمامها اليمن الى أن قامت الثورة عام 1962.

ولديهم شكاوى اقتصادية ودينية ويتهمون صالح وهو زيدي بمحاباة السنة السلفيين الذين يميلون الى المذهب الوهابي الذي تطبقه السعودية. وأشارت الحكومة اليمنية الى أن ايران تدعم المتمردين لكن الادلة على هذا ضعيفة.

ووقع عبد الملك الحوثي زعيم التمرد اتفاقا للسلام أبرم بوساطة قطرية عام 2007 لكنه انتهك مرارا. وتصاعدت الاشتباكات هذا العام لتصير معارك مكتملة في أواخر يوليو. ووضع صالح شروطا صارمة لوقف اطلاق النار رفضها الحوثيون. حسب رويترز

وتقول منظمات الاغاثة ان القتال الذي استخدم فيه الجيش القوات الجوية والدبابات والمدفعية أدى الى تشريد عشرات الالاف من الناس. وقالت منظمة الامم المتحدة المعنية باللاجئين أمس ان حالة الطوارئ الانسانية الملحة والمعقدة صارت أسوأ.

سكان الجنوب والاستياء

تفجرت أعمال عنف في 28 ابريل نيسان هذا العام في تجمع حاشد لاحياء ذكرى الحرب الاهلية اليمنية عام 1994 والتي هزمت فيها قوات صالح الجنوب الانفصالي الذي كان يعرف قبل اتفاق الوحدة لعام 1990 باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

ويشكو سكان الجنوب الذي يوجد به معظم المنشات النفطية اليمنية منذ فترة طويلة من أن سكان الشمال أساءوا استغلال اتفاق الوحدة لانتزاع مواردهم والتمييز ضدهم.

وتحولت مظاهرات بشأن معاشات التقاعد للجيش الى أعمال عنف في عدن عام 2007 . وتطورت احتجاجات حول الوظائف في الجنوب الى أعمال شغب العام الماضي. ونادى بعض زعماء الجنوب بالانفصال علنا.

تهديد تنظيم القاعدة

عانى اليمن الذي ولد به والد اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة من موجة جديدة من هجمات تنظيم القاعدة على مدار العام المنصرم. وقالت السعودية انها تخشى من أن التنظيم يمكن أن يستغل اليمن ليطلق مجددا حملة شنها بين عامي 2003 و2006 للاطاحة بالاسرة السعودية الحاكمة المتحالفة مع الولايات المتحدة.

وأصدر اليمن قائمة من 38 متشددا مطلوب القاء القبض عليهم بعد أن نفذ تنظيم القاعدة تفجيرا انتحاريا أسفر عن مقتل أربعة سائحين من كوريا الجنوبية في مارس اذار.

وخطف تسعة أجانب في محافظة صعدة الشمالية معقل المتمردين في يونيو حزيران. وعثر على ثلاثة منهم وهم ممرضتان ألمانيتان ومدرس كوري قتلى. والباقون مفقودون وهم زوجان من ألمانيا وأطفالهما الثلاثة وبريطاني.

وغير جناح تنظيم القاعدة في اليمن اسمه الى القاعدة في شبه الجزيرة العربية في فبراير شباط مما أشار الى أنه يهدف الى احياء الصراع ضد السعودية اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.

وتعاون اليمن مع واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وهجمات تنظيم القاعدة في الداخل بما في ذلك هجوم على سفينة حربية أمريكية. وقاتل الكثير من اليمنيين القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق بعد غزو عام 2003

أداء اقتصاد اليمن

يشكل انتاج النفط ما بين 70 و75 في المئة من الموارد العامة وأكثر من 90 في المئة من عائدات الصادرات. ويبلغ حجم انتاجه 287 ألف برميل يوميا نزولا من 300 ألف برميل العام الماضي. وكان قد سجل في عام 2002 ما مقداره 457 ألف برميل يوميا. وتراجع حجم عوائد النفط بنسبة 75 في المئة في النصف الاول من العام الحالي بالمقارنة بالفترة نفسها من عام 2008.

ويتوقع البنك المركزي أن ينمو الاقتصاد بنسبة خمسة في المئة هذا العام وهو أقل من النسبة المستهدفة نتيجة لتأخر مشروع تصدير الغاز الذي تبلغ قيمته خمسة مليارات دولار. وبلغ الناتج المحلي الاجمالي 4.6 في المئة عام 2008 على الرغم من ارتفاع أسعار النفط العالمية خلال الشهور التسعة الاولى من العام.

ومن المتوقع نمو الاقتصاد بنسبة سبعة أو ثمانية في المئة في عام 2010 مدفوعا بصادرات الغاز الطبيعي المسال والطفرة المتوقعة في المشاريع التي تعمل بتمويل من المعونات الاجنبية. ويقول البنك المركزي ان الدعم للطاقة سيكلف نحو ستة في المئة من اجمالي الناتج المحلي هذا العام.

ويعيش نحو 35 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة في فقر. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان بحلول عام 2035 . ولحقت بالفقراء أضرار بالغة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمية بنسبة 60 في المئة في عام 2007-2008 .

وأدت الازمة المالية العالمية الى تباطؤ تدفقات الاستثمار والتحويلات من الخارج. ويقول البنك الدولي ان التوقعات على المدى المتوسط لما بعد عام 2009 هزيلة بسبب تراجع انتاج النفط.

تأكيد على النقاط الستة

و جددت السلطات اليمنية تأكيدها على أن وقف القتال أو تعليق العمليات العسكرية في صعدة، لن يتم إلا إذا التزم المتمردون الحوثيون بالنقاط الستة دون قيد أو شرط، وفي الأثناء نفذ سلاح الجو اليمني ضربات لمعاقل الحوثيين، مشيراً إلى إلحاق خسائر كبيرة في صفوفهم.

وشدد مصدر مسؤول في اللجنة الأمنية العليا اليمنية على ما ورد في البيان الصادر عن اللجنة مساء الأربعاء، حول مطالبة اللجنة العناصر الحوثية المتمردة الالتزام بالنقاط الستة الصادرة عن اللجنة، كشرط لإيقاف العمليات العسكرية.

وأضاف أن اللجنة تعلن مجدداً أنه إذا لم تقبل العناصر التخريبية المتمردة بالنقاط الست دون أي قيد أو شرط، من أجل حقن الدماء وتحقيق السلام، فإنه لا يمكن أن تكون هناك هدنة أو تعليق للعمليات العسكرية، مؤكداً أن العمليات العسكرية والأمنية سوف تستمر لملاحقة تلك العناصر حتى تنصاع للسلام.

وكان مصدر مسؤول باللجنة قد صرح الأربعاء على الحوثيين إعلان التزامهم بتنفيذ النقاط الست التي تم إعلانها كشرط لإيقاف العمليات العسكرية وتحقيق السلام في محافظة صعدة.

من جهة ثانية، أعلن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع اليمنية أن الوحدات العسكرية والأمنية بمحافظة صعدة ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، تمكنت من تأمين عدد من الطرق بأكثر من منطقة، وفتح عدة طرق كانت عناصر التخريب والتمرد قد أغلقتها في وجه إمدادات الغذاء والتموين لأبناء المناطق التي المحيطة بها.

تمكنت الوحدات العسكرية والأمنية من تأمين عدد من الطرق في أكثر من منطقة بمحافظة صعدة ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، وذلك بعد أن قامت بتطهير المناطق المحيطة بها من العناصر الإرهابية المتمردة حيث عملت تلك الوحدات على تأمين تلك الطرق ومنها خط محضة وجنوب شرق المقاش بمحافظة صعدة. حسب وكالة الأنباء اليمنية

وأضاف المصدر كما واصلت الوحدات العسكرية والأمنية ملاحقتها لمجاميع عناصر الإرهاب والتمرد وقامت بعمليات تمشيط لتعقبهم والقبض عليهم في عدة مناطق، فيما يجري حاليا تمشيط بقية المناطق الواقعة على خط حرف سفيان - صعدة.

وأوضح المصدر أن سلاح الجو وجه أمس الأربعاء ضربة موجعة لعناصر الإرهاب والتمرد في منطقة بالقرب من ضحيان، حيث كان يتواجد فيها تجمع لعدد كبير من السيارات التي تحمل الأسلحة والذخائر ومؤن للعناصر التخريبية .. مؤكدا أنه تم تدمير تلك السيارات وإلحاق خسائر كبيرة في صفوف الإرهابيين.

وأشار المصدر إلى أن سلاح الجو قصف معاقل الحوثيين في مناطق "رهوه والمدرج والعند"، منوهاً إلى إلحاق خسائر فادحة بهم، منها تدمير عدد من السيارات المحملة بالأسلحة وقتل العديد من المتمردين.

صالح يتوعد الحوثيين

من جهته توعد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح جماعة الحوثيين بالحسم و"تطهير" محافظة صعدة شمال البلاد خلال أسابيع، وذلك بعد ساعات من التوصل إلى اتفاق تهدئة شفهي لم يصمد سوى ساعات بعد أسبوعين من المعارك المستمرة بين الجانبين.

وقال صالح أثناء زيارته لمعسكر للجيش مساء الأربعاء إنه على ثقة بتطهير المناطق في صعدة في الأسابيع القادمة فلدينا تجربة من العام 1978 في المناطق الوسطى وحتى العام 1982 وحسمناها عسكريا ولدينا تجربة أخرى مع عناصر الردة والانفصال وحسمناها خلال 67 يوما ونحن على ثقة أننا سنخمد هذه الفتنة.

وأضاف مخاطبا ثلة من العسكر مهما قدمنا من خسائر فهو من أجل الوطن ونصرة الحق وضد عناصر التخريب والتمرد والإرهاب الذين يريدون أن تعود عقارب الساعة إلى الخلف.

لكن الرئيس اليمني أشار إلى صعوبة المعركة مع الحوثيين، وقال صحيح أنها لو كانت المواجهات مع قوة نظامية لحسمت في الأشهر الأولى أو في الأسابيع الأولى، لكننا نواجه حرب عصابات وليس حربا نظامية.

وقد أجرى الرئيس اليمني مساء الأربعاء اتصالا هاتفيا بأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد ساعات من التوصل إلى اتفاق تهدئة بين الجيش اليمني والحوثيين.

اتفاق الدوحة

وكانت قطر رعت عام 2007 اتفاقا بين القوات الحكومية اليمنية والحوثيين، لكنه لم ينفذ وتبادل طرفا الاتفاق الاتهامات بإفشاله.

وكان وزير الإعلام اليمني حسن اللوزي قال إن اتفاقية الدوحة المبرمة بين الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن الوضع في صعدة انتهت, واتهم ما وصفها بعناصر تخريبية بخرقها.

من جانبه قال الناطق الإعلامي باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام إن الجماعة متمسكة باتفاق الدوحة، واتهم في وقت سابق الحكومة اليمنية بمحاولة التهرب من التوصل لحل جذري للنزاع بين الجانبين.

تهدئة مؤقتة

وجاءت هذه التطورات بعدما توصلت لجنة وساطة إلى اتفاق تهدئة مؤقت بين الجانبين من أجل وصول المساعدات للنازحين والعالقين جراء الحرب المندلعة منذ 12 أغسطس/ آب الجاري.

إن الاتفاق يلزم الحوثيين بفتح الطرقات وإزالة التمترس في الجبال مقابل وقف الدولة عملياتها العسكرية.

إن الاتفاق المعني هو اتفاق تهدئة وليس لحل مشكلة صعدة، أخذا بالاعتبار تفاقم أزمة النازحين. وأوضح أن الاتفاق شفهي وليس مكتوبا، مشيرا إلى أن سريان تنفيذه مفتوح، لكن الوسطاء يأملون أن يكون عند غروب شمس هذا اليوم.حسب موقع الجزيرة

وبيّن المراسل أن المنطقة المحددة في الاتفاق هي الملاحيط التي تشهد احتكاكا مباشرا بين المسلحين الحوثيين والجيش اليمني، إضافة إلى منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران المجاورة لصعدة التي تشهد أيضا مواجهة مباشرة بين الجانبين.

استمرار الاشتباكات

ويأتي الإعلان عن اتفاق التهدئة وسط استمرار الاشتباكات بين الجانبين، ونقلت وكالة رويترز عن بيان لجماعة الحوثي صدهم هجوما للجيش اليمني في منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران ومنطقة المنزلة بمحافظة صعدة.

لكن مصدرا حكوميا نفى تلك المزاعم، وأشار إلى أن الجيش انتزع السيطرة على أحد الأودية بعد وقوع خسائر على الجانبين في قتال شرس.

وأوضح المصدر أن الطريق الرئيس الذي يربط صعدة بالعاصمة صنعاء ما زال مغلقا أمام الإمدادات والتعزيزات العسكرية بسبب الألغام وحرب العصابات التي يتبعها الحوثيون.

وإزاء استمرار اشتباكات صعدة دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأعربت الرئاسة السويدية للاتحاد في بيان لها عن القلق لتصاعد وتيرة المعارك التي خلفت العديد من الضحايا والنازحين.

.................................................

*مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال

www.annabaa.org

arch_docu@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/آب/2009 - 8/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م