لماذا بعض الشباب من الجنسين من الذين يتمتعون بالصحة والعافية
الممتازة، وعدم الزيادة والنقصان في الخلقة، وينعمون بالعقل والاستقرار
العائلي والمادي، وتتوافر لهم متطلبات الأشياء الكمالية،لا يعجبهم
العجب دائما يشتكون ويتذمرون، وغير جادين في حياتهم ومنها الدراسية
والعملية، لا ينظرون للحياة بعين التفاؤل والسعادة، والاتعاظ من أحوال
الآخرين الذين حرموا من الصحة والعافية ومن الاستقرار العائلي والمادي،
لماذا حالات الإحباط والتشاؤم والسقوط في مستنقع المخدرات، ومحاولات
الانتحار تسيطر على بعض الشباب والشابات عند حدوث عكس ما يتمنون، وكما
يحدث خلال فترة الاختبارات النهائية والبحث عن مقعد جامعي، ولمن لم
يحققوا النسبة المأمولة، أو لمن لم يجدوا فرصة لمواصلة الدراسة في
التخصص الذي يحلمون به أو فرصة عمل أو زواج؟
الظاهر ان هؤلاء لم يجربوا الحرمان والفقر والبلاء والابتلاء
بالأمراض المستعصية والتشوهات الخلقية، أو فقدان عضو من الجسد. زاهدين
في ما يملكون من نعم عظيمة لا تقدر بثمن. وهذه النعم تكفي بان تملأ قلب
المرء بالرضا والسعادة والشكر.
سأذكر اليوم قصة شاب يستحق أن يكون قدوة للشباب والشابات ولجميع
شرائح المجتمع، ويكون عنوانا لمواجهة الواقع بمسؤولية وسعادة وابتسامة.
«سعيد» شاب يدرس في المرحلة الثانوية تعرض لحادث مروري وهو داخل حافلة،
وذلك بسبب استهتار السائق، فكانت النتيجة سقوط ضحايا وإصابات خطيرة،
ولم يصح الشاب «سعيد» إلا وهو بالمستشفى، وعندما أراد أن يرفع يده لم
ترتفع اخذ ينظر نحوها لم يجدها، صدم.. صرخ.. يبحث عن إجابة عن سؤاله
أين يدي؟. لقد قطعت يده من الأعلى بشكل كامل أثناء الحادث المأساوي.
هذا الشاب الوسيم المليء بالحيوية والنشاط وعنفوان الشباب، الذي ولد
كامل الأعضاء أصيب بالانهيار من فقدان احد أعضائه المهمة والضرورية،
دخل أزمة، ولكن بفضل الله وبفضل جهود من حوله، وبفضل ما يحمله من إيمان
بان ما جرى اختبار وعليه تقبل الأمر ومواجهة الواقع وتجاوز التحديات
لتحقيق النجاح، وان عليه أن يشكر الله بأن حاله أفضل من الملايين الذين
أصبحوا عاجزين مقعدين فجعل من الدراسة اكبر همه والأمل الذي من خلالها
تتحقق أحلامه؛ تخرج من الثانوية بتفوق وامتياز،ولكن الفرحة الكبيرة
بالتخرج لم تكتمل فالشاب صدم بعدم قبول أي جامعة أو كلية له، فقد ذهب
إلى كلية المعلمين فتم قبوله ولكن عند المقابلة الخاصة ورؤيته ابلغه
العميد بأنه مقبول علميا ولكنه مرفوض شكليا لأنه ناقص..معاق.. فدخل في
دوامة القلق متسائلا: لماذا هؤلاء يريدون محاسبتي على أمر لم اختره،
ألا يكفي ما أعانيه حتى يذكرني هؤلاء بالتقصير والإعاقة؟
فتوجه إلى الصحافة التي طرحت قضيته ووضعت صورته ومعاناته في الصفحة
الرئيسية، تحت عنوان: عميد كلية يرفض متفوقا بسبب إعاقة، وأشارت
الجريدة إلى ان الرفض يخالف قوانين الحكومة التي تحاول دمج المعاق مع
أبناء المجتمع الأسوياء وإعطاءه الأولوية والأفضلية، متسائلة هل هكذا
يتم تكريم من يتفوق على الظروف النفسية القاهرة والتغلب على الإعاقة،
ويحقق التفوق العلمي؟
الشاب لم يستسلم، اخذ الجريدة وكتب خطابا ودخل على أحد المسؤولين
الكبار في الدولة، وهناك تم توجيهه إلى جامعة قبلته، كما تمت متابعة
حالته وتجهيز يد بديلة صناعية بمواصفات متطورة.
الشاب حصل على شهادة البكالوريوس بتفوق، ثم قدم على برنامج الإبتعاث
للدراسة بالخارج للحصول على شهادة الماجستير وسافر إلى أوروبا. وبفضل
الله وما يملكه «سعيد» من إرادة وحب للعلم والمعرفة وأخلاق عالية حيث
الابتسامة لا تغيب عن محياه، تحول إلى شعاع لبث الروح والحماس ومواجهة
التحديات، ونشر السعادة والفرح في قلوب زملائه والأساتذة. الشاب السعيد
بين فترة وأخرى يرسل رسالة ينقل أخباره المليئة بكل ما يشرف من تميز
وعطاء.
أخواني أخواتي الشباب؛ على الإنسان أن يشكر الله على ما انعم عليه
من نعم لا تقدر بثمن منها الصحة والعافية والستر، وعليه أن يواجه
الحياة بالتحدي والمسؤولية، وعدم الاستسلام للظروف مهما كانت قاسية لان
هناك من يشقى أكثر منه في الحياة، وان الحياة مزيج من الفرح والحزن.
فتحلى دائما بشعار كن سعيدا وابتسم. |