الإعلان عن الائتلاف الجديد.. بوادر تشرذُم أم تَعافي وطني

مركز النبأ الوثائقي/تحليل سياسي

 

شبكة النبأ: أعلن في بغداد الائتلاف الشيعي الجديد، ولكن من دون حزب الدعوة برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي قال مقربون منه إنه يسعى إلى تشكيل تحالف وطني من جميع أطياف الشعب، في مقدمتهم زعماء العشائر السنية إلى جانب مرشحين من الشيعة، للمشاركة في الانتخابات البرلمانية العامة المقررة في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ومما يؤكد أن انشقاق المالكي على شركائه أصبح واقعا، إقرار مقربين منه بأن الخلاف لا يزال كبيرا لانضمامه إلى الائتلاف الوطني العراقي، الذي يحل محل الائتلاف العراقي الموحد الذي كان يضم، إضافة إلى حزب الدعوة، المجلس الأعلى الإسلامي في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم، وحزب الفضيلة والتيار الصدري اللذين انسحبا منه قبل أكثر من عام، لكنهما عادا إلى الائتلاف الجديد الذي أعلن.

حيث قال  المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي ردا على دعوات الائتلاف الجديد إلى انضمام المالكي إليه، إن هذه المطالبات كانت موجودة أصلا قبل إعلانهم للتشكيلة الجديدة. وأضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن الشروط التي أكد عليها المالكي غير متوفرة في هذا الائتلاف حتى الآن.

وتابع الموسوي، وهو مدير المركز الوطني للإعلام، أن رئيس الوزراء يريد أن يكون الائتلاف وطنيا حقيقيا في برامجه وأشخاصه وتوجهاته، ليس بالاسم فق، وأكد أن ذلك لم يتحقق في الائتلاف الجديد بالتأكيد.

وقال حسن السنيد العضو البارز في حزب الدعوة في مؤتمر صحافي: ليس هناك نقاط خلاف استراتيجية بيننا، إنما هو اختلاف حول آليات المشاركة في الائتلاف الوطني وفتح هذا الائتلاف الوطني ليشمل طيفا أوسع من القوى السياسية حسب ما أفادت به وكالة رويترز.

ويتهم المقربون من المالكي المجلس الأعلى باستئثاره بقدر كبير من السلطة داخل التحالف الجديد.

من جهته قال كمال الساعدي، القيادي في حزب الدعوة: كنا نريد تأجيل الإعلان عن التشكيلة الجديدة للائتلاف لكي تكتمل الحوارات مع الأطراف المشاركة به بشكل أفضل، وكذلك التأكيد على ضرورة أن تكون مشاركة أطراف أخرى بشكل أوسع مما هو حالٍ.

وعبر رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري، أحد قيادات الائتلاف الجديد، خلال إعلانه الائتلاف الجديد، عن أمله في أن ينضم المالكي إليهم على الرغم من الاختلافات. وقال في كلمة خلال الملتقى الذي أعلن فيه الائتلاف الجديد: باسم الائتلاف، الباب مفتوح دائما أمام الإخوة الذين تأخروا عن الانضمام إلى اللائحة لأي سبب من الأسباب. وأبدى الجعفري رغبة الائتلاف مشاركتهم في المسؤوليات. وكان الجعفري يشير في كلامه بوضوح إلى حزب الدعوة الذي يترأسه المالكي، والذي يمكن أن يكون على رأس لائحة متنوعة طائفيا، خارجا بذلك عن الائتلاف الشيعي الذي تكون في 2005. ويضم الائتلاف الجديد أيضا قوى سنية، منها جماعة علماء المسلمين، ومجلس إنقاذ الأنبار، وشخصيات ليبرالية وعلمانية ومستقلة.

بدوره أكد عادل عبد المهدي، القيادي في المجلس الأعلى ونائب رئيس الجمهورية، رغبته في انضمام حزب الدعوة لصفوف الائتلاف، وقال: كنت أتمنى أن يكون بيننا حزب الدعوة، مؤكدا أن الجهود تبذل لضمه.

وأشار: نحن نؤكد على المساعي لتوسيع المشاركة لدفع العملية السياسية، حتى نشكل كتلة قوية صلبة تستطيع أن تواجه التحديات.

ويأتي قرار المالكي وسط تصاعد الخلافات بين رئيس الوزراء والائتلاف الذي كان يتكون من أحزاب شيعية بحتة، وحصل على 128 مقعدا تشكل قرابة نصف مقاعد البرلمان المؤلف من 275 في عام 2005. ويعمل المالكي جاهدا لعقد شراكة مع كبار العشائر السنية المتنفذة كجزء من جهوده في تشكيل قاعدة سياسية ذات قاعدة عريضة قبيل الانتخابات.

وتبين مؤخرا أن رئيس الوزراء تلقى دعما من جماعات سنية وزعماء القبائل من محافظة الأنبار، وقال الموسوي إن المالكي عقد الأحد لقاء مع شخصيات تمثل مختلف فئات الشعب العراقي من علمانيين وليبراليين وإسلاميين وشيوخ عشائر. وأضاف أن المالكي عرض خلال اللقاء مبادئ وثوابت الائتلاف الذي يسعى لتشكيله، مؤكدا أن جميع المدعوين كانوا يدعمونه.

وحقق ائتلاف دولة القانون، الذي دعمه المالكي منفصلا عن الأحزاب الشيعية الأخرى في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مطلع العام الجاري، فوزا ساحقا. وكانت النتائج التي حققتها قائمة المالكي أكثر من ضعف كل القوائم الشيعية مجتمعة في بغداد وثماني محافظات وسطى وجنوبية. ولكن تعرض المالكي، الذي يعد صاحب الفضل الأكبر في التطور الأمني خلال السنوات الماضية، لضغوط كبيرة بسبب موجة التفجيرات الأخيرة التي أسفرت عن مقتل وجرح مئات الأشخاص.

تحليل في عمق الاحداث

ان الاعلان عن الائتلاف قد طرح العديد من التساؤلات في مقدمتها لماذا الاعلان الاولي للائتلاف الوطني العراقي من دون انتظار المالكي وحزبه والمؤتلفين معه، وقد طلبوا تاجيل الاعلان لعدة اسابيع وربما لنهاية شهر رمضان وحتى تكتمل اعمال اللجان المشكلة والتي من بينها لجنة تعمل على مفاتحة قوى وشخصيات سياسية للانضمام للائتلاف الجديد، لاسيما وان قوى الائتلاف المعلنة عنه تقول انه اعلان اولي لايضم جميع القوى والشخصيات التي يرغب في ان يضمها الائتلاف ؟ ويجيب العارفون بخفايا الامور داخل الائتلاف ، ان الشكوك ظلت تحوم من ان المالكي وحزبه والمؤتلفين معه، سعوا طوال المفاوضات الاولية لاعلان التشكيلة الاولية للائتلاف الى ( تضييع الوقت ) بهدف اجبار اطراف الائتلاف على القبول بشروط المالكي وحزبه والذي ظل لا يعلنها صراحة الا في الايام القليلة الماضية  اذ رفضتها كل الاطراف الرئيسة ، والتي كان في مقدمتها ان تكون حصة المالكي وحزبه والمؤتلفين معه في الائتلاف الوطني 50% وبقية القوى المنضوية تحت خيمة الائتلاف الوطني 50% مستندا في هذا الشرط الى نسبته التي لابد ان تنسجم مع حجمه في نتائج انتخابات مجالس المحافظات، وكان الرأي من جانب القوى الاخرى المؤلفة للائتلاف ان الخوض بالتفاصيل يمكن ان يفجر الائتلاف من الداخل ويؤدي الى تشظية اطرافه في وقت المطلوب فيه بعد الاعلان الاولي هو توسعة الائتلاف وضم قوى وشخصيات سياسية اليه وحسم الحصص من الان معناه اعطاء انطباع للقوى السياسية التي يراد ضمها للائتلاف بان دورها تجميلي وديكوري ودعوة هذه القوى مجرد مهزلة وضحك على الذقون . كما كان اعتراض المالكي وحزبه والمؤتلفين معه على انضمام التيار الصدري وتيار الاصلاح وكتلة التضامن الى الائتلاف الوطني، بالمقابل كان رد القوى الاخرى اذا كانت نية الائتلاف حقيقية في ضم شخصيات وقوى من السنة والاكراد والمسيحيين والمكونات العراقية الاخرى كيف يتم وضع خط احمر على قوى سياسية لها ثقلها في الشارع العراقي مثل التيار الصدري وتيار الاصلاح بزعامة الجعفري .

وبرغم ان حزب الدعوة والمؤتلفين معه لم يطرحوا بشكل رسمي شرطهم في ان تحسم رئاسة الوزراء لتكون لحزب الدعوة ولشخص المالكي من الان ، الا انهم اكدوا ذلك بشكل غير رسمي خارج الاجتماعات الرسمية من خلال الاحاديث المباشرة  ، وايضا اكدوه عندما وضعوا شرط ان تكون حصتهم محسومة داخل الائتلاف الجديد من الان بنسبة 50% ، بمعنى انهم يريدون عبر تلبية هذا الشرط حسم مسألة رئاسة الوزراء مقدما .

ويؤكد المطلعون في الائتلاف الجديد ، ان موعد 24 الحالي أمس للاعلان عن الائتلاف الجديد كان قد تم اقراره بناءً على رغبة المالكي وحزبه  ، وصار لدى القوى الاخرى في الائتلاف يقين بان حزب الدعوة والمؤتلفين معه يريدون ( اللعب على الوقت ) ، وانهم يريدون فرض شروطهم على الائتلاف او الدخول وحدهم في ائتلافهم الخاص ،وفي كل مرة سيسعون الى تاجيل الاعلان عن الائتلاف الوطني ( الجديد ) بهدف التشكيك بمصداقية الائتلاف الوطني الجديد لكثرة المواعيد المؤجلة وجر التوقيت الى اوقات قريبة لموعد الانتخابات النيابية ثم يعلن الانسحاب من الائتلاف الوطني وتشكيل ائتلاف دولة القانون.

وبالطبع مثل هذه التأجيلات لو كانت قد حدثت قد تستفز بعض اطراف الائتلاف مثل التيار الصدري وغيره. يضاف الى ذلك؛ ان المالكي كرئيس للوزراء استفاد من انتمائه لكتلة الائتلاف العراقي الموحد التي تعد الكتلة الاكبر في مجلس النواب حاليا ، في البقاء بمنصبه على الرغم من رغبة كتل كثيرة داخل المجلس في سحب الثقة عنه وعن حكومته في فترات عديدة من عمر مجلس النواب الحالي، وبالتالي فان ( اللعب على الوقت ) وتاجيل الاعلان عن الائتلاف الجديد حتى الاقتراب الحقيقي من موعد الانتخابات العامة معناه تضييع الفرصة على الراغبين بسحب الثقة عنه وعن حكومته اذا استجدت مثل هذه الرغبة لدى كتل عديدة في مجلس النواب لاسيما وان ظروف ذلك باتت متوافرة بعد انفجارات الاربعاء الاسود وبالطبع الان وقد تخلى المالكي عن عدد كبير من حلفائه داخل كتلة الائتلاف العراقي الموحد في الاستعداد في تشكيل التحالفات الخاصة بالانتخابات من شانه ان يؤجج المعركة بين الحكومة ومجلس النواب الحالي . وعليه نرى من الان ان موسم التسقيط السياسي وان كان قد بدأ منذ عدة اسابيع الا انه سيشتعل حد نشر الغسيل الوسخ  للاطراف المتنافسة، وان من شان ذلك قد يطيح بالمالكي وحكومته قبل انتظار نتائج الانتخابات المقبلة.   

.....................................................................................

*مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال

www.annabaa.org

arch_docu@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 26/آب/2009 - 5/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م