ثوب الائتلاف القادم بين مقص الدعوة و ماكينة المجلس الأعلى

خيارات الانشطار المرتقب واسقاطاته على المشهد السياسي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تفضي معظم المعطيات المتوافرة حول ما يدور عن إعادة تشكيل الائتلاف العراقي الموحد الى اتساع حجم الهوة بين ابرز مكوني الائتلاف المتمثلين بحزب الدعوة الإسلامية من جهة، والمجلس الإسلامي الأعلى من جهة أخرى، الذي يناضل بدوره لترميم الضرر الذي لحقه إبان انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة.

فحزب الدعوة كما يرى بعض المحليين يحاول قدر الإمكان الناي بنفسه بعيدا عن الضغوط الإقليمية الساعية لإحياء الائتلاف الموحد مجددا، حيث يحاول المالكي التأسيس لتحالفه الخاص لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، على غرار ائتلاف دولة القانون الأخير، لكن بشكل أكثر شمولية واتساعا يراعي خلاله انضمام مكونات متنوعة من التكتلات السنية وبعض الأحزاب والشخصيات الكردية ليضفي على مشروعة القادم الصبغة الوطنية بعيدا عن التكتلات المذهبية.

يقول القيادي البارز في حزب الدعوة حيدر العبادي: "نريد ائتلافا وطنيا عراقيا جديدا قائما على أسس جديدة، باعتبار أن الائتلاف الحالي نشأ في ظروف تختلف عن الظروف الحالية، إذ كان البلد يمر بظروف استثنائية".

من جهة أخرى يدرك قادة التحالف الكردستاني إن المالكي ومن خلفه حزب الدعوة الإسلامية بات يتمتع بقاعدة شعبية رصينة جعلت منه ندا ورقما في العملية السياسية يصعب تجاوزه، خصوصا بعد جملة الانجازات الملموسة على الأرض.

فالرهان الكردي على تكرار ما حدث مع سلفه إبراهيم الجعفري عندما تم عرقلة إعادة تسنمه رئاسة الوزراء لولاية ثانية بات مستبعدا، كون سيناريو الإقصاء لن يكون متاحا في حال حصل المالكي على أغلبية مريحة في مجلس النواب القادم، خصوصا انه سيضمن تلك الأغلبية وفقا للتقديرات المستقبلية في حال استمرار الأمور على ما هي عليه.

وشكلت زيارة المالكي الأخيرة الى إقليم كردستان وما ترتب عليها من تفاهمات وتفاؤل مبدئي في انفراج الأزمة نجاحا يحسب له، وانعطافة مهمة على صعيد ملف الانتخابات البرلمانية القادمة، وتطويق المشاكل بين الطرفين لقطع الطريق على من قد يستغل أجواء الاحتقان السائد في العلاقة بين بغداد و اربيل كورقة ضغط سياسية ضد حزب الدعوة.

الأبرز في الأمر برمته إن المالكي أصبح أكثر قدرة من أي وقت سابق بفرض أجندته على مختلف التيارات والأحزاب السياسية بشكل صريح ومباشر، دون مراعاة سيرة وتاريخ رفاق دربه القدامى والجهات الإقليمية التي تقف ورائها، في محاولة لدفع بعض الحركات والأحزاب التي قد تمثل عبئا الى خارج الائتلاف القادم، باعتبارها وحسب تقديرات قادة حزب الدعوة تعيق سعيه في الانفتاح على بعض الأطراف السياسية الأخرى التي يأمل في انضمامها الى تشكيله الجديد بأقل نسبة من التضحيات.

الى جانب ذلك يحاول حزب الدعوة بإخضاع من ينضم الى الائتلاف القادم بدعم قرارات المالكي والالتزام بعدم خروجه من خيمته بعد دخوله للبرلمان، يقول على العلاق القيادي في حزب الدعوة والمقرب من المالكي: "هناك حديث على طاولة المكونات الائتلافية بشأن آليات عمل الائتلاف وضوابط الانضمام إليه والخروج منه والضريبة التي يدفعها من يدخل ويحوز على مقاعد ثم يخرج من الائتلاف ما سيعرض التشكيل الجديد الى هزات سياسية كما حدث في المرحلة السابقة".

ويرى العلاق أيضا، إن الائتلاف لا يحتاج الى رئاسة أو الى رئيس بل أن تكون له قيادة جماعية ولجان تدير عمله ولا مبرر لوجود الرئيس، في إشارة الى إقصاء المجلس الأعلى من قيادة الائتلاف القادم في حال تأسيسه.

من بعيد يترقب الجانب الأمريكي بصمت مخاض الأوضاع الحالية وهو شبه راض عن ما يحاول رئيس الوزراء العراقي تحقيقه، فيما كان لزيارات بعض الشخصيات العسكرية ذات المعيار الثقيل الى كل من اربيل وبغداد إشارة الى إن الملف العراقي بات يحضى باهتمام اقل قدرا من جانب وزارة الخارجية الأمريكية بعد إيكال معظم الأمور العالقة الى الكونغرس، املآ إلا تطرأ مستجدات مقلقة على الأوضاع الأمنية، لتهيئة الظروف الملائمة للتعجيل بسحب قطعاته المجهدة من العراق. 

فيما لا تخفي بعض الأوساط الأمريكية خشيتها من تحول عنيف على المشهد السياسي والأمني العراقي في حال استمر المالكي هذا المنوال، فالأيام القليلة القادمة التي سوف تسبق الانتخابات قد تفرز معطيات مقلقة لمختلف الأطراف وخصوصا حزب الدعوة الإسلامية الرامي الى مسك العصا من المنتصف لتسيير قافلة العملية السياسية بأكبر قدر ممكن من الهدوء والمكتسبات.

الائتلاف الوطني العراقي

وبحسب الامين التنفيذي للائتلاف النائب محمد ناجي، فان الكتلة الجديدة تضم(المجلس الاعلى الاسلامي ومنظمة بدر والتيار الصدري والاصلاح الوطني (برئاسة الدكتور ابراهيم الجعفري) وكتلة التضامن والمؤتمر الوطني (برئاسة الدكتور احمد الجلبي) وحزب الدعوة تنظيم العراق(عبد الكريم العنزي)، اضافة الى تجمعات حميد الهايس(الانبار) والشيخ خالد الملا(البصرة) وخليل الجربا(الموصل)، وخالد المرزة(مسيحي)، فضلا عن تجمعات سياسية تركمانية وكرد فيلية، وشخصيات نسوية وعشائرية واكاديمية. بحسب جريدة الصباح.

وكشف ناجي وجود حوارات مازالت جارية مع حزب الدعوة الاسلامية (برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي) للدخول في الائتلاف الجديد، لافتا الى "انه حتى في حال اعلان الائتلاف صباح اليوم، الا ان ابواب الانضمام للكتلة تبقى مفتوحة للجميع ممن يؤمنون بالبرنامج السياسي الوطني".

واوضح الامين العام التنفيذي للائتلاف ان البرنامج السياسي للائتلاف يتضمن اكثر من 24 مبدأ اتفقت هذه القوى عليه، منوها بان ابرز محاور البرنامج هي: "التأكيد على وحدة وسلامة العراق، والحوار مع جميع الخيرين والوطنيين، وحسن الجوار والعلاقات المتوازنة مع دول الاقليم، اضافة الى الاستناد الى الدستور واحترام ارادة وخيارات الاخرين والتشديد على حقوق المواطنة باعتبارها حقاً لجميع العراقيين، فضلا عن الاهتمام بالشباب والمرأة ووضع برنامج اقتصادي واضح المعالم وضرورة الارتقاء بملف الخدمات المقدمة للمواطنين".

وكان بيان صادر عن المجلس الاعلى الاسلامي اكد ان الاعلان عن الائتلاف الجديد سيتم في موعده المقرر صباح يوم الاثنين من هذا الاسبوع.

وذكر البيان ان "الشيخ همام حمودي ممثل زعيم الائتلاف العراقي الموحد سماحة السيد عبد العزيز الحكيم ترأس اجتماعاً للائتلاف، جرى خلاله وضع اللمسات الاخيرة على اعلانِ الائتلاف الوطني العراقي".

يشار الى ان اللجنة التحضيرية للائتلاف العراقي الوطني، وهو الاسم الجديد للائتلاف العراقي الموحد، قررت ان يكون الاعلان عن الائتلاف الجديد في الرابع والعشرين من الشهر الحالي(اليوم)، بعد ان تم تأجيل الاعلان مرتين لاعطاء المزيد من الوقت للتباحث بين أطرافه.

وكانت الكتل السياسية اتفقت على تشكيل لجنتين، الاولى للتحرك على الطيف السياسي الوطني من اجل الانضمام الى الائتلاف، والثانية لوضع آلية تشكيل القوائم.  

في غضون ذلك، اعلن التيار الصدري رسميا اشتراكه في تشكيل الائتلاف الوطني الجديد.

وذكر المتحدث الرسمي باسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي في تصريح صحفي، ان "التيار الصدري وبقية الاحزاب والحركات العراقية، قامت بتأسيس وتشكيل الائتلاف الوطني الذي يختلف عن الائتلاف السابق شكلا ومضمونا، وله برنامج عمل واضح"، مشيرا الى ان "التيار وافق على المشاركة بالتأسيس الجديد بعد ان تمت الاستجابة لمطالب السيد مقتدى الصدر التي أكدت على ضرورة ان يكون الائتلاف الجديد وطنيا وليس طائفيا وله برنامج عمل محدد”.

من جانبه اكد المتحدث باسم كتلة التضامن في الائتلاف العراقي الموحد النائب قاسم داود ان الكتل السياسية اتفقت خلال اجتماع عقد مؤخرا ان يكون يوم الاثنين موعدا للاعلان عن الائتلاف الوطني العراقي الموحد.

وقال: ان "الباب سيبقى مفتوحا لجميع القوى التي تؤمن بالمشروع الوطني والعملية السياسية"، مبينا ان "اتفاقا بين معظم مكونات الائتلاف على ان يكون هناك وجه اخر للائتلاف يعتمد على مبدأ الكفاءة وليس الولاء، وان بناء الدولة سيكون من اولوياته".

بدوره، قال عباس البياتي النائب عن الائتلاف العراقي الموحد: ان "هناك خلافات في وجهة النظر بين مكونات الائتلاف بشأن سعته للكيانات السياسية الاخرى".

واضاف البياتي ان "الائتلاف دخل مرحلة الحوارات الثنائية بعد الاجتماعات التي عقدتها اللجنة التحضيرية"، لافتا الى انه، "اصبح واضحا لدى كل جهة ماذا تريد واي ائتلاف تدخل اليه، وسيتم تحديد المسار الجديد بين المضي في هذا الائتلاف او اتخاذ موقف اخر".

اما النائب عن كتلة الفضيلة الاسلامية جابر خليفة جابر فقال: ان "موضوع انضمام حزب الفضيلة الاسلامي الى الائتلاف العراقي الموحد امر سابق لاوانه".

ونوه جابر في تصريح نقلته وكالة نينا للانباء، ان "حزب الفضيلة في الوقت الحاضر لايجري مفاوضات مع الائتلاف العراقي الموحد، وانه ومنذ اعلان ائتلاف عراق النزاهة والتنمية، لم يكن يريد اجراء مفاوضات مع اية جهة اخرى.

قانون الانتخابات و التحالفات

في سياق الحراك الانتخابي والتحالفات الاخرى ذكرت النائبة عن القائمة العراقية عالية نصيف، أن هناك مباحثات بمراحل متقدمة مع شخصيات أو أطراف سياسية لعقد ائتلافات جديدة، مبينة أن قانون الانتخابات سيكون الفيصل في التحالفات الجديدة.

وأضافت النائبة نصيف أن القائمة العراقية أجرت العديد من الحوارات مع العديد من الأطراف منها ما برز بعد انتخابات مجالس المحافظات بداية العام الجاري والآخر من داخل العملية  السياسية، مشيرة إلى أن الأيام المقبلة  “ستشهد الإعلان عن تحالفاتنا الجديدة”.

وأوضحت أن “لدينا مفاوضات جدية وصلت لمراحل متقدمة مع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وقائمة الحوار الوطني التي يترأسها صالح الملطك وحزب الفضيلة والتيار الصدري”، وتابعت “كما أن لدينا حوارات مع من هم خارج العملية السياسية ومع ائتلافات شكلت حديثا لم يتم الإعلان عنها بعد”. بحسب اصوات العراق.

يذكر أن الساحة السياسية تشهد حراكا محموما لتشكيل تحالفات جديدة استعدادا لخوض الانتخابات النيابية  المقبلة التي  من المقرر أن تجري بداية العام المقبل.

وذكرت نصيف أن أغلب التحالفات “لم تعلن عن نفسها بانتظار تشريع قانون الانتخابات”، منوهة إلى أن النظام الانتخابي “سيكون الفيصل في كثير من التحالفات لأن طبيعته ستحدد التحالفات الجديدة”.

من جهته قال عضو مجلس النواب العراقي وائل عبد اللطيف، إنه مازال في دور المراقب للعملية السياسية على الرغم من تلقيه “الكثير” من الدعوات من أغلب الكتل السياسية للانضمام اليها، مشيرا إلى أنه ومن خرج من القائمة العراقية سيعملون ككتلة واحدة لما تبقى من الدورة الحالية لمجلس النواب.

وأوضح عبد اللطيف “أنا الآن أقف على التل لأراقب العملية السياسية، على الرغم من أن هناك حوارات مع التيار الليبرالي الديمقراطي التي لم تسفر عن شيء لحد الآن”، مستدركا بالقول إن “هذا التيار لم يزل ضعيفا لسببين أولهما الصراع على زعامته وثانيهما غياب الدعم أو التمويل”.

وأضاف “تلقيت الكثير من الدعوات من عدة كتل ولكني لم أزل أعمل مع زملائي الذين خرجوا من القائمة العراقية، وسنعمل ككتلة واحدة لما تبقى من عمر هذه الدورة للبرلمان”. لافتا إلى أن هذه الكتلة “ممكن أن تتحول مستقبلا إلى جبهة أو ائتلاف تضم الكثير من أصحاب المشروع الوطني”.

وأعلن مؤخرا عدة نواب خروجهم عن القائمة العراقية وهم مهدي الحافظ عزت الشابندر وأياد جمال الدين والشيخ خير الله البصري.

وحول مدى تأثير التفجيرات الأخيرة على حكومة المالكي، قال عبد اللطيف إن “حصيلة تفجيرات العاصمة وبابل، الأربعاء والخميس الماضيين، هي ضعف وخلل، وتدل دلالة مؤكدة على أنه ليس هناك أي ترابط بين القوى الامنية، ولا وحدة معلومات في مجلس الأمن الوطني الذي يضم وزارة الأمن والمخابرات والاستخبارات والداخلية وغيرها”.

وأضاف “أتمنى صادقا من رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير الخارجية أن يعملا على عقد جلسة علنية للمحكمة الجنائية لأن هناك خروقات علنية وتقصير مؤكد، وورود أسماء دول وشخصيات وأحزاب وكتل متورطة في ذلك الأمر الذي يدعو لذلك وعلى وجه السرعة” مشددا “وإذا لم يجري العمل على ذلك سيستمر نزيف دماء العراقيين”.

وعن اتجاه الاستقطابات السياسية في الحراك الحالي، وهل هي تبتعد عن المشروع الطائفي وتتجه للمشروع الوطني رأى عبد اللطيف أن “الاستقطابات الحالية وبفعل عمليات التكريس الطائفي التي تصاعدت مع التفجيرات الأخيرة تتجه بالعودة إلى نقطة الصفر، أو الرجوع إلى المشروع الطائفي”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/آب/2009 - 4/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م