الغرب والمسلمین: مؤشرات الإندماج وتناقضات المعايير

الحجاب والاسلاموفوبيا التحدي الاكبر للاندماج في المجتمعات الغربية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما كشفَ استطلاع للرأي ان المغاربة المقيمين في اوربا يظهرون تمسكا كبيرا بالعلاقات الاجتماعية والثقافية مع بلدهم المغرب ونظرة ايجابية اجمالا للغربيين، رفضت الحكومة الألمانية من جهة اخرى الاتهامات بأنها تتسامح مع كراهية الاجانب والآراء المعادية للإسلام بعد أن أثار مقتل امرأة مصرية (حامل) وجرح زوجها في قاعة محكمة في دريسدن الغضب في عدة دول إسلامية.

وفي سياق الهجمة ذاتها التي تستهدف الحجاب الاسلامي في الغرب أثارَ مشروع قانون جديد في ولاية اوريغون الامريكية يهدف الى مَنع المدرّسات من ارتداء لباس ديني مثل الحجاب، معارضة منظمة مهمة للدفاع عن المسلمين.

وأشار الاستطلاع الذي اجراه معهد استطلاعات الرأي العام والتسويق (بي في آ) بطلب من المجلس الاعلى للجالية المغربية في الخارج الى "رغبة واضحة (..) في الاندماج المستدام في بلدان الاستقبال".

واجري الاستطلاع بين آذار/مارس ونيسان/ابريل الماضيين على عينة من 2819 مغربيا تتراوح اعمارهم بين 18 و65 عاما يعيشون في المانيا وبلجيكا واسبانيا وفرنسا وايطاليا وهولندا.

وكشف الاستطلاع "بعض الانتقادات والمطالب" تجاه المغرب خصوصا فيما يتعلق بحقوق الانسان وخصوصا المرأة. بحسب فرانس برس.

واعتبرت 36 بالمئة من النساء ان الحقوق التي تتمتع بها المغربيات المقيمات في المغرب "غير كافية".

وبدت صورة المغرب "جيدة جدا" في معظم البلدان الاوروبية من خلال الاستطلاع بيد ان صورة "المغاربة في البلدان التي يقيمون فيها تبدو اسوأ".

وبين المغاربة المقيمين بالخارج اظهر الاستطلاع ان المقيمين في فرنسا "هم الذين يبدون تعلقا اكبر بالابقاء على روابط مع الاشخاص من الاصول ذاتها واكبر قدر من الاندماج مع المجتمع المحلي".

وبينت الدراسة ان المغاربة المقيمين في فرنسا هم الاشد اهتماما بالتطورات السياسية (67 بالمئة). كما ان المغرب يحظى بافضل انطباع في فرنسا (92 بالمئة) في حين تعد المانيا بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، البلد الذي يملك فيه المغاربة الصورة الاقل سوءا. واعلن 47 بالمئة من المستجوبين انهم يرتادون المسجد بانتظام.

وتسجل فرنسا "اضعف نسبة ارتياد لاماكن العبادة" (40 بالمئة) مقابل اعلى نسبة في اسبانيا (55 بالمئة). ويذهب 62 بالمئة من الرجال و29 بالمئة من النساء بانتظام الى المسجد.

واجمالا اظهر الاستطلاع ان اللهجة العربية المحلية والبربرية تتعايشان مع لغة بلد الاقامة غير ان "الناطقين بالبربرية يستخدمون لغة البلاد اكثر في المنزل".

وتعقد غالبية الزيجات بين افراد الجالية المغربية (88 بالمئة) بينما ابناء الجيل الثاني للهجرة هم الاكثر اقبالا على الزواج من اشخاص ليسوا من اصل مغربي.

وبينت الدراسة ان المغاربة المقيمين في الخارج "هم من الاقل حظا اجتماعيا". وتوجد اكبر نسبة بطالة بينهم في اسبانيا (61 بالمئة) ثم ايطاليا (41 بالمئة) وهولندا (38 بالمئة).

ويزور سبعة من عشرة مغاربة المغرب "على الاقل مرة واحدة في السنة" غير ان هذه الرحلة "لا تبدو مريحة البتة". ويشير هؤلاء الى معاناتهم من صعوبات ادارية وفساد في بلادهم.

وتبلغ نسبة المغاربة المقيمين في الخارج 12 بالمئة من اجمالي المغاربة اي نحو اربعة ملايين شخص.

وبحسب محمد عامر الوزير المنتدب المكلف الجالية المغربية المقيمة بالخارج فان اكبر عدد من المغاربة في الخارج يوجد في فرنسا (نحو 1,2 مليون شخص) تليها اسبانيا (800 الف شخص) فايطاليا (550 الف شخص).

المانيا ترفض اتهامها بمعاداة الإسلام بعد مقتل مروة الشربيني

وفي المانيا رفضت الحكومة الاتهامات بانها تتسامح مع كراهية الاجانب والاراء المعادية للإسلام بعد ان اثار مقتل امرأة مصرية في قاعة محكمة في دريسدن الغضب في عدة دول إسلامية.

وادى مقتل مروة الشربيني (31 عاما) طعنا وهي حامل وام لطفل في الثالثة على يدي الماني من اصل روسي يشتبه في انه متطرف يميني الى احتجاجات حاشدة في جنازتها في الاسكندرية مؤخرا. بحسب رويترز.

وقالت جماعات للمسلمين في المانيا إن معاداة الإسلام متفشية واتهم الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد البلاد بازدواج المعايير بشأن حقوق الانسان وقال انها يتعين ان تواجه ادانة من الامم المتحدة.

غير ان متحدثا باسم الحكومة الالمانية سعى لتخفيف حدة التوتر الذي اثار مخاوف بشأن امكان اندلاع موجة من العنف مماثلة لما حدث بعد نشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد في الدنمرك قال ان المانيا ليس بها مناخ يتسامح مع وجهات النظر العنصرية.

وقال أولريخ فلهلم المتحدث باسم المستشارة انجيلا ميركل في مؤتمر صحفي دوري "أوضح جميع ممثلي الحكومة في الايام القليلة الماضية بجلاء أنه لا مجال في ألمانيا لكراهية الاجانب أو العداء للاسلام."

وتابع "نحن ندين مثل تلك الحوادث كلما وقعت" مضيفا انه لاحظ تعليقات احمدي نجاد ويرفض اي اشارة الى ان قصورا سياسيا ادى الى الحادث.

ووقع الحادث في المحكمة حيث كان المهاجم الذي ذكرت وسائل الاعلام الالمانية أن اسمه "أليكس في" يستأنف حكما بادانته لسبه مروة الشربيني ووصفه لها بانها "إسلامية" و"إرهابية" و"عاهرة" عندما طلبت منه ان يفسح مكانا لابنها كي يلعب على ارجوحة في ملعب للاطفال.

كذلك طعن القاتل زوج الشربيني وزاد الامر سوءا على سوء ان الشرطة الالمانية اطلقت الرصاص على ساق الزوج ظنا منها أنه المهاجم.

وفي الاسكندرية قال والد الشربيني لصحيفة بيلد الالمانية انه يريد ان يواجه القاتل عقوبة الاعدام وشكا من ان السلطات الالمانية لم تبلغه بوفاة ابنته على وجه السرعة.

الجدل حول حظر النقاب في فرنسا يكشف عن تناقضات

وفي أسبوع الموضة في باريس وبعد عرض للأزياء القصيرة القرنفلية والبنفسجية اللون في شقة أنيقة قرب القصر الرئاسي يدفع رجل حاملا مُعلق عليه نوع مختلف تماما من التصميمات.. العباءات السوداء.

تلك العباءات التي ترتدى عادة مع الحجاب من أعمال مصمم الأزياء ادم جونز الذي يتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا له وأنتجها خصيصا مستهدفا السوق السعودية.

وفيما تبحث فرنسا حظر النقاب والبرقع حيث قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انهما غير مرحب بهما قد يكون مستغربا أن تصبح البلاد من كبار مصدري العباءات لمشاهير مصممي الازياء. لكن هذا ليس سوى واحد من تناقضات كثيرة كشفها أحدث صدام بين العلمانية والدين في الدولة التي توجد بها أكبر جالية مسلمة في اوروبا.

ويقول مصمم الازياء ستيفان رولان الذي صنع الكثير من العباءات لعملاء من الشرق الاوسط لرويترز في الكواليس عقب عرض لازيائه الذي أقيم في باريس "اذا قال لي أحد (صمم لي عباءة) فلم لا. أنا فخور بهذا. انه مجرد لباس."

ولدى سؤاله عن الجدل الاوسع نطاقا بشأن ما اذا كان الحجاب علامة على التبعية ويجب حظره بدا أقل ثقة.

وقال "لا أريد الحديث عن الدين فهذا موضوع آخر. لكنني لا أريد أن أغطي المرأة. وا أسفاه. لا أريد التفكير في هذا."

وفي حين يتودد المصممون الفرنسيون للعميلات السعوديات في صالات العرض فان الصورة على الجانب الاخر من البلدة في حي بيلفيل الذي تسكنه الطبقة العاملة تبدو مختلفة تماما.

وتقول اكرام الصالحي (20 عاما) وهي طالبة كانت تقف خارج متجر (زينة بريه ابورتيه) الذي يبيع أوشحة الحجاب والسترات الطويلة والعباءات "اذا ارتديت الحجاب تتعرض للإهانة والهجوم طوال الوقت وتوصفين بالارهابية."

وترتدي الصالحي حجابا بني اللون لكنها لا ترتدي نقابا. وتود لو تستطيع ارتداء النقاب لكن ارتداءه محظور في الكلية التي تدرس بها. وقد غيرت مجال دراستها المفضل وهو التمريض واتجهت لدراسة اللغات وعلم الاجتماع لان الممرضات لا يسمح لهن بارتداء الحجاب.

كانت الصالحي قد قررت ارتداء الحجاب قبل ثلاث سنوات بينما اتخذت ايتشاتو درامي التي ترتدي حجابا ابيض هذا القرار قبل أسبوعين فحسب. وعارضت أسرتاهما حجابهما خوفا من أن يعرضهما للمتاعب.

وترى الكثير من الناشطات في مجال حقوق المرأة - ليس في الغرب فحسب - أن الحجاب تعبير عن أيديولوجية آخذة في الانتشار تريد إخفاء النساء وإسكاتهن وإلغاء سنوات من النضال من أجل حقوق المرأة.

مشروع قانون لمنع المدرّسات من ارتداء الحجاب في ولاية اميركية

وفي سياق الهجمة ذاتها التي تستهدف الحجاب الاسلامي في الغرب أثارَ مشروع قانون في ولاية اوريغون الامريكية، يهدف الى منع المدرسات من ارتداء لباس ديني مثل الحجاب، معارضة منظمة مهمة للدفاع عن المسلمين.

وقال ابراهيم هوبر المتحدث باسم مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية في اشارة الى مشروع القانون ان "هذا التشريع يجبر المسلمين واليهود والسيخ وآخرين على الاختيار بين ايمانهم ومهنتهم".واضاف ان "ارتداء الحجاب لا يعني القيام بالتبشير وممارسة (الفرد) لدينه حق يضمنه الدستور".وتابع ان مشروع القانون يؤكد انه "على كل مدرس في مدرسة عمومية ان يمتنع عن ارتداء لباس ديني اثناء اداء مهامه".

وتساءلت المنظمة ما اذا كان هذا القانون سيطبق على الصلبان المسيحية ونجمة داود اليهودية وما اذا كان سيطال "امراة مسلمة لا ترتدي الحجاب عادة غير انها اضطرت لذلك اثر خضوعها لعلاج كيميائي افقدها شعرها".

وتساءل هوبر "هل ينبغي (على هذه المراة) الخضوع لعملية تفتيش لمعرفة ما اذا كانت تحمل رسالة دينية ام لا؟".

كما اشار الى ان مشروع القانون في ولاية اوريغون يتناقض مع راي الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي كان صرح في خطابه الشهر الماضي في مصر ان "الحرية في اميركا لا يمكن فصلها عن ممارسة الحرية الدينية".

وكان اوباما صرح في خطاب وجهه الى العالم الاسلامي من جامعة القاهرة في 4 حزيران/يونيو ان "الحكومة الاميركية ذهبت لهذا السبب الى المحاكم لحماية حق النساء في ارتداء الحجاب ومعاقبة الذين يمنعوهن من ذلك".

وفي خبر من أستراليا، كتبت القدس العربي تحت عنوان "أستراليا: منع مسلمة من الصعود إلى باص بسبب النقاب" تقول:"أثارت امرأة مسلمة استرالية جدلا بعدما قالت ان سائق حافلة في سيدني طلب منها عدم الصعود إلى الباص لأنها كانت ترتدي النقاب.. وقالت المرأة وهي أم لولدين إن السائق قال لها إنه من غير المسموح أن تضع النقاب الذي يغطي شعرها والقسم الأسفل من وجهها، ثم تمكنت من أن تستقل الباص بعد نقاش محتدم. وتابعت: "وقالت لصحيفة 'ديلي تلغراف' في عددها الصادر الجمعة 'حين هممت بالصعود إلى الباص قال لي السائق 'لا يمكنك أن تستقلي الباص وأن تضعي القناع.' وحين شرحت له الطابع الديني للنقاب قال لها السائق 'أعتذر، ذلك هو القانون. وأضافت 'قلت له إن ذلك ليس القانون' فرد 'يجب أن تكشفي عن وجهك'، حينئذ قالت له إن ليس هناك فرق بينها وبين سيدة كانت تجلس في الباص اختارت ألا تضع النقاب.. وأعلنت شركة الباصات 'هيلزباص' أنه يجري التحقيق مع السائق حول هذه المزاعم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آب/2009 - 3/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م