الباکستانيون بين المتاجرة بأعضائهم وأولادهم وصعوبة العيش وسط العنف والفوضى

 

شبكة النبأ: وضعت ظاهرة الغلاء وسوء الأحوال الاقتصادية بباكستان، المواطنين بين خيارين غاية في الصعوبة لسد نفقاتهم المتزايدة، وهما إما بيع أحد أعضائهم الجسدية، مثل الكلية، أو اللجوء إلى التجارة بأولادهم!، رغم منع قوانين البلاد لمثل هذا النوع من الصفقات.

من جهة اخرى وفي اطار استمرار موجات العنف تشهد اسعار رشاشات الكلاشنيكوف، البندقية المفضلة لدى عناصر الميليشيات في العالم اجمع، ارتفاعا جنونيا في شمال غرب باكستان حيث ادى تدهور الاوضاع الامنية واشتداد حدة المعارك بين الجيش والمتمردين الى ظهور مجموعات مسلحة من كل حدب وصوب.

وفي مقابلة مع مراسل CNN، نيك روبرتسون، ذكر محمد إقبال، باكستاني ريفي، أنه مضطر لأن يسدد ديونه لصاحب بيته وإلا ستتشرد عائلته، بحيث لم يبق أمامه من خيار، إما أن يبيع أحد أولاده أو كليته.

وذكر إقبال، البالغ من العمر 53 سنة، أن بيع أحد أطفاله أمر غير ممكن، مما دفعه إلى إجراء فحوص للتأكد من صلاحية كليته للبيع، والتي يتراوح سعرها، بحسب السوق، ما بين 1100 و1600 دولار فقط!.

من جهته قال روبرتسون إن "المذهل في الأمر أنه رغم أن القانون الباكستاني الصادر عام 2007 يحظر مثل هذه المعاملات، إلا أن محمد تمكن من رؤية مجموعة من الأطباء للاطمئنان على حالة كليته، الذين لم يبخلوا عليه بنصائحهم، وهو أمر قانوني تماماً، ولكنه بالمقابل ينوي بيع كليته خلال الأيام القليلة المقبلة مقابل مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و150 ألف روبية باكستانية، وهو أمر مخالف للقانون بالكامل."

وبيّن روبرتسون أن هناك العديد من الحالات المشابهة لإقبال، وذكر منها حالة راب نواز، الذي غرق في ديونه بعد أن اقترض أموالاً من صاحب منزله لعلاج أولاده الستة وزوجته، مما قاده إلى نفس الخيار مع إضافة واحدة: إما بيع أحد الأولاد، أو بيع الزوجة، أو بيع الكلية.

وقال نواز لمراسل CNN: "كنت عاجزاً تماماً، هل علي أن أبيع زوجتي؟.. أو أولادي؟.. لذا كان من الأفضل أن أبيع كليتي، لأنه كان علي أن أسدد قروضي."

وذكر نواز، الذي تبرز آثار جرح غائر في بطنه، إثر عملية إزالة الكلية، أنه لم يعد قادراً على العمل كما كان في السابق، لأنه أصبح أضعف من أن يتحمل مشاق العمل في الزراعة.

وأفاد نواز بأنه كان قد أجرى العملية في مركز متخصص بالقرب من قريته، وعندما طلبت CNN منه الإتيان بالوثائق التي تثبت أقواله، عجز عن ذلك لأن المركز كان قد أتلف جميع الوثائق المتعلقة بعملية بيع كليته.

اسعار الكلاشنيكوف تحلّق في غرب باكستان

من جهة اخرى وفي اطار استمرار موجات العنف تشهد اسعار رشاشات الكلاشنيكوف، البندقية المفضلة لدى عناصر الميليشيات في العالم اجمع، ارتفاعا جنونيا في شمال غرب باكستان حيث ادى تدهور الاوضاع الامنية واشتداد حدة المعارك بين الجيش والمتمردين الى ظهور مجموعات مسلحة من كل حدب وصوب.

وتمتاز بندقية "ايه كي 47" المعروفة باسم الكلاشنيكوف او "كلش" بحسب التسمية المختصرة المتعارف عليها بين المقاتلين، بسهولة استخدامها وامانتها ومتانتها، ما يجعل الطلب عليها متزايدا في المعارك المتلاحمة، كتلك الدائرة حاليا في شمال غرب باكستان بين الجيش ومتمردي حركة طالبان او بين القبائل في ما بينها.

وفي غضون عام واحد تضاعف سعر هذه البندقية خمسة اضعاف في بيشاور، عاصمة محافظة الحدود الشمالية الغربية، وكذلك في "دارة آدم خيل"، المنطقة النائية في المناطق القبلية الباكستانية الحدودية مع افغانستان والتي تعتبر بحق احد اكبر اسواق السلاح في آسيا، كونها تضم مئات المشاغل والمتاجر المتخصصة في صنع الاسلحة وبيعها. بحسب فرانس برس.

ويقول قلندر شاه وهو صاحب مشغل لصنع السلاح في دارة آدم خيل لوكالة فرانس برس ان هذا التضخم في اسعار الكلاشنيكوف "مرده بشكل رئيسي وضع الحرب" الذي تشهده المنطقة، وكذلك ايضا "الطلبنة التي ادت الى ارتفاع الطلب على السلاح بشكل كبير".

اما حبيب خان تاجر الاسلحة في بيشاور فيقول لفرانس برس ان "حركة طالبان بحاجة الى هذا السلاح للقتال، والقبائل بحاجة اليه للدفاع عن نفسها في مواجهة طالبان".

وعندما وصل عملاء الاستخبارات الاميركية الى بيشاور قبل 25 عاما، في خضم الحرب الباردة، لم يهتموا ابدا باكلاف تسليح "المجاهدين" الذين كانوا في حينه يخوضون حربا ضارية ضد السوفيات في افغانستان المجاورة.

وهذه البندقية اخترعها في اربعينيات القرن الفائت خبير الاسلحة الروسي ميخائيل كلاشنيكوف، وانتشرت مذاك في السوق الباكستانية حتى اغرقته.

وفي نهاية 2001 عندما اطاحت قوات التحالف الدولي التي قادتها الولايات المتحدة بنظام طالبان في افغانستان، لجأ مقاتلو طالبان وحلفاؤهم من تنظيم القاعدة، بالمئات، الى باكستان، حيث اعادوا رص صفوفهم. وتزايدت اعدادهم هناك بشكل كبير وكذلك نفوذهم ما دفع الجيش الباكستاني خلال الاعوام القليلة الماضية الى شن هجمات متتالية عليهم في شمال غرب البلاد.

ومنذ 2002 قتل حوالى 2000 عسكري من القوات الباكستانية في معارك مع المتمردين المناهضين للتحالف الاستراتيجي القائم بين اسلام اباد وواشنطن في "الحرب على الارهاب".

ويقول قلندر شاه ان "الاسعار حلقت في غضون عام واحد، واذا استمرت المعارك فهي ستحلق اكثر فاكثر".

وفي دارة آدم خيل وصل سعر قطعة الكلاشنيكوف الالمانية، الاغلى على الاطلاق بين نظيراتها، 125 الف روبية (1072 يورو)، اما الكلاشنيكوف الصيني فيباع بمئة الف روبية (858 يورو)، في حين ان سعره كان حتى فترة وجيزة يتراوح بين 25 الفا و35 الف روبية (214 الى 300 يورو)، بحسب قلندر شاه.

انقاذ صبية دُرّبوا ليصبحوا انتحاريين

وفي نفس السياق قال مسؤولون ان قوات الأمن الباكستانية التي تحارب مقاتلي طالبان في وادي سوات والمناطق المحيطة به أنقذت قرابة 12 صبيا تم غسل أدمغتهم ليصبحوا انتحاريين.

وقال ضابط كبير في الأمن بالاقليم الحدودي الشمالي الغربي انه عثر على تسعة صبية خلال مداهمات بينما استسلم اثنان اخران طواعية. وأشار قيادي في الجيش في سوات الى عائلات سلمت المزيد من الصبية.

وقال بشير بيلور وهو وزير في الحكومة الاقليمية لرويترز "تعرضوا لغسيل أدمغة لدرجة أنهم يصفون اباءهم وأمهاتهم بالكفار."

وقال بيلور ان الصبية شاهدوا أفلاما حول قمع المسلمين في الاراضي الفلسطينية والشطر الهندي من اقليم كشمير وتلقوا تعاليم دينية مزعومة لاقناعهم بانهم سيدخلون الجنة لو قتلوا أعداء الاسلام.

وقال البريجادير طاهر حميد وهو ضابط يقود العمليات العسكرية في مينجورا البلدة الرئيسية في سوات ان طالبان أجبرت العديد من العائلات على السماح لها بأخذ أبنائها.

وقال ان بعض الصبية عادوا الى ابائهم وأمهاتهم الذين سلموهم بدوهم الى السلطات بسبب تعرض أدمغتهم للغسيل. وتبحث الحكومة سبل اعادة تأهيل الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة و18 عاما.

وتعلن طالبان بانتظام مسؤوليتها عن الهجمات الانتحارية التي ينفذها صبية في باكستان وأفغانستان. وعرضت قوات الامن الباكستانية على صحفيين غربيين مواقع يقال ان أطفالا يتلقون تدريبات فيها لكن لم يكن هناك تأكيد مستقل لهذا الأمر.

وشن الجيش الباكستاني عملية قبل قرابة ثلاثة أشهر ضد معقل حركة طالبان وذلك بعدما زحف المقاتلون الى وادي بونر المجاور الواقع على بعد مئة كيلومتر فقط شمال غربي العاصمة اسلام اباد.

خطة "طريق النجاة" في وزيرستان هل هي الحل؟

ومرَّ اكثر من شهر منذ أعلنت باكستان خططها بشن هجوم على معقل طالبان في وزيرستان لكن محللين امنيين يشكون في ما اذا كانت اسلام اباد على وشك شن هجوم شامل مثلما يعتقد كثيرون.

ويأمل متفائلون أن تظهر العملية التي أطلق عليها اسم "طريق النجاة" عزم باكستان صد انتشار التشدد الاسلامي في أنحاء الشمال الغربي وما بعده بالتخلص من العدو العلني الاول لباكستان وهو بيت الله محسود.

ويختبيء محسود زعيم حركة طالبان في باكستان وحليف تنظيم القاعدة في المنطقة القبلية بوزيرستان الجنوبية مع ما يقدر بما بين 20 و30 الف مقاتل.

ومنطقة محسود عبارة عن متاهة من التلال المسننة ومجاري الانهار والجداول الجافة مما يجعلها مثالية لحرب العصابات. وسبق أن توجه الجيش الى هذه المنطقة لكنه لم يحقق سوى نجاح محدود. بحسب رويترز.

ونفذت حملة عام 2005 أطلقت عليها مجلة باكستانية اسم "عملية الفشل المستمر" حيث أدت تكتيكات القبضة الحديدية الى تنفير القبائل المتمردة ولحقت بالجيش خسائر كبيرة وانتهى به الامر الى توقيع اتفاقات سلام مع المتشددين.

وسيكون اخلاء وزيرستان اكثر صعوبة من سوات الذي هو واد أوسع يقع في أقصى الشرق حيث يقاتل الجيش منذ اواخر ابريل نيسان ضد عدو يقدر قوام قواته بما لا يزيد عن الفين من المقاتلين الاشداء بعد أن اختفى المجرمون الانتهازيون الذين تجمعوا حول طالبان بسرعة.

بالنسبة للوقت الحالي حرك الجيش بعض القوات الى مواقع اكثر تقدما وسعى الى اغلاق الطرق بينما تشن طائرات حريبة غارات من وقت لاخر وفي بعض الاحيان تقصف المدفعية المتوسطة المدى مواقع للمتشددين على التلال.

وقال البريجادير محمود شاه الضابط المتقاعد والقائد الامني السابق للمناطق القبلية "في الوقت الحالي لا أري اي استعدادات على نطاق كبير تشير الى أن العملية وشيكة."

وأشار ضابط امن بارز لا يزال في الخدمة الى أنه لابد لاي عملية كاملة النطاق ان تنتظر. وأضاف "الاستراتيجية الاساسية هي خنقهم ومواصلة قصف مواقعهم عندما ومتى تتاح معلومات مخابرات."

الجيش الذي لا يزال ينهي العملية في سوات حيث يوجد نحو 20 الف جندي لا يريد أن ينهك اكثر من اللازم او يجازف باثارة عش دبابير في الحزام القبلي.

ويقول رحيم الله يوسفضاي المحلل المرموق المتخصص في المناطق القبلية "الحكومة لا تريد فتح جبهات كثيرة للغاية مع المتشددين وربما يكون هذا هو السبب في تأجيل عملية وزيرستان."

ومن بين القيود الاخرى التي يعاني منها الجيش الاحجام عن سحب قوات من الحدود الشرقية المواجهة للهند والاضطرار لمساعدة حملة امريكية في اقليم هلمند بجنوب افغانستان عبر نشر قوات اضافية في بلوخستان.

ورحلت أسر كثيرة من قبيلة محسود من اراضيها القبلية تحسبا لان يكون المستقبل يحمل الاسوأ. ونقل نور علام محسود أحد افراد القبيلة أسرته الى ديرة اسماعيل خان وهي أقرب مدينة حيث توجد ثكنات للجيش.

وقال "الطائرات العسكرية قصفت اراضينا كثيرا. لهذا فررت الى هنا لانهم اذا قاموا بعملية ستغلق كل الطرق ولن استطيع اخراج أسرتي."

رجال دين باكستانيون يحرِّمون سرقة الكهرباء

من جهة ثانية حصلَ مرفق الكهرباء الباكستاني على فتوى من كبار علماء المسلمين تحرم سرقة الكهرباء والتي يقول المرفق انها تكلفه ملايين الدولارات سنويا.

وقال شركة كراتشي لامدادات الكهرباء انها حصلت على فتوى من 12 من كبار علماء المسلمين الذين اعلنوا ان سرقة الكهرباء اثم.

وقالت المتحدثة باسم الشركة عائشة ايرابي "من المدهش والمزعج ان نجد بعض قطاعات المجتمع لا تعتبر حتى ان سرقة الكهرباء (سرقة) ناهيك عن انها غير اخلاقية وغير قانونية."

وعادة يسرق الاشخاص الكهرباء بتركيب سلك فوق اسلاك الكهرباء ويسحبون الكهرباء دون دفع المقابل. وهناك طريقة اخرى للسرقة وهي ابطاء مقياس الكهرباء.

وقالت المتحدثة "من المهم جدا ان يعرف مثل هؤلاء الاشخاص ان سرقة الكهرباء غير قانونية وغير اخلاقية وليست مقبولة كأي شكل اخر من اشكال السرقة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 23/آب/2009 - 2/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م