
شبكة النبأ: أثار التدهور المفاجئ في
ملف الأمن العراقي مؤخرا الكثير من التساؤلات والاستنتاجات حول حقيقة
الأمور وما سوف يترتب على الأحداث الأخيرة من إجراءات أمنية واستباقية
على الأرض.
فحجم الانفجارات التي عصفت بالعاصمة العراقية بغداد تشير الى إن
اليد الطولى التي تتمتع بها التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية
اكبر من إن تستطيع القوى الأمنية الحد من نشاطاتها في ظل القصور الواضح
والتخبط التي بدت عليه مؤخرا.
اعادة تقييم الاجراءات الامنية
من جهته دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى اعادة تقييم
الاجراءات الامنية في العراق عقب التفجيرين اللذين استهدفا وزارتي
الخارجية والمالية في بغداد الاربعاء واوقعا 95 قتيلا على الاقل.
وقال المالكي في بيان ان "العمليات الاجرامية التي حدثت اليوم
تستدعي بدون ادنى شك اعادة تقييم خططنا والياتنا الامنية لمواجهة
التحديات الارهابية والاحتفاظ بالمبادرة وسحب الظرف الامن للمنظمات
الارهابية". بحسب فرانس برس.
كما دعا رئيس الوزراء الى "زيادة التعاون بين الاجهزة الامنية
وابناء الشعب بجميع مكوناته والوقوف في وجه محاولات التشكيك في قدرة
قواتنا المسلحة التي اثبتت قدرة عالية في التصدي للارهابيين"، من دون
ان يعطي تفاصيل للاجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها لمنع وقوع
اعتداءات اخرى بهذا الحجم.
وقد جعل رئيس الوزراء من تحسن الوضع الامني في العراق هدفه وامر
بازالة الجدران التي تحمي من الانفجارات والعديد من الحواجز التي تعرقل
المرور في شوارع العاصمة العراقية.
وقبل شهرين فقط، ازيلت جدران الحماية الاسمنتية وحاجز من امام وزارة
الخارجية التي استهدفها التفجير.
واكد المالكي "سبقت هذه الجرائم البشعة حملة تشهير وتحريض وتشويه
منظمة قادتها جهات معروفة في محاولة يائسة لارباك العملية السياسية
والتأثير على الانتخابات البرلمانية التي ستجري في مطلع العام المقبل".
واعتبر ان هذه "المواقف هيأت الاجواء للارهابيين لتنفيذ جرائمهم بحق
الابرياء الى جانب فتاوى التكفير التي لم تتوقف يوما عن تأجيج الطائفية".
ودعا المالكي ابرز القادة الامنيين الى اجتماع بهدف اعادة تقييم
الخطط الامنية وسبل مواجهة المجموعات الارهابية.
واورد بيان لمكتبه انه اتخذ قرار باتخاذ تدابير سريعة لضمان الامن
في بغداد بهدف احتواء الخطط الارهابية الرامية الى اشاعة العنف مجددا
قبل الانتخابات التشريعية المقررة في كانون الثاني/يناير.
ودان الامين العام للحلف الاطلسي اندريس فوغ راسموسن الاعتداءين
اللذين وقعا في بغداد ووصفهما بانهما "اعتداءين جبانين وعبثيين".
وقال راسموسن في بيان "باسم الحلف الاطلسي، ادين بشدة الاعتداءات
الارهابية التي وقعت في بغداد".
واضاف راسموسن الذي تسلم مهامه على رأس الحلف الاطلسي مطلع الشهر "هذه
الخسائر البشرية المأسوية وهذه الالام تدل مرة اخرى على الخطر الكبير
الذي يمثله التهديد الارهابي علينا جميعا".
كما دانت اسبانيا "بشدة" الاعتداءات، واورد بيان لوزارة الخارجية
الاسبانية ان "الحكومة الاسبانية تدين بشدة موجة الاعتداءات الارهابية
التي وقعت اليوم في بغداد وتسببت بعدد كبير من القتلى ومئات الجرحى".
وابدت حكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو "تضامنها مع حكومة العراق
وشعبه الصديق ودعمهما في مكافحة الارهاب ومن اجل دولة القانون وتعزيز
المؤسسات الديموقراطية".
ووجهت اسبانيا "تعازيها الى عائلات الضحايا" متمنية "الشفاء العاجل
للجرحى".
ووصف البيت الابيض موجة الهجمات التي شهدتها بغداد وادت الى مقتل 95
شخصا بانها عمل "جنوني"، نفذه متطرفون مصممون على اشاعة الفوضى.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس "هذا الامر يظهر مدى
استعداد المتطرفين للتسبب باضرار عبر اعمال عنف عبثية تصيب المدنيين".
لكنه اكد ان الولايات المتحدة لا تزال عند رايها ان القوات العراقية
كافية لضمان الامن في هذا البلد.
كما صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية لوكالة فرانس برس ان
سلسلة التفجيرات "الماساوية" التي شهدتها بغداد لن تغير خطط الولايات
المتحدة لسحب قواتها من العراق خلال العامين المقبلين.
وقال المتحدث الكولونيل باتريك رايدر ان هذه "التفجيرات مؤسفة
ومفجعة .. ونحن نقدم تعازينا لكل من فقد قريبا او صديقا".
واضاف "لكن فيما بتعلق بتاثير (التفجيرات) على خططنا للانسحاب، فليس
لها اي تاثير".
وقال رايدر ان الهجمات هي "محاولات من جماعات مسلحة لاستغلال
التوترات الطائفية .. ولكن حتى الان لم نرى اية اعمال عنف انتقامية
كالتي رأيناها عامي 2006 و2007".
وقال ان الجيش الاميركي لا يزال يثق في قوات الامن العراقية.
واوضح "بالتاكيد لا تزال هناك تحديات .. لكن قوات الامن تواصل احراز
تقدم .. ونحن واثقون من قدرتها على مواصلة التقدم".
كذلك دان مجلس الامن سلسلة التفجيرات التي وقعت في بغداد كما اعلن
مندوب بريطانيا جون سورز للصحافيين باسم المجلس الذي يترأسه هذا الشهر.
وقال سورز في بيان تلاه نيابه عن اعضاء المجلس ال15 ان "اعضاء مجلس
الامن يدينون باشد العبارات سلسلة الهجمات الارهابية" التي شهدتها
بغداد والتي ادت الى مقتل 95 شخصا على الاقل واصابة نحو 600 اخرين.
كما دانت تركيا الاربعاء سلسلة الهجمات التي هزت العاصمة العراقية
واعربت عن استعدادها لتقديم المساعدة لجارتها الجنوبية.
وجاء في بيان لمكتب الرئيس عبد الله غول ان الرئيس اتصل بنظيره
العراقي جلال طالباني "للاعراب عن حزنه الشديد بسبب الهجمات الارهابية
وتقديم التعازي".
واكد غول ان انقرة مستعدة لمساعدة العراق اذا ما طلب مساعدات مثل
معدات طبية او عاملين طبيين او نقل عدد من الجرحى الى تركيا للعلاج.
القوات العراقية تعترف بأخطائها
من جهته قال اللواء محمد العسكري المتحدث باسم وزارة الدفاع لمجموعة
من المسؤولين العسكريين الامريكيين والعراقيين انه يجب مواجهة الحقائق
والاعتراف بالاخطاء تماما مثل الاحتفال بالانتصارات.
ويعكس تعقيبه تصريحات سابقة للواء قاسم الموسوي المتحدث باسم قوات
الامن في بغداد.
وقال الموسوي لقناة تلفزيون العراقية الحكومية ان هذه العملية تكشف
عن الاهمال وانها خرق أمني تتحمل القوات العراقية معظم المسؤولية عنه.
وكانت الحرب الطائفية التي عصفت بالعراق بعد الغزو الامريكي في عام
2003 قد تراجعت واحتفل العراق باستعادة السيادة في يونيو حزيران عندما
انسحبت القوات الامريكية من المدن.
وقالت الحكومة في وقت سابق هذا الشهر ان معظم الحواجز الواقية من
التفجيرات في المدينة سترفع خلال 40 يوما في علامة على ثقتها في قوات
الامن بعد انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية في يونيو حزيران
وقبل الانتخابات المقررة في يناير كانون الثاني.
لكن هجمات يوم الاربعاء المنسقة على أهداف تتمتع بحماية مكثفة بددت
الشعور المتزايد بالتفاؤل بخصوص استقرار العراق.
وفي أحد الهجمات انفجرت شاحنة ملغومة بكمية كبيرة من المتفجرات قرب
نقطة تفتيش أمنية تؤدي الى المنطقة الخضراء الحصينة فحطمت نوافذ وزارة
الخارجية القريبة وتطايرت الشظايا في المكاتب المزدحمة مما أسفر عن
مقتل العشرات.
وقالت موظفة بوزارة الخارجية ذكرت ان اسمها آسيا "تهشم زجاج نوافذ
وزارة الخارجية وقتل الناس بالداخل ورأيت موظفين بالوزارة وصحفيين
وحراس أمن من بين القتلى."
وكان الانفجار من القوة بحيث أدى الى تحطم بعض نوافذ البرلمان
العراقي في المنطقة الخضراء. ومن الممكن أن تؤدي هذه الهجمات الى تقويض
الثقة في رئيس الوزراء نوري المالكي قبل الانتخابات البرلمانية.
ونادى المالكي في بيان الى مراجعة الخطط الامنية وقال "ان العمليات
الاجرامية التي حدثت اليوم تستدعي بدون ادنى شك اعادة تقييم خططنا
وآلياتنا الامنية لمواجهة التحديات الارهابية والاحتفاظ بالمبادرة وسحب
الظرف الامن للمنظمات الارهابية وزيادة التعاون بين الاجهزة الامنية
وابناء الشعب بجميع مكوناته والوقوف بوجه محاولات التشكيك بقدرة قواتنا
المسلحة التي اثبتت قدرة عالية في التصدي للارهابيين." لكن محللين
ومواطنين عاديين اختلفوا مع هذ الرأي. بحسب رويترز.
وقال حميد فاضل المحلل السياسي في جامعة بغداد ان هذه التفجيرات
مقصود بها أن ترسل رسالة الى العراقيين والعالم مفادها أن المتمردين لا
يزالون موجودين وما زالت لديهم القدرة على عرقلة العملية السياسية.
وخلت شوارع العراق التي تكون مزدحمة عادة من المارة وصب العدد
القليل من الاشخاص الذين كانوا في الخارج غضبهم على قوات الامن
العراقية. وقال هيثم عادل وهو عامل "قوات الامن لا توفر الامن."
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات لكن الموسوي قال ان عضوين من
القاعدة اعتقلا عندما تم اعتراض سيارة ملغومة أخرى. وعرض التلفزيون
العراقي في وقت لاحق لقطات لشاحنة محملة بخزانات المياه المحشوة
بالمتفجرات وتم إبطال مفعولها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ايان كيلي في واشنطن ان
الحوادث المنسقة في السابق تحمل "علامات" القاعدة. وأضاف "لكن ليس لدي
أي معلومات مؤكدة" تشير الى القاعدة.
وأُلقيت المسؤولية على الجماعات الاسلامية السنية عن سلسلة تفجيرات
وقعت في الشهرين الاخيرين في اماكن توجد بها أكثرية شيعية كالمساجد في
العاصمة وفي شمال العراق.
وقالت الشرطة ان انفجار شاحنة ثانية في حي الوزيرية قرب وزارة
المالية أدى الى مقتل 28 شخصا على الاقل وتسبب في دمار واسع. وقال شاهد
عيان لرويترز ان جزءا من جسر يحمل طريقا سريعا قرب المبنى انهار.
وقالت بتول العمري الموظفة في الوزارة "فجأة هز انفجار قوي المبنى
وتطاير الزجاج...وأصيب معظم الموظفين بسبب الزجاج بينما أصيب اخرون
وانا من بينهم بالارتجاج... صحوت والدم يغطي وجهي كله."
واتهم نواب عراقيون وبعض المسؤولين دولا مجاورة من بينها السعودية
وايران وسوريا باشعال العنف في العراق. ويقول محللون ان هذه قد تكون
حيلة لصرف الانتباه عن أوجه القصور الداخلية.
ووقع انفجار آخر في حي الكرادة بوسط بغداد مما فتح الابواب
والنوافذ. وأمكن مشاهدة أعمدة الدخان تتصاعد من عدة مواقع.
وقالت الشرطة ان مبنى الحكومة المحلية لبغداد تعرض لهجوم بقذائف
المورتر وكذلك حي الصالحية بوسط بغداد والذي تقع فيه قواعد للجيش ومحطة
تلفزيون.
وقال حراس مجمع الامم المتحدة في بغداد ان ما يعتقد أنه قذيفة مورتر
واحدة على الاقل سقطت بالقرب من المجمع بالمنطقة الخضراء مما روع موظفي
الامم المتحدة الذين يحيون الذكرى السادسة لتدمير مقرهم السابق في
بغداد بشاحنة ملغومة مما أسفر عن مقتل مبعوث الامم المتحدة سيرجيو
فييرا دي ميلو وآخرين.
وقال الجيش الامريكي انه لم ترده أي تقارير عن هجمات بقذائف
المورتر.
وفي حي البياع بجنوب بغداد أدى انفجار الى مقتل شخصين. |