الأزمة المالية تسبب بإفلاس 71 مصرفاً والأموال العربية تسير نحو أوربا

توقعات بتدهور الإقتصاد الأمريكي بشكل أخطر من السابق

إعداد مركز النبأ الوثائقي*

 

شبكة النبأ: لعبت الأزمة المالية دور كبير في تراجع الإقتصاد العالمي مما أستدعت الحالة أن تتظافر الجهود لتخطيها، وكان نتيجة هذه الأزمة إفلاس العشرات من البنوك العالمية التي أودت بخسارة الكثير من المستثمرين، أما تداعيات هذه الأزمة كانت مختلفة من بلد إلى آخر حيث قالت محللة مالية معنية بمراقبة عمل وصفقات الصناديق السيادية إن الأخيرة بدلت في الفترة الماضية أساليب عملها من خلال البحث عن صفقات تعود بمنافع استراتيجية عوض البحث عن الكسب السريع، وذلك في مسعى من الدول التي تشرف عليها، ومعظمها في منطقة الخليج، لتنويع اقتصادها.

وذكرت فيكتوريا باربري، التي أعدت تقريراً خاصاً عن تلك الصناديق، أن الصفقات الأخيرة تُظهر اهتماماً متزايداً للصناديق السيادية بأوروبا، مقابل تراجع اندفاعتها باتجاه الولايات المتحدة، بانتظار استقرار الأوضاع فيها، متوقعة أن تنصب استثماراتها في الفترة المقبلة على أسواق السلع والمواد الأولية.

وعن الاتجاه الذي تسلكه تلك الصناديق في نشاطها، قالت باربري: أعتقد أن ما نراه الآن هو تعديل في خط استثمارات تلك الصناديق نحو البحث عن صفقات بعيدة عن الربح السريع وأقرب إلى الخيارات الإستراتيجية، ولذلك باعتبار أن الدول التي تتبع لها تبحث عن فرص لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط والغاز. حسب CNN

وأخذت باربري أداء صناديق أبوظبي مثالاً على هذا التوجه، فقالت إن الإمارة التي تشكل جزءاً من دولة الإمارات العربية المتحدة تدرك أنها غير قادرة على مواصلة على الاستمرار في الاعتماد على النفط، لذلك فهي تركز على توظيف الأموال من خلال جهاز أبوظبي للاستثمار وشركة البترول الوطنية وصندوق 'مبادلة' لتنويع اقتصادها.

ولفتت بابري إلى أن هذا التبدل في أداء الصناديق يظهر من خلال التوجه نحو الاستثمار في قطاعات جديدة بعيداً عن القطاع المالي الذي كان دائماً هدفاً أساسياً لها قبل عام 2000.

ورأت باربري أن نشاط الصناديق السيادية في الفترة المقبلة سيظهر بشكل أكبر في مجالات الصناعة والطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة، إلى جانب أسواق السلع والمواد الأولية التي قالت إنها ستكون الهدف الأساسي لهم.

وعن التوزيع الجغرافي للاستثمارات، قال باربري: أعتقد أن اهتمامهم ينصب حالياً على أوروبا، رغم الضجة الكبيرة التي يثيرها الرئيس الفرنسي، نيكولا سالاكوزي حيال ذلك، لأن تلك السوق توفر لهم حالياً فرصاً مجزية للغاية.

وأضافت: لا أظن أنهم يفكرون في استثمارات بأمريكا، بانتظار استقرار أوضاع الأسواق هناك، ويبدو بالمقابل أنهم ينشطون في دول أمريكا الجنوبية، بسبب عودة انتعاش المواد الأولية والسلع.

وذكر التقرير الذي تناول 13 صندوقاً سيادياً عربياً أن المبالغ المستثمرة حالياً من قبل أبوظبي في أصول بصناديق سيادية تصل إلى 282 مليار دولار، مقابل 169 ملياراً للكويت و65 ملياراً لليبيا و58 ملياراً لقطر و14.7 مليار لصندوق مبادلة التابع لأبوظبي و10 مليارات لصندوق ممتلكات البحريني، و 9 مليارات لصندوق دبي للاستثمار وأكثر من مليار دولار لرأس الخيمة.

إفلاس 71 مصرفاً أمريكياً

من جهة أخرى يتواصل تهاوي مصارف الولايات المتحدة، حيث بلغت الحصيلة 71 مصرفاً أعلنوا إفلاسهم خلال الشهور السبعة الماضية، بواقع سبعة مصارف كل شهر.

وأعلنت مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية إغلاق مصرفين بلفوريدا، هما "كميونتي ناشيونال بانك أوف ساراسوتا كاونتي وفيرست إستيت بانك أو سارسوتا"، ليرتفع عدد إجمالي المصارف المفلسة بالولاية إلى ستة.

وأوضحت المؤسسة الفيدرالية أن ستيرنز بانك سيستحوذ على معظم ودائع "فيرست إستيت،" المقدرة بنحو 387 مليون دولار حتى نهاية مايو/ أيار الماضي، كما سيشتري بـ451 مليون دولار معظم أرصدة المصرف المفلس البالغة 463 مليون دولار. حسب CNN

ومن المتوقع أن يستولي ستيرنز بانك كذلك على أرصدة وودائع كميونتي ناشيونال بانك أوف ساراسوتا، وتبلغ 97 مليون دولار و93 مليون دولار، على التوالي.

وترنحت المصارف الأمريكية تحت وطأة ركود اقتصادي طويل وارتفاع متواصل في معدل البطالة، ما كلف القطاع المصرفي خسائر هائل.

وحول ظاهرة تساقط المصارف الأمريكية، أشار خبراء إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الكوارث المالية، هو وجود خليط مابين استخدام طرق تمويل غير آمنة، ومنح قروض لشركات ومؤسسات فاشلة، مبينين أن معظم البنوك التي أفلست كانت قد أقرضت بكثافة للعديد من مطوري العقارات التجارية والسكنية الذين أصابتهم نكسة اقتصادية، وهو الأمر الذي أدى إلى هذه الانهيارات.

وذكر الخبراء أن بعض المصارف، كانت قد أفلست لتعرضها لظروف صعبة خارجة عن إرادتها، مثلما جرى عندما انخفضت أسعار الحليب بدرجة كبيرة مطلع العام الجاري، مما أدى إلى عجز الكثير من منتجي الألبان عن إيفاء ديونهم للبنوك، وهو الأمر الذي أدى إلى إفلاس بنك "غريلي."

وعبّر الخبراء عن خشيتهم من أن تفلس بنوك أخرى، خصوصا وأن أسواق العقارات بالولايات المتحدة وقطاعات الأعمال الصغيرة لا تزال تعاني حتى الآن من أزمات اقتصادية.

تحسن في سوق العمل

و في مؤشر على بدء تعافي الاقتصاد الأمريكي، تباطأت وتيرة انكماش سوق العمل، إذ لم تسجل الأسواق الأمريكية سوى فقدان 247 ألف وظيفة في يوليو/تموز الفائت، وهي النسبة الأقل منذ أغسطس/آب 2008، كما أظهر تقرير حكومي.

وجاءت بيانات تقرير وزارة العمل الأمريكي دون توقعات اقتصاديين تكهنوا بفقدان 325 ألف وظيفة الشهر الماضي، ليتراجع بذلك معدل البطالة من 9.5 في المائة بيونيو/حزيران، إلى 9.4 في المائة، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من عام.حسب CNN

وجاء التراجع مخالفاً للتوقعات بارتفاع في نسب البطالة إلى 9.6 في المائة رغم استمرار إجراءات التسريح، نظراً لما عزته وزارة العمل إلى إدراجها 237 ألف خارج قيد البطالة، إما للتقاعد أو العودة للدراسة.

وعقب تيغ غيليام، الرئيس التنفيذي لمجموعة أديكو أمريكا الشمالية - أكبر شركة توظيف في العالم: لا يمكن أن يتراجع معدل البطالة ومازالت هناك خسائر في الوظائف إلا إذا قرر أولئك الأشخاص الخروج من سوق العمل، وهذا يعني بأن البطالة ستعاود الارتفاع مجدداً.

وحفل التقرير بعدد من المؤشرات السلبية، منها ارتفاع عدد الأشخاص العاطلين عن العمل لأكثر من ستة أشهر، إذ بلغ عددهم قرابة خمسة ملايين شخص، وذلك في أعلى معدل منذ 61 عاماً، وفق التقرير الحكومي.

وقال سانغ وون سون، بروفيسور الاقتصاد بـ كال ستيت يونيفيرستي شانل أيلاندز : "فجر التعافي الاقتصاد بزغ.. الاقتصاد يستعد للنهوض من القاع، لكن سوق العمل سيتخلف في الوراء."

وأيد مارك فينتر، كبير الاقتصاديين في ويلز فارغو احتمالات تواصل استنزاف سوق العمل وخسارة المزيد من الوظائف حتى مطلع العام المقبل، واحتمال ارتفاع معدل البطالة إلى ما بين 10 في المائة و10.5 لي المائة.

التعاطي مع مفردات الأزمة

استشهدت لجنة إشراف الكونغرس في أحدث تقاريرها ببيانات معدل البطالة لشهر مايو/أيار الماضي، كمؤشر على عدم تحقيق تلك الاختبارات غايتها.

ورغم انكماش سوق العمل، إلا أن معدلات البطالة بلغت رقماً قياسياً 9.4 في المائة، هو الأعلى منذ 26 عاماً، ويفوق تكهنات الجهة المنظمة للعمل المصرفي التي وضعت "اختبارات الضغوط". وحددت 8.9 في المائة، كأسوأ سيناريو خلال العام الجاري.

وطالبت اللجنة الحكومية، التي تضع تقارير شهرية عن برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة أو تارب وهو برنامج للحوافز استحدثته الإدارة الأمريكية لمساعدة الشركات المتعثرة، بالمزيد من الشفافية إزاء تلك الاختبارات.

وتتماشى ديون المصارف الهالكة في خط مواز مع معدلات البطالة، نظراً لعجز الذين فقدوا وظائفهم في تسديد قروض الرهن العقاري أو السيارات أو دفع مستحقات بطاقات الائتمان.

وكان مجلس الاحتياط الفيدرالي (المصرف المركزي) الأمريكي أجرى "اختبارات الضغوط" بالتعاون مع وزارة التجارة على عدد من المصارف في فبراير/شباط، لتحديد ما إذا كان لديها رأس المال الكافي إذا ما اشتد الركود أكثر.

وأظهرت نتيجة اختبارات الضغوط، أن عشرة من نحو تسعة عشر مصرفاً، هي الأكبر في البلاد، قد لا تكون مستعدة لمواجهة المزيد من الانهيار في اقتصاد البلاد، وأن عليها الحصول على المزيد من الأموال.

توقع بعودة الأزمة

من جهته قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المصرف المركزي)، بن برنانكه، إن الاقتصاد سيعود أقوى من قبل بعد مرحلة استشفاء قد تستغرق بعض الوقت.

وصرح برنانكه، خلال مناسبة في مدينة كنساس ، بأن الأزمة الراهنة ستقوي من عود الاقتصاد الأمريكي أكثر من ذي قبل، مشيراً إلى دروس مستقاة من هذه الأزمة المالية العالمية.

وقال في هذا الصدد: "أبرز ما تمخضت عنه أن الشعب تعلم الادخار وتبنوا عادات جيدة، ولذلك لن يعود الاقتصاد إلى مساره فحسب، بل سيعود أقوى مما كان عليه قبيل الأزمة."

ولفت إلى أن الجهات التنظيمية المختصة تنكب على العمل لضمان تفادي حدوث مثل هذه الأزمة مجدداً، منوهاً: لا أعتقد أن في وسعنا الحيلولة نهائياً دون وقوع أزمات مالية، إلا أن هناك وسائل لتفادي تكرار أزمة بمثل هذه الحدة.حسب CNN

وأشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى الحاجة لتشكيل مجلس أو مجموعة من اللجان المنظمة للنظر في النظام المالي ككل والثغرات التي تتخلله.

وأقترح تأسيس نظم لإفلاس للمؤسسات غير المالية الكبرى على غرار الإجراءات التي تتبعها مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية عند إفلاس المصارف، مضيفاً: أعرض مؤسسة كبرى للبيع، أو دعها تنهار، لكن تأكد من عدم جرها النظام المالي بأكمله للسقوط تباعاً.

ولفت إلى أن معدلات البطالة ستظل عند مستوياتها العالية حتى 2012، على الأقل، مضيفاً أن البرامج التحفيزية لضخ أموال نحو الاقتصاد، بدأت تجني ثمارها.

     .........................................................

مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/آب/2009 - 28/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م