
شبكة النبأ: أشار بعض المحللين على
مدى السنوات الماضية بأن إدارة جورج دبليو بوش التي لم تحظى بشعبية
كبيرة، هي التي ولّدت المستويات العالية من مشاعر العداء للولايات
المتحدة في تركيا.
ومع ذلك فإن الإشارة إلى هذه الظاهرة كـ "مناهَضة البوشية"، خفضت من
ارتفاع المشاعر المناهضة لأمريكا في تركيا، وافترضَتْ ضمناً بأن نظرة
البلد السلبية تجاه الولايات المتحدة سوف تتغير بمجئ إدارة جديدة.
وبخصوص هذه التساؤلات كتبَ سونر چاغاپتاي، زميل أقدم ومدير برنامج
البحث التركي في معهد واشنطن. ويورتر أوزچون مساعد باحث في البرنامج
مقالا جاء فيه: للأسف هناك اثنان من استطلاعات الرأي الأخيرة يشيران
خلاف التوقعات التي رافقت مجيئ ادارة اوباما للسلطة في امريكا. فعلى
الرغم من [مجيئ] وجوه جديدة في واشنطن - صناع السياسة الذين تجشموا
العناء لمعانقة تركيا ومواطنيها – تستمر مشاعر العداء للولايات المتحدة
في كل أنحاء المجتمع التركي.
استمرار المشاعر المعادية للولايات المتحدة
يقول الباحثان، يكشف استطلاع أجراه "مشروع پيو للموقف العالمي" بأن
انتخاب الرئيس باراك أوباما قد أدى إلى [حدوث] تحسن كبير في موقف
أمريكا في العالم، بما في ذلك في دول أوروبا والبلدان ذات الأغلبية
المسلمة؛ فعلى سبيل المثال، شهدت فرنسا واندونيسيا، زيادة في شعبية
الولايات المتحدة من 42 في المائة إلى 75 في المائة ومن 37 في المائة
إلى 63 في المائة على التوالي، وذلك بين عامي 2008 و 2009. بيد، عكست
تركيا، استثناء نادر في هذا الاتجاه. فوفقاً [لمركز] "پيو"، وصلت نسبة
"تصنيف الأفضلية" التي تتمتع بها الولايات المتحدة في تركيا إلى 52 في
المائة في الفترة 1999- 2000، ثم انهبطت بشدة إلى 30 في المائة في عام
2002، و 15 في المائة في عام 2003، و 12 في المائة في عام 2008. وفي
عام 2009، مع ظهور إدارة أوباما، كانت هناك زيادة قليلة فقط مقدارها 2
في المائة في الأفضلية التي تتمتع بها الولايات المتحدة في تركيا، من
12 إلى 14 في المائة.
ويضيف المقال، على الرغم من دعم الإدارة الأمريكية الكامل لعضوية
تركيا فى الاتحاد الأوربي، واستمرار تقديم المساعدة ضد الهجمات
الإرهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني، [والسعي إلى تعزيز]
دبلوماسية التوعية والتعريف من خلال الرحلات الناجحة جداً التي قام بها
الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى تركيا،
ينقسم الرأي العام التركي [في نظرته] تجاه الرئيس الأمريكي الجديد، [حيث
قال] 45 في المائة من الأتراك بأنهم يثقون بأوباما، في حين [عبّر] 46
في المائة منهم عن عدم الثقة به (وفقاً لما أفاد به استطلاع [مركز] "الرأي
العام العالمي"، وهو مشروع تديره "مؤسسة آري"، ومعهد "إينفاكتو ريسيرتش
وركشوب" في اسطنبول). وقد تبين أيضاً من استطلاع [مركز] "پيو" بأنه كان
هناك تأثير ضئيل لكل من زيارة أوباما لتركيا، والكلمة التي جاءت في
أعقابها إلى الأمة التركية فيما يتعلق بوجهة نظر تركيا تجاه الولايات
المتحدة أو أوباما نفسه.
ويبيّن المقال، وفقاً لاستطلاع [مركز] "الرأي العام العالمي"، تقول
الآن العديد من الدول، بما فيها دول الحلفاء الأوروبيين التي كانت
تنتقد الولايات المتحدة خلال فترة رئاسة جورج بوش، بأن الولايات
المتحدة تلعب أصلاً دوراً إيجابياً في العالم، كالآتي: الأغلبية في
فرنسا (52 في المائة) وبريطانيا (58 في المائة)، والأكثرية في ألمانيا
(44 في المائة)، وما يقرب من النصف في المكسيك (49 في المائة)،
والغالبية العظمى من الكينيين (81 في المائة) والنيجيريين (70 في
المائة)، والكوريين الجنوبيين (68 في المائة) والتايوانيين (61 في
المائة). ووفقاً لاستطلاع [مركز] "پيو"، تحسنت صورة الولايات المتحدة
في جميع البلدان الأربعة والعشرين التي شملتها الدراسة باستثناء ثلاثة
-- بولندا، وروسيا، وإسرائيل – وذلك بعد أن تولى الرئيس أوباما منصبه [في
بداية هذا العام].
"السياسة الخارجية للولايات المتحدة". وفقاً لاستطلاع [مركز] "الرأي
العام العالمي"، صُنفت تركيا في قمة الدول التي تقول بأن السياسة
الخارجية للولايات المتحدة تلعب في الغالب دوراً سلبياً في العالم (72
في المائة)، قبل باكستان (69 في المائة)، ومصر (67 في المائة)، والعراق
(53 في المائة)، وروسيا (49 في المائة) والصين (41 في المائة). وهناك
عدد كبير من الأتراك (45 في المائة) يعتقدون أيضاً بأن الولايات
المتحدة لا تتعاون بصورة عامة مع البلدان الأخرى، وهي وجهة نظر تشارك
فيها دول أخرى ذات أغلبية مسلمة، بما فيها مصر (62 في المائة)، والعراق
(58 في المائة)، وباكستان (54 في المائة). ويرى ستة وسبعون في المائة
من الأتراك بأن قيام الولايات المتحدة بتشجيع القوانين الدولية لكي يتم
تطبيقها من قبل دول اخرى في حين تهمل واشنطن تطبيق نفس هذه القواعد على
نفسها، هو بمثابة نفاق صارخ (بانخفاض طفيف عن 81 في المائة في عام
2008). وبالإضافة إلى ذلك، يقول 86 في المائة من الأتراك بأن الولايات
المتحدة تنتهك سلطتها عندما تقوم بإجبار تركيا على الامتثال لجدول
أعمالها (دون تغيير عن عام 2008)، في حين يعتقد 86 في المائة بأن
الولايات المتحدة تهدد باستخدام القوة العسكرية لكي تؤثر على البلدان
الأخرى.
ووفقاً [لاستطلاع مركز] "پيو"، يَنظر 77 في المائة من الفلسطينيين و
42 في المائة من الباكستانيين و 40 في المائة من الأتراك إلى الولايات
المتحدة كعدوة لهم. وتجدر الإشارة هنا بأن روسيا، المنافس التقليدي
للولايات المتحدة، اعتبرت أقل عداءاً [حيث وصلت هذه النسبة] إلى 21 في
المائة.
وفي تغير ملحوظ عما كان يحدث في الماضي، تشير الفئتين التاليتين بأن
مشاعر تركيا السلبية تجاه الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة قد
تجاوزت الآن من كونها مجرد خلافات تتعلق بقضايا السياسة الخارجية، إلى
تأثيرها في الوقت الحاضر على وجهة نظر تركيا تجاه الولايات المتحدة
والمواطنين الأمريكيين.
"الولايات المتحدة كدولة". وفقاً [لاستطلاع مركز] "پيو"، تركيا هي
من بين الدول التي لديها وجهة نظر غير مرغوب فيها للغاية (69 في المائة)
تجاه الولايات المتحدة كدولة، هذا بالإضافة إلى وجهة نظر الأراضي
الفلسطينية (82 في المائة)، وباكستان (68 في المائة) والأردن (74 في
المائة). ومن المثير للإهتمام أن لدى دول مثل روسيا (44 في المائة)
والصين (46 في المائة) وجهة نظر أكثر ملاءمة تجاه الولايات المتحدة.
"الشعب الأمريكي". وفقاً [لاستطلاع مركز] "پيو"، تتمتع غالبية الناس
في سبعة عشر من أصل أربعة وعشرين دولة برأي إيجابي عن الأمريكيين. ومع
ذلك، تَظهر وجهات نظر سلبية تجاه الشعب الأمريكي: (14 في المائة) في
تركيا، و (20 في المائة) في كل من باكستان والأراضي الفلسطينية، حيث لم
تحدث فيها تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة.
ويؤكد المقال على ان هذه الاستطلاعات المقرونة بالبيانات التاريخية
تظهِر، أنه بالإمكان أن تصبح المشاعر المعادية للولايات المتحدة،
مكوناً داخلياً من مكونات المجتمع التركي، وأن العداء القائم في تركيا
تجاه الولايات المتحدة لا يتعلق بإدارات أمريكية محددة. إن إعادة تنظيم
السياسة الخارجية الأمريكية -- بتصنيف تركيا في مرتبة أعلى في جدول
الأعمال، وإعادة تنشيط العلاقات الثنائية المتوترة -- لم تسفر عن حدوث
التأثير المقصود منها على الرأي العام التركي. وفي حين لا تزال واشنطن
تقوم بدورها لكسب القلوب والعقول التركية، سوف تتغير المواقف العامة
تجاه الولايات المتحدة، فقط إذا اعتمدت أنقرة لغة خطابية أكثر ايجابية.
ويستنتج الكاتبان، لكي يتم تحسين صورة الولايات المتحدة في تركيا،
تحتاج الحكومة التركية إلى أخذ زمام المبادرة في تطوير العلاقات
الأمريكية التركية. وفي هذا الصدد، من الضروري أن يسمع الأتراك من
حكومتهم بأن الولايات المتحدة هي صديقتهم، بدعمها عضوية تركيا في
الاتحاد الاوروبي وبمساعدتهم ضد حزب العمال الكردستاني -- الغريب هو أن
معظم الأتراك يعتقدون بأن الولايات المتحدة تدعم في الواقع هذه الجماعة
الإرهابية – وأن الأتراك يشاركون [نفس] القيم والمؤسسات والمصالح مع
الولايات المتحدة.
ويختم المقال بنتيجة تفيد بأنه، من الممكن قيام الولايات المتحدة
بكل الأمور الصحيحة من أجل تركيا، ولكن لا [يمكن] أن تتحسن تصورات
تركيا تجاه أمريكا ما لم يقم المسؤولون في الحكومة التركية بإبراز
وتأكيد ما تقوم به الولايات المتحدة من أجل الشعب التركي. ولا يمكن إلا
للتصريحات الإيجابية المحلية - التي تشجع السياسات التي تتبعها
الولايات المتحدة - أن تجذب الأتراك بصورة أكثر ايجابية تجاه الولايات
المتحدة. |